عندما تصل المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل إلى واشنطن مساء اليوم الاثنين فإنها ستتطلع إلى إيصال رسالة حول أهمية العلاقة عبر المحيط الأطلسي في وجه شعار بلاغي يتمثل فى "أمريكا أولا" للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وانقسام سياسي كبير بين الرئيس الأمريكي والمستشارة الألمانية. وتبنت المستشارة الألمانية وجهات نظر مختلفة عن ترامب على صعيد كل شيء بداية من دور المنظمات الدولية وصولا إلى استقبال اللاجئين.
لكن بالنسبة لاجتماعهما الأول، فإنه من المتوقع أن يعمل الجانبان على التقليل من الاختلافات والتعارضات المحتملة فى مواقفهما.
وبدلا من ذلك، فإن بناء الثقة سيكون الهدف الرئيسي لميركل، حسبما صرح منسق شؤون العلاقات عبر الأطلسي في حكومتها يورجن هارت.
وقال هارت لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): "الأهم في ذلك أن تنجح في توضيح أن الاختلافات في الرأي يمكن أن يتم الحديث عنها على أساس الشراكة ولكن ليس من منطلق المواجهة".
وكان ترامب قد انتقد ميركل لتعاملها مع أزمة اللاجئين - حيث سبق أن وصف ذلك التعامل بأنه "كارثة" و"خطأ مروع" - وانتقد ألمانيا بسبب سياساتها الخاصة بالتجارة والعملة. ومع ذلك قال ترامب إنه يجلها ، بينما اعترف في مقابلة العام الماضي إنه لم يعرف بعد ميركل التي تتولى المستشارية منذ فترة طويلة.
وسيكون اللقاء أكثر أهمية في تحديد وتيرة العلاقات المستقبلية بينهما، حسبما يقول هيثر كونلي مدير البرنامج الأوروبى بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ، الذي يتخذ من واشنطن مقرا له.
وقال مسؤول أمريكي تحدث عن الزيارة مشترطا عدم الكشف عن هويته: "الهدف من الاجتماع هو بناء علاقة شخصية وأن يكون هناك تفاعل إيجابي في مجموعة من القضايا بين أكبر دولة في أوروبا والولاياتالمتحدة".
وبمعنى آخر، لا يتوقع أن يتم الإعلان عن أشياء كبيرة خلال الاجتماع. وبالرغم مع ذلك، فإنه تردد أن البيت الأبيض يتوقع "مناقشات قوية" على صعيد قضايا رئيسية مثل الإنفاق الدفاعي والتجارة قبيل اجتماعات قمة في بروكسل فى وقت لاحق من العام الجاري مع حلفاء حلف شمال الأطلسي (ناتو) الناتو وقمة مجموعة العشرين في هامبورج.
وأشار مسؤولون في البيت الأبيض إلى دعوات ترامب لحلفاء الناتو لتعزيز الإنفاق الدفاعي باعتبار أن ذلك من بين أهم شواغل واهتمامات الرئيس وقالوا إنهم لقوا تشجيعا من خلال تحركات برلين في ذلك الاتجاه حتى وإن كانوا يأملون حتى في مزيد من الإنفاق بين الحلفاء الأوروبيين.
وعلى صعيد التجارة، يبدو مصير اتفاقية الشراكة التجارية والاستثمارية عبر الأطلسي قاتما وسط انسحاب ترامب من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ ودعواته إلى إعادة التفاوض بشأن اتفاق تجاري لأمريكا الشمالية.
ومن غير الواضح كيفية ملاءمة الاتفاق المقترح مع الاتحاد الأوروبي مع تفضيل ترامب لاتفاقات تجارية ثنائية حيث ان دول الاتحاد الأوروبي المنفردة لا يمكنها أن تتفاوض بشأن اتفاقاتها الخاصة خارج التكتل. ومن المتوقع أن تتم مناقشة أكثر اتساعا بعد أن يتشكل الفريق التجاري لترامب بالكامل وبعد انتهاء الانتخابات الأوروبية بما في ذلك الانتخابات الألمانية، بحسب ما يقول مسؤول أمريكي آخر.
وتواجه ميركل تحديا في انتخابات سبتمبر من اليسار فى شكل الحزب الاشتراكى الديمقراطي الذي استعاد نشاطه ومن جانب حزب البديل من أجل ألمانيا الشعبوى اليميني، أحد الأحزاب الأوروبية الذى تلقى دفعة وزخما جراء فوز ترامب في الولاياتالمتحدة.
ووصفت وزيرة الاقتصاد الألمانية بريجيته تسيبريس الهدف الألماني بأنه يتمثل في "تجارة عالمية حرة ونزيهة" بدلا من السياسات الحمائية. وحذرت من أن "الانفصال يجعل الجميع فقراء".
ومن جانبها ، أوضحت ميركل أنها تنوي التأكيد على أهمية الاتحاد الأوروبي وأن برلينوبروكسل هما وجهان لعملة واحدة.
وسينظر ترامب أيضا إلى خبرة ميركل في الساحة العالمية بما في ذلك تعاملها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأشار ترامب إلى أنه سينظر في علاقة أكثر انفتاحا مع روسيا لكنه لم يتخذ بعد إجراء وسط تساؤلات حول اتصالات حملته الانتخابية مع موسكو.
وقال مسؤول رفيع المستوى: "سيكون (ترامب) مهتما للغاية بالاستماع إلى وجهات نظرها فيما يتعلق بطريقة التعامل مع الروس".
وستتضمن المحادثات جهود ألمانيا وفرنسا الرامية إلى التعامل مع التوغل الروسي في أوكرانيا وأي دور يمكن ان تضطلع به الولاياتالمتحدة.
وعلى صعيد الأمن ومكافحة الإرهاب، يتطلع البيت الأبيض إلى مجالات التعاون رغم الخلافات القوية بين ترامب وميركل حول كيفية التعامل مع أزمة اللاجئين.
وكانت هناك علاقة دافئة قد جمعت ميركل مع سلف ترامب، باراك أوباما، وطورت كذلك علاقة عمل قوية مع جورج دبليو بوش رغم خلافات قوية بشأن حرب العراق وقضايا أخرى.
وقال يورجن هارت إن ميركل سوف "تستخدم كل وقتها" في زيارتها لواشنطن مساء الاثنين والتي تمتد حتى الثلاثاء لفتح خط اتصال شخصي مع ترامب ومستشاره الأمني الجديد هربرت ريموند ماكماستر.
وشدد هارت: "أعتقد أن الرسالة المحورية ستكون أن ألمانيا والاتحاد الأوروبي يريدان أن يصبحا شريكين لأمريكا".