يؤثر الانخفاض الحاد في أسعار النفط بشدة في دول الخليج منذُ يوليو 2014، كنتيجة مباشرة لضعف الطلب العالمي والزيادة الكبيرة في العرض، في حين أن «أوبك»، التي تسيطر على نحو 30 في المئة من إنتاج النفط الخام في العالم، غالباً ما تكون قادرة على التأثير في الأسعار في نطاقها العالمي. وأشار الخبير الاقتصادي في شركة «آسيا للاستثمار» جوردي روف في تقرير إلى أن «الولاياتالمتحدة دعمت نمو إنتاج النفط في السنوات الأخيرة بما يمثل 82 و36 في المئة من إنتاج النفط في عامي 2014 و2015 على التوالي، بينما بلغت حصتها كمنتج للنفط الخام نحو الضعف بعد ثورة النفط الصخري، إذ ارتفعت من نحو 7 إلى 12 في المئة من إنتاج النفط العالمي، ما يقلل من تأثير أوبك وسيطرتها على الوضع الراهن». وفق صحيفة "الحياة" وأضاف: «طالما تضخ الولاياتالمتحدة مزيداً من النفط الخام في السوق العالمي، فإن أثر خفض الإنتاج على الأسعار قد لا يكون كبيراً، وقد تكون الولاياتالمتحدة خفضت حصتها في السوق لمصلحة المنافسين». واعتبر أن «تحركات سوق النفط في الولاياتالمتحدة بدأت تتغير لجهة العرض، إذ استقر ضخ النفط مطلع العام الحالي، وبدأت زيادة الإنتاج في المناطق التي تتمتع بوفرة النفط الصخري بالتلاشي بفضل التقدم في تقنيات التكسير الهيدروليكي». وأشار إلى أن «الإنتاج بلغ ذروته في كل من المناطق الرئيسة الثلاث، وهي النسر فورد وباكن ونيوبرارا، وهي تنتج 41 في المئة من إجمالي إنتاج النفط في الولاياتالمتحدة، كما شهدت منطقة برمينا ركوداً منذُ مطلع السنة، وهي منطقة النفط الصخري التي يتركّز فيها 22 في المئة من إجمالي الإنتاج». وأضاف روف: «على رغم الانخفاض الحاد في عدد الحفارات الذي شهدته كل مناطق النفط الصخري، إلا أن الإنتاج ارتفع في شكل ملحوظ، ويُرجح أن يكون السبب سعي الشركات إلى زيادة ربحيتها في ظل وجود بيئة منخفضة السعر، كما أظهرت المناطق الرئيسة تزايد معدلات الاستنزاف، ما يشير إلى انخفاض الإنتاج في شكل أكثر حدة في المستقبل». وقال: «من غير الواضح ما إذا كان انخفاض الإنتاج فقط بسبب قلة الاستثمارات أو أن عدم توافر الآبار يلعب دوراً في ذلك أيضاً، ولكن تستبعد معاودة ضخ النفط بكميات كبيرة في الولاياتالمتحدة من دون حدوث أي تطّور ملحوظ في الأسعار». وشدد على أن «الولاياتالمتحدة كانت المحرك الرئيس لنمو إنتاج النفط الخام في السنوات الخمس الماضية، ومع ذلك، فإنها تعد ثاني أكبر منتج للنفط غير عضو في أوبك بعد روسيا، ويليها كل من الصينوكندا والمكسيك». وأكد أن «من شأن قرارات الإنتاج التي يتخذها المنتجون الرئيسيون، تحديد وفرة العرض، بينما حافظ نشاط القطاع النفطي في روسياوالصين والمكسيك على استقراره في شكل ملحوظ في السنوات الخمس الماضية. كما بدت علامات الاستنزاف على قطاع النفط الصخري في كندا الذي تباطأ، كما حدث في الولاياتالمتحدة». وتابع روف: «يعتمد النمو المرتقب لإنتاج النفط الخام العالمي على أوبك إلى حدٍ كبير، ومع ذلك، فقد كان رد فعل أعضائها الذين يعانون من نقص النقد داعياً إلى زيادة الإنتاج منذ أن بدأت أسعار النفط في الانخفاض، مضيفين نحو مليوني برميل يومياً إلى إجمالي إنتاج النفط، ومساهمين في نمو الإنتاج بنحو 40 في المئة، ويعوّض هذا القرار الأثر المحتمل لضعف إنتاج النفط الصخري للولايات المتحدة على أسعار النفط». ورأى أن «التطور السلبي لقطاع النفط الصخري في الولاياتالمتحدة، إلى جانب استقرار الإنتاج في الأسواق الأخرى، أتاح لأوبك خفض معدلات النشاط والسعي إلى رفع الأسعار، في حين لا يزال هناك خطر فقدان الولاياتالمتحدة حصتها في السوق بعد خفض الإنتاج، واحتمال أن يكون لمثل هذا الإجراء أثرٌ أكبر على الأسعار مما كان عليه في العام الماضي». وشدد روف على ضرورة أن «يكون الشغل الشاغل لأوبك التأكد أن ارتفاع الأسعار يتماشى مع انخفاض المعروض، ومما لا شك فيه أن دول الخليج المعتمدة على النفط والتي شهدت انخفاضاً حاداً في عائدات التصدير وتدهوراً كبيراً في أرصدتها المالية، ستكون استفادت من هذا الإجراء، وإن الأوان اقترب لتخفّض أوبك إنتاجها النفطي في المستقبل».