يسعى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، سعيا حثيثا، إلى إجراء تعديلات دستورية في الأيام المقبلة، والتي ستضمن الكثير من المواد، حيث تم تحديدها للإعلان عنها وعرضها على البرلمان، للتصويت عليها، ومن ثم يتم العمل على إقرارها بعد الاستفتاء عليها شعبيا. أبرز هذه التعديلات الدستورية وتأتي هذه التعديلات الدستورية التي توصل إليها حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، متضمنة للكثير من النقاط والبنود التي يصفها المعارضون أنها خطيرة وحرجة للغاية، حيث تهدف إلى انتقال النظام السياسي في تركيا إلى نظام رئاسي، مع زيادة صلاحيات رئيس الجمهورية، حيث سيستحوذ على أعلى منصب في الدولة، وسيحظى بصلاحيات إدارة شؤون الدولة، وبصلاحيات تعيين نوابه والوزراء، والمسئولين رفيعي المستوى في الدولة، فضلا عن إلغاء منصب رئيس الوزراء. التعديلات تضمنت أيضا عددا آخر غير قليل من البنود، حيث جاء على رأسها زيادة أعداد أعضاء البرلمان إلى 600 نائب بدلا من 550، وكذلك عدم قطع رئيس الجمهورية علاقته بحزبه السياسي، بالإضافة إلى البدء بفترة رئاسية جديدة سنة 2018، حيث ستعدل الانتخابات إلى أن تكون خمس سنوات بدلا من أربعة سنوات، كما ستمكن هذه التعديلات رئيس الجمهورية أو البرلمان اتخاذ قرار بإجراء انتخابات جديدة. ما الذي تحتاجه التعديلات؟ لكي تتم هذه التعديلات لابد من موافقة 330 على الأقل من نواب البرلمان البالغ عددهم 550 قبل طرحه في استفتاء، ومن ثم التصويت عليه من قبل الشعب لأجراء هذه التعديلات بعد ذلك بقوة القانون. والجدير بالذكر أن حزب العدالة والتنمية، وهو حزب أردوغان لديه 316 مقعداً برلمانياً، بينما يسيطر حزب الحركة القومية على 39 مقعداً، وهذا يفسرسعى أردوغان للتوافق مع رئيس حزب الحركة القومية، دولت باهجه لي، لكي تكتمل الأصوات الموافقة على إجراء التعديلات. تساؤلات حول إجراء التعديلات وتأتي هذه التعديلات الدستورية وسط الكثير من التغييرات السياسية بين دول المنطقة، والتي تحتل فيها تركيا طرفا أساسيا من خلال تدخلات الرئيس التركي أروغان في مختلف قضايا هذه الدول، فضلا عن بروز العديد من التحديات المواجهة للأنظمة السياسية، كما أثارت هذه التعديلات الدستورية الانتباه كثيرا، وتساءل بشأنها كثيرون حول أهداف أردوغان من تلك التعديلات. تعزيز وجود أردوغان في السلطة وفي سياق ما سبق أكد محمد حامد الباحث في العلاقات الدولية والمتخصص في الشأن التركي، إن التعديلات الدستورية التي يطلقها أردوغان في هذا التوقيت، تأتي لأسباب ودوافع شخصية يريدها الرئيس التركي، مشيرا إلى أن هذه التعديلات ستعزز من تواجد أردوغان في السلطة، في الأيام المقبلة وهذا هو الهدف الأساسي من تلك التعديلات. انتهاك الدستور التركي وسياسة الرجل الواحد حامد أوضح في تصريحات خاصة ل"الفجر"، أن الرئيس التركي ينتهك الدستور بالأساس، حيث يكسر تماما مواده، ليستحوذ على جميع الصلاحيات التي تتمتع بها كافة مؤسسات الدولة، منوها على أن هذه الصلاحيات ستتقلص كثيرا حيث سيستحوذ عليها أردوغان. ولفت الباحث في العلاقات الدولية والمتخصص في الشأن التركي، إلى أن تركيا تتجه الآن إلى أن تكون سياسة الرجل الواحد، مبينا أنه كان دائما يتدخل في سلطات رئيس الوزراء وليس له ذلك على الإطلاق، فضلا عن مقابلته لرؤساء الأحزاب والجلوس معهم، وهو الأمر الذي لا يجيزه الدستور. المكوث في السلطة لأجل طويل حامد كشف أيضا، أن الأمر لن يتوقف على جعل تركيا في قبضة أردوغان فحسب ، وإنما سيتمكن بتلك التعديلات، أن يظل في السلطة نحو 10 سنوات، بما يجسد حقيقة حبه للسلطة وتأسيسه للاستحواذ عليها، قائلا " ما يفعله أردوغان يعد تحايلا للبقاء في السلطة". برجماتية أردغان "الرخيصة" وبيّن الباحث في العلاقات الدولية والمتخصص في الشأن التركي ،أن أردوغان أصبح برجماتيا بما يجعله يوصف بأنه صاحب برجماتية رخيصة يبيع فيها كل شئ من أجل الاستحواذ على السلطة، حسب تعبيره موضحا أن التعديلات سيعقبها بعض الأمور المغايرة، من بينها زيادة أعداد نواب البرلمان إلى 600 بدلا من 550، وأن تقاربه مع حزب الحركة القومية يأتي في إطار كسب أصوات أعضاءه في البرلمان لصالح الاستفتاء الذي سيتضمن هذه التعديلات. النظام الرئاسي ليس بدعة والشعب التركي صاحب القرار من جانبه قال الدكتور محمد حسين أستاذ العلاقات الدولية، أن هذه التعديلات الدستورية، تعد من الأمور الداخلية الخاصة بالشأن التركي، ولا يمكن التحدث عنها سياسيا من ناحية أن أردوغان يريد أمورا بعينها. وأضاف في تصريحات خاصة ل" الفجر"، أن الأمر يتوقف على الشعب التركي في موافقته على أجراء هذه التعديلات، او الإعتراض عليها، ومن ثم سيتم إقرارها والعمل بها. وذكر أن تحويل النظام البرلماني، إلى رئاسي من الأنظمة السياسية المعمول بها في العديد من دول العالم، وبالتالي لا يمكن الحديث عن إنكار ذلك أو العيب فيه.