بعد تصريح «عجينة» بضعف المصريين جنسيًا النصيب محطة على طريق القدر، لا يتخلف عنها أحد بمحض إرادته، وبخطوات ثابتة يقترب كل منا نحو «الحبيب»، الذى قد يكون دفعة للأمام، أو عودة للخلف، هذا ما أكدته الأيام، وأيدته حكايات بعض الزوجات المُعنفات، التى انحصرت حياتهن فى ظل أشباه الرجال، الذين أزاحوا خيوط الستر بالأفلام الإباحية. فكشفت مديرة مركز زيتونة لحقوق الطفل ودعم المرأة سارة بيصر، من واقع اهتمام المركز بالدعم القانونى والإرشاد النفسى والأسرى للمرأة، عن تلقى المركز منذ بداية العام الحالى شكاوى من النساء، انحصرت 50% منها بسبب عدم عمل الزوج وإدمان المخدرات، وحوالى 30% بسبب مشاهدة الأفلام الإباحية. والمركز يهتم فى المقام الأول بالدعم النفسى، وذلك عن طريق جلسات حكى للسيدات اللاتى يعانين من أغلب هذه الأزمات، كما نسعى إلى تنفيذ مشروع بدعم من «واى بير» -شبكة تابعة لصندوق الأممالمتحدة للسكان-، والذى سيهتم بتثقيف الشباب من الجنسين، خصوصًا فيما يتعلق بقضايا الصحة الإنجابية، والتى ستتركز فى حملة توعوية تحت اسم «سر قوتها». وقالت «بيصر»، من بين الشكاوى التى تصل إلى المركز لفتت انتباهى شكوى السيدة «ع.م»، التى تشغل منصب مديرة حسابات الوحدة المحلية فى إحدى قرى صعيد مصر، حيث ذكرت فى شكواها أنها أم لثلاث بنات، لم تبلغ أصغرهن عامها الثانى، بينما أوسطهن أتمت عامها ال8، والكبرى 13عامًا، وبدأت مشكلتها مع زوجها بعدما ترك عمله، وفى ظل الظروف المعيشية الصعبة، لم يجد سبيلا إلى ستر عائلته سوى بالديون. ولما تراكمت عليه الديون، هرب إلى ليبيا، فبقى هناك عامين كاملين، وخلال هذه المدة تحملت الزوجة مصاريف البيت وأطفالها وسداد ديون الزوج الهارب، ولما أخبرته بسداد الديون عاد من ليبيا، وطلب منها الحصول على قرض من أحد البنوك، على أمل إنشاء مشروع صغير يكفل لهم العيش الكريم، وبالفعل حصلت الزوجة على القرض باسمها، وأعطت له أموال القرض ليفتح ورشة نجارة، فهى مهنته الأساسية، إلا أنه لم ينشئ المشروع واستولى على أموال القرض ليتعاطى المخدرات، والخمور، بعدما جذبه أخوه إلى طريق «الكيف». وكلما فاتحته الزوجة فى أمر القرض أو المشروع تطاول عليها بالضرب والسب، وألقى عليها «يمين الطلاق» مرتين، بعدما ضاقت معيشتهما وطالبته بالبحث عن عمل ليصرف على البنات، فبرغم عملها إلا أنها لم تقو على تغطية مصاريف البيت ولا مصاريف زوجها أو البنات، ورغم كل ذلك تحملت الزوجة العيش معه على أمل أن ينصلح حاله، علاوة على عدم وجود مكان آخر لديها للإقامة فيه مع بناتها الثلاث، فبحسب وصفها «ملهاش حد فى الدنيا». فبعد وفاة والدها ووالدتها، عاشت مع أخواتها ال10، 8 بنات وولدين فى منزل العائلة، وفوجئت قبل تقسيم الميراث بينهم باستيلاء الولدين على ميراث البنات، فاضطرت كل بنت إلى الزواج من أى رجل يتقدم لها، هربًا من الظلم، وطمعًا فى الستر، والآن كل بنت من أخواتها مشغولة فى حالها وبيتها وحياتها، أدى كل هذا إلى فقدانها لأعصابها وإصابتها بمرض ضغط الدم، وبحسب شكوى الزوجة التى وصلت للمركز، فقد شعرت بالضياع عندما استخدمت إحدى بناتها كمبيوتر والدها، لتصطدم بالعديد من الصور والأفلام الإباحية، واكتشفت بعد ذلك أنه يسهر كل ليلة يشاهد هذه الأفلام حتى الفجر. تملك الخوف قلب الزوجة على بناتها من والدهن، بعدما لاحظت تسلله فى الظلام إلى غرفهن ليختلس النظر عليهن أثناء نومهن، فقررت فى تلك اللحظة ترك المنزل له، وأجرت شقة، وظلت تدفع من مرتبها قسط القرض وإيجار الشقة، ومصاريف البنات، فأثر ذلك كله على ظروفها المالية، فتعثرت ولكن الله كان دائمًا بجوارها، فلم تحصل على أى شىء من منزلها السابق سوى غرفة نومها، بعدما أخبرها جيرانها بأن زوجها باع «عفش البيت» كله، فأكملت فرش بيتها الجديد من مساعدات الناس، الغريب أن زوجها هددها بأنه سيطلبها فى «بيت الطاعة» وسيأخذ البنات منها.. وحتى الآن مش عارفة تعمل إيه -بحسب شكواها-. أما الحالة الثانية فهى سيدة تدعى «م.س»، لجأت إلى مكتب المساندة القانونية والشكاوى، التابع لمركز قضايا المرأة المصرية، وطالبت برفع دعوى قضائية ضد زوجها بعدما طرده صاحب العمل لاختلاسه مبلغا ماليا ليتعاطى المخدرات، كما أجبرها زوجها على العمل؛ للاستحواذ على مرتبها، ليس ذلك فحسب، بل يستقبل أصدقاءه فى منزل الزوجية ليتعاطوا المخدرات دون خوفه على بنتهما الوحيدة، فقد يحاول أحد أصدقائه الاعتداء على البنت أو على زوجته وهو تحت تأثير المخدرات. تركت الزوجة بيتها خوفًا على بنتها، ولأنها «مقطوعة من شجرة» وافقت على العيش فى بيت والدته، إلا أنها فوجئت بعد ذلك بأيام بحضور زوجها إلى منزل والدته مستغلا عدم وجودها واستولى على الأثاث وباعه ليصرف على المخدرات، صبرت رغم ذلك كله، حتى تحرش بها أحد أقرباء زوجها وحاول مداعبة ابنتها، فتركت على الفور بيت أهل زوجها إلى المصير المجهول. وعقبت جواهر الطاهر، المحامية الحقوقية بمركز قضايا المرأة المصرية على ذلك بقولها: استقبل المركز عددا كبيرا من شكاوى النساء بخصوص تناول أزواجهن للمخدرات، والأخصائى الاجتماعى التابع للمركز يلعب دور الوسيط بين الطرفين، وإذا فشل فى التصالح أو ردع الزوج، يأتى دور المكتب القانونى التابع للمركز، فى رفع قضية على الزوج، إما بالطلاق أو الخلع للضرر، لكن لا يوجد ما يسمى بالطلاق لتناول الزواج للمخدرات أو مشاهدته للأفلام الإباحية، إذ على الزوجة إثبات تضررها من ذلك، وهو ما يصعب تحقيقه لارتباطه بأشياء أخرى. وأوضح محمود صالح، الباحث بصندوق علاج ومكافحة الإدمان التابع لوزارة التضامن الاجتماعى، أن النسبة الأعلى فى الاتصالات والبلاغات الورادة للصندوق تأتى من النساء، سواء زوجة أو أماً أو أختاً، ف35% من حجم الاتصالات التى وردت إلينا خلال شهر يوليو الماضى من نساء، نصفهن زوجات راغبات فى علاج أزواجهن من الإدمان، فى حين أن نسبة الاتصالات التى ترد من المتعاطى نفسه لا تتعدى ال3% فقط، على الرغم من ارتفاع نسبة تعاطى الفتيات، والتى تخطت نسبة ال27 %. وأغلب البلاغات تأتى بعد أن ضاق الحال بالزوجات، نتيجة التصرفات غير المسئولة للزوج، والضغط المالى على الأسرة بسب صرف جزء كبير من دخلها على المخدرات، ويأتى مخدر «الترامادول» فى المرتبة الأولى، ثم «الحشيش» و«الهيروين»، فالمشاكل الزوجية وعدم التفاهم بين الطرفين قد تؤدى إلى بحث طرف منهما على وسائل إشباع خارجية لرغباته، والإدمان فى حد ذاته ليس قاصرًا على المخدرات فقط، بل يصل لإدمان عادات معينة، وهناك القليل ممن يحاولون أن يتغلبوا على تلك العادات بمضاعفة العمل والانهماك فيه قدر الإمكان. وترى الدكتورة آمنة نصير، عضو مجلس النواب وأستاذة الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، أن أغلب الرجال افتقدوا معنى «الرجولة» والسلوك القويم، واحترام حقوق الزوجة، فأباحوا ما حرم الله، واستحلوا أموال زوجاتهم، حتى وصل الأمر إلى الاستهزاء بالحياة الزوجية، التى تقوم فى الأساس على الاحترام والمودة والرحمة، فيضرب أشباه الرجال بعهد مع الله بصون زوجاتهم عرض الحائط، ويذهب ليجد متعته وشهوته على أحد المواقع الإباحية الرخيصة من جهة، والمخدرات تحت زعم البحث على النشوة من جهة أخرى، وهى فى الحقيقة مفاهيم سخيفة . ودعت «نصير» الأزواج إلى تقوى الله فى زوجاتهم وأولادهم، وأكدت أنها دعوة للمجتمع لنتصدى جميعًا لهذه الأفعال المشينة، وعلى المنظمات النسائية دور كبير فى ذلك، لرد المظالم ومساعدة النساء اللاتى يتعرضن للمشاكل ليل نهار، فالقانون والتشريعات الدستورية وحدها لا تستطيع ردع الجميع. وفى المقابل، اتفق المجلس القومى للمرأة مع كلية الطب النفسى بقصر العينى بجامعة القاهرة على التعاون وتقديم الدعم النفسى للمعنفات من واقع الشكاوى التى تصل إلى مكتب الشكاوى التابع للمجلس، وذلك عن طريق إعداد استمارة للفحص النفسى للسيدات المترددات على مكتب الشكاوى، لتحديد مدى حاجة صاحبة الشكوى للمساعدة النفسية، وفحص مدى دعم العلاج الجماعى والحكى لحالات السيدات المعنفات، على أن يتم تحديد الحالة النفسية والعلاج المناسب بشكل منفرد لكل حالة على حدة وبتكلفة رمزية.