"المصائب لا تأتي فرادى كالجواسيس.. وإنما أفواجًا كالجيوش".. ربما تكون هذه الحكمة لسان حال جماعة الإخوان الآن، فلم تكد الجماعة المصنفة محظورة من الحكومة المصرية، تفيق من أزمتها الداخلية المتكررة التي حلت بها أواخر العام الماضي، حتى لحقتها أخرى تتعلق بانهيار أحد كياناتها "المجلس الثوري المصري" المشكل بالخارج من قبل قيادات إخوانية، وتهديد حلفائها بالانسحاب من تحالفهم المسمى ب"دعم الشرعية". الجماعة الإسلامية تهدد بالانسحاب من تحالف الإخوان هددت الجماعة الإسلامية بالانسحاب من تحالفهم المسمى ب"دعم الشرعية"، لاسيما بعد تصاعد أزمة الجماعة بين الشباب والعواجيز. ووجهت الجماعة الإسلامية، رسالة تحذيرية بشأن الخلافات الداخلية للإخوان التي دبت فيها الانقسامات قائلة إن "تحالفهم مع الإخوان كان بدافع وطني وبهدف إعلاء قيم الإسلام، مشددة على أنه في حال استمرار هذا الصراع داخل الإخوان ستفض الجماعة الإسلامية يديها من التحالف". وتعد الجماعة الإسلامية أكبر حليف وداعم ل"الإخوان" على مدار ثلاث سنوات مضت، ورفضت الانفصال عن ما يعرف ب"تحالف دعم الشرعية" الذي أسسه "الإخوان" ثورة 30 يونيو. وشاركت الجماعة مع "الإخوان" بقوة في اعتصامي "رابعة العدوية والنهضة" وفقدت خلال عملية فض الاعتصامين العشرات من أبنائها، ولايزال المئات من عناصرها في السجون. وقد أفرجت السلطات المصرية مؤخرًا عن بعض قيادي الجماعة الإسلامية أبرزهم رئيس حزب البناء والتنمية، نصر عبد السلام، إضافة إلى الأمين العام لحزب البناء والتنمية "علاء أبو النصر"، والقيادي بالجماعة "صفوت عبد الغني"، وهو ما أشارت إليه بعض المصادر بوجود تفاهمات مع الدولة وتركهم لخندق الإخوان. الجماعة تسبق الإخوان في خطوة التصالح مع الدولة وحول ذلك يقول هشام النجار، الباحث الإسلامي، إن "الإخوان تتميز ببراجماتية تفوق الوصف وليس لديها عزيز داخل الصف الإسلامي والجميع يعلم أن التحالف تم لتحقيق مصالحها في صراعها على السلطة واستعادة الحكم، وعندما فشلت في ذلك وتفاقمت الأزمة وتعقدت بسبب الإخفاقات في الملف السوري والمصري وتراجع الدور التركي وتدشين تحالفات الضرورة بين الدول العربية وعلى رأسها السعودية ومصر لإنقاذ الأمن القومي العربي من مخاطر مشروعي التوسع في العمق العربي بقيادة كل من إيرانوتركيا بتوظيف المذهبية الشيعية والأيدلوجية السنية". ويؤكد النجار في تصريحات خاصة ل"الفجر" أن الإخوان تحاول العودة بعد تأكد العجز والفشل في هذا المسار، وهذا واضح من خلال مؤشرات كثيرة أهمها عرض أردوغان تطبيع العلاقات مع مصر مقابل الإفراج عن مرسي وقيادات الإخوان ومنها محاولات الحرس القديم بقيادة محمود عزت السيطرة على التنظيم وإنهاء التمرد الشبابي داخله وسحب القيادة من اللجان النوعية ولجان إدارة الأزمة التي كانت تقود الصدام مع الدولة طوال العامين الماضيين مع مواقف وتصريحات تشير إلى نشاطات فى سياق التهدئة والمراجعات وعروض التخلى عن العمل السياسى والدعوى لفترة زمنية طويلة .. الخ. ويضيف النجار أن ما سبق يدفع الجماعة الإسلامية لاستباق خطوة صلح الإخوان مع الدولة لتفادى التعامل مع الجماعة الإسلامية ككبش فداء وطرف تلصق الإخوان به مساوئ وتشدد وعنف السنوات الماضية كعادة الإخوان فى تعاملها الدائم مع باقى الفصائل الإسلامية وخاصة الجماعة الإسلامية التى كانت تلمع نفسها على حسابها طوال عهد مبارك بزعم أنها جماعة " إرهابية متطرفة " وأن الإخوان هم من يمثلون السلمية والاعتدال، قائلا: "هذه ليست المرة الأولى التى تتعامل الإخوان فيها بهذا الأسلوب مع الجماعة الإسلامية، التى تحتاط لنفسها اليوم عندما تتم الإخوان عملية السيطرة على تنظيمها والمصالحة والتسوية مع الدولة ، بحيث لا تبقى الجماعة الإسلامية وحدها فى العراء تتحمل وحدها فاتورة كوارث الفترة الماضية خاصة بعد خسارة الجماعة لأهم وأبرز قياداتها وهما الشيخ عصام دربالة ورفاعى طه". وتابع: "نحن الآن أمام تبادلية في المواقع ما بين فصائل الحركة الإسلامية فمن كان يعمل بالسياسة والبرلمان يحاول اللحاق بالعمل الدعوى والعودة للمساجد لحين معالجة أزمته الداخلية، ومن كان يعتزل السياسة ويحرم الديمقراطية والبرلمان صار هو الذي يعمل من خلال آلية الديمقراطية والبرلمان، ومن كان يتهم الآخر بالإرهاب والتشدد صار متهماً هو بذلك من خلال هذا الآخر الذي كان يتهمه من قبل بنفس التهمة، وهذا وإن دل فإنما يدل على فوضوية وسيولة بائسة داخل كيانات الحركة الإسلامية التي تعمل فصائلها كجزر منعزلة يخصم هذا من جهد هذا ويهدم هذا مكتسبات ومجهودات هذا بدون تعاون ولا تكامل ولا تنسيق ولا بناء على الموجود واستفادة من تجارب الآخر". الصراع داخل الجماعة تصاعد الصراع بين جناحي جماعة الإخوان المسلمين، لاسيما عقب البيان الأخير للجبهة الشبابية والتي فتحت فيه النار على القيادات التاريخية متهمة إياهم بأنهم وراء محاولة عدم إعادة بناء مؤسسات الإخوان، وسببًا فيما وصلت إليه الجماعة من هشاشة في هيئاتها المختلفة ك "مكتب الإرشاد، و مجلس الشورى، والمكاتب الإدارية، كما استنكرت سيطرة شخصية واحدة على كل الصلاحيات". واعترفت "الجبهة الشبابية" بقيادة محمد كمال - أن دعوة الجماعة باتت في خطر، مستنكرين إصرار محمود عزت القائم بأعمال المرشد وقائد الجبهة التاريخية، على عدم بناء المؤسسات بناءً صحيحاً – خاصة مجلس الشورى العام ومكتب الإرشاد – وفقًا للائحة جديدة تعالج القصور وتجبر النقص، وتعيد لُحمة الجماعة كما كانت من قبل بل أقوى". كما أبدت الجبهة شكوكها من عدم ظهور محمود عزت، وعدم تواصله معهم منذ ما يقرب من عامين تقريبًا، متسائلين هل "موجود أم غير موجود"؟ ومن يدير الجبهة التاريخية الآن؟. سبب تصاعد الصراع مراقبون لوضع وحالة الجماعة فسروا بيان الجبهة الشبابية شديد اللهجة لتجاهل "عزت" للصراع داخل الجماعة وإعلانه انعقاد مجلس الشورى العام خلال الأيام القليلة الماضية، وسط معارضة كبيرة بالجماعة، وهو ما فجر الغضب المكتوم في صفوف الإخوان، واعتبروه انقلابًا على قرارات مجلس الشورى التي صدرت في 16يونيو الماضي. انهيار كيانات الإخوان تنهار تدريجيا كيانات الإخوان المشكلة بالخارج فعقب انهيار ما تسمى "وثيقة بروكسيل، وبعده بيان القاهرة، وضعف برلمانهم الذي لا قيمة له".. أعلن 15 عضوا من قيادات "المجلس الثوري" الأربعاء3/3- استقالتهم مؤكدين تغير الفكرة الأساسية التي أنشئ من أجلها. وأسس المجلس 8 أغسطس 2014 في اجتماع بإسطنبول في تركيا ويتكون من قيادات إخوانية وعدد من حلفائهم. وقالوا في بيان مشترك لهم: "بالنظر للتطورات التي مرت بنا في المجلس خلال الأشهر الأخيرة، وما لمسناه من تغييرات في خطاب قيادة المجلس وابتعادها عن الأهداف التي تأسس من أجلها، وهو مقاومة النظام الحالي، بالإضافة لما تواتر مؤخرا من أحاديث وبيانات صادرة عن بعض قيادات المجلس ذات توجه أحادي إقصائي بعيدا عن آليات العمل الجماعي، وبعد أن استنفدنا كل وسائل التأثير الممكنة وفقا لآليات العمل الجماعي، كان هناك إصرار على نفس المسلك ما لم يعد معه ممكنا الاستمرار". ومنذ عزل محمد مرسي، أسست جماعة الإخوان المسلمين ما يقرب من نحو خمسة كيانات بالخارج معارضة للنظام الحالي، من بينها "المجلس الثوري"، إلا أن هذه الكيانات جميعها فشلت فشلا ذريعا في زعزعة واستقرار أمن البلاد.