الملك فاروق وحاشيته اعتادوا الإقامة بقصر المنتزه فى شهور الصيف.. و«النحاس باشا» ورجال الوفد فى «سان استيفانو» الإسكندرية هى مدينة الأساطير والبهجة والحكايات التى لا تنتهى فى «ذاكرة مصر» وتاريخها.. عبر بوابتها عرفت مصر «محبة المسيح» ورسالته قبل دخول الإسلام.. كانت شواطئها ورمالها الساخنة حتى منتصف الستينيات، ملجأ الصفوة والمشاهير من الهوانم والبهوات وأبناء الجاليات الأجنبية بمصر. كانت «الحكومة» قبل ثورة يوليو1952 تنتقل لمقرها الصيفى بالمدينة الساحلية بمقر رئاسة الوزراء ب«بولكلى- سراى الدليل باشا» مع انتقال ملك مصر الأسبق فاروق والأسرة المالكة، لقضاء عطلة الصيف ب«قصر المنتزه». فى فندق «سان استيفانو» القديم كانت جلسة النحاس باشا- رئيس الوزراء- ورجال الوفد.. وفى كبائن سيدى بشر، جلسة أحمد حسنين باشا- رئيس الديوان الملكى- وبجواره كابينة الموسيقار محمد عبدالوهاب وفريد الأطرش. وفى «فندق البوريفاج» وبشاطئه الخاص ب«لوران» كانت سهرات الفنان الراحل أنور وجدى وزوجته المطربة الراحلة الكبيرة ليلى مراد، بصحبة صديقهما رجل الأعمال السكندرى اليهودى «إيلى لطفى» وزوجته وابنته، صاحب سينما «فريال» بمحطة الرمل، وعدد آخر من دور العرض، أو فى شاطئ سيدى بشر حيث الكابينة الخاصة ب«إيلى لطفى» أيضا بصحبة المخرج محمود ذو الفقار وزوجته عزيزة أمير والمنتجة مارى كوين، وفى شاطئ «ستانلى» وكازينو «ستانلى باى» كان أجانب وصفوة المجتمع، يمرحون على رماله الناعمة. نحو 300 صورة نادرة غالبيتها ب»النيجاتيف» تعكس بهجة وذكريات الصيف بالإسكندرية، منذ بدايات القرن الماضى، وحتى منتصف الستينيات، يملكها الباحث والمؤرخ السكندرى مكرم سلامة، الذى يعكف حاليا على إعدادها فى كتاب، يكشف حالة مصر خلال هذا الزمن. غالبية الصور بحسب «مكرم» بعدسة المصورين الأرمن والأجانب الذين عاشوا فى مصر خلال تلك الحقبة، بينهم الأرمنى الشهير بالقاهرة ليكيجيان، وبابازيان، وديليكان وألبان وعزيز ودوريس، وروى، وميلانوس ونادر فى الإسكندرية، حيث كانت المدينة الساحلية مصيف العائلة المالكة بقصر المنتزه والمشاهير وصفوة المجتمع بباقى الشواطئ. غالبية الصور تحمل على ظهرها التاريخ والمكان والأشخاص، حيث كانت تحرص العائلات على توثيق رحلاتها، خاصة رحلات الشواطئ، باعتبار الصور طقساً مقدساً لذكريات الرحلة، ومن بينها عدة صور لأسر مصرية من الطبقة المتوسطة، بينها صورة «عاشور أفندى الموظف ببورصة القطن» وأسرته المكونة من زوجته وأبنائه العشرة، بشاطئ اسبورتنج والتى تحمل تاريخ 13 أغسطس 1963، وصور أخرى لمرقسى أفندى زخارى، الموظف ببنك مصر، مع أسرته- زوجته وأبنائه الثلاثة- بشاطئ الإبراهيمية عام 1949. غالبية الصور تكشف جانباً آخر لطبيعة الحياة فى الإسكندرية خلال تلك الفترة، وهى النظافة والرقى الشديد والأناقة لجميع طبقات المجتمع، حيث تعكس جميع الصور جمال ونظافة شواطئ الإسكندرية وقتها، ووجود المصريين والأجانب ومشاهير المجتمع المصرى وقتها من سياسيين وفنانين ورجال أعمال، جنبا إلى جنب فى نفس الشواطئ والبلاجات فى أدب جم ووقار شديد رغم حالة المرح والسعادة التى تكشفها الصور. يذكر أن الإسكندرية حينها كانت هى الوجه الآخر ل»مصر العالمية»٬ فكانت تضم 26 قنصلية، 6 كبارى، 27 كنيسة كبرى للمسيحيين من مختلف الطوائف، ومتحفاً هو المتحف اليونانى الرومانى، 16 محطة لقطارات السكك الحديد، 28 محطة ترام، 88 مدرسة منها 36 للمصريين، 52 مدرسة للطوائف الأجنبية من اليهود والمسيحيين بجميع طوائفهم، 21 مستشفى، واستاداً رياضياً، 16 بنكًا رئيسيًّا، 29 جبانة، 7 فنادق كبرى، 10 مساجد كبرى.