موعد إعلان نتيجة ال19 دائرة الملغاة بالمرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب    حادث في بنها.. صبة خرسانية تسفر عن 8 مصابين بمبنى تحت الإنشاء    قرار هام من القضاء الإداري بشأن واقعة سحب مقررين من أستاذ تربية أسيوط    قصة البابا ثاؤفيلوس البطريرك ال23 المثيرة للجدل    رئيس جامعة سوهاج يتحدث عن المبادرة الرئاسية "تمكين" لدعم الطلاب ذوي الهمم    استقرار أسعار الخضراوات داخل الأسواق والمحلات بالأقصر اليوم 7 ديسمبر 2025    وزير المالية مع طلاب جامعة النيل: شغلنا الشاغل زيادة موارد الدولة لتحسين حياة الناس «بقدر المستطاع»    هيئة الرقابة المالية تلزم شركات التأمين بإمساك بعض السجلات    وزير الاتصالات: إطلاق خدمة التحقق الإلكترونى من الهوية يناير المقبل    «زكي»: 40.614 مليار دولار صادرات مصر من السلع غير البترولية خلال 10 أشهر    تحديد مستندات صرف تعويضات الصندوق الحكومي لتغطية أضرار حوادث مركبات النقل السريع    وزير الصحة يستعرض تطوير محور التنمية البشرية ضمن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية    وزير الخارجية يبحث تطورات الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي    هزتان ارتداديتان قويتان تضربان ألاسكا وكندا بعد زلزال بقوة 7 درجات    سحب الجنسية الكويتية من الداعية طارق السويدان    تقارير: الدورى السعودي يستعد لاستقطاب محمد صلاح براتب أكبر من رونالدو    جيش الاحتلال يكثف عمليات هدم الأحياء السكنية ويوسع "الخط الأصفر" في قطاع غزة    القوات الروسية تسقط 77 طائرة مسيرة أوكرانية الليلة الماضية    ارتفاع عدد قتلى حريق بملهى ليلي إلى 25 بينهم 4 سائحين بالهند    الحضري: تأهل مصر في يدها.. وجميع الحراس على أعلى مستوى    محمد السيد يتوج بذهبية كأس العالم للسلاح بعد اكتساحه لاعب إسرائيل 15-5    موعد مباراة ريال مدريد أمام سيلتا فيجو في الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة    تعرف علي تشكيل ريال مدريد المتوقع أمام سيلتا فيجو في الدوري الإسباني    الإدارية العليا تبدأ نظر 300 طعن على نتائج المرحلة الثانية لانتخابات النواب    كثافات مرورية للقادم من هذه المناطق باتجاه البحر الأعظم    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض في درجات الحرارة والعظمى 20 درجة    ضبط 16 طن زيت طعام في 5 مصانع غير مرخصة ب3 محافظات    الأمن يضبط 7 أطنان دقيق مدعم قبل ترويجها بالسوق السوداء    اليوم.. مي عمر في جلسة حوارية ب مهرجان البحر الأحمر 2025    التضامن: فريق التدخل السريع تعامل مع 519 بلاغا بمحافظات الجمهورية خلال نوفمبر الماضي    محمد قناوي يكتب: فيلم «الست»..تفكيك أسطورة أم كلثوم    بسام راضي، الأكاديمية المصرية للفنون بروما تحتفل بيوم الخط العربي    روجينا تبدأ تصوير مسلسل "حد أقصى" وتحتفل بأولى تجارب ابنتها في الإخراج    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 7 ديسمبر 2025 فى محافظة المنيا    وزير الصحة يعلن اليوم الوضع الوبائى لإصابات الأمراض التنفسية    مستشفى كرموز تجح في إجراء 41 عملية لتغيير مفصل الركبة والحوض    وزارة الصحة توضح أعراض هامة تدل على إصابة الأطفال بالاكتئاب.. تفاصيل    تعليمات من قطاع المعاهد الأزهرية للطلاب والمعلمين للتعامل مع الأمراض المعدية    هل تعلم أن تناول الطعام بسرعة قد يسبب نوبات الهلع؟ طبيبة توضح    الخشت: تجديد الخطاب الديني ضرورة لحماية المجتمعات من التطرف والإلحاد    النشرة المرورية.. زحام على الطرق الرئيسية فى القاهرة والجيزة    الشرع: إقامة إسرائيل منطقة عازلة تهديد للدولة السورية    نائب ينتقد التعليم في سؤال برلماني بسبب مشكلات نظام التقييم    وزير الرياضة يهنئ محمد السيد بعد تتويجه بذهبية كأس العالم للسلاح    نظر الطعون على نتيجة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    المتهم بقتل زوجته فى المنوفية: ما كنش قصدى أقتلها والسبب مشاده كلامية    رئيس جامعة حلوان: منتدى اتحاد رؤساء الجامعات الروسية والعربية منصة لتبادل الخبرات    نظر محاكمة 9 متهمين بقضية خلية داعش عين شمس اليوم    محمد عشوب: نتمنى تنفيذ توجيهات الرئيس نحو دراما تُعبّر عن المواطن المصري    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 7 ديسمبر    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    "ولنا في الخيال حب" يفاجئ شباك التذاكر... ويُحوِّل الرومانسية الهادئة إلى ظاهرة جماهيرية ب23 مليون جنيه    كأس العرب.. مدرب الإمارات: أنا محبط    محسن صالح: توقيت فرح أحمد حمدى غلط.. والزواج يحتاج ابتعاد 6 أشهر عن الملاعب    محمد صلاح يفتح النار على الجميع: أشعر بخيبة أمل وقدمت الكثير لليفربول.. أمى لم تكن تعلم أننى لن ألعب.. يريدون إلقائي تحت الحافلة ولا علاقة لي بالمدرب.. ويبدو أن النادي تخلى عنى.. ويعلق على انتقادات كاراجر    خالد الجندي: الفتوحات الإسلامية كانت دفاعا عن الحرية الإنسانية    الأزهري يتفقد فعاليات اللجنة الثانية في اليوم الأول من المسابقة العالمية للقرآن الكريم    مفتي الجمهورية: التفاف الأُسر حول «دولة التلاوة» يؤكد عدم انعزال القرآن عن حياة المصريين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمى التى لا أعرفها

ابتسامتها الهادئة عنوان لا تخطئه، جلستها المتواضعة بظهرها الذى يميل إلى الانحناء يبدو وكأن هناك ما أثقله، نظراتها البعيدة إلى الطريق لا تشاهد ولا تراقب وإنما تتأمل فى شىء قد لا أراه أنا أو أدركه إنما تتابعه هى باهتمام، وكأن شريطا من الذكريات يمر أمامها فتنتبه إليه دون أن تعبأ بمن حولها.

شفتاها تتمتمان بين الحين والآخر بكلمات عن الحمد والشكر لله.. جذبتنى تلك الأمومة الصامتة على رصيف الشارع، وكأنها أحد التماثيل الرخامية الرائعة فى شوارع أوروبا، ولأننى فى مصر تذكرت أنها بشر وليست تمثالا أصم، طوال عامين وأنا أمر بها فى طريقى إلى عملى ولم أسمع لها صوتا، اقتربت منها فمدت يدها لتعطينى شيئا مما تبيع فقبضت على يدها برفق فشكرتنى وظلت دعواتها تتابعنى حتى وصلت إلى آخر الرصيف.
هى امرأة مات عنها زوجها منذ خمسة عشر عاما ولم يكن لها من عائل، فلا أخ ولا ابن أكبر يعيلها او يرحم كبر سنها، ورغم ذلك فلم تمد يدها لتطلب «حسنة» ولكنها كانت مؤمنة أن المحسن هو الله فدقت باب رزقه ثم توكلت عليه، وما كان عليها إلا أن ترتدى جلبابها الأسود وتخرج لتسعى على رزق أبنائها وهى لا تزال صامتة لا تتأفف أو تستعطف من يمر بها.

وقد جعلت تلك المرأة من الصبر مركبا ومن التعفف مجدافا لتعبر به وبأبنائها إلى بر الأمان.

وهذه المرة اقتربت منها أكثر لأتحدث إليها، وأنا كلى فضول لمعرفة القصة التى وراء تلك الجلسة العفيفة والعين الحزينة، والتى لم أرها تشكو يوما لأحد من عابرى الطريق، ومن هنا بدأت حديثى مع تلك المرأة الصامتة لتقول بابتسامتها الهادئة:

أهلا يابنتى عايزة مناديل ولا خدى اللى تعوزيه ياحبيبتى، فقلت لها إنما أريد الحديث معك، فصمتت وهى متحيرة بين قبول دعوتى إليها بالحديث وبين رغبتها فى السكوت كعادتها.. ولكن إصرارى هو ما دفعها للقبول وإن ظهر عليها بأنها لم تكن مرحبة فى البداية، عرضت عليها الجلوس بأحد المقاهى بدلا من الشارع لأن الطقس كان وقتها غير مستقر بين الأتربة وزحام المارة ولكنها رفضت تماما هذه الفكرة وأضافت قائلة: «ده مكان أكل عيشى ومش هرتاح إلا هنا» فوافقتها دون مناقشة بعد أن لاحظت إصرارها على البقاء بالمكان، ثم سألتنى عن سبب الحديث فقلت: «أنا حديثى معاكى عشان عيد الأم، ولأول مرة أرى ابتسامتها الصافية تعود إلى وجهها، وفى نفس اللحظة رأيت عينيها وقد فاضت بالدموع فمسحت بطرف شالها دمعها ووجهها ثم قالت وعيناها تفيضان بالحنان «ربنا يسعدك يابنتى»، ثم قالت وإحساس الشجن يختلط بصوتها: «أنت رفضت تقعدى على الرصيف عشان مش قيمتك لكن الرصيف ده هو بيتى التانى، وعشت عليه 15 سنة بعد ما مات جوزى وعندى منه 3 أولاد وقتها مكنتش عارفة أروح لمين ولا أعمل إيه فجوزى كان أرزقى على باب الله ومعاشه 05 جنيه وإحنا ناس غلابة لا عندنا أهل ولا حاجة نتسند عليها، ابنى الكبير كان متجوز أيام والده وشقينا على ما جوزناه وهو أغلب من الغلب يدوب مكفى مراته وولاده فخرجت من بيتى عشان لقمة عيشى أنا وولادى اللى معايا وكانوا ولدًا وبنتًا، والحمد لله ربنا ألهمنى وخرجت أبيع فى الشارع مناديل على فرشة لكن بعيد عن المنطقة اللى إحنا ساكنين فيها - مدينة السلام - عشان ولادى ميزعلوش أنى ببيع فى الشارع وجيت على هنا فى السيدة زينب عشان كنا ساكنين هنا زمان وبيتنا اتهد فى الزلزال وبعد فترة سكنونا فى شقة بمدينة السلام والحمد لله الناس هنا عارفانى والمنطقة باحس فيها بالأمان، وكنت كل يوم أخرج بعد صلاة الفجر وآخد الحاجات اللى هبيعها وأركب أتوبيس 919 ولما كانوا عاملين إضراب كنت بأركب ميكروباص وأنا مروحة للسيدة عائشة وأغير، وأوصل هنا على الساعة 7 الصبح وأقعد لحد الساعة2 الظهر وأرجع على البيت، ومن 10 سنين ربنا ساعدنى وجوزت ولادى الاتنين، وابنى سكن معايا فى الشقة- أوضتين وصالة - عشان مفيش مكان يعيش فيه فهو ومراته فى أوضة وأنا فى أوضة والولاد فى الصالة.
وفى مرة عدت عليا ست طيبة بتقول إنها موظفة فى شركة وقالت لى إنها هتجيب خضار وبصل وأقلام عشان أبيعها لحسابها وبعدين تدينى اللى فيه النصيب.
«ربنا مبينساش حد، وفى أولاد حلال بيساعدونى».

وعندما سألتها عن المعاش قالت: «الحمد لله زاد مع الوقت ودلوقتى وصل 200 جنيه».

وعندما سألتها مبتسمة عن هدية أبنائها لها فى عيد الأم قالت وهى تنظر إلى الطريق: «ربنا يقويهم على حالهم بس يكفوا نفسهم أصلهم مش موظفين وعلى أد حالهم، ومش بزعل منهم لما مش بيجيبوا حاجة فى عيد الأم عشان حالهم على أدهم بس ممكن واحد فيهم يدينى 01 جنيه أو 5جنيه وآخر مرة كان نفسى فى «حتة قماش أعملها جلابية» بس ابنى قاللى لما تفرج، وأنا زعلت من نفسى إنى طلبت منه وهو صاحب عيال وكفاية عليه همهم، ثم ودعتنى وهى تقول لى حكمة: «متنتظريش حاجة من عبد زيك لكن افتكرى إن ربك دايما كريم».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.