بوتفليقة عاجز عن التخلص من الرؤية التقليدية للجزائر تجاه ملف الصحراء رغم التغييرات الداخلية الكبيرة التي أجراها في بلاده. كرّر الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة السبت دعمه لجهود الأممالمتحدة لإحياء المفاوضات بين الرباط وجبهة البوليساريو بهدف التوصّل إلى حلّ يقوم على حق تقرير المصير في قضية الصحراء. وفق صحيفة العرب اللندنية ويعيد هذا التصريح العلاقات بين الجزائر والمغرب إلى المربع الأول في تناقض صريح مع البرقية التي أرسلها بوتفليقة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس في ال17 من فبراير وعبّر فيها عن الاستعداد للتعاون مع المغرب من أجل مواجهة تحدّيات المرحلة على مستوى اتحاد المغرب العربي. وتزامن موقف بوتفليقة مع زيارة مرتقبة للأمين العام للأمم المتحدة إلى المنطقة لبحث ملف الصحراء. وقال مراقبون إن الرئيس الجزائري عجز عن التخلص من الرؤية التقليدية لبلاده تجاه ملف الصحراء رغم التغييرات الداخلية الكبيرة التي أجراها، وتخلص بمقتضاها من قيادات عسكرية تتهم بأنها ورطت الجزائر في قضية الصحراء وأرهقت كاهلها. ومن الواضح أن بوتفليقة ما يزال واقعا تحت تأثير هذه القيادات وإلا لكان أقدم على تعديل موقف بلاده من جبهة البوليساريو ودفع نحو حل نهائي للصحراء بشكل يؤسس لعلاقات جيدة مع المغرب مثلما عكست ذلك برقيته إلى العاهل المغربي بمناسبة الذكرى السابعة والعشرين لإعلان قيام الاتحاد المغاربي. وأعلن الرئيس الجزائري في تلك البرقية أن تحقيق وحدة المغرب العربي بات "أكثر من ضرورة" في وقت تتعرض فيه المنطقة إلى "تحديات على جميع المستويات". وبدا بوتفليقة حريصا على تقوية التعاون المغاربي حين جدد "حرص الجزائر العميق وعزمها الراسخ على العمل مع سائر شقيقاتها في المنطقة، في سبيل الحفاظ على مكتسبات هذا الإنجاز التاريخي، والسعي الجاد من أجل تطوير مؤسساته وهياكله، وإعادة النظر بعمق في منظومته التشريعية ومنهجية عمله ضمن استراتيجية مغاربية منسجمة ومندمجة، من شأنها أن تجسّم هذا المشروع الحضاري". واعتبر المراقبون أن البرقية تشير إلى تغيير في الموقف الجزائري، أقلّه من الناحية النظرية، لكنهم لفتوا إلى أن هذا التغيير تنقصه خطوات عملية، خصوصا أن الجزائر لم تقدم على أيّ مبادرة تعكس نيّتها في الانتقال إلى إيجاد انفراج حقيقي في العلاقة مع المغرب. وأشاروا إلى أن الرئيس الجزائري يمكن أن يحقق اختراقا في البرود الحالي مع المغرب من خلال خطوتين هامتين؛ الأولى تخص إعادة فتح الحدود البريّة بين البلدين المغلقة منذ العام 1994، والثانية وهي الأهم وتخص التوقف عن شن حرب بالوكالة على المغرب عن طريق البوليساريو.