تحديث في سعر الذهب.. عيار 21 يسجل مستوى جديدا    بوتين يوقع قانونًا يسمح للأجانب بالانضمام للجيش الروسي    استياء داخل الأهلي من موقف مسئولي البنك في ملف الصفقات    «صحة المنوفية» تخصص رقما بديلا للطوارئ بعد تعطل الخط الساخن    السعيد غنيم : مشاركتنا في القائمة الوطنية تأكيد على دعم الدولة ومؤسساتها الدستورية    عاجل.. "تنظيم الاتصالات": تعويض العملاء المتأثرين بتعطل الخدمة بعد حريق السنترال    رتوش أخيرة تفصل الزمالك عن ضم مهاجم فاركو وحارس الاتحاد    "لم يكن من المفرتض أن تنتهي الأمور هكذا".. لياو يودع ثيو هيرنانديز    أبرزهم بيكهام وراموس.. أشهر من ارتدى قميص باريس والريال قبل موقعة الأربعاء في المونديال    موقف نبيل من مانشستر يونايتد تجاه لاعبيه بعد وفاة جوتا    عاجل- المصرية للاتصالات تخرج عن صمتها: حريق سنترال رمسيس فصل الخدمة عن الملايين.. وقطع الكهرباء كان ضروريًا    كارولين ويندلين تكشف عن صدمتها: مها الصغير سرقت فني وقدّمته وكأنه من إبداعها!    تصاعد الأدخنة داخل محطات المترو القريبة من حريق سنترال رمسيس.. والركاب يغادرون    رئيس البحوث الزراعية ومدير اليونسكو بالقاهرة يبحثان سبل التعاون في حفظ الأصول الوراثية النباتية    غدًا.. ختام مهرجان الأراجوز المصري الرابع في مكتبة الإسكندرية    بيحبوا من جوة ..تعرف على أكثر الأبراج رومانسية ولكن مدارية    أطعمة قدميها لأسرتك لحمايتهم من الجفاف في الصيف    حريق سنترال رمسيس.. الصحة تخصص أرقاما بديلة للرعاية العاجلة والإسعاف بالمحافظات    ماركا تحسم الجدل: ميسي لا يخطط للرحيل عن إنتر ميامي هذا الصيف    مسؤول ب«الأمومة والطفولة»: نزع الطفل من أسرته لحمايته والردع مستمر فى مواجهة العنف الأسر    الأرصاد تفسر ظاهرة أمطار الصيف وتنبه لاحتمالية تكرارها    مدارس البترول 2025.. الشروط والأوراق المطلوبة للتقديم    عطل يضرب ماكينات الصراف الآلي ATM وPOS    مدير تعليم القاهرة تتفقد مدارس إدارة المرج    شكلها اتجوزت طارق.. دنيا جمعة تتصدر تريند التواصل الاجتماعي    إعلام عبري: عسكريون من الاحتياط يطعنون بقانونية عربات جدعون بغزة    الأهلي يكشف قراره بشأن رحيل إمام عاشور    أول سيدة تتقدم للترشح على مقعد الشيوخ بالفيوم في ثالث أيام فتح باب التقديم    لماذا نحتفل باليوم العالمي للشوكولاتة في 7 يوليو؟    رئيس جامعة كفر الشيخ يشهد حفل تخريج الدفعة 55 بكلية الزراعة    برلمانى: توجه مصر نحو «بريكس» يعكس رؤيتها لمستقبل عالمي    إلغاء رحلات جوية في بالي بسبب ثوران بركان لووتوبي لاكي-لاكي    الثانية منذ توليه منصبه.. أحمد الشرع يزور الإمارات    الزمالك يرسل عقود شيكو بانزا لنادي استريا أمادورا البرتغالي للتوقيع النهائي    إعلامية شهيرة توجه رسالة ل أحمد السقا: «راجل جدع ومحبوب ومحترم»    بأمسيات شعرية وعروض فنية.. ثقافة الدقهلية تواصل الاحتفال بذكرى ثورة 30 يونيو    تعليم الوادي الجديد تعتمد جدول امتحانات الدور الثاني للصف السادس الابتدائي    البورصة المصرية تختتم بتباين وربح مليار جنيه    مدبولي بقمة بريكس: مصر اهتمت بتطوير الرعاية الصحية والخدمات الطبية خلال السنوات الماضية    التقديم خلال أيام.. مدرسة إيفا فارما الدولية للتكنولوجيا التطبيقية 2025- 2026 ضمن بدائل الثانوية العامة    سوريا تواصل مكافحة حريق ريف اللاذقية الشمالي    دنيا ماهر: أجمل مرحلة في حياتي هي بعد ما وصلت لسن الأربعين    وفقا للحسابات الفلكية.. تعرف على موعد المولد النبوي الشريف    "جبالي": الحكومة تسحب مشروع قانون تنظيم المراكز الطبية المتخصصة    7 ميداليات.. حصيلة الفراعنة ببطولة إفريقيا للريشة الطائرة في غانا    مصرع شخصين دهسًا أسفل عجلات قطار في أسيوط    نجاح إجراء جراحة معقدة لإصلاح تشوه نادر بالعمود الفقري لطفلة 12عاما بزايد التخصصي    5 أطعمة تقلل نسبة الأملاح في الجسم.. احرص على تناولها    المبعوث الأمريكي توماس باراك: ترامب التزم باحترام لبنان وتعهد بالوقوف خلفه    من 3 إلى 13 يوليو 2025 |مصر ضيف شرف معرض فنزويلا للكتاب    صرف 100 ألف جنيه لكل متوفي بحادث الطريق الإقليمي    كشف ملابسات واقعة إجبار أحد الأشخاص على توقيع (10) أيصالات أمانة بالوايلي    السكة الحديد: تشغيل حركة القطارات اتجاه القاهرة- الإسكندرية في الاتجاهين    ضبط 3 أشخاص بالقاهرة لقيامهم بأعمال الحفر والتنقيب غير المشروع عن الآثار    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الفساد صناعة ?!    (( أصل السياسة))… بقلم : د / عمر عبد الجواد عبد العزيز    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : حالة شكر.""؟!    نشرة التوك شو| الحكومة تعلق على نظام البكالوريا وخبير يكشف أسباب الأمطار المفاجئة صيفًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بر الأم ذات الخلق السيئ
نشر في الفجر يوم 23 - 04 - 2017

ما حكم الشرع في بِرِّ البنت بأمها التي لم تطالب بحضانتها عند الطلاق، ثم طالبت بالرؤية بعد ثلاث سنين، وفي أثناء الرؤية كان هناك تحريض مستمر على الأب، وبعد بلوغ البنت بدأت أمها في الوقيعة بينها وبين أبيها، وحاولت الجدة العمل على تحريض البنت على أبيها، كما أن الأب يخاف على ابنته من الاختلاط بأهل الأم؛ لسوء أخلاقهم وانعدام الوازع الديني والأخلاقي لديهم؛ فهم يحرضونها على خلع الحجاب ويشجعونها على كل ما هو غير أخلاقي، والبنت تنفر من أمها وأهلها؛ لِمَا لمسته بنفسها من تدنيهم الأخلاقي، ولكنها تخاف أن يكون تجنب الأم عقوقًا للوالدين. فما حكم الشرع في بر أمٍّ لا ترعى حدود الله؟
الجواب : أمانة الفتوى
حرص الشرع على صلة الأرحام على وجه العموم؛ فقال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]، وقال تعالى: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ﴾ [محمد: 22].
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ خَلَقَ الخَلْقَ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتِ الرَّحِمُ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَهُوَ لَكِ»، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ﴾» متفقٌ عليه.
وعلاقةَ الولد بوالديه مسألةٌ تتعلق بالإنسانية المَحْضَة، فضلًا عن أن تكون مسألةً تحث عليها الشرائع؛ فليس هناك نظامٌ اجتماعيٌّ على مَرِّ التاريخ لم يتمسك بهذه القيمة؛ لذا قال تعالى محذِّرًا مِن المَسَاس بهذه العلاقة مهما يكُن مِن شيءٍ: ﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ﴾ [البقرة: 233].
وقد أوجب اللهُ تعالى ورسولُهُ صلى الله عليه وآله وسلم بِرَّ الوالدين والإحسان إليهما في مواضع كثيرة؛ منها قوله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 23-24]، بل وقَرَنَ ذلك بعبادته، وقرن عقوقهما بالشرك به سبحانه؛ قال تعالى:﴿وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [النساء: 36]، وقَرَن الشكرَ لهما بشكره سبحانه وتعالى بقوله: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾ [لقمان: 14]، وأكد على ذلك كلِّه حتى في حال أمرهما لولدهما بالشرك؛ قال تعالى: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15]، ولَمَّا امتدح اللهُ تعالى سيدَنا يحيى عليه السلام قال: ﴿وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا﴾ [مريم: 14]، وإنما لَم يأمر الوالدين بمِثل ذلك للاستغناء بالطبع عن الشرع؛ فعلاقة الوالدين بولدهما هي علاقة طَبَعِيَّة جُبِلَت عليها الفطرة السوية.
والبر بالوالدين فرضُ عينٍ؛ فهو عبادةٌ لا تقبل النيابة؛ قال العلَّامة برهانُ الدين ابنُ مازه البخاري الحنفي في "المحيط البرهاني في الفقه النعماني" (5/ 386، ط. دار الكتب العلمية): [وطاعةُ الوالدين وبِرُّهُما فرضٌ خاصٌّ لا يَنُوبُ البعضُ فيه عن البعض] اه. بخلاف رعايتهما؛ فإنها فرضُ كفايةٍ.
وفي المقابل أوجب الإسلام على الآباء حقوقًا للأبناء تتمثل في تعليمهم وتأديبهم وتوجيههم إلى عملِ كلِّ خيرٍ والبُعدِ عن كلِّ شرٍّ؛ أخْذًا مِن قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: 6]، لكن هذه المقابلة لا تعني سقوطَ أحدِ الواجبين حال انعدام الآخَر، بل إن هذا الحُكم ثابتٌ حتى في حال أَمْرِهما ولدَهما بالكفر؛ كما سبق في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا واتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [لقمان: 15] في توجيهٍ صريحٍ إلى أنَّ الأمر بالبِرِّ مجردٌ عن دِين الوالدين وسلوكهما، وتنبيهٍ إلى عدم التدخل فيما بين العبد ورَبِّهِ.
وبِناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فالبِرُّ بالوالدين وصِلَتُهُما والإحسان إليهما فرضٌ على ولدهما؛ سواء أكان ذكرًا أم أنثى، وذلك في حدود رضا اللهِ تعالى ورسولِه صلى الله عليه وآله وسلم؛ فالبِرُّ لا يعني الطاعة العمياء، وعلى الولد أن يجتنب مواطنَ الشُّبهة، وألَّا يطيعَ أيًّا منهما في أمره له بالمعصية؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ» متفقٌ عليه، وإذا كانت أحوال أهل الأم على الوجه المذكور، الذي يجعل البنت تخاف على نفسها من أن تتأثر أخلاقها به؛ فيمكنها أن تكتفي بالبر والإحسان والزيارة الخاطفة من غير أن تطيل المكث أو المبيت.
والله سبحانه وتعالى أعلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.