قبيل احتفال المسلمين بليلة النصف من شعبان، تطفو فتاوى الجماعة السلغفية على الساحة التي تجعل تلك الليلة بدعة، ولا وجود لها في الإسلام، ليضرب السلفيين بقانون تنظيم الفتوى الجديد الذي يناقشه مجلس النواب، عرض الحائط، وتتبادل دار الإفتاء المصرية والسلفيين التصريحات المتعارضة حول ليلة النصف من شعبان. ولم تكن تلك الفتاوى السلفية، التي تجعل الاحتفال بليلة النصف من شعبان، بدعة، على لسان الدعاة السلفيين، حديثة، بل سبقها، الكثير من الفتاوى على لسان كبار الدعاة السلفيين.
ياسر برهامي: بدعة مستحدثة وفي فتوى سابقة، للشيخ ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، عبر الموقع الرسمى للدعوة السلفية"أنا السلفي"، قال إن الاحتفال بليلة النصف من شعبان بدعة مستحدثة، لم تكن موجودة في عهد النبوة والصحابة والتابعين، مشيرًا إلى إلى أنه يشرع قيام ليلة النصف من شعبان، دون أن يجتمع على ذلك، لقول النبى صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ)، ولايقتضي هذا الحديث، أن يحتفل بها في موالد الصوفية، أو يقيمون لها صلاة معينة، فكل هذا ليس مشروعا في الإسلام.
"عبد الحميد": بدعة مستحدثة دخيلة على الدين كما اتفق معه، الشيخ سامح عبد الحميد، الداعية السلفي، حيث قال إن الاحتفال بليلة النصف من شعبان، بدعة مستحدثة دخيلة على الدين الإسلامي، مشيرًا إلى أنه لا توجد ليلة مميزة في شهر شعبان، فالليالي كلها مثل بعضها.
وأضاف عبد الحميد، في تصريحاته الخاصة ل"الفجر"، أنه لا داعي للاحتفالات فهي زيادة وليس فيها فائدة شرعية والنبى صلى الله عليه وسلم، والصحابة والعلماء لم يحتفلوا بها فلا يوجد أحد من الائمة الأربعة طالب بالاحتفال بتلك الليلة.
وأشار الداعية السلفي، إلى أن تلك الاحتفالات مبتدعة دخيلة في الدين ليس لها أي سند شرعي ولا يجوز الاحتفال بها، فهي بدعة جديدة.
دار الإفتاء: الاحتفال بليلة النصف من شعبان وقيامها مباح شرعًا وردًا على فتاوى السلفيين، أكدت دار الإفتاء المصرية، أن الاحتفال بليلة النصف من شعبان -التي توافق مساءَ غدٍ الخميس- وإحياء ليلها وقيامه وصيام نهارها، مباح شرعًا؛ لما فيه من خير كثير، وليس بدعة كما يدعي بعض المتشددين.
وأوضحت دار الإفتاء في فتواها أنَّ ليلة النصف من شعبان ليلة مباركة، وَرَدَ الترغيب في إحيائها في جملةٍ من الأحاديث، منها قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا؛ فَإِنَّ اللهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ لِي فَأَغْفِرَ لَهُ، أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ، أَلَا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ، أَلَا كَذَا، أَلَا كَذَا، حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ» رواه ابن ماجه من حديث علي رضي الله عنه، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَحْيَا اللَّيَالِيَ الخَمْسَ وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ ...» وذكر منها: «لَيْلَة النِّصْفِ مِنْ شَعْبَان» رواه الأصبهاني في "الترغيب والترهيب" من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه.
كما أضافت الدار: ومشروعية إحياء ليلة النصف من شعبان ثابتٌ عن كثير من السلف، وهو قول جمهور الفقهاء، وعليه عمل المسلمين سلفًا وخلفًا؛ قال الإمام الشافعي رضي الله عنه في "الأم" (1/ 264): [وبلغنا أنه كان يقال: إن الدعاء يستجاب في خمس ليالٍ: ... [وذكر منها] ليلة النصف من شعبان].
كما استدلت الفتوى بقول العلامة "ابن نجيم": [ومن المندوبات إحياء ليالي العشر من رمضان وليلتَي العيديْن وليالي عشر ذي الحجة وليلة النصف من شعبان كما وردت به الأحاديث ... والمراد بإحياء الليل قيامُه].
وأكدت دار الإفتاء، أن الأمر بإحياء تلك الليلة المباركة ورد مطلقًا، والأمر المطلق يقتضي عموم الأزمنة والأمكنة والأشخاص والأحوال؛ فإذا كان الأمر الشرعي محتملًا لأوجهٍ متعددةٍ فإنه يكون مشروعًا فيها جميعًا، ولا يصح تقييده بوجهٍ دون وجهٍ إلا بدليل، وإلا كان ذلك تضييقًا لما وسَّعه الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فيجوز إحياؤها فرادى وجماعات، سرًّا وجهرًا، في المسجد وغيره -مع مراعاة عدم التشويش على المصلين، بل إن الاجتماع لها أولى وأرجى للقبول؛ لما صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إِنَّ للهِ مَلاَئِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللهَ تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ» قَالَ: «فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا» رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.