معارك صلاح حافظ وأحمد حمروش ويوسف إدريس السياسية والصحفية ضد موسى صبرى وجلال الحمامصى خلت من الفضائح والطعنات الشخصية فن بيع الصحف على طريقة صابون نجمات السينما والمرأة التى تتحسس حذاء الرجل بخدها الناعم! فى مصر لا نعرف خبايا النظام السياسى إلا بعد رحيله والأسرار تظل مكتومة سنوات طويلة إلى أن يشاء الحاكم تعلمت من إحسان عبد القدوس أن الصحافة هى طبق الفول المدمس الذى ينتظر القارئ كل صباح وتعلمت من نزار قبانى: أن القارئ لا يحتمل البلف أو الغش أو يشترى شيئا بالمصادفة المرايا ليست اختراعا نسائيا.. المرايا ليست وحدها التى تستفيد منها المرأة.. الكاتب أيضا فى حاجة إلى مرآة من عيون الناس ليرى فيها وجهه الحقيقى بغير ماكياج أو تزوير أو بوتوكس. وعندما تنكسر مرآة الكاتب فإنه يفقد القدرة على معرفة مكان أنفه وشكل فمه ولون عينيه وجرأة قلمه ولون حبره.. أسود فى لون الظلم.. أم أخضر فى لون الحياة.. أم أحمر فى لون دمه الذى يسفح على الورق وإن تصوره البعض بقعة مياه غازية. بعد ما يقرب من نصف قرن من الخدمة الشاقة فى بلاط صاحبة الجلالة لا أزال أدخل محراب صفحاتها بانفعالات تلميذ يدخل الامتحان أول مرة. أكتب كأنى لم أكتب من قبل.. كأنى أفك الخط.. اختار كلماتى بحذر حتى لا تعاتبنى بوضعها فى غير محلها وحتى لا يعاتبنى المانشت على توريطه فى مكان مشبوه. وانتظر بفارغ صبر كلمة استحسان بعد كل مقال بفم جاف وقلب تتسرع نبضاته وضمير يخشى اتهام عدم الإتقان. وعندما أكتب فإننى أكون متطهرا أنيقا دون رباطة عنق تخنقنى أو قفاز يقيد حرية أصابعى.. ليس هناك ما يستحق هذه العناية أكثر من الصحافة. وتعلمت من إحسان عبد القدوس أن الصحافة طبق الفول المدمس الذى يفتتح به المصريون يومهم الشاق. وتعلمت من نزار قبانى أن القارئ لا يحتمل البلف أو الغش أو يشترى شيئا بالمصادفة. وتعلمت من صلاح حافظ أن تشبه كلماتى البشر الذين ينتظرونها. وصلاح حافظ موهبة إنسانية قبل أن يكون موهبة صحفية.. أخذ بيدى وقت أن رجمنى غيره.. ابتسم فى وجهى وسط مظاهرة من العبوس أحاطت بى.. علمنى سر الصنعة بينما حاربنى الذين لفظتهم الصنعة.. وقد رددت له الجميل حسب طلبه بأن واصلت نجاحه فى روزاليوسف بعد سنوات طوال من الفشل وجسدت حضوره رغم غيابه البعيد فى ذمة الله. تسلم صلاح حافظ روزاليوسف ثوبا قديما مهلهلا.. مرقعا.. منهارة التوزيع.. فاقدة الثقة فى نفسها.. وبخبرته الثاقبة عرف أن ذلك كله سينتهى بسهولة بعد أن يعود القارئ الهارب إليها بتقديم ما يحتاجه من مجلة سياسية فى عراقتها. بدأت تجربته هو وفتحى غانم فى 17 يونيو 1974 برسالة من المحرر حدد فيها سياسة المجلة: مع الحق ضد الباطل ومع العلم ضد الخرافة ومع التقدم ضد التخلف ومع الكادح ضد المستغل ومع الإنسان ضد أعداء الإنسان. كانت الرقابة على الصحف قد رفعت فقررنا تحويل المجلة إلى مهرجان أسبوعى من الحرية ورحنا قبل لحظة انطلاق التجربة نجهز من التحقيقات الصحفية والمذكرات السياسية ما يعيد للقارئ شهيته ووقتها سألت صلاح حافظ عن فن الصحافة فأجاب دون تردد: إنه فن بيع الصحف وهو ما يجمع عليه الأساتذة الكبار وعلى رأسهم فريزر بوند مؤلف أهم مرجع أكاديمى يدرسه طلاب الجامعات وهو كتاب مدخل إلى الصحافة الذى ترجم إلى ست لغات وفيه يعتبر الصحافة المستقلة الأب الشرعى لفن الصحافة وليس فى هذا ما يثير الدهشة، فالصحف المنتمية أو الملتزمة لا تملك أن تستخدم من وسائل اجتذاب القارئ إلا ما يتفق مع رسالتها أما الصحف المستقلة فلا شىء يقيدها.. لا حزب تخشى غضبه.. ولا زعيم تلتزم برسالته.. وتنفق الصحف المستقلة من جيوب القارئ فلا يهمها إلا أن تروج لديه ولهذا كان على صفحاتها يولد كل جديد فى فن الصحافة. لكن هناك تحفظات على الصحافة المستقلة ذكرها صلاح حافظ فيما بعد فى مقال نشره عام 1974 بعد إلحاح منى للرد على اتهام روزاليوسف بأنها نوع من الصحافة الصفراء لمجرد أن توزيعها يرتفع. عاد صلاح حافظ فى المقال إلى كتاب بوند الذى يقسم القراء إلى فئة أهل الفكر الذين يحبون قراءة شىء ينشط عقولهم وهؤلاء تنشر لهم قصصا بوليسية تتحدى ذكاءهم وفئة أهل النفع الذين يريدون الاستفادة ماديا مما يقرأون وهؤلاء تنشر لهم معلومات تعينهم على الكسب وتخاطب فيهم الجشع ثم الفئة الأكبر والأهم من جمهور الناس العاديين الذين يرغبون فى العثور على مخرج لرغباتهم المكبوتة ويلتمسون الفرج فى عالم الأحلام وهؤلاء يحتاجون إلى دراسة تفصيلية باعتبارهم الزبائن الأكبر عددا. تفرض ظروف العصر على كثير من الشبان أن يلازموا مكاتبهم بينما هم بحكم السن يتوقون إلى الحركة ولعجزهم عن ممارسة لعبة رياضية فإنهم يستعيضون عن ذلك بمطالعة قصص أبطال الرياضة ومغامرات المكتشفين والرحالة والطيارين ورواد الفضاء. ويحتاج الإنسان إلى وقت يلهو فيه ويلعب بحثا عن خلو البال ولكن دوامة الحياة لا تمنحه ذلك إلا أن الصحافة تتدخل لتعوضه عن هذا الحرمان بنشر روايات هزلية ورسومات كاريكاتورية. وتلعب الصحافة على حافز ثالث هو حافز التفوق وهو حلم غالبية البشر ولكن معظمهم لا يملك القدرة على أن يكون قائدا أو زعيما أو مديرا هنا يجد فى قصص الشخصيات الناجحة التى تنشرها الصحف متعة تزيد من إقباله عليها. وتلعب الصحف أيضا على الفشل فى الحب أو الفشل فى مواجهة الكبت الجنسى بأن تحدث القارئ عن أفضل أساليب جذب الجنس الآخر ليهرب مما هو فيه مؤقتا إلى عالم من الوهم والخيال. إن فن البيع يعتمد منذ قديم الأزل على مخاطبة الوعى عند جمهور المشترين وفى عصرنا صار هذا الفن من أخبث العلوم: يعرف بائع الصابون أن كل امرأة تحسد المرأة الأجمل منها فيعلن عن صابونة تستخدمها نجمات السينما ويعرف بائع الأحذية أن فى العقل الباطن للذكر نزعة نحو السيادة على الأنثى فينشر إعلانا ترى فيه الحذاء الرجالى تتحسسه امرأة بخدها الناعم وما يفعله البائع فى الحالين هو أنه يقدم مخرج للرغبات المكبوتة لزبائنه وينفس طريقة فن الصحافة كما صوره لنا الأستاذ بوند. ولا بأس بفن البيع فى حد ذاته ولكن المشكلة هى هل يصلح رسالة تدعو إليها الصحافة المستقلة ؟ والإجابة فى الغالب بالنفى. الصحافة المستقلة عندما تنسب لنفسها أمجاد تطوير فن الصحافة فإنها فى الواقع ترسم صورة كاريكاتورية نرى فيها صاحبة الجلالة تخاطب رعاياها قائلة: لقد صممت على أن أتحرر من كل انتماء وارتفعت فوق المذاهب والأحزاب والزعماء من أجل رسالتى المقدسة التى حققتها برفع مستوى طريقتى فى البيع. وتصبح الصورة أكثر كاريكاتورية إذا ما واصلت صاحبة الجلالة كلامها وأضافت: لقد وجدتكم مرضى بنوازع مكبوتة فوهبت حياتى لابتكار أقراص تخدرها تدمنوها ولو كنت قد فرطت فى رسالتى وبقيت منتمية أو ملتزمة لما استطعت أن أؤدى لكم هذه الخدمة الجليلة. ولا يعنى ذلك أن كل صحيفة مستقلة تلعب اللعبة نفسها فهناك صحف مستقلة تفضل أن تأكل خبزها بطريقة أشرف هى تقديم خدمات إعلامية وثقافية للقارئ ويكفى أن تقرأ صحيفة مثل الموند فى فرنسا أو نيويورك تايمز أو واشنطن بوست فى الولاياتالمتحدة لترى إلى أى حد ترفض أن تتسلل إلى صفحاتها حيلة من حيل فن الصحافة المزعوم برغم أن الصحيفتين من زعماء ممارسة الاستقلال فى الصحافة الحديثة ومن أضخم المؤسسات الرأسمالية. والحقيقة أن صحيفة هيرالد تربيون كانت النموذج الذى حاولت روزاليوسف السير على خطاه فى الفترات التى نجحت فيها. فى فترة صلاح حافظ وفتحى غانم نجحت المجلة فى إعادة القارئ الهارب منها بحرية جريئة جعلت صحيفة نيويورك تايمز تتساءل غير مصدقة: هل صحيح أن الصحافة المصرية استردت حريتها الضائعة؟ وفيما بعد عندما توليت مسئولية روزاليوسف نشر يوسف إبراهيم تقريرا فى واشنطن بوست تحت عنوان مجلة لها أشواك فى الشرق الأوسط. ويوسف إبراهيم صحفى أمريكى من أصل مصرى كان مراسل الصحيفة الأمريكية فى المنطقة والتقيت به قبل نشر تقريره الذى ذكر فيه: إن كبار المسئولين فى مصر أصبحوا يخشون روزاليوسف فما تنشره يجد صداه المؤثر فى الرأى العام وإن كانت لا تستطيع توجيه نقد للرئيس. لكن السؤال الأهم: كيف تعاد الروح إلى مجلة ميتة؟ عندما تسلم صلاح حافظ المجلة كان القارئ يريد أن يعرف ما جرى فى مصر طوال 18 سنة مضت منذ قيام ثورة يوليو إلى رحيل عبد الناصر وهى سنوات طوال دفنت فيها الخبايا تحت طبقة سميكة من الدعاية السياسية روجت لها صحافة حريتها بجانب أغان وطنية وخطب رئاسية لم تعد مؤثرة. كل الأسرار محرمات والحقائق مؤجلة حتى يرحل الحاكم لنعرف ما فعل فنحن ننافقه حتى ندفنه ولا نحاسبه إلا بعد أن نفقده. جاء الدور على عبد الناصر ليصبح تبة ضرب نار لغالبية التيارات السياسية وإن لم يحدث ذلك إلا بعد انتصار أكتوبر. لقد انحنى السادات فور توليه الحكم أمام تمثال عبد الناصر ورفض الجلوس على مقعده وتعهد بأن يمشى على طريقه وإن أضافت النكتة المصرية: إنه مشى على طريق عبد الناصر بأستيكة. بدأت الحملة المضادة بكتاب الصحفى فى أخبار اليوم سامى جوهر «الصامتون يتكلمون» ترك فيه الحبل على الغارب لثلاثة من أعضاء مجلس قيادة الثورة هم كمال الدين حسين وحسن إبراهيم وعبد اللطيف البغدادى قالوا فى الزعيم الخالد ما قاله مالك فى الخمر. وتوالت الضربات بنشر مذكرات سيد مرعى وعثمان أحمد عثمان وجلال الدين الحمامصى وكلها اتهمت عبد الناصر فى ذمته السياسية ووصفته بالديكتاتورية واتهمته فى ذمته المالية لتدعى أنه احتفظ لنفسه بمنحة سعودية تقدر بملايين الدولارات وثبت يقينا كذب الادعاء وانضمت السينما إلى الجوقة بأفلام تخصصت فى وقائع التعذيب. واجهت روزاليوسف أخبار اليوم بنفس السلاح.. سلاح المذكرات السياسية.. ونشر حلقات تحت عنوان الأسرار الشخصية ل عبد الناصر كما رواها مدير مكتبه محمود الجيار ل ضياء الدين بيبرس وهو إذاعى شهير. بتلك المذكرات حققت روزاليوسف نجاحا سريعا فاستمرت فى نفس الطريق ونشرت مذكرات منير حافظ مدير مكتب سامى شرف ومذكرات إبراهيم طلعت عن أيام الوفد الأخيرة ونشرت دراسة مميزة للدكتور فؤاد زكريا بعنوان عبد الناصر واليسار. هنا عرفت الجملة الشهيرة التى تتردد على أسماعنا فى روزاليوسف: شوفوا أخبار اليوم بتعمل إيه واعملوا عكسها. واشتعلت حرب المقالات بين صلاح حافظ وموسى صبرى ربما إلى حد أننى تصورت أنها حرب حتى الموت ولكنها كانت حربا كلامية لم تصل إلى خصومة شخصية. ذات مساء دعانى صلاح حافظ للعشاء فى بيته وما إن دخلت الصالة حتى بهت فقد كان يتصدر السهرة موسى صبرى يشرب كأسا فى صحة المضيف وكان إلى جواره يوسف إدريس وأحمد حمروش وهبة عنايت.. صدمت.. بل بهت.. وتساءلت بينى وبين نفسى كيف يتعامل الأعداء مع بعضهم البعض بكل هذا الود؟.. هل يخدعوننا على صفحات الجرائد التى يحررونها؟.. هل ما يفعلون مسرحية مدبرة ؟. جلست صامتا مثل صنم لا أصدقهم ولم ألبث أن تركت المكان منسحبا وأنا فى شدة الضيق وعدم الفهم مما رأيت. فى اليوم التالى علمنى صلاح حافظ الدرس الذهبى الذى فقدناه فيما بعد.. إن الخلاف فى الرأى مهما اشتد لا يجوز أن يمتد إلى العلاقات الإنسانية.. إنها ليست تمثيلية.. ولا يجب أن تكون مجزرة.. إننا لا نتعلم من الكبار الحرفة فقط وإنما نتعلم منهم الأخلاق أيضا. والمؤكد أن هذه القاعدة دفنت فى ذمة التاريخ فما إن يختلف كاتب (أو إعلامى) مع آخر حتى يفتحا كل محابس الصرف الصحى مبتعدين عن القضية الموضوعية إلى فضائح شخصية. واستفادت السلطة السياسية من ذلك الانهيار فى منظومة القيم الصحفية وراحت فى الخفاء تدفع رجالها فى المهنة لتوجيه الطعنات المسمومة لخصومها على الورق وأوقعت بين الطرفين وحرضت فيهما نوازع الغل والانتقام. بل أكثر من ذلك لم تتردد قوى السلطة أيام مبارك فى طبع وتوزيع سيديهات جنسية تفضح كل من تريد النيل منهم ولا شك أن واقعة رجل الأعمال الشهير حسام أبو الفتوح مثال مؤلم على ذلك. وعندما انتشرت وسائل التواصل الاجتماعى استشرت الظاهرة وأصبحت عقابا فوريا لكل مخالف يجب الإجهاز عليه. حاولت جاهدا أن أفصل ما بين ما هو موضوعى وما هو شخصى ولكن الضرب تحت الحزام أصبح القاعدة الشائعة فى الميديا، مما جعلنى استجب إلى طبيعتى وابتعد قدر ما أستطيع عن مجتمعات النميمة الصحفية مكتفيا بصداقة راقية مع فنانى الصحافة ورساميها. سعيت للتعرف على حجازى.. فيلسوف الكاريكاتير بلا تقعر.. الموهوب بلا غطرسة.. المتسامح بلا تورط.. القريب بآرائه إلى حياته. ولد بالإسكندرية عام 1936 لكنه تربى وتعلم فى طنطا حيث يعمل والده سائق قطار، وعندما جاء إلى القاهرة للدراسة فى كلية الفنون الجميلة اكتشفه أحمد بهاء الدين وضمه إلى رسامى صباح الخير التى تولى بهاء الدين رئاسة تحريرها قبل أن يصل إلى الثلاثين وفى اليوم الأول وجد حجازى ترحيبا حارا من كتيبة الكاريكاتير التى كان يتصدرها صلاح جاهين وجورج البهجورى ورجائى ونيس وناجى كامل وصلاح الليثى ليشكل حجازى بينهم جيل الوسط الذى فتح الباب أمام جيل جديد جاء بعده كان أبرز نجومه جمعة فرحات ورؤوف عياد ومحسن جابر. تعلمت من حجازى فضيلة الاستيقاظ مبكرا فقد كان يأتى إلى مكتبه فى السادسة صباحا لينجز ما عليه قبل أن تسود الفوضى فى المكان ورغم ندرة كلامه فإن جمله القصيرة كانت مأثورة مثل: نقاء الصحفى سر استقراره النفسى. ولتجانسه مع نفسه وجد أن زوجته لا ذنب لها فى تحمل نزواته وتقلباته فاتفقا على الطلاق بهدوء وصارا صديقين وعندما كان يشعر بخنق ريشته سياسيا لم يكن ليتردد فى الرسم للأطفال وعندما بدأت صحف المعارضة فى الظهور وجد مكانه على صفحاتها ولم يتقاض أجرا منها وقبل الستين قرر أن يخرج إلى المعاش بنفسه قبل أن يجبر على ذلك وعندما قرر ترك القاهرة والعودة إلى طنطا تنازل عن شقته لصاحب العمارة دون خلو رجل كما حصل عليها. وبينما جلس صلاح الليثى فى غرفة ضيقة يمزق رسوماته التى لا تضحكنا اختار ناجى كامل صالة التحرير الصاخبة لينفذ ما يطلب منه فى هدوء. وبينما كانت شقة رؤوف عياد ملاذا آمنا لما نريد نقلتنا سيارة جمعة فرحات الفيات إلى حيث نشاء دون تحمل تكاليف البنزين. وبينما كان حسن فؤاد يدعونا للغداء أحيانا فى فندق شبرد فيما يسميه ب سهرة الظهر لم يتردد محسن جابر فى دعوتنا إلى وجبات فول أو عدس أو طعمية فى شقته المتواضعة فى إمبابة بشرط أن ندفع ثمنها. لقد علمنى هؤلاء الفنانون العظام أن الإبداع يحتاج أضعاف عمر المبدع فلا يهدر وقته فى الدسائس والمؤامرات فطريقها مهما بدا مغريا سيكون مسدودا فى النهاية. لم لا نتعلم سوى الدروس السيئة متجاهلين الدروس الراقية التى يصعب خلق تجربة مهنية ناحجة بدونها ؟!