ألقى السفير الألماني بالقاهرة، يوليوس جيورج لوي، الضوء على تنوع مناطق ألمانيا، التي توحدت في مثل هذا اليوم قبل سبعة وعشرين عاماً. وأكد،على أن تحديات اليوم عالمية وتحتاج إلى المعالجة من خلال التعاون الدولي أو التكامل الإقليمي، كما هو الحال في حالة الاتحاد الأوروبي، مضيفا، أن الدولة التي تتمتع بالحكم الذاتي قد حلت محلها. جاء ذلك فى كلمته، مساء أمس الثلاثاء، بمناسبة الذكرى السابعة والعشرين لعيد الوحد الألمانية، الذى حضره المهندس محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، ممثلا عن الحكومة المصرية. وفيما يتعلق بالعلاقات الثنائية بين مصر وألمانيا، أشاد السفير بالحوار السياسي المكثف والعلاقات الاقتصادية الوثيقة والتبادل الثقافي الواسع الذي تيسره الجهات الفاعلة التي لا غنى عنها مثل المدارس الألمانية التي لها حضور طويل الأمد. وأشار في كلمته، إلى أن الهدف من نظام التعليم الألماني هو إعداد مواطن نشط يتحلى بالمسؤولية والاستعداد لخوض غمار الحياة في مجتمع حر، مشيرا إلى أن المجتمع المدني الحيوي بمجالاته الخاصة وقدراته يعد مقوما أساسيا من مقومات النظام الديمقراطي السليم والمتنوع، مجتمع يحظى بصحافة حرة وتبادل منفتح في الآراء، باختصار: هو مقوم أساسي من مقومات المجتمع المستقر. وقال السفير، نحن اليوم نحتفل هنا في القاهرة وفي ألمانيا وفي جميع أرجاء المعمورة بالذكرى السابعة والعشرين لعيد الوحدة الألمانية، وبعد مرور سبع وعشرين عاما على إعادة توحيد ألمانيا، ذلك الحدث الذي شهده معظمنا، فإن هذه الذكرى تأخذ مكانها على صفحات كتب التاريخ أكثر من كونها مادة لعناوين الصحف الرئيسية، وهذا بالطبع تطور يختلف عنا نحن البشر اختلافا جوهريا، إلا أن يوم الثالث من أكتوبر عام 1990 وتداعياته لا يزال يستحضر لدى البعض، وأنا منهم، ذكريات البهجة وعدم تصديق وقوع هذا الحدث الفريد. وأضاف، اليوم هنا في القاهرة تحت شعار "ألمانيا البلد المضياف مقصد الزائرين" متوجهين بالدعوة إلى ضيوفنا لزيارة ألمانيا، للاستمتاع بكرم الضيافة فيها وتفقد مبانيها التاريخية ومناظرها الطبيعية الخلابة، انطلاقا من سلسلة جبال الألب ووصولا إلى بحر البلطيق، ومن قلعة "نويشفان شتاين" الواقعة في إقليم باڤاريا ووصولا إلى قاعة احتفالات "إلفيلهارموني" بمدينة هامبورج، ومن بوابة "براندنبورج" وحتى مبنى الكاتدرائية الإمبراطورية التي شيدها كارل العظيم بمدينة آخن بجلالها وبهائها. وأشار لوى، إلى إن السياحة في أيامنا هذه، لا سيما سياحة الوفود الكبيرة، هي ثمرة ونتاج العالم المنفتح على وسائل الاتصال والنقل الحديثة، و إنها جزء من العولمة التي تطغى افتراضيا على كافة جوانب الحياة في الدول والمجتمعات. وتابع، أن العالم يتداخل يوما بعد يوم بيئيا واقتصاديا وحتى أمنيا، وأضحى شبكة دقيقة نسجها، متجاوزا بذلك المفهوم البالي للقرن التاسع عشر بشأن استقلالية الدولة القُطرية، شئنا أم أبينا. وأعلن السفير، أن مصر بحكم جوارها المباشر لأوروبا، أصبحت طريق عبور للمهاجرين، وأصبح عليها أن تتحمل شطرا كبيرا من الأعباء التي تفرضها الهجرة، ومن ثم فإن لمصر مصلحة شأنها شأن أوروبا في التعامل مع التحديات العديدة الناجمة عن الهجرة العابرة للقارات والتبعات المترتبة على عبور المهاجرين من أراضيها. وأكد، إنها مهمة ثقيلة يتعين ألا تضطلع بها دولة واحدة من الدول المعنية فحسب، بل وكذلك كافة الدول ذات المصلحة، لذا فإنه من دواعي سرورنا أن أطلقنا مع مصر حوارا منتظما على مستوى رفيع بشأن الهجرة يهدف إلى مواجهة التحديات الناجمة عن الهجرة بالتعاون الوثيق مع شركائنا. وقال لوى، إذا ما قمنا باستعراض شامل لمستوى تطور العلاقات الثنائية بين مصر وألمانيا فإننا نستخلص من ذلك نتائج مبهرة: حيث زارت المستشارة الاتحادية أنجيلا ميركل مصر في 2 و 3 مارس 2017 ، وزار الرئيس السيسي ألمانيا للمشاركة في قمة العشرين حول أفريقيا ببرلين في 12 و 13 يونيو الماضي، كما التقى زعيما البلدين في محافل دولية أخرى، و العلاقات بين البرلمان الألماني والمصري علاقات حيوية ومتواصلة، مما يعكس اهتماما جليا من كليهما تجاه بعضهما البعض. وقد قامت مجموعة الصداقة البرلمانية الألمانية - المصرية بزيارة مصر في مارس الماضي، كما التقى وزيرا خارجية بلدينا مرتين في برلين، فضلا عن قيام العديد من الوزراء من كلا البلدين بزيارة البلد الآخر. وقال السفير، دعوني أذكر بهذه المناسبة تعاوننا الوثيق في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب، وقد كان توقيع وزيرا داخلية البلدين على الاتفاق الأمني الألماني المصري في يونيو الماضي في برلين بمثابة تأكيد على أن هذا التعاون قد اتخذ أبعادا جديدة، وقد دخل هذا الاتفاق حيز النفاذ في شهر يوليو الماضي. وأكد، أن معدلات التجارة الألمانية المصرية تسجل قصة نجاح، حيث ارتفعت على مدار العامين الماضيين بنسبة 30 ٪، وحققت في الوقت الراهن حوالي ستة مليارات يورو، وهذا من شأنه أن يجعل من ألمانيا أهم شريك تجاري لمصر في أوروبا. وأضاف لوى، أن الشركات الألمانية ساهمت في توفير 22000 فرصة عمل في مصر في العام الماضي، وأن قدرات الاستثمارات الألمانية في مصر لم تستنفد بعد، أما رجال الأعمال الألمان فإنهم يتابعون باهتمام كبير الجهود والمبادرات العديدة التي تتخذها الحكومة المصرية لإحداث تحسين جوهري في البنية التشريعية والإدارية أمام المستثمرين الأجانب في مصر. وقال، إن حجم التعاون التنموي الرسمي مع مصر بلغ 1,7 مليار يورو في مجمله، وهو يساهم في تعزيز الاستقرار في مصر من خلال تغطية الاحتياجات الأساسية، كما يركز على مجالات الطاقات المتجددة والمياه وإدارة المخلفات الصلبة، ويزداد تركيزه على قضايا التعليم بما في ذلك التعليم الفنى، حيث جرى إدخال نظام التعليم الألماني المزدوج للتدريب المهني في مصر من خلال مشروع مبارك – كول في تسعينيات القرن الماضي، ولا يزال الطلب عليه أكثر من ذي قبل نظرا لاحتياج مصر إلى أيد عاملة ماهرة لتحسين قدرتها التنافسية الدولية. وفي قطاع التعليم الابتدائي والثانوي، فلا تزال المدارس الألمانية في مصر تتمتع بشعبية فوق العادة لدى أولياء الأمور والتلاميذ وأرباب العمل، حيث أنها تتيح تعليما راقيا ومرغوبا، وهناك سبع مدارس من إجمالي حوالي ثلاثين مدرسة ألمانية في مصر تمنح شهادة الثانوية العامة الألمانية "أبيتور" وشهادة ال IB المؤهلة للدراسة بالجامعات الألمانية. وأكد، أن المدارس لها معايير جودة عالية، ويتم تمويل القاسم الأعظم من ميزانيتها من قبل دافعي الضرائب الألمان، وهذا هو السبب وراء قيمة مصاريفها الدراسية الأقل مقارنة بالمدارس الدولية الأخرى، وقدرتها على مواصلة ذلك. وربما يتضح مدى تميز نظام التعليم الألماني في مصر من خلال سعى الكثير من المصريين إلى العيش في المانيا والعمل فيها والالتحاق بالدراسة بجامعاتها وممارسة البحث العلمي بها وكذلك ممارسة الأعمال والتجارة فيها. وأعلن السفير الألمانى، أن قطاع التعليم العالي يتمتع بأولوية أخرى في إطار التعاون الألماني المصري، حيث تؤدي الهيئة الألمانية للتبادل العلمي والجامعة الألمانية في مصر، بفرعها بمدينة برلين، وجامعة برلين التقنية، بفرعها في الجونة، وغيرها من الجامعات الألمانية والمؤسسات البحثية العاملة في مصر، جميعهم يؤدي عملا رائعا سعيا لإتاحة مستوى متميز من التعليم الجامعي للدارسين المصريين والألمان وغيرهم من الجنسيات الأخرى. وقال، إن مقصد التعليم الألماني هو إعداد مواطن نشط يتحلى بالمسؤولية والاستعداد لخوض غمار الحياة في مجتمع حر، ولا يتسنى لأي نظام ديمقراطي راسخ وحيوى الحياة بدون مجتمع مدني مفعم بالحيوية و يتحلى بالمسؤولية والالتزام تجاه المجتمع، ومن ثم فإن دعم مبادرات المجتمع المدني المصري سوف يظل أولوية من أولويات هذه السفارة. وأشار لوى، إلى أن المجتمع المدني الحيوي بمجالاته الخاصة وقدراته يعد مقوما أساسيا من مقومات النظام الديمقراطي السليم والمتنوع، مجتمع يحظى بصحافة حرة وتبادل منفتح في الآراء، باختصار: هو مقوم أساسي من مقومات المجتمع المستقر. وأكد، أن مصر أكبر بكثير من القاهرة، وهذا هو السبب وراء سعي السفارة الأول من نوعه إلى الوصول إلى المجتمعات في الأقاليم المصرية، حيث تم تنظيم فعالية "ألمانيا في صعيد مصر"، والتي في إطارها تم تجييش عدد ضخم من المؤسسات الألمانية العاملة في مصر لقضاء أسبوع كامل في مدن الصعيد، الأقصر وقنا وسوهاج والمنيا. وأضاف، أن خريجة المدرسة الألمانية، المطربة عايدة الأيوبي، عززت بمصاحبة فرقتها وفرقة موسيقى المدرسة الثانوية الإنجيلية الألمانية هذه الفعالية باقتدار، حيث أحيت حفلات موسيقية حضرها حشود غفيرة من الجمهور بجانب العديد من العروض الفنية النهارية الأخر، و إن المدى الذي حققته ألمانيا وحضورها المتنوع في مصر قد لاقى صدى طاغيا لدى الجمهور. وأعلن السفير، القيام بجولة أخرى العام الجارى إلى إقليم مصري آخر من خلال فعاليات "ألمانيا في دلتا النيل"، حيث سنقوم اعتبارا من نهاية شهر أكتوبر بزيارة مدن المنصورة وشبين الكوم بالمنوفية ودمنهور بالبحيرة والإسكندرية في إطار برنامج حافل يغطي كافة الجوانب والشرائح من الجمهور المستهدف. وأعرب، عن تأثره للغاية بهذا الحضور الألماني النشط في مصر، مؤكدا أنه حضور محل تقدير من الجميع وصولا إلى رئيس الجمهورية، حتى بعد أن قضي في مصر حتى الآن عامين. وتوجه بالشكر على التعاون النشط الذي لا غنى عنه، سواء أكان ذلك في المدارس الألمانية في مصر، أو الشركات الألمانية وفروعها، سواء كان ذلك في معهد جوته، أو المعهد الألماني للآثار، أو الوكالة الألمانية للتعاون الدولي، أو بنك التعمير الألماني، أو في مجال الصحافة والإذاعة والتليفزيون، أو في غيرها من المؤسسات الألمانية الأخرى التي لا يتسع المجال هنا لذكرها. وأكد لوى، أن الاحتفال بعيد الوحدة الألمانية، مناسبة طيبة لمقابلة هذا العدد الغفير من وطنه الذين لم يتسن له مقابلتهم بهذه الكثرة على مدار العام. وأضاف، إنه من دواعي أسفه عدم استطاعة دعوة جميع الألمان إلى هذه المناسبة، لأن محدودية المكان، والمتطلبات الأمنية المشددة تقيد للأسف في ذلك. وقال لوى، لم يكن لنا أن نقيم حفلنا الليلة إلا بدعم ومساندة ثلاث من كبريات الشركات الألمانية المرموقة، وهذه الشركات هي شركة "كناوف جروب" التي تدير استثمارات ضخمة في مصر في مجال استخراج المعادن وإنتاج مواد البناء، وشركة "ديا" وهى شركة بترول ألمانية مساهمة تعمل في المقام الأول في قطاع النفط والغاز وهي إحدى الشركات الألمانية الرائدة، وشركة لوفتهانزا، وهي كانت شركة الطيران الوطنية الألمانية، ولا تزال تشعر حتى بعد خصخصتها وكأنها شركة للمصريين.