تقاليد وأعراف، امتزجت بعادات الكثير من الأهالي في صعيد مصر، وعلى وجه التحديد، بمحافظة قناجنوب الصعيد ، حيث الاعتراف ببعض الخرافات القديمة ك"ابورجل مسلوخة"، "الخادم"، والايمان بدجل وشعوذة البعض، من المشهورين ب"أصحاب الكرامات"، وسط ترك الايمان بالقضاء والقدر، خيره وشره. "شيخي جالي في المنام وعاوز فراخ وبط"، "الواد يا مولانا ملبوس وبتجيله حالة صرع وبيتخشب"، "جوزي كارهني ومش بيحبني وعاوزة أعمله عمل عشان يرجعلي"، "أنا هربطك ومش هتقدر تقربلها"، وغيرها من الأمثال المتداولة عبر السنين وحقب طويلة من الزمن، لاستخدام السحر والدجل والأعمال، ظنًا من طبقة كبيرة أنها تضر وتنفع.
حاولت "الفجر" التوصل إلى أحد المعالجين، كما يطلق على نفسه، والتعرف على الطرق التي يحاول إقناع الناس بها، وفي مكان متآخم بمركز ابوتشت شمال محافظة قنا، حيث يقبع أحد الاشخاص، والذي يدعى الشيخ ر.أ، موجهين له بعض الاسئلة والذي أجاب أنه يعمل فى مجال العلاج الروحاني من عام 1990 ، ولا ينتظر مقابل من هذا العلاج ولكن المقابل يأتى من عند الله عز وجل. وأضاف أنه لا يكتفي بعلاج أهالى محافظة قنا فقط ولكنه يقوم بالعلاج فى كل أركان العالم العربى، مشيراً إلى أن الفكرة ليست فى علاج جسد مصاب فقط، بل هى حرب كامله على الانسان من عدوه الأزلى الشيطان، مؤكدًا أن أغلب الحالات التي يقوم بعلاجها فى هذا المجال هم النساء، والتي تكن مصابة بسحر أو جان.
وأوضح أن الفرق بينه وبين الدجال، أن الشخص الآخر يطلب المال قبل العلاج ويطلب شئ من ملابسك او انه يسال عن اسمك واسم الام لاستخدام الجان، أو يطلب منك بخور معين غالى جدا، ولن تجده إلا عنده فقط بقصد الاستغلال، أو يطلب منك أن تذبح حيوان معين بلون معين، وهو لا يستخدم القران فى العلاج ولكن يستخدم بعض الكلام الغامض واستخدام التمائم والعقود وفتح الفنجان وفتح المندل وغيرها من أدوات الشيطان والشرك بالله.
أمهات يستخدمن "الزار" و الجان ل"فك عقدة بناتهن العوانس"
وتحدثنا مع إحدى العجائز، اللاتي داومن التردد على أحد الأشخاص المعروفين، بممارستهم تلك الأفعال التي تتنافى مع العقائد السماوية، حيث تم رصد العشرات من المواطنين عليه، نظرًا لأنه "صاحب كرامه" وبيشفي المريض ويفك السحر، ويجوز العانس". حيث قالت "أم مهران"، إنها اعتادت للذهاب إلى "شيخها" من أجل استشارته في كل الأمور الحياتية، حتى في أقل الأشياء، مشيرة إلى أنه يطلب بعض المطالب للخدام أو كما يطلق عليهم ل"اسيادنا"، من لحوم أو دجاج أو غيرها، قائلاً: " بس كل شيء يهون عشان خاطر أسيادنا". وتابعت، أنني قصدته في مرة من المرات من أجل فك عقدة ابنتي التي تزوجت ولم تنجب، وأشار علي بعمل "زار" من أجل أن تحل البركة، بجانب ذبح "ديك بلدي"، وأنا مستبشره خير في اللى عملته وربنا كرمها مع جوزها آخر كرم.
الأوقاف تشن قوافل دعوية لمناهضة تلك العادات صرح الشيخ خالد خضر، وكيل وزارة الاوقاف بقنا، أن القضاء لا يوجد به أحكام حول معاقبة المشعوذين أو الدجالين ولكن البعض يخرجون من سرايا النيابة عقب إلقاء القبض عليهم، ولكن الشرع يُجرم تلك الأفعال بل إن حد الساحر هو "القتل".
وتابع خضر، إن ذلك الأمر منتشر في شتى بقاع الأرض، بل أن هناك نساء مسلمات يترددن على الكنائس لكي يلتمسن العلاج من بعض القساوسة، ولكن الوزارة تعمل على نشر عدد من القوافل الدعية من ائمة الأوقاف من أجل مناهضة تلك الأفكار والعقائد الباطلة التي تدخل في مجال الاشراك بالله.
علماء نفس: الجهل والبعد عن الله وراء اتباع المشعوذين
وتقول الدكتورة رابعة ناصر، أستاذ علم النفس بكلية الدراسات الانسانية، إن السبب وراء اتباع الدجالين والمشعوذين هو الجهل والتخلف الثقافي الذي يجعل المواطنين يتبعون آبائهم وأجدادهم حسب البيئة التي يعيشون فيها. وأضافت ناصر، أن البعد عن الله والمشي في طريق الشيطان يجعل منه شخص متغيب عن الوعي ويمشي وراء اوهام مثل الغريق، مؤكدة على أن التعلق بالله والايمان بالقضاء والقدر من أهم الاشياء التي تبعدهم عن ذلك الطريق.
الدجل والشعوذة للتنقيب عن الآثار
فيما يلجئ البعض من المواطنين بمحافظة قنا إلى الدجالين والمشعوذين من أجل البحث والتنقيب عن الآثار بالمناطق الصحراوية أو التي يغلب عليها الطابع الأثري، من أجل التنقيب واستخراج ممياوات للاتجار فيها. حيث تمكن الرائد أحمد حراجي، رئيس مباحث شرطة السياحة والآثار بقنا، في وقت سابق من ضبط 4 اشخاص أثناء تنقيبهم عن الآثار بقرية الطويرات بمركز قنا، جنوب المحافظة، وذلك بالاستعانة بأحد الدجالين والمشعوذين.
حيث تلقى العميد محمد أبوعايد، اخطارا يفيد القاء القبض على كل من زيد. م. س، 58 عامًا مقيم الترامسة، والسعيد. م. إ، 65 عامًا، ودجال يدعى شعبان. ز. أ، 60 عامًا، بمنزل ممدوح.م. ع، 33 عامًا، اثناء تنقيبهم عن الآثار. وتم ضبط المتهمين وبحوزتهم معدات خاصة بالحفر والتنقيب ومجموعة من الكتب والطلاسم، وتم تحرير محضر رقم 3 أحوال سياحة وآثار دندرة، ومحضر رقم 3495 إداري مركز شرطة قنا.