الحكومة تخطط لطرح بنوك وشركات لإنعاش سوق الأسهم بدأت الحكومة أولى خطوات طرح بعض شركات التأمين المملوكة للدولة فى البورصة، لإنقاذها من مسلسل الخسائر التى أصابت سوق الأسهم، خاصة بعد الهبوط الكبير فى قيمتها فى يناير الماضى، وتتلخص الخطة التى يقودها أشرف سالمان، وزير الاستثمار فى التخلص من رؤساء الشركات الرافضين للقفز فى بحر البورصة. وكان الرئيس اجتمع، فى 19 يناير الماضى، مع كل من رئيس مجلس الوزراء، ومحافظ البنك المركزى ووزيرى الصناعة والمالية لمناقشة التراجع الكبير فى مؤشرات البورصة، فى الأسبوع الأول من الشهر، بنسبة 15% وفقدان الأسهم 5.6 مليار دولار من قيمتها السوقية، وبعدها أعلن المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، فى واقعة نادرة، عن عزم الحكومة طرح حصص من الشركات والبنوك الحكومية الناجحة فى البورصة خلال الفترة المقبلة. ولم يوضح بيان الرئاسة، أى تفاصيل عن القطاعات التى سيتم طرحها حصصا من شركاتها أو أسماء البنوك، لكن أعقبه تصريحات من محافظ البنك المركزى، طارق عامر عن اتجاه الحكومة لطرح حصص لزيادة رأسمال بنكين بالبورصة ليس من بينهما الأهلى ومصر، على أن تتم الدراسات لتحديد البنكين وتنفيذ عملية الطرح. ولكن أشرف سالمان، وزير الاستثمار، أعلن أن الحكومة تعد قائمة بأسماء وأعداد الشركات التى سيتم طرحها فى البورصة، حيث سيتم الإعلان عنها بعد نحو 3 أشهر، فى توضيح لتصريحات حكومية سابقة عن دراسة فكرة طرح حصص من بعض شركات البترول المملوكة للدولة فى البورصة، وتمتلك الحكومة شركات: بتروجت، وإنبى، وميدور، وجاز كول، والنيل لتسويق البترول. وبعد الاجتماع الرئاسى بيوم واحد، أطاح وزير الاستثمار، فى 20 يناير 2016، بالدكتور محمد غازى، رئيس شركة مصر لتأمينات الحياة، الذى رفض فكرة المغامرة بأموال العملاء فى البورصة، حيث قررت الجمعية العمومية للشركة القابضة للتأمين، إقالته وتعيين الدكتور أحمد عبد السلام، بدلاً منه. قرار إقالة غازى، وهو أستاذ التأمين بجامعة القاهرة، ورئيس للاتحاد العربى للتأمين، والذى اتخذته الجمعية العمومية برئاسة الدكتور محمد يوسف، رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للتأمين، لم يأت مفاجئاً، وحسب قول غازى ل«الفجر» يعود الأمر إلى 7 أكتوبر 2015، حيث اجتمع وزير الاستثمار مع ممثلى الشركات التابعة للوزارة، حيث كشف لهم عزم الحكومة على التخلص من شركات قطاع الأعمال العامة من خلال الطرح فى البورصة، بدعوى زيادة رأسمالها وتنشيط سوق المال. وطلب الوزير من شركتى مصر للتأمين ومصر لتأمينات الحياة، وهما من أكبر الشركات بالسوق، تخصيص 2 مليار جنيه من كل شركة لإدارة شركات محافظ مالية والمضاربة بها فى البورصة، حيث لم يعترض رئيس مجلس إدارة مصر للتأمين على الفكرة، بينما رفض رئيس شركة تأمينات الحياة فكرة «العبث بأموال الشركة فى البورصة»، محذراً من تكرار تجربة وزيرة الاقتصاد السابقة، نوال التطاوى التى تمت إقالتها فى أواخر تسعينيات القرن الماضى بسبب نفس التوجه، فشعر الوزير بالتوتر وخلع جاكتته داخل الاجتماع. وكلف الوزير، حسب قول غازى، مدير مكتبه، أحمد سمير فرج، وهو أيضاً عضو الجمعية العمومية للشركة القابضة للتأمين، بضرورة إقالة غازى فى أول اجتماع للجمعية العمومية، رغم أن رفضه طلب الوزير لم يكن موقفاً شخصياً، ولكنه يهدف للحفاظ على المال العام وحقوق عملاء الشركة. يعتبر غازى أن قرار إقالته من منصبه، باطل، لأن الجمعية العمومية كانت منتهية ولايتها، كما أنه لا يمكن إقالة رئيس شركة حقق فيه زيادة فى أرباحها بنسبة 49 % وكان سبباً فى إنشاء وحدات متنقلة للتأمين لأول مرة فى مصر كما نجح فى الحصول على تصنيف ائتمانى متميز للشركة. وتبلغ استثمارات مصر لتأمينات الحياة، نحو 17 مليار جنيه، يعتبرها غازى، حقا لحملة وثائق التأمين، قد يتآكل إذا تم التداول فى البورصة، لأن العملاء سيتحملون الخسارة والربح، بينما سيستفيد مدير المحفظة، الذى يحصل على عمولة فى حال الشراء أو البيع، كما أن تنشيط البورصة ليس من أولوية قطاع التأمين الذى يهتم لإعادة أموال العملاء وأرباحهم، مؤكداً أن تجارب الاستثمار فى شركات إدارة المحافظ المالية كارثية، وتشكل إضاعة للمال العام، لأن شركات التأمين ليست فى حاجة إلى زيادة رأس مالها أو إلى سيولة. وحققت شركة مصر للتأمين فى نهاية يونيو من العام الماضى، إجمالى أقساط بلغ 2602 مليون جنيه، مقابل 2256 مليونا بالعام السابق وبمعدل نمو قدره 15% ونسبة 107% من المستهدف. وارتفعت استثمارات الشركة فى نهاية يونيو من العام الماضى لتصبح 17.3 مليارا جنيه، مقابل 16.6 ملياراً، عن العام السابق، بزيادة قدرها 335 مليون جنيه وبمعدل نمو 22%، وبلغ معدل العائد على الأموال المستثمرة 11% مقابل 9.7% عن العام السابق. وكانت مؤسسة التصنيف العالمية A.M.Best، المتخصصة فى تقييم شركات التأمين وإعادة التأمين على مستوى العالم، أعلنت فى ديسمبر عام 2015، عن ارتفاع التصنيف الائتمانى للشركات التابعة لشركة مصر القابضة للتأمين، حيث حصلت شركتا مصر للتأمين ومصر لتأمينات الحياة على تصنيف متميز يعكس الملاءة المالية والائتمانية القوية للشركتين. وأشادت المؤسسة بمعدلات الأداء بمحفظة شركة مصر لتأمينات الحياة ووصفتها بالتفرد والامتياز. فى المقابل يرى معارضو غازى بالجمعية العمومية للشركة أن أداءه لم يكن مرضياً، وأن فكرة تأسيس وحدات متنقلة للتأمين تجوب الشوارع لتسويق التأمين على حياة المواطنين، فكرة مثيرة للسخرية. ورفض أ حمد سمير، عضو مجلس إدارة الشركة القابضة للتأمين، المتحدث الرسمى باسم وزارة الاستثمار، التعليق على اتهامات غازى، وقال ل»الفجر» إن من حقه قول مايريد، ولكن هناك معايير محددة يتم من خلالها الحكم على أدائه كرئيس للشركة وعبر مجلس الإدارة، صاحب الحق الأصيل فى تقييم رؤساء الشركات التابعة واختيار الأصلح لها. وأضاف سمير أن وزير الاستثمار لم يعلن عن نية الحكومة فى طرح إحدى شركات التأمين فى البورصة، وإنما قال رداً على أسئلة بعض الصحفيين، إنه حتى الآن لم يتخذ قراراً فى الأمر ويمكن طرح إحدى الشركات الناجحة كمثال، موضحاً أن عملية طرح شركات قطاع الأعمال العام الذى يتكون من 8 شركات قابضة، بالبورصة، هى مسئولية كل وزارة مشرفة. ونفى شريف سامى، رئيس هيئة الرقابة المالية، المشرفة على عمل جميع شركات قطاع التأمين فى مصر سواء الخاصة أو الحكومية، علمه بأى شيء عن فكرة طرح حصص إحدى شركات التأمين فى البورصة، سواء بصورة رسمية أو غيرها، وقال إنه يشك فى اتخاذ قرار من هذا النوع لأنه يحتاج لدراسة. وأوضح أن خطورة هذا الأمر ترجع إلى أهمية الحفاظ على شركات التأمين العامة، وعدم التفريط فى أصولها لأنها والبنوك الحكومية تمثل عصب الاقتصاد المصرى. السياسة التى تنوى الحكومة اتباعها تهدر حلم طلعت حرب - رائد الاقتصاد الوطنى- الذى أسس شركة مصر للتأمين عام 1934، والتى تعد أكبر شركة فى سوق التأمين المصرى حالياً، والتى تفرع عنها شركة مصر لتأمينات الحياة. من ناحيتنا حاولت «الفجر» الاتصال أكثر من مرة بالدكتور عادل موسى، رئيس مجلس إدارة شركة مصر للتأمين، العضو المنتدب للشركة، للتأكد من الواقعة وفكرة الطرح لكنه لم يرد على اتصالاتنا. من جانبه قال عبد الرءوف قطب، رئيس الاتحاد المصرى لشركات التأمين، إن قرار طرح حصة إحدى شركات التأمين الحكومية فى البورصة، نوع من الخصخصة سواء تم طرح حصة 20% أو أكثر أو أقل. ويرى قطب أن القرار فى النهاية، يعتبر ترويجا للبورصة المصرية، لافتاً إلى أن بعض شركات التأمين على مستوى العالم مقيدة بالبورصات، دون وجود خطر على أموال العملاء. على الجانب الآخر حذر جمال عبد الناصر عقبى، رئيس النقابة العامة للعاملين بالبنوك والتأمينات، عضو مجلس النواب، من خطورة التجارب السابقة فى عملية الخصخصة التى أدت لتسريح العاملين، ووصف إعلان الحكومة عن نيتها فى الطرح بعملية جس نبض، لافتاً إلى أن النقابة ستعقد اجتماعاً خلال الأسبوع المقبل لبحث رأى العاملين فى هذه العملية.