انتبه جيدا.. فالمخاطر الصحية قد تصلك حتي باب بيتك, لتهددك أنت وأطفالك في أغلي وأعز ما تتمناه' صحتكم'. احذر جيدا.. فالمخاطر نفسها قد تحاصرك في الشارع أو السوق أو أحد مصانع' بير السلم'.. وقد تمتد يدك لتختارها بنفسك, وبفلوسك. كثيرون لا يمكنهم اكتشافها بسهولة بعد أن نجح أصحاب الضمائر الميتة في تغليفها في أشكال وصور وسلع' خادعة', ولكنها تظل في كل الأحوال' خطرة'. احذروا بضاعة' تجار الموت' الذين يعيدون تدوير' المخلفات الطبية الملوثة' ويصنعون منها ألعاب الأطفال وبعض السلع المنزلية الرخيصة التي يقبل علي شرائها محدودو الدخل. لعبة أو سلعة تحمل ملايين الجراثيم والميكروبات والفيروسات المسببة للأمراض الخطيرة تهدد صحة الإنسان بأخطر أمراض العصر, خاصة' الإيدز' والالتهاب الكبدي الوبائي.. وقد تنهي حياته بالموت البطيء. تحقيقات' الأهرام' تعيد فتح هذا الملف الخطير وترصد مخاطر تلك التجارة غير المشروعة التي تحمل الجراثيم والفيروسات والطفيليات والبكتيريا إلي كل بيت0 سيناريو فيلم' تجارة الموت' يبدأ تحت الإغراء المادي ل'كومبارس' ضعاف النفوس من عمال المستشفيات الذين يهربون كميات من المخلفات الطبية الخطرة من داخل المنشآت الصحية في أكياس سوداء بطرق غير مشروعة, بدلا من الأكياس الحمراء المدون عليها عبارة' محظور تداولها' حتي يتسني لهم الخروج بها بواسطة مافيا تهريب هذه المخلفات الطبية الخطرة الذين يقومون بالدور' الثاني' من هذا الفيلم وهم متعهدو القمامة الطماعون. ويشاركهم في هذه الجريمة أو بالأحري يقوم بالدور' الأخطر' تجار بلا قلب أو ضمير دافعهم هو الجشع والسعي وراء الكسب السريع.. هم أصحاب مصانع البلاستيك غير المرخصة التي تعيد تدوير تلك المخلفات الملوثة0 ويرجع البعض هذا الإقبال علي المخلفات الطبية الخطرة إلي وجود أزمة في المخلفات العادية حيث يتم تصديرها إلي الصين0 شكاوي المواطنين لقد تعددت شكاوي الكثير من المواطنين لتضررهم من رداءة وسوء تصنيع بعض الأدوات البلاستيكية المنزلية كالملاعق والشوك والأكواب والعبوات البلاستيكة, إضافة إلي لعب الأطفال من مخلفات المستشفيات الملوثة, وكذلك الأقطان الملوثة لتصنيع قطن التنجيد الخاصة بالمستشفيات والشاش المدمن وملاءات الأسرة المدممة وحفاضات مستخدمة وقصاصات الأقمشة التي يتم فرمها وتحويلها إلي قطن تنجيد, كما يتم إدخال هذه المخلفات في تصنيع الخراطيم البلاستيكية ومواسير الكهرباء وعلب الشحم وغيرها00مما يهدد صحة المواطنين0 أساتذة الأمراض الصدرية وطب البيئة يؤكدون أن المخلفات الطبية من أخطر النفايات علي الإطلاق حيث تحتوي علي فيروسات وبكتيريا خطرة وإعادة تدويرها أو استخدامها مرة أخري بأي صورة يساعد علي نقل الفيروسات الخطيرة مثل فيروس' سي' وفيروس الإيدز, كما أن تخزينها في مصانع البلاستيك لفترات طويلة يزيد من خطورتها0 وعلي الرغم من الجهود التي تبذلها وزارة الدولة لشئون البيئة وجهاز شئون البيئة التابع لها لتحقيق المنظومة المتكاملة لإدارة النفايات الطبية, وأيضا إدارة صحة البيئة بوزارة الصحة, وكذلك وزارة الداخلية ممثلة في الإدارة العامة لشرطة البيئة والمسطحات لمكافحة تلك الجرائم وتفعيل القوانين الصادرة بشأنها, إلا أن الأمر لا يزال يحتاج إلي المزيد من الجهود للقضاء علي تلك الظاهرة التي تهدد الأسرة المصرية في صحتها0 إجراءات وقائية ويؤكد اللواء عدلي فايد مساعد أول وزير الداخلية لقطاع مصلحة الأمن العام أن خطة الوزارة في هذا الإطار ترمي إلي مكافحة الجرائم الماسة بالصحة العامة للمواطنين والحفاظ علي البيئة, وتفعيل دور إدارة البحث الجنائي بالإدارة العامة لشرطة البيئة والمسطحات لاتخاذ كافة الإجراءات الوقائية للحد من الظواهر الإجرامية وإحباط أية محاولات من شأنها الأضرار بالصحة العامة للمواطنين0 ويوضح اللواء محمود لطفي مساعد أول الوزير لقطاع الأمن الاقتصادي أن القطاع يعمل علي التصدي لمختلف صور الخروج علي الشرعية والقانون وضبط الجرائم المتعلقة بحماية الأمن الاقتصادي المنوط بالإدارة العامة لشرطة البيئة والمسطحات ومكافحة تلك الجرائم وتفعيل القوانين الصادرة بشأنها0 ويقول اللواء عادل عامر مدير الإدارة العامة لشرطة البيئة والمسطحات انه في ضوء تعدد شكاوي الكثير من المواطنين وتضررهم من رداءة وسوء تصنيع بعض الأدوات البلاستيكية المنزلية تم وضع خطة بحث بإشراف اللواء أسامة متولي مدير المباحث بالإدارة وصولا لمعرفة مصدر تصنيع هذه الأدوات وتتبع خطوات التصنيع وجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن مكونات تصنيع المواد البلاستيكية بصفه عامة والشركات والمصانع المرخصة المنوط بها هذا النشاط. ويضيف أنه تبين أن المواد الخام التي تدخل في التصنيع باهظة الثمن0 وقد توصلت المباحث إلي أن وراء الظاهرة بعض المصانع التي أقامها أصحابها بدون ترخيص ببعض العشوائيات تحت السلم لإنتاج الأدوات المنزلية البلاستيكية مستخدمين المخلفات الطبية البلاستيكية الخطرة بإعادة تدويرها واستخدامها مرة أخري في تصنيع هذه الأدوات0 تواطؤ الموظفين ويتوقف اللواء أسامة متولي مدير المباحث أمام قضية مهمة بقوله: إن المناقشات التي جرت مع المتهمين الذين تم ضبطهم في هذا النشاط كشفت أن هناك تواطؤا من قبل بعض الموظفين والعاملين بهذه المستشفيات, حيث إن النفايات الطبية الخطرة المراد التخلص منها بطريقة آمنة' الحرق' تودع بأكياس حمراء تميزها عن النفايات الأخري العادية' القمامة' ويدون عليها عبارة' محظور تداولها أو التعامل فيها'0 ويؤكد أن معظم المستشفيات لديها محارق للتخلص من هذه النفايات, ويتم ذلك تحت إشراف لجان خاصة لضمان عدم تسرب كميات منها إلا أن ضعاف النفوس المتاجرين بوظائفهم بهذه المستشفيات يتلاعبون في هذه الإجراءات, وذلك بتسهيل خروج هذه النفايات الخطرة من بوابات المستشفيات بسيارات متعهدي القمامة بان يودعوا الأكياس الحمراء بداخل الأكياس الأخري السوداء التي تحوي القمامة العادية كنوع من التحايل والتضليل0 سجن مشدد ويؤكد اللواء عادل عامر أنه تم ضبط العديد من هذه القضايا أهمها القضية التي تم ضبطها في غضون ديسمبر من العام الماضي, وضبط نحو15 طن نفايات طبية خطرة بداخل مخزنين بناحية البساتين, وكانت قد هربت من داخل مستشفيات جامعة القاهرة, وقررت النيابة حبس المتهمين في هذه القضية, وأحيلت لمحكمة جنايات القاهرة والتي أصدرت حكما بمعاقبة المتهمين بالسجن المشدد0 ولم يقتصر الأمر علي ضبط هذه النوعية من القضايا بنطاق المنطقة المركزية, بل شمل بعض محافظات الجمهورية( أسيوط, والمنصورة, والمنوفية, والإسماعيلية), وغير ذلك من المحافظات خاصة التي توجد بها مستشفيات جامعية, كما لم يقتصر الأمر علي تهريب النفايات الطبية الخطرة البلاستيكية بل تعدي ذلك إلي تهريب النفايات الطبية من القطن الطبي الملوث بالدماء, وحفاضات الأطفال وكبار السن والشاش المدمن وملاءات الأسرة والفوط الصحية..الخ0 ضوابط صارمة ونتوقف أمام تساؤل مهم: هل هناك شركات مرخص لها من قبل وزارة الصحة بالتعامل في نقل ومعالجة والتخلص النهائي من النفايات الطبية الخطرة؟0 ويجيب اللواء أسامة متولي بأنه يوجد بالقاهرة: شركة مصر لخدمات البيئة الأسبانية وتعمل في مجال شرق القاهرة, وشركة' ايكوكنسرف' وتعمل في مجال جنوبالقاهرة, أما في الجيزة فيوجد الشركة العالمية ومرخص لها بالعمل في مجال النقل فقط0 ولخطورة واستخدام هذه النفايات الطبية بمختلف أنواعها فان هناك مواد صارمة بقانون البيئة رقم4 لسنة1994 نصت علي أن التعامل في هذه النفايات يعد جناية يعاقب عليها بالسجن الذي يصل إلي خمس سنوات وغرامة تصل إلي أربعين ألف جنيه0 ويحدد اللواء أسامة متولي عدة ضوابط للقضاء علي هذه التجارة' القذرة' وهي: * ضرورة وضع ضوابط صارمة تضمن السيطرة الكاملة علي المنشآت الصحية من مستشفيات ومراكز وعيادات طبية لمنع تهريب هذه النفايات وأيضا علي العاملين في هذا المجال, واتخاذ إجراءات إدارية صارمة تجاه هذه المنشآت التي يثبت التهريب منها0 * تغليظ العقوبات تجاه المتهمين في هذه القضايا وشمولها للأدوات أو السيارات المستخدمة في عمليات التهريب أو إعادة التصنيع بحيث تتم مصادرتها0 * تفعيل الدور الإعلامي لتحذير المواطنين من خطورة استخدام الأدوات الرديئة المصنعة من هذه المخلفات, وكيفية تمييزها عن غيرها من السليمة لما تسببه من أمراض خطيرة لسهولة تفاعل المواد الموجودة بها مع الطعام والشراب0 تكنولوجيا نظيفة ويلفت مدير مباحث البيئة والمسطحات إلي أن هناك قواعد وإجراءات عامة يجب علي الإدارات المتعاملة مع النفايات الخطرة الخضوع لها وفقا لقانون البيئة ولائحته التنفيذية, بأن تلتزم الجهة التي يتولد بها نفايات خطرة بالعمل علي خفض معدل تولد هذه النفايات كما ونوعا وذلك بتطوير التكنولوجيا المستخدمة وإتباع التكنولوجيا النظيفة واختيار بدائل للمنتج أو المواد الأولية أقل ضررا علي البيئة والصحة وتوصيف النفايات المتولدة كما ونوعا وتسجيلها0 ويضاف إلي ذلك إنشاء وتشغيل وحدات لمعالجة النفايات عند المصدر بشرط موافقة جهاز شئون البيئة علي أسلوب المعالجة وعلي المواصفات الفنية لهذه الوحدات وبرامج تشغيلها0 وعند تعذر المعالجة أو التخلص من النفايات الخطرة عند مصدر تولدها, تلتزم الجهة التي يتولد بها هذه النفايات بجمعها ونقلها إلي أماكن التخلص المعدة لذلك والتي تحددها السلطات المحلية والجهات الإدارية والبيئية المختصة, ويسري علي تداول هذه النفايات كافة الشروط والأحكام الخاصة بذلك والواردة في اللائحة0 شروط الأمان وحول الشروط الواجب توافرها في أماكن تجميع وتخزين تلك النفايات يشير اللواء أسامة إلي أنه يجب أن تتوافر بها شروط الأمان التي تحول دون حدوث أية أضرار عامة أو لمن يتعرض لها من الناس, وذلك بتخزين هذه النفايات الخطرة في حاويات خاصة مصنوعة من مادة صماء وخالية من الثقوب لا تتسرب منها السوائل ومزودة بغطاء محكمه وتناسب سعتها كمية النفايات الخطرة, أو حسب أصول تخزين تلك النفايات طبقا لنوعيتها0 وينبغي أن توضع علامة واضحة علي حاويات تخزين النفايات الخطرة تعلم عما تحويه هذه الحاويات, وتعرف بالأخطار التي تنجم عن التعامل معها بطريقة غير مباشرة, ويوضع برنامج زمني لتجميع النفايات الخطرة بحيث لا تترك فترة طويلة في حاويات التخزين0 ويضاف إلي ذلك ضرورة إلزام مولد النفايات الخطرة بتوفير الحاويات ومراعاة غسلها بعد كل استعمال وعدم وضعها في الأماكن العامة0 ولا تزال أسئلة تحقيقات' الأهرام' مطروحة: * هل تستطيع الجهات المسئولة عن البيئة أن تشدد قبضتها علي هذه المخلفات الخطرة بأن يتم نقلها بعد تعقيمها إلي المحارق المخصصة لها, وحرقها بطريقة متوافقة بيئيا, باستثناء السرنجات وأجهزة المحاليل فيتم دفنها في أماكن مخصصة, لأن حرقها ينتج عنه مادة البيوكسين التي تتسبب في السرطان؟0 * لماذا لا يكون هناك قانون شامل ينظم عملية تدوير هذه المخلفات الخطرة حتي نستطيع القضاء علي مصانع بير السلم التي تستخدم هذه المخلفات؟0 نأمل ألا ننتظر طويلا لتحقيق ذلك حفاظا علي صحة المواطنين من هؤلاء التجار منعدمي الضمير, الذين يبيعون أنفسهم بالرزق الحرام ويتاجرون في صحة المواطنين!