«الوطنية للانتخابات» تعلن عن نتائج الانتخابات في 7 دوائر بالغربية    «التخطيط» تترأس اجتماعًا تحضيريًا للجنة المصرية – البلغارية المشتركة    البورصة المصرية تربح 6.8 مليار جنيه بختام تعاملات الثلاثاء 2 ديسمبر 2025    تركيا: خطوات لتفعيل وتوسيع اتفاقية التجارة التفضيلية لمجموعة الثماني    رئيس اقتصادية قناة السويس: المنطقة منصة مثالية للشركات الأمريكية لعمليات التصنيع والتصدير    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الألماني سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية    المغرب ضد جزر القمر .. أسود الأطلس يتقدمون بثلاثية في الشوط الأول    الفاتيكان: نحو 150 ألف شخص تجمعوا لحضور قداس البابا ليون الرابع عشر في بيروت    تشكيل منتخب مصر للشابات أمام المغرب في نهائي بطولة شمال أفريقيا    طولان يعلن تشكيل منتخب المشارك في كأس العرب أمام الكويت    موعد مباراة مانشستر سيتي وفولهام بالدوري الإنجليزي والقناة الناقلة    الأهلي يدرس سيناريوهات مستقبل حمزة عبد الكريم بعد عرض برشلونة    ضبط شخص يتعدى على حيوانات أليفة ويتسبب في نفوقها بالإسكندرية    الطقس غدا.. انخفاضات درجات الحرارة مستمرة وظاهرة خطيرة بالطرق    حبس عامل مدرسة بالإسكندرية 15 يومًا بتهمة الاعتداء على 4 أطفال في رياض الأطفال    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو اعتداء شخص على حيوانات أليفة: مريض نفسي    مصرع طفل إثر اصطدام سيارة ملاكي به في المنوفية    تعليم الغربية: تنظيم رحلة ل50 طالبا وطالبة للمتحف المصري الكبير    لأول مرة في الدراما التلفزيونية محمد سراج يشارك في مسلسل لا ترد ولا تستبدل بطولة أحمد السعدني ودينا الشربيني    مهرجان المنصورة لسينما الطفل يتلقى أكثر من 80 فيلمًا من دول العالم    مدير الهيئة الوطنية للانتخابات: الاستحقاق الدستورى أمانة عظيمة وبالغة الحساسية    الأمم المتحدة: 50 مليون شخص حول العالم ضحايا الرق الحديث    مكتب نتنياهو: إسرائيل تستعد لاستلام عيّنات من الصليب الأحمر تم نقلها من غزة    أمن المنافذ يضبط 47 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة قيمتها 6 ملايين جنيه    قائمة برشلونة - غياب أراوخو ودي يونج في مواجهة أتلتيكو مدريد    زيلينسكي: وثيقة جنيف للسلام في أوكرانيا تم تطويرها بشكل جيد    بتكلفة 20 مليون جنيه.. رصف وتوسعة طريق بنى هلال في الشرقية    "المسرح وذوو الهمم" ضمن ملفات العدد الجديد من مجلة مصر المحروسة    وزير الصحة يبحث مع وزير المالية انتظام سلاسل توريد الأدوية والمستلزمات الطبية    6 نصائح تمنع زيادة دهون البطن بعد انقطاع الطمث    تحرير 141 مخالفة لمحال لم تلتزم بقرار مجلس الوزراء بالغلق لترشيد الكهرباء    بعد التحرك البرلماني.. كيف تحمي طفلك من انتشار الفيروسات في المدارس؟    11 عامًا من النجاح.. "البوابة" منصة مفتوحة للحوار البناء والتواصل الفعّال بين القارئ والمسؤول من الملفات المتخصصة والتحقيقات الاستقصائية إلى بريد القراء.. كيف أصبحت "البوابة" صوت الشعب؟    سلوت: محمد صلاح سيظل لاعبًا محترفًا من الطراز الرفيع    محمية رأس محمد تستقبل فتيات الملتقى الثقافي ال22 ضمن مشروع "أهل مصر"    "الأوقاف": حجم مشاركة غير مسبوق في مسابقة القرآن الكريم العالمية    محمود ناجى حكما لنهائى كأس ليبيا بين أهلى طرابلس وبنى غازى غدا    سامح حسين: لم يتم تعيينى عضوًا بهيئة تدريس جامعة حلوان    وزير العمل يسلّم 25 عقد توظيف في مجال النجارة والحدادة والبناء بالإمارات    إسرائيليون يتظاهرون أمام منزل نتنياهو للمطالبة برفض العفو عنه    فيتامينات طبيعية تقوى مناعة طفلك بدون أدوية ومكملات    حوادث المدارس والحافز.. مشاهد تُعجل بنهاية "وزير التعليم" في الوزارة.. دراسة تحليلية.. بقلم:حافظ الشاعر    أمين عمر حكما لمباراة الجزائر والسودان في كأس العرب    اليوم .. إعلان نتائج المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    وزير الخارجية يؤكد على ضرورة تكاتف أبناء الوطن لدعم الاقتصاد الوطني    الفيشاوي وجميلة عوض يعودان للرومانسية في فيلمهما الجديد «حين يكتب الحب»    ضبط 379 قضية مواد مخدرة فى حملات أمنية    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 2ديسمبر 2025 فى المنيا    أسعار اللحوم في أسواق محافظة أسوان — يوم الثلاثاء 2 ديسمبر 2025    وزير الري يشارك في مائدة وزارية بالمغرب لبحث تسريع تحقيق هدف المياه المستدامة    راقصا أمام أنصاره.. مادورو يمد غصن زيتون لواشنطن    بسبب الشبورة المائية وأعمال الصيانة، ارتفاع تأخيرات القطارات على خط بورسعيد    البديل الألماني يطرد عضوا من كتلة محلية بعد إلقائه خطابا بأسلوب يشبه أسلوب هتلر    ما حكم الصلاة في البيوت حال المطر؟ .. الإفتاء تجيب    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    المخرج أحمد فؤاد: افتتاحية مسرحية أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي.. والغناء كله كان لايف    سر جوف الليل... لماذا يكون الدعاء فيه مستجاب؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايات عبدالباسط عبدالصمد مع عبدالناصر والسادات ومبارك
نشر في الفجر يوم 24 - 06 - 2016

■ اللواء طارق عبد الباسط يتحدث عن والده الراحل حنجرة مصر الذهبية
■ لديه 33 حفيدا وبناته غير منتقبات ويرفض التشدد الدينى
■ أحب عبدالناصر.. وكان شاهدًا على اغتيال السادات.. وكرمه مبارك
■ ملك المغرب عرض عليه الجنسية تقديرًا لصوته.. فرفضها وشكره
يسر له الله حفظ كتابه، وتفضل عليه بصوت ربما لن يتكرر، لتكتمل فصول حكاية أشهر قراء القرآن عبر التاريخ، حاول العديد تقليده، لأن التميز عنه إن لم يكن مستحيلا فهو صعب جدًا، هو القارئ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، نابغة عصره، الذى سعى جميع الرؤساء والملوك إلى كسب وده، بينما لم يسع هو إلا لخدمة كتاب الله.
فى إحدى شقق الطابق الرابع بعمارة فى شارع عبدالعظيم راشد فى حى العجوزة، حيث كان يقيم الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، استقبلنا نجله طارق، الذى أبى أن يفرط فى شقة والده، وآثر الإقامة فيها على بيعها، أدركنا سريعًا سبب ارتباطه بها، ففى كل ركن من أركان الشقة ستشعر بالشيخ كأنك تراه.
تتكون الشقة من 4 حجرات، وتحتفظ جدرانها حتى الآن بتلك الألوان والديكورات الكلاسيكية الأنيقة التى اختارها الشيخ، هذا ما رأيناه من بين ثنايا صور الشيخ وأوسمته، التى اكتست بها أركان الشقة، ما زال «طارق» محتقظًا بدولاب ملابس والده، ومصحفه، ومكتبته، وسجادة صلاته، حتى مبخرته وعطوره، فأينما انتقلت داخل شقة الشيخ عبدالباسط عبدالصمد سيدركك مسك الشيخ وعنبره.
مهد لنا «طارق» دروب ذكرياته مع والده، واجتاز بنا بوابات لم يسبقنا إليها أحد فى حياة القارئ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، فقال: ولد فى الأول من يناير عام 1927، فى قرية المراعزة التابعة لمركز أرمنت بمحافظة قنا، وأتم حفظ القرآن الكريم كاملا فى العاشرة من عمره، على يد شيخ القرية آنذاك، الذى لاحظ حلاوة صوته وموهبته، فطلب من جدى أن يلتحق أبى فى تلك السن الصغيرة بالمعهد الأزهرى، وهو ما حدث، ليتولى الشيخ محمد سليم حمادة مهمة تعليمه بعد ذلك.
وشهدت محافظات صعيد مصر ميلاد شهرة الشيخ عبدالباسط عبدالصمد فى شبابه، حتى أتى الشيخ عبدالباسط عبدالصمد إلى القاهرة بصحبة والده، لحضور مولد السيدة زينب، وهو المولد الذى اعتاد كبار الشيوخ والقراء حضوره، مثل الشيخ الشعشاعى، والشيخ عبدالعظيم زاهر، ولعبت الصدفة دورها، إذ ربطت إمام مسجد السيدة زينب آنذاك الشيخ على سبيع، علاقة صداقة قديمة بجدى، والد الشيخ عبدالباسط، واستغل جدى تلك الصداقة، فطلب من الشيخ «سبيع» سماع صوت أبى.
اندهش إمام مسجد السيدة زينب من حلاوة صوت الشيخ عبدالباسط، فقدمه ليقرأ ما تيسر له من القرآن على الحاضرين فى استراحة الحفل، بعد استئذان المنظمين، وما أن شرع الشيخ الذى لم يتخط ال17 من عمره آنذاك فى التلاوة إلا وخيم الصمت على المسجد، واشرأبت الأعناق لتنظر الأعين مصدر جمال الصوت.
بعدها كانت هناك محاولات عديدة من الشيخ سبيع لإقناع الشيخ عبدالباسط للالتحاق بالإذاعة والعمل بها مقرئًا، إلا أن ارتباط أبى بمسقط رأسه وأهله حال دون تحقيق ذلك، خاصة أن العمل بالإذاعة يحتاج إلى ترتيب خاص، لم يكن والدى مؤهلاً له فى تلك السن، المفاجأة تجسدت عندما سجل أحد الشيوخ ممن حضروا مولد السيدة زينب صوت أبى، وقدمه إلى الإذاعة المصرية، فانبهر القائمون على الإذاعة بصوته، ليلتحق بها فى عام 1950، ويتلو القرآن بها من الثامنة حتى الثامنة والنصف يوم السبت لمدة 30 عاما.
وكان والدى ورعًا، خفيف الظل، شديد الاهتمام بمظهره، حمل على عاتقه تغيير الصورة النمطية لعلماء الدين ممن سبقوه، تزوج فى سن ال19 من ابنة عمه، وأنجب سبعة ذكور، و4 إناث، وأنجبوا له 33 حفيدًا، وتولى الشيخ مهمة تحفيظنا جميعًا كتاب الله، وورثت أنا وأخى ياسر منه حلاوة الصوت، وإتقان التلاوة، وحاولنا استكمال مسيرته النورانية، فقررنا التفرغ لقراءة ودراسة علوم القرآن الكريم، ورغم عملى كضابط شرطة توليت إمامة مسجد الإمام الشافعى خلفًا لوالدى، بينما ترك ياسر عمله بالسياحة، ليعمل مقرئًا.
نال الشيخ عبدالباسط بعد التحاقه بالإذاعة شهرة واسعة، داخل مصر وخارجها، وانهالت عليه دعوات الزيارة من ملوك وأمراء الدول العربية، وكانت أول زيارة له خارج القطر المصرى إلى المملكة العربية السعودية، وظلت من أكثر الدول التى زارها فى حياته، وأحبهم إلى قلبه، كما سافر إلى كل الدول العربية، ومعظم دول قارتى آسيا وأوروبا مثل: الهند، وباكستان، وماليزيا، وفرنسا لخدمة كتاب الله.
وفى سن ال23 طلبت منه السلطات السعودية، أن يسجل القرآن الكريم بصوته، وبالفعل ذهب إلى الإذاعة هناك، وسجل بعض الأجزاء، ثم سافر إلى سوريا، وكان أول قارئ يزور جنوب إفريقيا فى ظل اندلاع الحرب الأهلية هناك بسبب التفرقة العنصرية، فى فترة غاب فيها أى تمثيل دبلوماسى لمصر فى جنوب إفريقيا والعكس.
وأحب الشيخ عبدالباسط عبدالصمد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وربطتهما علاقة ود، الأمر الذى جعل الزعيم الراحل يطلب منه الحضور فى جميع الاحتفالات والمناسبات، والتى كان أهمها حفل افتتاح السد العالى، الذى حضره ملك المغرب محمد الخامس، وأبدى إعجابه بصوت والدى، حتى إنه عرض عليه منحه الجنسية المغربية، لكن الشيخ عبدالباسط رفض، وشكره على هذا التكريم .
وفى فترة حكم الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، كان الشيخ قليل الاحتكاك بالسياسة، خاصة فى ظل انشغاله بزياراته الخارجية التى زادت جدًا فى تلك الفترة، ورفض مطالبات أهل قريته بترشيح نفسه فى مجلس النواب وقال: لا يجوز الجمع بين تلاوة القرآن والعمل السياسى، وقدم «السادات» دعوة شخصية للشيخ لحضور أحد احتفالات القوات المسلحة بذكرى انتصارات أكتوبر، والذى عرف فيما بعد بحادث المنصة، الذى اغتيل فيه «السادات»، ورغم اعتذار الشيخ عن الحضور لارتباطه باحتفالات أخرى فى الخارج، إلا أن الرئيس صمم على حضور الشيخ والانصراف مباشرة بعدما ينتهى من القراءة.
أما عن علاقته بالرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، فكانت عادية، مقتصرة على حضور الحفلات، إذا استدعته رئاسة الجمهورية، وكرم «مبارك» الشيخ عبدالباسط عبد الصمد، ومنحه نيشان الاستحقاق من الدرجة الأولى، هذا بخلاف تكريمات الملك فيصل الكثيرة للشيخ، إذ يُعتبر أكثر ملوك ورؤساء العالم تكريمًا له، حتى أطلق عليه السعوديون لقب «صوت مكة».
واعتاد أبى استقبال شهر رمضان بالاعتكاف فى حجرته، وقراءة القرآن، والصلاة، وأعمال الخير والبر فقط، حتى إننى أذكر أننا لم نكن نراه تقريباً طوال أيام هذا الشهر الكريم، هذا علاوة على ارتباطه بمجموعة من الحفلات داخل مصر وخارجها، حيث كان كثير السفر فى شهر رمضان، حريصًا على خدمة كتاب الله وتلاوته وقيام الليل، وقراءة ورده القرآنى اليومى، من بعد أذان الفجر وحتى شروق الشمس، بواقع خمسة أجزاء، ليختم القرآن كل 6 أيام.
وطوال الوقت، لم يمل والدى أن يوصينى وإخوتى بالحفاظ على تلاوة القرآن، وأن نتقى الله فى شتى أمور حياتنا، وألا نقابل الإساءة سوى بالحسنى، وأن نستكمل مسيرته فى حفظ القرآن، ودراسة علومه، وأحكام تلاوته، لنتمكن من خدمة كتاب الله على مراد الله، ولعل هذا ما ألزمنى أنا وأخى «ياسر» بأن نسير على نفس درب والدنا الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، لكن مع الفارق بين ما حققه أبى وما حققناه.
وارتبط والدى بعلاقات صداقة قوية بينه و بين القراء، ودومًا كان يرى فى الشيخ محمد رفعت القدوة والمثل الذى يجب عليه الاحتذاء به، وأكثر القراء قرباً منه هم: الشيخ الحصرى، والشيخ مصطفى إسماعيل، والشيخ البنا، وكانوا يتبادلون الزيارات بينهم بشكل دائم.
ليس ذلك فحسب، بل جمعته الصداقة بالعديد من الفنانين، وعلى رأسهم العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، وكان حريصًا على حضور أغلب حفلاته الغنائية، واعتاد دندنة أغانيه، فقد كان الشيخ محبًا لكل صوت جميل، عاشقًا لتراب هذا الوطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.