يستخلص صلاح فضل في كتابه الجديد " أنساق التخييل الروائي " تصنيفا فنيا للأعمال الروائية التي تناولها بالنقد والتحليل، وهي ممثلة لشتى التيارات والأجيال من كتاب الرواية في الوطن العربي ، ولم يعتمد في ذلك التصنيف على مصدر عربي أو غربي بل حاول " استخلاصه من النماذج الإبداعية التي درسها " . والكتاب الذي صدر عن الدار المصرية اللبنانية في 366 صفحة في مناسبة بلوغ صاحبه سن الثمانين، قسَّمه الناقد الدكتور صلاح فضل إلى سبعة أقسام هي : التخييل الذاتي ، التخييل الجماعي ، التخييل التاريخي ، التخييل الأسطوري ، التخييل الفانتازيا ، التخييل البصري والمشهدي ، التخييل العلمي .
وصاحب الكتاب يرى أن الرواية قد أصبحت ( ملاذ الموهوبين فيها جميعا ، يلجأ إليها المبدعون في الشعر والموسيقى والرسم والسينما ليحيلوا الأحداث التي مروا بها والتجارب التي عانوها إلى سياقات سردية منتظمة).
ويرى الدكتور صلاح فضل أن قيمة الأعمال الإبداعية لا تتحدد ( وفقا لطبيعة الوقائع أو المحكيات التي ترويها ، مما كان يسمى بالمضمون مباشرة ، بل تكمن على وجه التحديد في الأساليب والتقنيات والوسائل الجمالية الكفيلة بتمثيل نبض الحياة ومنظومة قيمها في الأدب ) .
وأغلب الروايات التي تناولها الكتاب حازت على جوائز مصرية وعربية مرموقة ، وأثارت جدلا ونقاشا واسعا بين القراء والنقاد ، وبعضها صار يمثل علامات بارزة في عالم السرد ، وحقق مبيعات غير مسبوقة في عالم الرواية المعاصرة ، وقد احتفى الدكتور صلاح فضل بأسماء تنشر رواياتها للمرة الأولى ، كما نوَّع جغرافية الكتابة ، حيث اختار لكتابه المهم روايات من عديد من الأقطار العربية ( مصر، اليمن، سورية، لبنان، الكويت ، العراق ، المغرب، تونس، الإمارات، السعودية، السودان، الأردن ، فلسطين ) بحيث يندر أن غاب قُطْر عن مشهده النقدي في هذا الكتاب . يقول الدكتور صلاح فضل : ( تفجرت ينابيع الإبداع الروائي العربي في كل المناطق التي كانت شبه قاحلة أو قاصرة ، امتصت نسغ الحياة من أنابيب الثقافة العربية المستطرقة في اللغة وثورة الاتصالات ) .
ومن أبرز الأسماء الروائية التي تناولها الدكتور صلاح فضل في كتابه : جمال الغيطاني ، إلياس خوري ، إسماعيل فهد إسماعيل ، إبراهيم عبد المجيد ، إبراهيم أصلان ، صنع الله إبراهيم ، وصولا إلى محمد برادة ، رؤوف مسعد ، رشيد الضعيف ، أشرف العشماوي ، عمَّار علي حسن ، سلوى بكر ، مكاوي سعيد، ناصر عراق ، شكري المبخوت .
ومن بين 52 روائيا ، درس الدكتور صلاح فضل أعمال تسع كاتبات وهن : عالية ممدوح ، إنعام كجه جي ( العراق ) ، لينا هويان الحسن ، شهلا العجيلي ( سورية ) ، سلوى بكر ، ضحى عاصي ، إقبال بركة، رشا سمير ( مصر ) ، بسمة الخطيب ( لبنان ) .
ويرى الدكتور صلاح فضل (ولد في 21من مارس عام 1938ميلادي ) أن : الرواية قد أصبحت ( مجمع الفنون الجميلة كلها ، يلوذ بها المبدعون في جميع المجالات لينفثوا فيها ذوب تجاربهم الحيوية وخلاصة مغامراتهم الجمالية ) ، ويؤكد أيضا أن الأعمال الفنية الفذة ( تمتاز بقدر اجتراحها لتقنيات جديدة مبتكرة، لم توظف من قبل وتصبح مهمة القراء اليقظين ، والنقاد منهم على وجه الخصوص ، مساءلة هذه الاختراقات وقياس جدواها الجمالية المؤثرة ) .