أعد إليّ ضحكتي وأزل عني ألمي, واصنع لي طريقًا ورديًا يحملني, وأخلق لي فضاءً أحلق فيه, كطائرٍ يرفرف فور خروجه من غرفه العمليات, وأكثر من خطاك فالقلب يسعُد بلُقاك. السير مجدي حبيب يعقوب، بروفيسور "مصري – بريطاني" من رواد جراحة زراعة القلب بالعالم، ومن أشهر 6 جراحين للقلب في العالم وثاني طبيب يقوم بزراعة قلب بعد كريستيان برنارد. ولد طبيب القلوب، في 16 نوفمبر 1935 بمدينة بلبيس بالشرقية وينتمي لعائلة قبطية أرثوذكسية تنحدر أصولها من المنيا, تخصص في مجال القلب بالصدفة البحتة بعد أن توفيت إحدى أقاربه في العشرين من عمرها نتيجة لاعتلال قلبها. درس الطب بجامعة القاهرة، وتعلم في شيكاغو ثم انتقل إلى بريطانيا في عام 1962 ليعمل بمستشفى الصدر بلندن، وأصبح أخصائي جراحات القلب والرئتين في مستشفى هارفيلد من 1969 - 2001 ومدير قسم الأبحاث العلمية والتعليم منذ عام 1992، وعين أستاذًا في المعهد القومي للقلب والرئة في عام 1986, واهتم بتطوير تقنيات جراحات نقل القلب منذ عام 1967، وتولى منصب رئاسة قسم القلب عام 1972, وأصبح طبيبًا زائرًا في جامعة نيجيريا 1973 وأجرى أول عملية قلب مفتوح من نوعها عام 1974. في عام 1980 نفذ عملية نقل قلب للمريض "دريك موريس"، والذي أصبح أطول مريض يعيش بعد إجراء العملية، حتى وافته المنية في يوليو 2005, وأجرى العديد من العمليات للمشاهير كان على رأسهم الكوميدي البريطاني إريك موركامب. ومنحته الملكة إليزابيث الثانية لقب فارس في عام 1966، بينما يطلق عليه في الإعلام البريطاني لقب ملك القلوب، وحصل على ألقاب ودرجات شرفية من جامعة برونيل و كارديف ولوفبرا وميدلسكس، ومن جامعة لوند بالسويد وله كراس شرفية في جامعة لاهور بباكستان وسيينا بإيطاليا. وفي نهايات القرن العشرين كان الفريق الطبي الذي يقوده ملك القلوب، أجرى حوالي 1000 عملية، لتصبح مستشفى هارفيلد المركز الأول والأكبر على مستوى العالم في جراحات القلب المفتوح وزراعة القلب بفضله حيث كرس يعقوب حياته لهذا المجال. كما أجرى يعقوب، 25 ألف عملية جراحية خلال حياته العملية، ضمنها 2500 عملية قلب مفتوح وزراعة قلب، وتمكن من دخول موسوعة جينيس للأرقام العالمية لإجرائه 100 عملية جراحية خلال عام واحد. وحين أصبح عمره 65 سنة اعتزل عن إجراء العمليات الجراحية واستمر كاستشاري ومُنظر لعمليات نقل الأعضاء، وفي عام 2006 قطع اعتزاله ليقود عملية معقدة تتطلب إزالة قلب مزروع في مريضة بعد شفاء قلبها الطبيعي؛ لأنه لم يزل القلب الطبيعي للطفلة المريضة خلال عملية الزرع السابقة والتي قام بها. حصل على وسام الواجب الأول ووسام الجمهورية من مصر في يوم الطبيب سنة 1988 وفي القرار الجمهوري رقم 1 لعام 2011، وتم التصديق من الرئيس الأسبق مبارك يوم 6 يناير2011 على منح يعقوب وسام قلادة النيل العظمي، لجهوده في مجال جراحة القلب وقد استلمها بنفسه في حفل خاص أقيم على شرفه. واستحدث أساليب مبتكرة لعلاج حالات هبوط القلب الحاد، وعمل على تأسيس البرنامج العالمي لزراعة القلب والرئة, وأصدر يعقوب العديد من الأبحاث العالمية المتميزة والتي فاقت 400 بحث متخصص في جراحة القلب والصدر. وهو أول من ابتكر جراحة "الدومينو"، التي تتضمن زراعة قلب ورئتين في مريض يعاني من فشل الرئة، وعمل أسطورة الطب في المستشفيات البريطانية منذ عام 1962 قدم خلالها الكثير من الأساليب الجراحية لعلاج أمراض القلب. واهتم خلال مشواره بتدريب الأطباء على مستوى العالم كله، من أجل إنقاذ المرضى، وهو يفخر في كل مكان بالأطباء المصريين الذين تتلمذوا على يديه، وأصبحوا قادرين على إجراء عمليات زراعة القلب بنجاح كبير. ولم يقف دور يعقوب عند جراحة القلب، فشارك في جراحة عاجلة على المستوى السياسي، بوجوده في لجنة الخمسين التي وضعت دستور مصر 2014، وحصل في 2015 على لقب أسطورة الطب في العالم ضمن أكبر خمس شخصيات طبية أثرت في تاريخ الطب. "هو كده العلم بيعلي ويعلي", ويواصل يعقوب إدهاش العالم ليس بعلمه وفقط بل بأخلاقه وأعماله الخيرية فقد أنشئ جمعية خيرية تدعى سلاسل الأمل عام 1995، كان هدفها الأساسي هو مساعدة الأطفال الذين يولدون بعيوب خلقية في القلب وإيجاد طريقة مبتكرة لإنقاذ حياتهم ومساعدتهم على العيش بشكل شبه طبيعي. لم يكن هذا هو الإنجاز الخيري الوحيد له, فقد أنشأ مركز لعلاج مرضى القلب بالمجان في مدينة أسوان 2009 ويعتمد هذا المركز بالكامل على التبرعات ويعالج المرضى بالمجان، ولم ينتهي مشوار أسطورة الطب بعد، فمازال حتى الآن يعمل بنفس الجهد والحماس الذي بدء به، فهو مثال للعالم الجليل الذي لم يبخل بعلمه وحياته في سبيل خدمة وطنه والعالم أجمع.