حالة من الغضب سادت في مصر على المستويين الرسمي والشعبي، بعد مقتل المواطن المصري عادل حبيب ميخائيل (22 عامًا) في العاصمة البريطانية لندن، حرقاً. وأحدثت الواقعة، ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث طالب عدد من النشطاء بسرعة الكشف عن ملابسات الحادثة، وربط العديد من المغردين بين طريقة تعامل السلطات الرسمية والدولية مع قضية "ريجيني" وغيرها من المشاكل الأمنية التي شهدتها البلاد مؤخرًا، ورسميًا أصدر عدة جهات مصرية في شكل غير مسبوق، على رأسها الرئاسة والخارجية، إضافة إلى تصريحات نواب، بيانات ومواقف تطالب ب"سرعة كشف قتلة" الشاب.
وكانت الشرطة البريطانية ذكرت أنّ حريقًا اندلع في منطقة ساوث هول في لندن تسبب في وفاة الشاب المصري، مشيرة إلى مواصلة التحقيقات بشأن الحادثة. حروق أدت إلى مقتله وقال فؤاد ميخائيل أحد أقارب الشاب القتيل، إنّ والد الشاب "شريف" تلقى اتصالًا يفيد بالعثور على ابنه مقتولًا، وفور انتقاله إلى ابنه الذي عثر عليه في جراج سيارات حي ساوث هول غرب لندن، وجده لازال حيًّا ومحروقًا قبل أن يفارق الحياة، متابعًا أنّ الشاب كان على قيد الحياة حين نقلوه إلى مستشفى متخصص بإصابات الحرائق، لكنه فارق فيه الحياة. وأوضح ل"الفجر" أنّ "شريف" مولود في بريطانيا، وتخرج من جامعة Greenwich بهندسة الميكانيك، وليست لديه أي علاقات مشبوه أو عداوات، مؤكدًا أن الشرطة الإنجليزية تجرى تحقيقًا واسعًا حول الحادث، واستمعت إلى أسرة الشاب التي طالبتها بسرعة الانتهاء من التحقيق وتقديم الجناة إلى العدالة. لن نترك حقه وروى والد الشاب شريف تفاصيل الواقعة خلال تصريحات صحفية، وقال إن ابنه أنهى دراسته في كلية الهندسة مؤخرًا في جامعة جرينتش في كنت، مشيرًا إلى أنه خرج الأحد الماضي، مع شقيقته وبعض أصدقائه، وعاد إلى المنزل قبل أن يتصل بصديقه "أنتوني" هاتفيا، وأنه أنهى المكالمة بعد منتصف الليل بدقائق معدودة. وأضاف أنّه "لا يعلم ما الذي حدث بعدها حيث أبلغته الشرطة بأنهم عثروا عليه محترقا في أحد الجراجات في منطقة ساوث هول في لندن في الواحدة صباحًا، حيث نقلوه إلى أحد المستشفيات في منطقة بادنجتون بوسط العاصمة، قبل أن يتم نقله بمروحية طبية إلى إحدى المستشفيات في ساسكس وهو لا يزال حيا"، مؤكدًا أنّ ابنه شريف فارق الحياة في الثالثة والنصف صباح الإثنين. وتابع أنّ هناك عددًا من المشتبه بهم في القضية، إلا أنّ الشرطة ترفض أن يكشف عنهم حفاظًا على سرية التحقيقات، مؤكدًا أنه لن يترك حق ابنه.
اهتمام رسمي وصعّدت القاهرة رد فعلها حول الواقعة، فأصدرت جهات عدة، بيانات ومواقف تطالب ب"سرعة كشف قتلة" الشاب، إذ كلّف النائب العام المستشار نبيل أحمد صادق، مكتب التعاون الدولي بإرسال مخاطبة للنيابة العامة البريطانية عن طريق الخارجية المصرية لمعرفة حقيقة ما حدث للشاب المصري المقتول، كما كلّف اثنين من مساعديه بتشكيل فريق تحقيق لمعرفة كافة المعلومات حول الحادث والتواصل مع مدعى عام لندن لمعرفة التحقيقات التي يتم إجراءها في القضية. وأعربت الرئاسة المصرية عن "بالغ الحزن وعميق الأسى لحادث مقتل المواطن الذي لقي مصرعه وعثر على جثته محروقة في إحدى ضواحي العاصمة البريطانية لندن"، مهيبة بالسلطات البريطانية "كشف غموض الحادث، واستجلاء أسباب وقوعه، وتحديد الجناة وإلقاء القبض عليهم". وقدمت في بيان لها أول أمس "خالص التعازي وأصدق المواساة لأسرة المواطن المصري"، مؤكدة أن السلطات المصرية المعنية تتابع عن كثب التحقيقات التي تُجرى في مقتل المواطن المصري، وصولاً إلى الوقوف على ملابسات وقوع الحادث، لاسيما أن الدولة تولي عميق الاهتمام للحفاظ على حياة مواطنيها كافة، سواء المقيمين على أرض الوطن أو في الخارج. وأضاف أن رئاسة الجمهورية تهيب بالسلطات البريطانية المعنية بذل العناية الواجبة وتكثيف تحرياتها وجهودها من أجل كشف غموض الحادث واستجلاء أسباب وقوعه، وتحديد الجناة وإلقاء القبض عليهم لينالوا عقاباً رادعاً بموجب القانون، أخذاً في الاعتبار الحق الأصيل لأسرة المواطن الفقيد في التعرف إلى أسباب وفاته وتحقيق القصاص العادل. وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبوزيد إن "القنصلية المصرية العامة في لندن تتابع على مدار الساعة حادث مقتل المواطن". وأضاف أن الوزارة "تتابع الحادث باهتمام وقلق شديدين... والوزير سامح شكري وجه القنصلية العامة المصرية في لندن بإجراء اتصالات فورية مع السلطات البريطانية للإعراب عن تطلع مصر إلى إجراء تحقيق عاجل وشفاف ومحايد في شأن الحادث، ومعرفة أسبابه ومحاسبة المسؤولين عنه في أسرع وقت". وأعلنت السفارة البريطانية في القاهرة، أنها تتابع من قرب التقارير عن حبيب، وتعمل مع الحكومة المصرية في لندنوالقاهرة. وقالت في بيان أمس إن "السفارة تتابع الواقعة عن كثب، ونعبر عن خالص التعازي لعائلة الضحية". وأضافت أن "الشرطة البريطانية (المتروبوليتان) تعمل الآن وبسرعة على تحديد ملابسات الوفاة، وستكون حكومة المملكة المتحدة على اتصال وثيق بالخارجية المصرية والقنصلية المصرية في لندن لاستقبال والرد على أي طلبات من الجهات المصرية والأسرة". وطالب النائب فوزي الشرباصي عضو مجلس النواب، وزارة الخارجية، وزارة المصريين بالخارج، بالضغط على الحكومة البريطانية للوقوف على أسباب حادث مقتل الشاب وسرعة ضبط الجناة، مؤكدًا أنه سيطالب البرلمان بإرسال وفد برلماني لبريطانيا حتى لا يتم التهاون في حق أي مصري بالخارج بعد ذلك. غضب شعبي وأحدثت الواقعة غضبًا شعبيًا عارمًا، إذ دشّن عدد من رواد موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" هاشتاج "عايزين حق عادل حبيب"، كما دشنّ الرواد على موقع "فيسبوك" صفحة باسم "كلنا شريف عادل حبيب ميخائيل"، ونشرت الصفحة صورة لجثمان "شريف" متفحمًا. وطالب الرواد وسائل الإعلام والمؤسسات الحقوقية الأجنبية بالتضامن مع أسرة الشاب المصري، مثلما تضامنوا مع أسرة الشاب الإيطالي جوليو ريجيني الذي قتل في القاهرة في شهر يناير الماضي، مؤكدين أن الدم المصري غالٍ، مطالبين الحكومة المثربة بمعاملة بريطانيا مثلما فعلت إيطاليا مع مصر في مقتل الطالب الإيطالي "ريجيني".