يحتفل العالم اليوم الموافق 8 مارس، من كل عام باليوم العالمي للمرأة، تكريمًا لدورها فيما تقدمه من إنجازات اجتماعية وسياسية واقتصادية. ولتسليط الضوء على قصصهن، التقت "الفجر" مع احدى هؤلاء اللاتي نلتقيهن بالشارع يوميًا ويعبرن عن أهمية دور المرأة التي تكافح وتعمل وتكد من أجل أبنائها لتشارك زوجها يدًا بيد، أو تكون بديلًا له في دوره بعد وفاته. تقبع في منتصف الطريق، بجوارها عدة صناديق مصنوعة من الخوص تتضع عليها مجموعة من الخضروات الجاهزة للطعام، تطلع إليها بين الحين والآخر على أمل أن تجدها فارغة، لا تفارق شفتيها الابتسامة رغم ضيق الحال، ولا تتوقف يديها المليئة بالتجاعيد من كثرة تنظيف الخضار ثانية واحدة، راضية تمام الرضا برزقها لإدراكها أن الرزق من صنع الخالق. «تجهيز الخضار» بدءً من التنظيف والتقطيع إلى تجهيزه على الطهي بات مصدر رزقها الوحيد بعد أن توفي زوجها منذ عشر سنوات، ولم تجد سبيلاً للرزق سوى أن تحضير الخضار لتمارس عملها الذي لا تعرف سواه.
«إحنا غلابه ولا بقرأ ولا بكتب وما تعلمتش في حياتي غير الطبخ، لأن أهلي جوزوني صغيرة في عمر (14)، وعندي (8) عيال وبعد وفاة زوجي ما لقيتش مصدر غير اني أنزل الشارع وأنظف خضار لأربي ولادي»، هكذا روت لنا « سامية» الشهيرة بأم رانيا. وأضافت أن يومها يبدأ من بعد صلاة الفجر فتصلي فرض الرحمن، وتذهب إلى بائع الخضار لتشتري الخضار الطازج و عقبها تذهب إلى مكان عملها بمنطقة «العتبة» لتبدأ في تجهيز الخضار، موضحة:« من صباحية ربنا بفرش هنا لحد الساعة عشرة بالليل ومكسبي بيكون في اليوم ما بين 50 ل 100 جنيه وكنت الأول بكسب أكتر لكن مع وجود المحلات الكبيرة وقفت حالنا الناس دايما بتروح للفاتارين وللمناظر رغم نظافة خضاري وتغليفه لكن الناس دايما مظاهر، ومع ذلك عندي أمل يوميًا أن أبيع كل الخضار لأعيش ولادي فهو ده رزقي الوحيد، لكن نعمل ايه للناس». وبحنجرة شحت أحبالها الصوتية من الحزن عبرت المرأة الأربعينية، عن استيائها من «البلدية» وحملات إشغال الطريق، قائلة:« ياريت بس البلدية تسيبنا في حالنا، برغم الضيق اللي احنا فيه بيزودها تيجي البلدية كل فترة لا تتفاوت يومين وتلم الخضار ونروح نطالب به يقولولنا وزعناه على دار الأيتام». وتساءلت: «ليه هو إحنا مش أيتام ولا إحنا مش من الشعب أصلا»، مطالة بتدخل المسئولين وحمايتها من شرطة المرافق، وعمل سوق خاص بهم، لافتةٍ إلى أنهم وفروا على الدولة فهم من يعملوا من أجل العيش الكريم، وعدم طلب أموال ومعاشات. كما أوضحت أن زوجها كان فقيرًا وليس له أي معاش أو دخل آخر، متسائلة: «نسرق يعني ولا نعيش بأمان وشرف؟، ماهي الدولة بتساعدنا كده على الحرام بدلا من احتضانا وفتح أبواب رزق لنا كمان بتهاجمنا». حالة من الإحباط تنتاب «سامية» بسبب عدم قدرتها على تعليم أطفالها السبع وتعليم ابنه فقط منهم، لضيق الظروف، وعدم قدرتها على تجهيز ابنتها الثالثة ذو ال 24عامًا والمنعقد قرانها منذ عامين لعدم امتلاكها ثمن جهازها: « بالعافية جوزت بنتين ليا ومش عارفه أجوز الثالثة فبيع الخضروات الجاهزة يادوب على قد المعيشة أكل وشرب ودفع إيجار الغرفتين اللي لمنا فيهم وحتى مامعيش دخل ثابت علشان أدخل جمعية، والحمد لله راضية بحالي»، داعية الرحمن بأن تتحسن ظروفها.