ولد الشيخ عبد الحميد كشك في مثل هذا اليوم 10 مارس 2016 بقرية شبراخيت في محافظة البحيرة، وكان قد اشتهر الشيخ "كشك" بحبه للمنابر حتى لُقِب بفارسها، حيث أنه وبعد تخرجه من كلية أصول الدين بجامعة الأزهر عُين بهيئة التدريس، لكنه بعد إلقاء محاضرة واحدة قرر الإقلاع عن التدريس والعودة للمنبر الذي لطالما بادله الحب والتفاهم منذ نعومة أظافره. صعوده المنبر فبعد أن فقد عبد الحميد كشك الصبي ذو ال12 عام بصره، صعد منبر المسجد في قريته الصغيرة بعد غياب الإمام ليحل محله ويلقي خطبة يطالب فيها بالمساواة بين الناس وإعلاء قيمة الرحمة. أظهر "كشك" الطفل شجاعة لا تتناسب مع سنه وأبلى أحسن البلاء في أول خطبة له على الإطلاق، ومنذ ذلك اليوم تعلق قلبه بالمنبر، ولم يرضى بديلاً سواه.
أول من سجل خطبه على شرائط كاسيت كان الشيخ عبد الحميد كشك من رواد "مشايخ الكاسيت" أي من أول الشيوخ الذين سُجِلت خطبهم على شرائط كاسيت، مما أعطاه شهرة واسعة، وتزامنت شهرة "كشك" في مصر مع شهرة وشعبية "الخميني" في إيران، الذي كان يسجل خطبه هو الآخر في باريس أو النجف ويرسلها إلى طهران. آراؤه السياسية ودخوله السجن لم يكن عبد الحميد كشك شيخاً عادياً كباقي مشايخ عصره، بل كان صاحب مواقف وآراء اجتماعية ودينية جريئة وكانت توصف أحياناً بال"متشددة"، لكن آراؤه السياسية كانت هي الأكثر إثارة للجدل وإثارة للمتاعب، دخل "كشك" على إثرها السجن عدة مرات.
دخل السجن لأول مرة في عهد الرئيس جمال عبد الناصر عام 1965 لمدة عامين ونصف، والمرة الثانية كانت في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات عام 1981 بسبب اعتراضه على توقيع اتفاقية "كامب ديفيد"، وكتب "كشك" في مذكراته عقب خروجه من السجن بعد اغتيال الرئيس السادات: "حين قُتِل السادات هللنا وكبرنا حتى اهتزت جنبات السجن".
فقد كان عبد الحميد كشك معارضاً للسلطة على طول الخط، هاجم من أعلى المنبر ثلاثة رؤساء مروا على مصر "ناصر والسادات ومبارك".
اللغة العامية وخفة الظل رغم لغة الشيخ كشك الفصحى البليغة عُرِف عنه أنه لم يخطئ طوال سنين خطابته خطأ نحوي واحد، إلا أنه تنقل في لغته الخطابية بين الفصحى والعامية، كما استخدم خفة ظله التي لطالما عُرف بها المشاهير ممن امتحنهم الله بفقدان نعمة البصر في الهجوم على رؤساء وسياسيين وكُتاب وفنانين وحتى علماء الدين، فحتى الشيخ "محمد متولي الشعراوي" ناله جانب من سخرية وهجوم "كشك" وكان "كشك" بخفة ظله المعهودة دائم التندر على مراقبة الأجهزة الأمنية وتجسسها على خطبه، ففي أحد أيام الجمعة ازدحم المسجد بالمصلين، فقال: "اخواتنا المباحث في الصف الأول يتقدموا عشان إخوانهم المصلين في الخارج". فنانون سخر منهم يُذكر أنه كان دائم السخرية من "أم كلثوم"، وقد ذكرها عدة مرات في خطبه حيث قال: "مرة الكلب بتاع أم كلثوم عض واحد في الزمالك عضة وعرة، اشتكى الراجل أم كلثوم، النيابة حفظت الشكوى وقالتله إن السيدة أم كلثوم تعتبر ثروة قومية لا تعوض، فلا يجوز أن نوجه لها اللوم أو العتاب، قالوا طب والراجل المعضوض، قالت النيابة مادام كلب الست يبقى حصلت البركة.. الله يبارك". وقال ساخراً منها في مرة أخرى: "امرأة في السبعين تقول خدني بحنانك خدني.. خدك ربنا".
كما سخر من الفنان عادل إمام قائلاً: "كنا نبحث عن إمام عادل، طلعلنا عادل إمام".
وعن عبد الحليم حافظ قال: "وهذا العندليب الأسود عندنا ظهرت له معجزتان.. الأولى يمسك الهوا بيديه، والثانية يتنفس تحت الماء". ويذكر أنه أطلق على جهاز "التليفزيون" اسم "المفسديون" نظراً لما ينشره من فتن وفساد في رأيه، وأنه انتقد انه تم تقديم أحد الأعمال الروائية فقط من أعمال "عباس محمود العقاد" وإنتاجها كمسلسل تليفزيوني، الأمر الذي لم يحدث مع كتبه "عبقرية محمد أو عمر أو علي".
وفاته ساجدًا كان عبد الحميد كشك دائم الدعاء والرجاء أن يتوفاه الله ساجداً، فكان له ما تمناه، ففي يوم الجمعة الموافق السادس من ديسمبر 1996 توفي ساجداً أثناء صلاة الجمعة، بعد أن قص على أسرته رؤيته بأنه رأى نفسه ميتاً ورسول الله يغسله.