قررت بعض دول أوروبا الشرقية الشيوعية في مثل هذا اليوم 14 مايو عام 1955، الإعلان عن حلف وارسو أو ما أسماها البعض "معاهدة الصداقة والتعاون والمساعدة المشتركين"، وهو منظمة عسكرية سابقة لتلك الدول، وتم تكوينه لمواجهة التهديدات الناشئة من أعضاء حلف شمال الأطلسي "الناتو"، خاصةً عقب انضمام ألمانياالغربية له، واستمرت المنظمة في عملها خلال فترة الحرب الباردة حتى سقوط الأنظمة الشيوعية الأوروبية وتفكك الاتحاد السوفيتي، ووقتها بدأت الدول تنسحب منها واحدة تلو أخرى، حتى تم حل الحلف رسمياً في يوليو 1991 م. التأسيس في التاسع من مايو عام 1955، تم تدشين حلف شمال الأطلسي الذي إنضمت إليها ألمانياالغربية، و في المقابل قامت الكتلة الشرقية لدول أوروبا و الدول الشيوعية بتوقيع معاهدة "الصداقة و التعاون و المساعدة المشتركين"، أو ما يعرف بحلف وارسو، وذلك لمواجهة التهديدات التي نشأت عن تكوين حلف شمال الأطلسي. وتم التوقيع على تلك المعاهدة في مؤتمر الدول الأوروبية لتأمين الأمن و السلام في الرابع عشر من مايو من نفس العام، وكان حلف شمال الأطلسي الذي ضم ألمانياالغربية قد اعترف بها كدولة ذات سيادة و أصبحت جزءاً من القوة العسكرية الغربية في أوروبا، و قد اعتبر الإتحاد السوفييتي هذا الإجراء تهديد لأمنه القومي فقام بتغيير استراتيجية الدفاع الثنائي بينه و بين دول الكتلة الإشتراكية إلى منظمة عسكرية جماعية. الدول الأعضاء ووقع على تلك المعاهدة كل من حكومات جمهورية ألبانيا الشعبية، وجمهورية بلغاريا الشعبية، والجمهورية الإشتراكية التشيكوسلوفاكية، و ذلك في عام 1960، وجمهورية ألمانيا الديمقراطية، وجمهورية المجر الشعبية، وجمهورية بولندا الشعبية، وجمهورية رومانيا الشعبية، والإتحاد السوفييتي. أسباب تأسيسه كان السبب لرئيسي في إقامة هذا الحلف، هو استخدامه في دعم الاتحاد السوفيتي في المساومات التي كان يدخل طرفاً فيها، وكذلك إضفاء مسحة من الشرعية على الوجود السوڤييتي في شرق أوربا. وكان من الأسباب أيضاً أن هذا التنظيم الجماعي جعل من الصعب على الدول الأعضاء فيه أن تنسحب منه، لأن هذا الانسحاب كان لابد وأن يقابل بمقاومة القوة العسكرية لدول الحلف. إضافةً إلى رغبة الاتحاد السوڤييتي في خلق منظمة عسكرية على غرار حلف شمال الأطلسي ليستخدمها أداة تكتيكية في المفاوضات الدبلوماسية الجارية بين المعسكرين العملاقين. أبرز مواد المعاهدة وإشتملت معاهدة وارسو على عدة مواد بعضها ذات صفة تقليدية في حين أن لبعضها الآخر أهمية خاصة تنصرف إلى الأوضاع الذاتية الخاصة بالحلف، حيث كانت المواد الأكثر أهمية في المعاهدة هي المادة الرابعة التي حصرت تطبيق معاهدة الحلف في النطاق الأوربي البحت والتي تنص على أنه إذا وقع عدوان مسلح في أوربا ضد أي دولة عضو في هذا الحلف من جانب دولة أو مجموعة من دول فإن على دول الحلف أن تقدم المساعدات الضرورية إلى الدولة التي استهدفها العدوان، وكذلك المادة التاسعة من معاهدة وارسو التي تنص من على أن عضوية الحلف مفتوحة لأي دولة بصرف النظر عن طبيعة نظامها الاجتماعي أو السياسي إذا ما توافرت لديها الرغبة في الالتزام بأحكام المعاهدة والعمل على دعم أمن وسلام الشعوب التي تمثلها الدول الأعضاء في الحلف. إضافةً إلى المادة الحادية عشرة التي تنص على أنه في حال إنشاء نظام للأمن الجماعي في أوربا وعقد معاهدة أوربية عامة لتحقيق هذا الغرض فإن معاهدة حلف وارسو تنتهي بمجرد أن يبدأ سريان مفعول هذه المعاهدة الأوربية العامة، وكذلك المادة التي تنص على أنه ليس من حق العضو الانسحاب من المعاهدة إلا قبل عام من تاريخ انتهاء المعاهدة. الحيز الجغرافي للحلف تشمل المنطقة الجغرافية التي يغطيها الحلف أقاليم الدول الأعضاء، الأطراف الواقعة في أوربا، ولعل ذلك عائد إلى أنه عند توقيع اتفاقية وارسو كانت العلاقات السياسية بين الاتحاد السوفييتي والصين الشعبية علاقة حليفين. لجان الحلف تشكل الحلف من مجموعة من اللجان كان على رأسها اللجنة السياسية الاستشارية التي تضم سكرتيري الأحزاب الشيوعية في الدول الأعضاء ورؤساء الحكومات ومساعديهم فيها ووزراء دفاعها وخارجيتها، وتتمثل هذه اللجنة في كونها أداة للتنسيق والتشاور السياسي والعسكري بين الدول الأعضاء، واللجنة الدائمة وهي تنبثق عن اللجنة السياسية، ولجنة الأمانة العامة، وهي تتولى ما تتولاه عادة الأمانة العامة للمنظمات الدولية، وتضم موظفين من الدول الأعضاء، والقيادة العسكرية الموحدة، وتستند رئاسة القيادة العسكرية الموحدة إلى جنرال سوفييتي، وتتكون أعضاء هذه القيادة من وزراء دفاع الدول الأعضاء ورؤساء أركان حربها، إضافةً إلى عدد كاف من الضباط القادة والمعاونين. قوات الحلف وكان لحلف وارسو قوات خاصة به وضعتها تحت تصرفه الدول الأعضاء من قوات أرضية وجوية وبحرية، حيث كان لدى الاتحاد السوڤييتي وحده حوالي 3500 رأس نووي كلها في أيدي القوات السوفييتية العاملة في حلف وارسو، ومن ثم ضاعف الاتحاد السوفييتي من رؤوسه النووية وزاد من عدد دباباته العاملة في حلف وارسو بمعدل الثلث. أهمية الحلف وتمثلت أهمية حلف وارسو في جانبين؛ أولهما كونه قوة ردع مفيدة وفعالة لحلف الأطلسي في المواجهات السياسية التي سادت العلاقات بين موسكو وواشنطن قبل انتقال هذه العلاقات إلى مرحلة الوفاق، وثانيهما كونه أداة فعالة في يد الاتحاد السوفييتي للتصدي لحركات التمرد التي قد تتبدى داخل المعسكر الاشتراكي ضد الارتباط بموسكو. عمليات الحلف وأدت قوات حلف وارسو دوراً كبيراً في قمع حركة "دوتشيك" في تشيكوسلوفاكيا عام 1968، عندما حاول هذا كرئيس لوزراء براغ انتهاج سياسة اتهمها بريجينيف بالتعارض مع مبادئ الأخوة التي ينبغي أن تسود الصلات بين الأشقاء الاشتراكيين، إلا أن حلف وارسو كحلف الأطلسي لم يستخدم حتى اليوم في عمليات عسكرية من النوع الذي أنشئ من أجله. إنسحاب الدول وإنسحب من الحلف جمهورية ألبانيا الشعبية في عام 1961، بسبب الانشقاق السوفييتي الصيني، وإنسحبت جمهورية ألمانيا الديمقراطية في عام 1990، قبيل إعادة توحيد ألمانيا. حل الحلف رسمياً ثم جاءت رياح التغيير من داخل الاتحاد السوڤييتي ذاته باتجاه التحرر من القيود وانتهاج أساليب الديمقراطية الغربية، وكان ميخائيل غورباتشوف ودعوته للانفتاح قائد هذا التغيير وأدى ذلك إلى تفكك الاتحاد السوڤييتي ذاته واستقلال جمهوريات آسيا الوسطى وانعتاق دول البلطيق من الهيمنة الروسية، وحملت رياح التغيير معها سقوط جدار برلين وانسحاب ألمانياالشرقية من الحلف، ثم إنهاء الحرب الباردة بانضمام ألمانياالشرقية إلى ألمانياالغربية في بعث لوحدة ألمانيا، واستمرت الدول في الانسحاب من الحلف واحدة تلو الأخرى حتى تم حل الحلف رسميا في شهر يوليو عام 1991