تعود تفاصيلها إلى 12 عامًا.. وسانده نائب ب«الوطنى المنحل» ■ التحقيقات: نصر الدين علام وعبد السلام قورة سهلا حصول «المصرية الكويتية» على 26 ألف فدان ■ الشركة تشترى أرض العياط ب5 ملايين جنيه.. والدولة طالبتها ب50 مليارا بعد تحويلها لنشاط سكنى ورط نصر الدين علام، وزير الرى الأسبق، مصر فى قضية تحكيم دولى، رفعتها الشركة المصرية الكويتية «كويتية»، طالبت فيها الحكومة بتعويض قدره 100 مليار جنيه، فيما تؤكد الحكومة أن الشركة خالفت الاتفاق المبرم، والذى بموجبه حصلت الشركة على 26 ألف فدان بمنطقة العياط لاستصلاحها ولكنها حاولت تحويلها إلى مشروع سكنى. القضية بدأت منذ 12 عاماً عندما كان «علام» مجرد استشارى للشركة، بالتعاون مع أحد نواب الحزب الوطنى المنحل، والذى كان رئيساً للشركة، حيث ساهم علام فى حصول «المصرية الكويتية» على الأرض، بسعر 200 جنيه للفدان الواحد، لاستصلاحها وزراعتها، واستكمل مساندته للشركة عندما أصبح وزيراً، حين أكد عدم وجود موارد مياه تكفى لزراعة المساحة، فأعطى الشركة مبرراً لتغيير النشاط من زراعى إلى سكنى، ما يمنحها نحو 50 مليار جنيه مكسباً من فارق قيمة الأرض باحتساب أقل سعر لمتر البناء فى المنطقة. 1- خطة «علام وقورة» للاستيلاء على الأرض بالتزوير حصلت «الفجر» على تفاصيل القضية رقم 76 لسنة 2015 حصر نيابة أموال عامة، والمقيدة برقم كلى 9827 لسنة 2016، والمتهم فيها الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الرى الأسبق، وعضو مجلس الشعب السابق، عبدالسلام قورة، العضو المنتدب للشركة المصرية الكويتية لاستصلاح الأراضى والإنتاج الحيوانى والداجنى، والتى تكشف عن خطة الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على 26 ألف فدان من أراضى الدولة فى منطقة «العياط» بمحافظة الجيزة تقدر قيمتها ب50 مليار جنيه، وتخصيصها للشركة ب5 ملايين و200 ألف جنيه فقط. الخطة التى تضمنتها أوراق القضية، تكشف أن وزير الرى الأسبق، كان يعمل فى عام 2002، قبل توليه الوزارة، مستشاراً فنياً للشركة المصرية الكويتية وأعد دراسة حول أرض تبلغ مساحتها 26 ألف فدان، نحو 110 ملايين متر مربع، فى منطقة العياط بمحافظة الجيزة، حول استصلاح هذه المساحة من الأرض فى النشاط الزراعى وكيفية توصيل المياه إليها. وسلم علام، الدراسة التى تؤكد إمكانية ذلك وسبله والأجهزة والمعدات المطلوبة لتوصيل المياه إلى الأرض، إلى المتهم الثانى، أحمد عبدالسلام قورة، العضو المنتدب للشركة، والتى قدمها بدوره إلى قطاع التوسع الأفقى بوزارة الرى للموافقة على تخصيص الأرض تمهيداً لاستصلاحها وزراعتها. واستغل قورة، بصفته عضو مجلس شعب عن الحزب الوطنى المنحل، نفوذه، وضغط وتوسط من خلال أعضاء حزبه للتمكن من تخصيص الأرض لصالح الشركة عن طريق الأمر المباشر، على أن يتم استصلاح الأرض وزراعتها وليس لتحويلها إلى نشاط سكنى. وتمت الموافقة على التخصيص وإبرام التعاقد فى 16 فبراير 2002، ومنذ ذلك التاريخ وحتى عام 2010، تم «تسقيع» الأرض من خلال استغلال النفوذ ودون أى مساءلة قانونية، رغم عدم استصلاح الأرض، وتم التباطؤ فى إنشاء محطة رى العياط المخصصة لرى القطعة، وتم الانتهاء طوال هذه الفترة من نسبة 47.49% من الأرض رغم توريد 100% من الأجهزة «الكهروميكانيكية» اللازمة لتشغيل المحطة، وتشغيل جزء من المحطة بالفعل. وظلت الشركة المصرية الكويتية، مستحوذة على الأرض طوال هذه الفترة، وتم البناء على أجزاء منها مشروعات سكنية بالمخالفة للقانون، ودون أى مساءلة من قبل الأجهزة المعنية، وعندما تولى علام، وزارة الرى، استكمل مخطط استيلاء الشركة على الأرض وتحويلها من نشاط استصلاح زراعى إلى نشاط سكنى. وأصدر الوزير علام فى 19 ديسمبر 2010، كتاباً رسمياً رداً على كتاب وزير الزراعة واستصلاح الأراضى رقم 1270 بتاريخ 7 نوفمبر 2010، بشأن الاستعلام عن مدى إمكانية توفير مقنن مائى لتلك المساحة نظراً لإدعاء الشركة وبعض التقارير بعدم إمكانية توفير ذلك. وجاء فى كتاب علام، على خلاف الواقع، صعوبة توفير مياه سطحية لتلك الأراضى، زاعما محدودية الموارد المائية المتاحة، رغم أنه شخصياً قدم الدراسة الفنية عام 2002 بصفته فنى استشارى لتلك الشركة، وتضمنت إمكانية توفير وتوصيل المياه للأرض. واتهمت النيابة العامة، علام، فى قرار إحالته إلى المحاكمة الجنائية، بأنه قام يتزوير خطابه بعدم إمكانية توصيل المياه للأرض، وذلك لإجبار وزارة الزراعة على تحويل الأرض للنشاط العمرانى لعدم صلاحيتها للاستصلاح وأثبت بذلك على خلاف الواقع، عجز وزارة الرى عن الوفاء بالتزامتها الواردة بمحضر اللجنة الوزارية المنبثق عنها عقد بيع تلك الأرض لصالح الشركة المصرية الكويتية. وترتب على ممارسات «علام»، أحقية الشركة فى تغيير نشاط الأرض للغرض العمرانى على غير الحقيقة محاولاً بذلك زيادة أرباح الشركة من الأرض دون وجه حق، بقيمة 50 مليار جنيه، والمتمثل فى فارق قيمة الأرض من تخصيصها للنشاط الزراعى وتغييره للنشاط العمرانى، رغم أن الشركة تعاقدت على الأرض مقابل 200 جنيه فقط للفدان، أى بإجمالى 5 ملايين و200 ألف جنيه، رغم أن القيمة السوقية للمتر فى هذه المنطقة كأرض مبانى وفقاً لأقل تقديرات هى 350 جنيها، أى أن قيمة الفدان الواحد وفقاً لأقل تقديرات للتخصيص فى المنطقة هو 1.5 مليون جنيه، وليس 200 جنيه. 2- مسلحون يسيطرون على أرض «العياط» فى طريقك نحو الصعيد وعلى بعد 80 كيلو مترا من القاهرة، تجد الأفدنة التى استولى عليها عضو مجلس الشعب السابق، أحمد عبدالسلام قورة، بالتواطؤ مع رموز نظام الرئيس الأسبق، حسنى مبارك، وفى مقدمتهم وزير الرى، نصر الدين علام، والذين يحاكمون سوياً فى قضية الاستيلاء على أرض الشركة الكويتية وتسهيل الاستيلاء عليها. وهذه الأفدنة لم يتم انتزاعها من ملكية الدولة بالتحايل والتزوير كما أثبتت التحقيقات، ولكنها تعرضت أيضاً للاستيلاء عليها بالقوة ووضع اليد وإستعراض النفوذ والقوة من قبل مسلحين بأسلحة ثقيلة. حضرت «الفجر» أيضاً عمليات التطهير التى قامت بها الجهات التنفيذية مثل الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، ومسئول الأملاك فى مدينة العياط ورئيس مجلس مدينة العياط ورئيس الوحدة المحلية بالقطورى – بمعدات الوحدة–، وذلك وسط تواجد قوى من أهالى القرى المجاورة للأرض. وكانت القوات الأمنية خلال حملات التطهير تقوم بالتنسيق فيما بينها بالتوجه إلى الأرض، ومداهمة الأماكن والبؤر التى يسكن فيها أتباع «قورة» من البلطجية والمسجلين خطر، والتى شهد بعضها اشتباكات مسلحة، حيث أطلق أتباع «قورة» أعيرة نارية عقب مشاهدتهم القوات الأمنية فى إحدى الحملات، وفروا هاربين لتقوم مدرعات الجيش واللوادر بتحطيم العشش والمساكن التى كانوا يقيمون فيها. وتمت عملية تطهير الأرض من البلطجية وسط حفاوة واحتفال من قبل أهالى العياط الذين أكدوا أن قورة «كابوس» يريدون أن ينتهى، لأن بلطجية «قورة» حولوا المنطقة بالكامل إلى مثلث رعب. الغريب أنه بعد الحملات العديدة التى قامت بها قوات الجيش والشرطة معا، لايزال البلطجية المسلحون يسيطرون على المنطقة بالكامل ويفرضون نفوذهم وسطوتهم هناك، وهم الآمرون الناهون، ولايزال مسلسل الرعب المخيم على المنطقة وعلى الأهالى الساكنين فى المناطق المجاورة مستمراً حيث يتعرضون لعمليات إرهاب لدفع إتاوات لهؤلاء المسلحين. وقد حصلت «الفجر» على فيديوهات عديدة مصورة تثبت وجود مسلحين فى المنطقة، يسيطرون عليها وتظهر الصور العناصر الإجرامية وهم مدججون بالأسلحة الآلية، فى وضح النهار، دون قدرة من الأجهزة الأمنية على فرض السيطرة والأمن هناك أو تطهير المنطقة بشكل فعلى. وأكد عدد من الأهالى ل«الفجر» أن المنطقة أصبحت وكرا لإيواء الخارجين على القانون والمسجلين خطر والهاربين وأرباب السوابق والجنايات والعرب، نظرا للطبيعة الصحراوية هناك واتساع مساحة الأرض ووجود مغارات وجبال قريبة. كما أكدوا أيضا أن المنطقة مليئة بالآثار، أن جرائم قتل عديدة وقعت فى المنطقة بسبب الآثار منها واقعة قتل 3 أشخاص فى المنطقة. 3- معركة التحكيم الدولى لم تتوقف خطايا وزير الرى الأسبق نصر الدين علام، عند مرحلة تسهيل الاستيلاء على أراضى الدولة والتزوير فى محررات رسمية وضياع 50 مليار جنيه على الدولة، لكنه ورط مصر فى قضية تحكيم دولى مع دولة الكويت، غرامتها لا تقل عن 100 مليار جنيه. حيث لجأت الشركة المصرية الكويتية، وهى شركة «كويتية» يرأس مجلس إدارتها فاروق التلاوى، إلى التحكيم الدولى مطالبة بتعويض مالى لا يقل قدره عن 100 مليار جنيه، جراء تضررها من الحكومة المصرية وفسخ التعاقد معها رغم حيازتها للأرض قرابة 15 عاماً، وقيام الجانب المصرى برد الأرض التى تزيد قيمتها حالياً على مبلغ 50 مليار جنيه. وبدأت معركة التحكيم الدولى بين مصر والكويت، بأن قام الجانب المصرى فى البداية بالتفاوض مع الشركة الكويتية مقابل تحويل نشاط تعاقد الأرض من زراعى إلى إسكانى، قبل فسخ التعاقد، وذلك مقابل سداد 48 مليار جنيه، لكى تتمكن الشركة من الاستمرار بالتعاقد، وذلك وفقا لتقييم فروق الأسعار بين النشاط الزراعى والسكنى. إلا أن الشركة الكويتية رفضت، وطلبت إعادة التقييم، وبالفعل تم إعادة تقييم الأرض من قبل لجنة رسمية وإعادة مطالبتها بنحو 38 مليار جنيه مقابل تحويل النشاط، إلا أن الشركة رفضت العرض مجدداً، فقام الجانب المصرى بفسخ التعاقد، لتقوم الشركة على إثر ذلك بالتقدم بطلب رسمى للجوء إلى التحكيم الدولى. واستند طلب الشركة الكويتية ممثلة فى فاروق التلاوى، رئيس مجلس إدارتها فى قرار لجوئها إلى التحكيم الدولى، على أن الشركة لم تقم أو ترتكب أى مخالفات بخصوص الأرض، وأنها التزمت بجميع بنود التعاقد، وألقت التهمة على الحكومات المصرية السابقة، ونظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ووصفتها بأنها حكومات مقصرة وأنها التى خالفت العقود المتفق عليها مع الشركة ولم تمد الأرض بالمياه، كما هو متفق للاستصلاح. وأضافت الشركة فى طلبها إن الحكومة المصرية هى التى حولت طبيعة المشروعات من أراض زراعية إلى أراض عمرانية عام 2008، ورفضت تحديد السعر الجديد للأرض باعتبارها أرضا عمرانية، وهو ما ثبت فى تقرير المركز الوطنى لتخطيط استخدامات أراضى الدولة، والتى تضمنت أن الاستخدام العمرانى هو الاستغلال الأمثل للأرض، وأوصت فيه بفسخ التعاقد مع الشركة. أما الجانب المصرى فاستند فى ردوده على طلب اللجوء إلى التحكيم الدولى، الذى لايزال متداولًا، إلى عمليات التزوير والتلاعب التى تمت من قبل الشركة ومسئوليها، وقدم مستندات الالتزام بالتعاقد مع الشركة، وصور من أرض الواقع تثبت بناء جزء كبير من محطة الرى والأجهزة المخصصة للأرض، دون اتخاذ الشركة أى إجراءات للمضى فى النشاط بشكل جدى. وقدمت الحكومة أيضاً أدلة تثبت أن الشركة رغم مرور أكثر من 9سنوات من التعاقد لم تستخدم هذه الأرض وفقا للمتفق عليه فى العقود وأن كل ما تم استصلاحه وزراعته هو 300 فدان من أصل 26 ألف فدان أما بقية المساحة فتم «تسقيعها»، كما أن الشركة قامت بتبوير 100 فدان من المساحة المستصلحة، ما دفع هيئة استصلاح الأراضى لفسخ العقد بعد تيقنها من مخالفة الشركة له وارتكابها للعديد من المخالفات والتقصير والتهاون. وأوضحت الحكومة أنها تفاوضت مع الشركة، وقدمت عرضين كى يستمر التعاقد بعد تحويل نشاط الأرض من زراعى إلى سكنى، ولكن الشركة قامت فى 2004 بتنفيذ مشروع استرشادى بحثى مع كلية الهندسة جامعة القاهرة وتم عمل إجراء للأرض على الطبيعة. وتبين أن الشركة قسمت الأرض وأعدتها للبناء بالمخالفة للغرض من التخصيص وفقا لعقد البيع المبرم عام 2002 وتم إعداد تقرير بذلك انتهى للتوصية بفسخ التعاقد لمخالفة الشركة الغرض من التخصيص أو تحويل الأرض للبناء وتحصيل فارق السعر.