- الأزهر "محتار".. وما أشبه اليوم بمعركة "صفين" - إسلام البحيري" افتُتِنَ بالعقل - الإلحاد سببه التطرف.. ونحتاج إلى حقبة زمنية لتجديد الخطاب الدين - السلفيون عدو خفي عند التمكن يخرجون كالثعابين
"تجديد الخطاب الديني".. كثُر الحديث عنه في الآونة الأخيرة، وارتفعت الأصوات هنا وهناك، تدعو إلى ضرورة الإسراع "بمراجعة جذرية وشاملة وعميقة، للطرق والأساليب والقوالب والصيغ والمناهج، التي تعتمد في مجال تبليغ مبادئ الإسلام وأحكامه وتوجيهاته ومقاصد شريعته إلى الناس كافة"، حتى كانت النقطة الفاصلة بتكليف الرئيس عبدالفتاح السيسي لشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، بضرورة إعادة النظر في قضية تجديد الخطاب الديني، خاصة بعد ظهور جماعات متطرفة تنتهج العنف، وتتخذ من كتب التراث والديني الإسلامي ستارًا لها، وهو بالتأكيد منها جميعًا براء.
أجرت "الفجر" حوارًا مع الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، والعميدة السابقة لكلية البنات الإسلامية بالإسكندرية والمؤسسة لها، حول رؤيتها لتجديد الخطاب الديني وبعض المستجدات على الساحة. وإلى نص الحوار:
ما رأيك في جهود "الأزهر" و"الأوقاف" لتجديد الخطاب الديني؟
تجديد الخطاب الديني مسألة قديمة متجددة عبّر عنها الرسول "صلى الله عليه وسلم" في قوله "يبعث الله على رأس كل 100 سنة لهذه الأمة من يجدد لها دينها"، فهي قضية ذُكرت في التراث النبوي، وطرحها الآن لا يعني أننا نريد التبرء من جذورنا أو من تراثنا الديني، وإنما هي محاولة للمزج بين التراث ومواكبة تطورات العصر.
وبالنسبة لجهود الأزهر والأوقاف.. أرى أن تجديد الخطاب الديني لا يأتي بين يوم وليلة، بل له جسور كثيرة وأناس مختلفين عن الموجودين حاليًا بالساحة؛ لأن رجال اليوم تربوا على هذا التراث الثمين منه والغث، ولذلك فالمسألة تحتاج إلى حقبة زمنية أو ربما عقد من الزمان حتى يقتنع من هم على الساحة الآن بضرورة تنقية التراث السابق وليس نقل كل ما ورثناه إلى علومنا الأزهرية وإعلامنا؛ لأن هذه الجهود هي جهود علماء ومفسرين وفقهاء كانت جزءًا أصيلًا مما هو في زمانهم.
بماذا نبدأ في تجديد الخطاب الديني؟
نبدأ بتأهيل أئمة المساجد وإعداد مادة علمية وشرعية لهم تؤخذ من التراث وتواكب العصر، وإعادة ترتيب الأولويات التي يحتاج لها إنسان هذا العصر في دينه، وإلا فما حاجة القارئ أو المستمع لأن يعرف حكم أكل الجن، أو الجن الذي يتزوج امرأة، فهذه هي القضايا التي تطرح حالياً على الساحة من بعض الشيوخ وهي قضايا تافهة.
من هو مجدد هذا العصر؟
أنا أرى أن مجدد هذا العصر هو الإمام محمد عبده، ومع كل هذا العلم والتحضر الذي اتسم به الإمام إلا أنه حورب من قبل أهل التخصص من معاصرينه، فما بالكم لمن يدعو إلى التجدد في عصرنا هذا (عصر التمرد)، نحن أصبحنا أمة "جحا وحماره" لا يعجبنا أي شيء ونهاجم كل شيء، هذا ما يجعل بعض دعاة التجديد يتوارون عن الساحة؛ خوفاً من المهاجمة وربما التكفير في بعض الأحيان.
البعض يتهم المؤسسات الدينية بأن قراراتها لتجديد الخطاب الديني ومواجهة الأفكار والجماعات المتطرفة مجرد "حبر على ورق" ولا يشعر بها رجل الشارع؟
أرى أن الأزهر والمؤسسات الدينية في حالة حيرة لا تعرف من أين تبدأ، نحن أمام مجتمع أزهري تربى على فكر وتراث وقدسه أيما تقديس، ليس من السهل الآن أن نغير ذلك بكلمة أو نداء.
الرئيس أثنى خلال حفل قناة السويس على مجهود شيخ الأزهر لتطوير الخطاب الديني، فما رأيك بتلك الإشادة وربما التكليف بضرورة تجديد الخطاب الديني للمرة الثالثة؟
هذا ذكاء من رئيس الدولة، لأنه ليس أمرًا جيدًا أن ننقد المؤسسات على طول الخط، فلابد أحيانًا من شد أزر "الأزهر"، كما أن "السيسي" يتمتع بدماثة الخلق التي تجعله يثني حتى ينتظر أداًء أفضل.
البعض يتهم الأزهر وجامعته بأنهم أكبر "مفرغة" للمتطرفين.. ما تعليقك؟
هذا الكلام مبالغ فيه.. فالتطرف مزيج من تربية البيت ومناخ المجتمع، وليس هناك شك أن مجتمع صب فيه السلفيين والإخوان والحاقدين والكارهين لابد وأنه تأثر بشكل كبير وظهرت فيه فرق ضالة.
وأشبه ما يحدث اليوم بما حدث في معركة "صفين" من حرب بين معاوية بن أبي سفيان وعلي بن أبي طالب التي كانت سببها خلاف في وجهات النظر، وبدأ الناس يتفرقون ويتشرذمون ويأخذوا من النصوص ما يشد أذرهم ووجهات نظرهم فقط وبقيت هذه الثقافة والعقيدة حتى اليوم.
كيف تفسرين وجود مؤيدين ل"داعش" وغيرها من الجماعات الإرهابية بالرغم من بشاعة الجرائم التى ترتكبها؟
السبب هو "حب الانبهار بالمجهول"، والتركيز الشديد من وسائل الإعلام على هذه التنظيمات.
دافعتِ عن "إسلام بحيري" في أزمته مع الأزهر.. فهل أنتِ مؤيدة لما طالب به من ضرورة إحراق كتب التراث ووصفه لها بأنها "عفنة"؟
لم أدافع عن "إسلام البحيري" وإنما رفضت الهجوم الشديد عليه، لأنني أرى أنه افتتن بالعقل وفتنة العقل تعني أن يتصور صاحب العقل أنه يمكنه أن يأخذ النص ويمتلكه ويوجه بمنطقه دون مراعاة للعقيدة الإيمانية، لكن أسلوب المعالجة كان خاطئًا وهجوميًا بشكل كبير، كان يمكن احتوائه وتعريفه بالصحيح بدلًا من مهاجمته.
وما تفسيركم للزيادة الملحوظة في أعداد الملحدين في مصر والوطن العربي.. والإشهار العلني لذلك؟
إذا وجد التطرف والتنطع ومن يتعامل في الأمور الدينية كأنه العناية المبعوثة من الله، وجد الإلحاد، فالنفس البشرية متقلبة عند ملاحقتها بالنار والعذاب تتمرد.
ما رأيك في إقدام الأوقاف على زيادة أعداد الواعظات؟
فكرة جيدة ولكن بشروط وهي حسن اختيار الواعظة وتدريبها وتأهيلها؛ لأن الوعظ ليست رفاهية وإنما تحتاج إلى علم وخبرة ومواكبة للأحداث السياسة والاجتماعية فالواعظ عندما يكون في مجلس، وارد أن يطرح عليه أي سؤال إذا وضعت الضوابط أتمنى أن أجد 1000 واعظة.
كيف تفسرين زيادة عدد الفتيات والسيدات اللاتي يقدمن على خلع الحجاب؟
أراها خيبة أمل في الإسلاميين ممن تصدروا المشهد باسم الإسلام، ثم اتضح للجميع أنهم عبارة عن "نصباية سياسية".
بالإضافة إلى أن الحجاب لم يؤخذ كعقيدة، إنما كان عبارة عن موجة اجتماعية وثقافة انتشرت، فشد المناخ العام الفتيات وأسرهم ولم يبنى على أسس عقدية وإيمانية فلما اهتزت القشرة بدأت البنات في خلع الحجاب.
هل السلفيين أشد خطرًا من الإخوان على الوطن؟
نعم هم أشد خطراً؛ لأنهم عدو خفي يتسم باللين والظرف ثم عند التمكن تخرج الثعابين من جحورها، يستخدموا عقيدة "التقية" الشيعية يظهرون خلاف ما يبطنون ولذلك فهم أشد خطرًا على حضارة مصر وقيمتها الثقافية فهم أناس أخذوا من الدين قشوره ومظاهره وتجاهلوا جوهره.