منطقة كاملة تعيش وسط القمامة ومخلفات المستشفيات الأهالي: "مصدر رزقنا الوحيد وراضيين بيه" عمال جمع القمامة: أصيبنا بأمراض خطيرة .. والدولة مش مساعدانا ناخد حذرنا طبيب: نفايات المستشفيات يتم تدويرها لتصنع منها "المعالق" و"لعب الأطفال"
منطقة كاملة تعيش وسط أكوام من القمامة والحشرات، ليقضي سكانها حياتهم وهم مدفونون وسطها ووسط حياة مهددة بالأمراض والموت، فحينما تطأ قدمك بشارع "فيروس C" أو "شارع الموت"، بمنطقة منشية ناصر، سترى أمامك عدد من السلالم، التي بصعودها تشعر أنك في دولة أخرى، لتجد منطقة تتكون من عدة شوارع ضيقة، فتبدأ المسيرة بخطوات على "جبل"، وهو أمر بالغ الخطورة فمن يسير على هذا الجبل عليه أن يتوخى الحذر وإلا سيفقد حياته. وحينما تنتهي من السير على الجبل تجد أمامك منطقة كاملة تعيش وسط "القمامة"، التي يجلس حولها شباب وسيدات ورجال وحتى أطفال ليقوموا بفرزها، وفصلها داخل "شكائر"، حيث يوضع فيها الزجاجات والبلاستيكيات، ولكن كان هناك "جرادل" مخصصة لوضع المواد الغذائية فيها. وبالوصول إلى الشارع والمنطقة بدأت رحلة "الفجر"، ، ففي البداية قمنا بالسؤال عن سبب تسمية الشارع ب"فيروس C"، فوجئنا أنه يطلق عليه، بسبب الأمراض التي تنتشر فيه بين سكانه، بسبب انتشار القمامة وخاصة مخلفات "المستشفيات" الحكومية والخاصة، حيث كشف الأهالي أن الجميع يصبون مخلفاتهم في ذلك الشارع لفرزها وإعادة تدويرها من جديد. سكان المنطقة يكشفون كارثة تهدد حياتهم ومن هنا التقت "الفجر" محسن عبد القدوس، من سكان المنطقة، والذي لفت إلى أن المنطقة بأكملها تعمل في فرز القمامة ثم تأتي سيارات نقل ونصف نقل لتحمل الفرز وتنقله إلى المصانع التي يتعاقدون معها، مشيراً إلى أنه توارث تلك المهنة عن أجداده، وبالرغم من مشقتها إلا أنه مضطر لأنها مصدر رزقه الوحيد. وعن قضاءه يومه أوضح أنه يستيقظ هو وزوجته وأطفاله الثلاثة من الساعة الخامسة فجراً، ليجروا عملية فرز القمامة حتى العاشرة مساءً، ليفرزوا القمامة، متابعاً أنه على الرغم من كل هذه ساعات العمل إلا أنهم لم يحصلوا في الشهر مبلغ ألف جنيه، مستكملاً وعلى وجهه علامات الرضاء: "لكننا راضيين برزقنا". وأضافت على حديثه أم إسحاق، بالعقد الخامس من عمرها، التي أوضحت أنها ولدت وجدت نفسها تعمل بهذه المهنة، قائلة: "دا قدرنا ولو على الأمراض احنا اتعودنا عليها .. ومضطرين نفرز الزبالة علشان المصانع تشتغل وتعيد صناعتها تاني". كما التقت "الفجر" مجموعة من عمال نقل القمامة، الذين أكدوا على أنهم أكثر فئة تصاب بأمراض خطيرة، وذلك لأن المستشفيات والعيادات يلقون مخلفاتهم الطبية في القمامة العادية وليس في أماكن مخصصة لهم حتى يستطيعوا أن يتخذوا حذرهم أثناء جمع القمامة مثل ما يحدث في الدول الأوروبية حفاظاً على سلامة شعبهم. فشل حماية البيئة يهدد حياة عمال جمع القمامة كلمات قليلة لخص بها عمال النظافة المعاناة التي يعيشونها، والتي تختزل قصة فشل تطبيق قانون البيئة لعام 1994 وتعديلاته لعام 2005، فيما يخص إدارة النفايات الطبية الخطيرة في المستشفيات الحكومية الجامعية والخاصة، من حيث جمعها ونقلها وإعادة تدويرها وِالتخلص الأمن منها. فتنتشر مقالب القمامة بجوار أي مستشفى لتحوي تلك القمامات عبوات المحاليل والحقن المستعملة وأكياس الدم الملوثة وبقايا الأنسجة، كما حوت القمامة العادية الملقاة في الشوارع أعضاء بشرية مستأصلة وأجنة اجهاض وآثار الزئبق السام وغيرها من النفايات التي ممكن أن تتسبب في وفاة من يحملها أو حتى يقترب منها. ويصطدم عمال النظافة بمنطقة "المنشية" أو شارع "فيروس سي"، بهذه الأدوات وسط القمامة ما يعرضهم وأسرهم لخطر الإصابة بأمراض خطيرة مثلما حدث مع الكثيرين من العمال، وتنذر حالة الفوضى وتداخل الصلاحيات بين وزارات الصحة والتعليم العالي والبيئة بتفاقم المشكلة. طبيب يستكمل الكوارث بأخرى جديدة تهدد حياة المصريين وأوضح طبيب بمستشفى الدمرداش، رفض ذكر اسمه، أن هناك اتفاقيات عديدة بين متعهد القمامة والمخلفات في المستشفى وبين تجار الجملة لهذه المخلفات بقصد التربح، لافتاً إلى أنه يتم تسريب المخلفات في الأكياس الحمراء وهى الأكياس المخصصة للمخلفات الطبية مثل السرنجات وحقن نقل الدم والأدوات الحادة والقطن والشاش. وأضاف أنه يتم بعد ذلك فرزها وإعادة تدويرها لتصبح معالق وشوكاً وأطباقاً بلاستيكية وبيعها، كاشفاً أن الأخطر من ذلك هو تحويلها لألعاب الأطفال، مشيراً إلى أن هذه المصانع تعتبر "مصانع تحت بير السلم" والتي تكون منتشرة في "القليوبية ومنشية ناصر والمرج ومصر القديمة". وزيرة البيئة السابقة تعترف بشارع "فيروس C" وتطالب بإنقاذهم يذكر أن في تصريحات للدكتورة ليلى إسكندر وزيرة البيئة السابقة، أن الحكومة تعلم جيداً بوجود سرقة في المخلفات لعدم وجود رقابة جيدة على تلك المخلفات الخطرة من إدارة المستشفيات، مشددة على ضرورة تغير نظام العمل في هذا الملف. واعترفت إسكندر، بوجود شارع باسم "فيرس c"وأن هذا الشارع يعتبر كارثة حقيقية، لافتة إلى أن وزارتها عملت على إعطاء العلاج للمرضى الموجودين ورصد المتوفين من ذلك المرض، مشددة على أهمية توفير الدولة عمل لتلك الأسر التي ترمي نفسها للمرض بسبب الجوع والفقر.