أعلنت القوى المتمردة جنوب اليمن المنضوية تحت مايسمى المجلس الانتقالي الجنوبي انقلابها الصريح على الشرعية اليمنية المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية وطالبت الحكومة الشرعية بمغادرة العاصمة المؤقتة عدن خلال مدة اقصاها اسبوع تنتهي في 28 يناير . إعلان المجلس الانتقالي الذي يقودة محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي ونائبه الوزير المقال من حكومة الشرعية والمحال للتحقيق بتهم الفساد هاني بن بريك وثالثهما محافظ حضرموت السابق احمد بن بريك - اعلانهم لم يكن مستبعد - فمنذا اقالتهم من مناصبهم وهم يسعون الى تقويض الشرعية والانتقام منها بدعم خارجي تتزعمة ايران ودولة قطر .
مراقبون وسياسيون استبعدو حدوث اي صدام عسكري بين عناصر التمرد وقوات الشرعية المتواجدة في عدن، مرجحين ان اعلان المجلس الانتقالي كان مجرد ردة فعل على تحركات الحكومة الاخيرة الرامية لتطبيع الاوضاع في المحافظات المحررة ، وكان الاعلان خطوة غير مدروسة العواقب ونزوة سياسية اوقعت الزبيدي ورفاقة بالفخ الذي سيعيدهم الى مربع الصفر ويخرجهم من خانة السياسة الى كهوف التمرد .
إعلان الزبيدي وتحركات طارق صالح تزامن إعلان ما يسمى بالمجلس الانتقالي مع تحركات طارق محمد عبدالله صالح واستقدامة عناصر الحرس الجمهوري التابع للرئيس السابق علي صالح الى عدن ورفضة الاعتراف بالشرعية.
ويمثل طارق صالح الهارب من مليشيا الحوثي في صنعاء مصدر قوة في نظر المجلس الانتقالي وعدم اعترافه بالشرعية عزز قناعتهم بانه سيكون الحليف الامثل لهم في الانقضاض على الشرعية في عدن، وقد تمثلت اول خطوات الحلفاء بالسماح لعناصر الحرس الجمهوري بالمرور من نقاط التفتيش المتواجدة على مداخل عدن ولحج والتابعة لهاني بن بريك ، ويؤكد ذلك مانشرة الصحفي الجنوبي فتحي بن لزرق حيث قال انه اجرى مكالمة هاتفية بقيادي في الحزام الامني بنقطة العلم شرق مدينة عدن واكد له ان المئات من عناصر الحرس الجمهوري يدخلون يوميا الى عدن وان اوامر عليا من قائد الحزام الامني هاني بن بريك صدرت لعناصر النقطة بعدم اعتراض اي افراد يحملون بطائق تعريفية خاصة بالامن المركزي والحرس الجمهوري .
وفي المقابل وجه هاني بن بريك مليشيات الحزام الامني التابعة له بطرد المواطنين من ابناء المحافظات الشمالية ومنعهم من دخول المحافظاتالجنوبية.
وقد صدرت تقارير دولية تدين انتهاكات الحزام الامني واخرها تقرير لجنة العقوبات الدولية.
ويمتلك هاني بن بريك سجون سرية تمارس فيها ابشع الانتهاكات لحقوق الانسان بحسب ما اوضحته منظمة هيومن رايتس ووتش
ويرتبط قائد الحزام الأمني المدعو هاني بن بريك بتنظيمات ارهابية (القاعدة وداعش) ويقف وراء العديد من عمليات الاغتيالات في عدن ، وهو ما كشف عنه دار معهد الحديث السلفي بمنطقة "الفيوش" في محافظة عدنجنوب اليمن في بيان صدر عنه واتهم فيه هاني بن بريك بالتورط في اغتيال الشيخ السلفي "عبدالرحمن مرعي"
وكشف البيان عن عزم "بن بريك" انشاء معهد ديني في عدن الهدف منه تدريب عناصره وإستقدام أجانب متهمون بالإرهاب، وتحويل عدن إلى وكر للعناصر الارهابية.
كما يتهم بن بريك بارتباطه الوثيق بالقيادي بتنظيم القاعدة اسامة حيدرة الذي قتل بطائرة امريكية منتصف 2017م
إعلان الزبيدي وتأييد الحوثي في خطوة تكشف عن توحد الهدف والمشروع وهو إسقاط الشرعية اليمنية أعلن الناطق الرسمي، لجماعة الحوثي محمد عبدالسلام في تصريح لوكالة سبونتيك الروسية مباركة وتأييد جماعته لتصعيد المجلس الانتقالي في الجنوب.
وفي ذات السياق كشفت وسائل اعلام جنوبية عن تواصل هاتفي بين عيدروس الزبيدي والقيادي يحيى الشامي مهندس الحركة الحوثية حيث ابدا الاخير سعادته بالتواصل مع الزبيدي واكد له استعداد جماعته التحالف والحوار مع المجلس الانتقالي وتقديم الدعم اللازم لتحقيق اهدافة واستعادته دولة الجنوب حسب قول الشامي.
ويعد تواصل الزبيدي مع مليشيات الحوثي امتداد لعلاقة سابقة بدأت منذا العام 2014م حيث اعلن الزبيدي في تصريحات صحفية نشرتها صحيفة "الطريق نيوز" بتاريخ 7 سبتمبر 2014م بالتزامن مع حصار الحوثيين للعاصمة صنعاء وقبل أيام قليلة من سيطرتهم عليها، اعلن فيها تمسكه بوقوفة إلى جانب عبد الملك الحوثي.
وأوضح عيدروس الزٌبيدي، في تلك التصريحات الأسباب التي دعته إلى تحديد موقفه بشكل علني معللاً ذلك بقوله: إن تحديد موقفنا من الأحداث الجارية يأتي لقطع الطريق عن مخطط تقوده أطراف مرتبطة بالسعودية لاختراق صفوف المقاومة الجنوبية تحت مسمى دعم المقاومة الجنوبية كي نتخلى عن الجهة الداعمة الأساسية لنا التي وقعنا اتفاقنا معها في بيروت وطهران فنحن نريد استعادة دولتنا وعندما تخلت عنا كل الدول بحثنا عن من يدعم ثورتنا فوقفت إيران معنا ولن نتخلى عن من يدعمنا طالما نحن تحت الاحتلال- حد قوله.
كما اتهم الزبيدي، في تصريحاته، السعودية بأنها تمكنت من تمزيق مكونات الحراك السلمية باستخدام المال السياسي واليوم تريد أن تعمل نفس التجربة لتمزيق صفوف المقاومة الجنوبية.
وخلال تولية منصب محافظ عدن عين الزبيدي "أبوعلي الحضرمي" مستشارة الخاص ، ويعتبر ابو علي الحضرمي حلقة وصل بين ايران وعملائها في اليمن وكان مسؤولا عن ملف تجنيد شباب من الحراك الجنوبي وإخضاعهم لتدريبات عسكرية مكثفة تحت إشراف وتنسيق خبراء من حزب الله اللبناني لغرض تنفيذ عمليات عسكرية واغتيالات في مدن الجنوب.
مقارنة عسكرية وشعبية بين الشرعية والانتقالي عسكريا تعد الحكومة "الشرعية" هي الأقوى مقارنة بحجم القوّة التي يتملكها مايسمى بالمجلس الانتقالي، حيث تمثل الوية الحماية الرئاسية قوة ضاربة ذات تدريب عالي وامكانيات متطورة وتسليح حديث .
يقود الوية الحماية الرئاسية نجل الرئيس هادي العميد ناصر عبدربه منصور هادي وقوامها 12 الف جندي تلقى معظمهم التدريب على يد القوات السعودية ويمتلكون مهارات وخبرات عالية لا تجاريها قوة اخرى في اليمن. واخر تلك القوات التي وصلت الى عدن الجمعة 26يناير بعد اتمامها دورة الصاعقة ودورة تحرير الرهائن في المملكة العربية السعودية
وما يعزز قوة الوية الحماية الرئاسية هو قادتها المنتمين لمحافظة عدن ويحضون باحترام وتقدير كبير من عامة المواطنين .وهم اول من حملو السلاح ودافعو عن المدينة عندما اجتاحتها عناصر المليشيا الحوثية ومن هؤلاء القادة القائد أمجد خالد والقائد البوكري قادة لواء النقل التابع للحرس الرئاسي والعميد مهران القباطي والقائد حسن القاضي قادة اللواء الرابع رئاسي والعميد سند الرهوة والقائد حيدان في اللواء الأول والثالث حرس رئاسي والقائد سقراط والقائد أحمد كردة من لواء الدعم والإسناد حرس رئاسي . بالاضافة الى اللواء الخامس حرس رئاسي في محافظة تعز بقيادة العميد عدنان رزيق والذي يقود حاليا عملية تحرير المدينة ويحقق انتصارات وتقدمات ساحقة.
وإلى جانب الوية الحماية الرئاسية تمثل المنطقة العسكرية الرابعة بقيادة اللواء فضل حسن قوة اضافية، حيث تتكون من 24 قوة قتالية قوامها اكثر من 60 الف مقاتل وتنتشر في محافظاتعدن ولحج والضالع وأبين وتعز، ويقع مركز قيادتها في مدينة عدن. وهي الذراع والسد المنيع لحماية الشرعية اليمنية واخماد اي تمرد خلال وقت قصير.
كما تمتلك وزارة الداخلية التي يقودها العميد احمدالميسري ومعها قوات الامن الخاصة في عدن قوة لا يستهان بها تعدادها 5 الف رجل امن .
بالمقابل يمتلك المجلس الانتقالي قوة ضعيفة من حيث التدريب والتسليح ، ويبقى رهانة على مليشيات الحزام الامني الذي يقودة هاني بن بريك ولكن قوة وخطر الحزام الامني تتلاشئ امام القوة البشرية والعتاد العسكري الحديث الذي تمتلكة القوات الشرعية ، وايضا الحاضنة الشعبية للحزام الامني تراجعت بنسبة 75% نتيجة ممارساته السلبية والبلطجية وتاطيرة خارج نطاق الدولة والقانون .
اما المقاومة الجنوبية فقد حسمت امرها بعد اعلان 57 من قادتها واعلان 15 قيادي اخرين - عن رفضهم لاعلان مايسمى المجلس الانتقالي وتمسكهم بالشرعية اليمنية المعترف بها دوليا ، كما اعلن المجلس العسكري والمقاومة الشعبية في ابين رفضهم للتصعيد الاخير للمجلس الانتقالي ، وهو ما شكل صفعة مؤلمة للزبيدي ورفاقة واوقعهم في مأزق حقيقي لم يكونو يتوقعوة.
الحكومة الشرعية من جانبها لم تلتفت لتهديدات المجلس الانتقالي واستمرت في اداء مهامها في عدن وعملها على تطبيع الاوضاع في المحافظات المحررة ومتابعة التحركات العسكرية في الجبهات التي تشهد مواجهات مسلحة مع مليشيات الحوثية الايرانية.
اما التحالف العربي فقد كان موقفه واضحا حيث وجهت المملكة العربية السعودية قائدة التحالف بتحريك اثنين من الوياتها من مقر قيادة التحالف في عدن الى قصر معاشيق وهي رسالة واضحة ان التحالف لن يسمح بأي تمرد او انقلاب على الشرعية اليمنية المتمثلة بالرئيس عبدربة منصور هادي.
الاحتمالات المتوقعة مراقبون ومتابعون توقعو تراجع المجلس الانتقالي عن اعلانه الانقلابي خصوصا بعد رفضه من المقاومة الجنوبية ورفضه من الشارع الجنوبي الذي يرفض جر عدن الى مربع العنف وتحويلها الى مسرح لتصفية حسابات الزبيدي وبن بريك .
ولكن اذا ما نفذ المجلس الانتقالي تهديدة فلن يكون امام القوات الشرعية سوى التصدي عسكريا للتمرد واخمادة في وقت قصير واعتقال الزبيدي وايداعة في اربعة جدران وعدم السماح له باشغالها عن العدوا الابرز المتمثل وهي مليشيات الحوثي الايرانية، وتمتلك قوات الشرعية المتمثلة بالوية الحماية الرئاسية والمنطقة العسكرية الرابعة مؤهلات الحسم السريع من حيث القوة البشرية والعتاد العسكري.