فاطمة الزهراء.. هددها طفل شوارع.. فخففت الحكم عليه من مؤبد ل«10 سنوات» أشجان البخارى.. أول سيدة ترشحت لرئاسة الجمهورية أمام «مبارك» فى 2005.. دافعت عن الجانى والمجنى عليه فى قضية واحدة نجوى الأمين.. زميلة الشهيد هشام بركات.. حصلت على البراءة للضباط المتهمين بقتل ثوار 25 يناير حاولت السينما المصرية منذ انتصاف القرن الماضى، تسليط الضوء على دور المحامية فى المجتمع، الذى لا يقل عن دور المحامى، فالجنس ليس صكًا للتميز، وهذا ما تبناه المخرج فطين عبد الوهاب، وأثبتته فاتن حمامة فى فيلم «الأستاذة فاطمة»، بعدما نجحت فى الحصول على البراءة لزميلها المحامى «عادل» الذى قام بدوره كمال الشناوى، بعد تورطه ظلمًا فى قضية قتل. لم يقف دور المحامية فى الدراما المصرية عند هذا الحد، بل امتد وتطور، لتصبح المحامية بطلة الأعمال الدرامية فى شهر رمضان، فها هى غادة عادل تجسد دور البطولة فى مسلسل «الميزان»، بتجسيدها لدور محامية ترسخ لقيم العدل، وتسعى لتحقيقه، وكذلك ليلى علوى، التى تؤدى دور البطولة كمحامية فى مسلسل «هى ودافنشى». من هنا، التقت «الفجر» محاميات مصريات، لمعرفة الفروق بين الأصل والصورة، وعرض أبرز حكاياتهن، وقضاياهن التى أثارت الرأى العام، وكيف تميزن فى هذا المجال الصعب على الكثير من الرجال، غير عابئات بالصعوبات والتحديات التى واجهتهن خلال رحلتهن مع مهنة المحاماة. أشجان البخارى إحدى أبرز المحاميات اللاتى تخصصن فى القضايا الجنائية منذ ما يزيد على 30 عامًا، بعدما تتلمذت على يد عبدالعظيم وزير، أستاذ القانون ومحافظ القاهرة الأسبق، حيث كانت أغلب القضايا التى عملت بها إما مخدرات أو قتل، بالإضافة إلى قضايا الأموال العامة. تقول أشجان، فى ظل تخوف بعض المحامين من تحمل نتائج تلك القضايا، يُصبح لجوء الموكلين لمحامية أمرًا صعبًا، فالبعض يتخوفون من توكيل محامية، لعدم ثقتهم فى قدرات الأنثى، كيف ستقف للترافع أمام القاضى؟، معتقدين أن المرأة لا تمتلك الشجاعة لذلك، وتحملت مع بعض زميلاتى تغيير ذلك المعتقد، فاستطعنا كسب ثقة موكلينا. وأرجعت «البخارى» سبب شهرتها إلى كونها أول سيدة مصرية وعربية فى الشرق الأوسط تترشح لرئاسة الجمهورية، عام 2005، رغم رفض أوراق قبول خوضها الانتخابات، فرفعت قضية فى مجلس الدولة اعتراضًا على ذلك، فرفض القاضى دعوى اعتراضها وغرمها 200 جنيه، ليس ذلك فحسب، بل كانت أول محامية مصرية ترفع قضية خلع وتكسبها. وعن الصعوبات التى واجهتها فى حياتها، قالت أشجان: قررت وأنا فى المرحلة الثانوية الالتحاق بكلية الحقوق، واجهت رفضًا كبيرًا من الأهل على ذلك، خوفًا علىّ، لأنهم رأوا أن مهنة المحاماة صعبة، وكونى من عائلة ريفية بسيطة، جعلهم يطلبون منى الالتحاق بإحدى كليات البنات، إلا أن عشقى للمحاماة حال دون التحاقى بغير كلية الحقوق. وفى بداية عملى كمحامية، ترافعت عن أحد طلاب كلية الهندسة، بعدما ألقت قوات المباحث القبض عليه ظلمًا، فانفعلت على ضابط النبطجية، بعدما منع أهل الطالب من زيارته، خاصة أنه الابن الوحيد لوالديه، وعندما شعرت بأن الطالب سيسجن رغم أنه مظلوم، لجأت إلى حيلة قانونية لإخراجه من القضية. فطالبته بإحداث جرح فى جسده، باستخدام شفرة حادة، وأن يقول أمام النيابة أثناء التحقيق معه، إنه تعرض للضرب؛ لإرغامه على الاعتراف بما نسب إليه، بناءً على ذلك نال الطالب البراءة فى تلك القضية، وبررت أشجان حيلتها تلك بقولها: «طالما اقتنعت ببراءة موكلى، سأستخدم أى أسلوب علشان أخرجه براءة». وحكت لنا أشجان عن القضية التى لن تنساها أبدًا، فقالت: جاءت امرأة إلى مكتبى تشكو زوجها الذى يعتدى عليها طوال الوقت بالضرب، وتعاطفت معها بشكل كبير، وقبلت قضيتها، وترافعت عنها بدون أى مقابل، نظرًا لظروفها المادية الصعبة، وحصلت على حكم لهذه الزوجة ضد زوجها، وقضت المحكمة على الزوج بسنة مع الشغل. الغريب، أننى اكتشفت بعد ذلك أن الزوج برىء، عندما أتى زوجها منهارًا من البكاء إلى مكتبى، بعد صدور حكم المحكمة ضده، واصطحب معه شهودًا من أهل زوجته، أكدوا لى أن زوجته كاذبة، فتحولت على الفور من موكلة عن الزوجة لموكلة عن الزوج، بعدما شعرت بأنه مظلوم، وكما حصلت على حكم بالحبس ضده، حصلت له على حكم بالبراءة، وتم التصالح بين الزوجين فى النهاية. وتقول أشجان عن أغرب القضايا التى ترافعت عنها، إنه تم القبض على سيدة بالمنصورة فى واقعة مشاجرة، ولم يعلم نجلها أنها خرجت، وحصلت على البراءة، فتوجه إلى قسم الشرطة، وتشاجر مع الضابط الذى قبض على والدته، واعتدى عليه أثناء تأدية عمله، فتم القبض عليه وإيداعه فى الحبس، وترافعت عنه بعد مشادة عنيفة بينى وبين الضابط، وأخرجت نجل السيدة من سراي النيابة. فاطمه الزهراء غنيم خاضت الكثير من المعارك خلال قضاياها التى أثارت جدلاً كبيراً فى الرأى العام، وعملت بجميع أنواع القضايا، بداية من القضاء المدنى، وصولاً للجنايات، وهى أبرز المحاميات العاملات بمهنة المحاماة، تمارس المهنة منذ 38 عامًا، وبالتحديد منذ دراستها الجامعية، وتدربت على أيدى كبار المحامين. تقول فاطمة الزهراء، كونى أنثى لم يمنعنى من الترافع فى قضايا الإعدام، والأشغال الشاقة المؤبدة، لأنى صادقة مع نفسى، ومع موكلينى، ودائمًا ما أصارحهم بحقيقة موقفهم القانونى منذ البداية، فمهنة المحاماة ليست سهلة، وتتطلب مواصفات خاصة للنجاح، على رأسها الثقة بالنفس، والقراءة والاطلاع، والالتزام بالمواعيد، وحسن المظهر. لقد ترافعت فى قضيتين لن أنساهما ما حييت، فلقد أثارتا جدلا كبيرًا فى الرأى العام، كانت إحداهما فى حقبة الثمانينيات، وكان المتهم الرئيسى فيها أمين شرطة، اتهمته زوجته بممارسة الجنس مع نجلته لمدة ثلاث سنوات، وكنت أنا موكلة عن الزوجة ضد زوجها، لا أستطيع وصف حالة الذهول التى انتابت المحكمة آنذاك، خاصة بعد اعتراف أمين الشرطة بممارسة الجنس مع نجلته لمدة ثلاث سنوات، فاستقبلت المحكمة هذا الاعتراف بالصدمة، فسقط القلم من يد القاضى الأول، ووقف القاضى الثانى مذهولاً، بينما أصيب القاضى الثالث بفقدان مؤقت فى النطق. أما الثانية فكانت قضية اختطاف سيدة حامل واغتصابها، مما أدى إلى وفاة الجنين داخل أحشائها، وكانت من أكثر القضايا التى هزت الرأى العام لسنوات، وتم الحكم على بعض المتهمين فى القضية بالإعدام، بينما حكم على البعض الآخر بالأشغال الشاقة المؤبدة. وأكدت المحامية التى عملت بالمهنة لأكثر من ربع قرن، أن من بين القضايا الصعبة، التى لن تنساها، قضية أطفال الشوارع، عندما هددها الطفل المسئول عن تسريح أطفال الشوارع، بقتل كل الأطفال الموجودين معه، والذين تترافع هى عنهم، فلم تلتفت لتهديده، واستمعت لنصيحة أحد المستشارين، حين طلب منها الترافع عن هذا الطفل، لأنه ضحية مجتمع كامل، واستطاعت تخفيف الحكم عليه إلى السجن 10 سنوات، بعد أن كان محكومًا عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة. فبرغم ما يحدث مع المحاميات الآن من ظلم، لأنهم لم يحتكوا بسوق العمل بعد التخرج فى الجامعة مباشرة، أو لأنهم لم يتلقوا التدريب الكافى الذى يؤهلهم للانخراط فى المجتمع بالشكل الصحيح، لن نترك المحاماة. نجوى الأمين نموذج آخر لمحاميات حققن شهرة واسعة فى مجال عملهن، تخرجت فى كلية الحقوق بجامعة عين شمس عام 1977، دفعة النائب العام السابق، الشهيد هشام بركات، وتدربت على يد المحامى عامر، ومارست المهنة لنحو نصف قرن، واجهت صعوبات مجتمعية عديدة منذ عملها، ولم تخش الوقوف أمام ضابط، مهما كان اسمه، طالما اقتنعت ببراءة موكلها. ترى أن السيدات يتحاربن من الرجال فى هذه المهنة، خاصة عندما ينجحن فى الحصول على أحكام بالبراءة لموكليهن، إلا أن الحال الآن اختلف كثيرًا، فالمحاميات لا يهتممن هذه الأيام سوى بالزواج، والاستقرار فى منازلهن، فمحاميات. وتحدثت «الأمين» عن أبرز القضايا التى تسببت فى شهرتها، فقالت: إن ترافعها فى قضية البدو الذين تاجروا فى المخدرات، بعد محاصرة الجبل الذين كانوا يختبئون فيه، والقبض على الخفير الذى حرس أرضهم الخاصة بتجارة المخدرات، فاستطاعت الحصول على البراءة للخفير، لعدم علمه بظروف القضية، الأمر الذى أثار جدلاً كبيرًا فى الرأى العام، علاوة على القضية التى دافعت فيها عن الضباط المتهمين فى قتل المتظاهرين أثناء ثورة يناير.