"وقائع مسروق بن مسروق".. كتاب جديد أصدرته دار الياسمين، للكاتب الصحفي الكبير محمد منير.. وعن شخصية مسروق، يقول منير، أنه "هذا المصرى الذى يعكس اسمه حاله" ويتابع، اسمى وصفتى وحالى مسروق بن مسروق، أنتمى إلى أعرق عائلات مصر وأكثرها ثباتاً على الحال، فأبى وجدى وجدود جدى كلهم مسروقون .. أروى لكم وقائع يومياتى التى أعيشها حاملاً خبرة مئات السنين من صبر مسروق على ما يراه مكتوب". والمسروق المصرى كما يقدمه الكاتب، ليس مجرد مواطن مكسور الجناح أو مهزوم أو مستسلم، وإنما هو مواطن يمتلك من الفطنة ما يستطيع أن يبرز، ويكشف كل عوامل القهر التى وقعت عليه وعلى أجيال سبقته ليضعها على أول طريق الاضمحلال والزوال.
ويضيف، المسروق يا سادة هو مواطن واقعى يعبر عن حاله أكثر من تعبيره عن أمنياته، فيكشف عن رداءة الواقع وشراسة الاستغلال.. المسروق يا سادة ليس له بصمة أو أثر أو توقيع وليس له كرامات أو جاذبية، المسروق يا سادة هو ابن الجماعة التى تقوم بثورة على الطغيان لتهدى نتائجها إلى الطاغية، وهى فى قمة الرضا واليقين بأن القادم أفضل، المسروق يا سادة هو من يرسل قبلاته لجميلة فتردها بعشق وهيام لآخر فيسعد لسعادته، المسروق يا سادة هو ابن مرحلة الزرع والعزق والشقى وليس له علاقة بمرحلة الحصاد تعففًا.. المسروق يا سادة هو من يعمل ويبتكر ويفكر وتأتى المكافأة لغيره ويعتبر ذلك مكسباً لذاته.. المسروق يا سادة هو ابن الجماعة التى لم يرضَ عنها جيلها ولا الجيل الذى سبقها ولا الجيل الذى لحقها.. المسروق يا سادة هو ذلك الشخص القوى الذى يقتل العالم غيظًا وكمدًا بعد أن يُحوِّل كل تجاهلهم وظلمهم له لرضاء وسعادة .. ربما يرى الثوريون فى موقف مسروق خنوعا وضعفا واستسلاما، ويراه أصحاب فلسفة غاندى قوة مؤثرة تفوق نتائجها كل ثورات العالم.
وتقدم دار الياسمين وقائع يوميات مسروق مصرى لم يتنح عن المشاركة فى كل أحداث الواقع، فكان الشخص الذى يبحث عن رزقه ورزق عياله، فيروى لنا كيف قدم عرقه وجهده ودمه من أجل لقمة عيش غير كاملة، ويروى لنا أيضا من خلال يومياته كيف انفعل بثورة المصريين على الظلم، وتفاعل معها بصدق المواطن المؤمن بحتمية التغيير والثورة، فجاء انفعاله أكثر تجاوزًا للثورة نفسها، فيصدم بالواقع الذى يعيديه لمربعه الأول، ليبدأ رحلة الأمل من جديد.
وفى اليوميات تجد أيضا محاولة المسروق الالتحام بكل فئات الشعب حتى المستغل منها، فهو صاحب مهارات وابتكارات وخبرات وثقافة وحكمة لا يمتلكها إلا أبناء جماعة المسروقين، فيدخل معارك كلها خاسرة، ولكنها بالنسبة له تحمل مكاسب كبيرة، حيث تعطيه خبرة ومناعة وصلابة لا يصادفها إلا المخلصون.
ويقول الكاتب: "في "يوميات مسروق" حتمًا ستجد نفسك بين سطور الحكايات، فإن لم تجدها فأبشر بأنك خارج قبيلة المسروقين.. ولكن لا تتفاءل كثيرًا، أنت قادم لا محالة، عاجلًا أم آجلًا".