لم يعد التطرف قاصرا على العالم العربي وحده، بل بات يشمل العديد من الدول بل قارات أخرى، أبرزها أوروبا، التي يتم تطويقها الآن من قبل الأحزاب اليمنية المتطرفة، والتي تتصاعد شيئا فشيئا لتكون في دوائر الحكم والسلطة، وبرغم الاختلاف الكبير بين درجة التطرف في العالم العربي وبين ما هو في دول أوروبا، إلا أن هذا التصاعد المفاجئ للتطرف في تلك القارة العجوز، ليس أمرا مبشرا على الإطلاق، كما أكدت دراسات الحديثة. دراسة: التطرف سيصبح رائدا بأوروبا هذا ما أثبتته دراسة أوروبية حديثة، حيث أكدت أن القوى الأوروبية المتشددة، وهي المعروفة بالشعبوية المتسلطة، قد تتحكم تحكما كاملا في الحكم الأوروبي، وفقا لدراسة أشارت إليها صحيفة "اندبدنت" البريطانية، عن معهد "يوجوف" البريطاني. أحزاب متصاعدة وأوضحت الدراسة، أن الشعبوية المتسلطة، هي السبب الرئيس، في فوز دونالد ترامب بالرئاسة، فضلا عن خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أن، أحزاب مثل يوكيب ببريطانيا، والحزب البديل بألمانيا، وكذلك الجبهة القومية بفرنسا، من المتوقع جميعها، أن تكون القوة الرائدة في العقد المقبل في أوروبا. أكثر الدول تطرفا وشددت الدراسة أيضا أن التطرف ليس متوقفا على تلك الأحزاب المشار إليها، وإنما هناك دول يحتل مواطنيها مرتب متقدمة، في إيمانهم العميق بأهمية صعود هذه الأحزاب، ومن أكثر هذه الدول، هي رومانيا بنسبة 82%، بولندا 78%، تليها فرنسا 63%، وهولندا %55، وفنلندا 50%، بريطانيا 48% ثم إيطاليا 47% ، والسويد 35%، وإسبانيا 33%، وأقلها ألمانيا بنسبة 19%. ولفتت الدراسة، أن أهم صفات تلك الأحزاب المتطرفة، هو توحدها الكامل في الأيدلوجيات الخطيرة، ومنها معاداة الهجرة، والتعصّب و السياسات الدفاعية والتساهل في حقوق الإنسان. تساؤلات وتثير هذه الدراسة، العديد من التساؤلات التي باتت تطرحها الأذهان، ويفرضها المستقبل، من حيث التخوفات التي من الممكن أن تتصاعد بشأن الإرهاب، نتيجة الاصطدام المباشر، الذي ربما يحمله المستقبل بين قوى العالم المتطرف، وماذا سيكون مصير الاستقرار العالمي مع تلك السياسات الجديدة المتوقعة؟ وعلى المستوى القريب، كيف سيكون مصير اللاجئين الذي يهربون من أتون الحرب، بحثا عن وطن ينعم بالسلام؟ من الوارد جدا اشتعال حرب مستقبلية وفي سياق ما سبق أكد الدكتور أشرف أبو الهول، المتخصص في السياسات الدولية، أن هذه الدراسة، تبني كلامها على محددات صحيحة، لافتا إلى أن الحديث عن تصاعد ظاهرة التطرف، ليس فقط في العالم العربي، وإنما في دول أوروبا، يكثر في تلك الآونة، ويؤدي إلى مزيد من الخوف والفزع الشديد. وبسؤاله عن حقيقة اصطدام المحور الشرقي بالغربي، مستقبلا، أوضح أبو الهول في تصريحات خاصة ل"الفجر"، أنه من الوارد جدا في السنوات المقبلة، أن يحدث هذا الاصطدام، واشتعال حرب كبيرة، موضحا أن السبب في ذلك هو غياب الطرف الواعي، الذي يستطيع في ظل هذه الكوارث الحالية، أن يتعامل بحنكة شديدة، مع الاستفزازات الإرهابية، بحيث لا يؤدي إلى تفجر الأوضاع كثيرا، وإنما المتطرفون يتصاعدون، ويحتكون ببعضهم، وهو ما يسبب اشتعال هذه الحرب المستقبلية. ولفت أبو الهول، أنه في تلك الحالة ستتغير طبيعة الشعوب، حيث ستكون تابعة لحكومات دولها، وبالتالي سيكون هناك استقطابا قويا، يؤدي إلى اشتعال حرب كبرى. إلى مزيد من الصراعات من جانبه أكد الدكتور عمرو عبد المنعم، الباحث في الحركات المتطرفة، والمتخصص بحركات الإسلام السياسي، أن هذه الدراسة تؤكد صعود ظاهرة التطرف، حول العالم، خاصة أوروبا، وبانتخاب دونالد ترامب رئيسا أصبح المشهد متكاملا، كثيرا في تصاعد القوى المتطرفة وهو ما ينذر بكوارث مستقبلية. وأضاف في تصريحات خاصة ل"الفجر"، أن العالم الآن يعيش حالة مغايرة تماما، للأيام التي مضت، وبالتالي فإن المستقبل يحمل الكثير والكثير، مبينا أن العالم يتجه اتجاهات غريبة ومريبة للغاية، من بين هذه التوجهات الخطيرة، هو صعود ظاهرة التطرف، التي أصبحت تطوق أوروبا من كل جهة ، وتتصاعد شيئا فشيئا. يجب دراسة هذه الحالة والتحذير منها ولفت عبد المنعم، إلى أن هذه الحالة تستوجب الدراسة والبحث والتنقيب لما هو آت في الأيام المقبلة، حيث أن هذه الظاهرة لم تعد قاصرة على العالم العربي فقط، وإنما أصبحت تعم الكثير من البلاد الأوروبية وكذلك الولاياتالمتحدة وهو ما سيسبب كوارث مستقبلا. وعن توقيت هذا التصاعد أوضح المتخصص في شئون الجماعات المتطرفة، أن هذا التوجه بدأ فعليا منذ وقوع أحداث 11 من سبتمبر، التي أججت بسببها صراعات قوية، مع تصريحات جورج بوش الابن المتطرف، والذي عبرت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية ائنذاك، كوندا ليزا رايس، بمصطلحها التاريخي المعروف بالفوضى الخلاقة. الحرب مستمرة وستشتعل أكثر كما أكد الدكتور عمار على حسن، أستاذ العلوم السياسية، أن هذه الدراسة لم تأت بجديد، من ناحية اشتعال حرب تأتي لأول مرة، وإنما الجديد في الأمر، هو توقعها في استمرار هذه الحرب واشتعالها اشتعالا قويا. وأضاف في تصريحات خاصة ل"الفجر"، أن هذه الحرب معلنة منذ فترات، وتحديدا منذ إعلان الرئيس الأسبق للولايات المتحدة جورج بوش الابن الشهير، في الحرب على العراق، وأفغانستان، التي جاءت ردا على أسامه بن لادن، لافتا إلى أن هذه الحرب التي تحدث عنها بوش ائنذاك، كانت تتحدث عن الصراع بين الخير والشر، والحق والباطل، فضلا عن تحدثه عن الحرب الصليبية أمام الإسلام، والتي تستمر إلى هذه اللحظة. وأوضح أن هذه الحرب تتصاعد، بين الكثير من القوى، مؤكدا أنها قابلة للاشتعال في الأيام المقبلة، حيث أنها تنتقل من مجرد عمليات إرهابية انتقامية تقوم بها بعض التنظيمات المتطرفة، إلى مواجهة ميدانية شبه كاملة بين القوى الغربية وبين هذه التنظيمات على الأراضي العربية، كما يحدث في سوريا.