أصبح الاعتقاد بالجان و العفاريت من المعتقدات الأساسية في حياة المصريين الذين يبرهنون علي سيطرة الجان علي تصرفاتهم و هناك أكثر من مليون و 200 ألف مواطن في مصر يؤمنون بقدرة الجان الخرافية في معرفة ما يخبئه لهم القدر من أحداث فضلا عن قدرات أخري منها علاج المرض بالأرواح ولا يعرف ما هي الأسباب التي أثرت في ثقافة المصريين و غيبت عقولهم بهذه الصورة و هل المسئول عن ذلك هو ظهور من يروح لهذه الثقافة عبر وسائل الأتصال فيظهر علي الساحة المؤيد لوجود هذه المعتقدات .. مما أدي إلي تغييب وعي هؤلاء الناس وأصبحوا عبيدي السحر والخرافة " مصر الجديدة " زارت هذه الأماكن والتقت بعدد ممن يمارسون السحر وعدد من الفتيات اللاتي يؤمن به في السطور التالية: ع.ك يقوم بفك السحر و صنع الأحجبة و هو دجال بالمعني الحرفي و ليس معالجاً بالقرآن و يدعي بأنه لديه القدرة علي استخراج الجان من جسد الإنسان من أول جلسة و لدية الفراسة التي تمكنه من معرفة الإنسان الذي أمامه إذا كان عليه جان أو مسحور فقط من خلال النظر إلي صورته من غير حضوره، و يروي أنه يسلك هذا الطريق منذ أكثر من 15 عام و لديه مكان خاص بجوار سكنه يأتي إليه الناس لمساعدتهم و لكنه يعترف بأنه يفعل هذا مقابل نظير مادي ما يقارب من 200 جنيه في المرة الأولي يأخذه من المصاب بالسحر حتي يساعده علي حل عقده ، و يقوم بفك السحر و لكنه لا يخبر أهل المسحور بمن قام بسحره منعاً للمشاكل و أثناء استخراجه الجان من جسد الإنسان يقوم بقراءة أشياء غير كفهومة غير القرآن و لدية كرباج يتعامل به مع المسحورين حتي يستخرج من عليهم في أسرع وقت وبعدها يقوم بكتابة كلمات أيضاً علي جسدهم غير مفهومة أيضا بالحبر ..
أما ك.م معالجة بالقرآن في احدي المدن الجديدة بالقاهرة هي سيدة تستعين بالقرآن الكريم في فك عقد السحر و تصف أعشاب معينة بعد حل عقدة السحر توصي المصاب بتناولها يذهب إليها السيدات و الفتيات فقط و هي تنسيب كل مرض أو أي مشكلة في حياة الإنسان أو أي شعور غريب إلي الإصابة بالسحر و الأعمال السفلية و تنبه علي أي زائر يذهب إليها مهما كان يشعر بأي نوع من المرض عليه الأبتعاد عن الطب و الدواء و تقنعه بأن هذا سحر ولا بد أن يلجأ إليها حتي تساعده لأنها لها باع في علاج مثل هذه الحالات و هي تتقاضي أجر مقابل عملها ولكنها لا تشترط مبلغ معين و علي الغم من معالجتها بالقرآن للناس إلا أنها لم تحفظ القرآن الكريم.. أما عن الحالات التي عانت من الأعمال و عقد السحر تقول م.ن تتحدث أنها فتاة تزوجت وكانت تعيش مستقرة مع زوجها و لكن قامت المشاجرات و الخلافات بينها و بين أهل الزوج و طالبوا الزوج بالانفصال عنها و لكنه رفض فقاموا بعمل السحر و وضعوه في هيئة (لعبة أو قط) موضوعه أمامها في منزل الزوجية حتي لا تكتشف كانت بمجرد النظر إلي هذه اللعبة تصرخ و تتحدث بكلام غير مفهوم كما لو كانت (مجنونة) و كلما سمعت آيات القرآن الكريم أصيبت بالضحك الشديد و الاستنكار لما يتلي و من أجل هذا طلقها زوجها و تذكر أنها أنفقت ما يعادل 60 ألف جنيه علي الذهاب إلي الدجالين و المعالجين في سبيل فك عقد السحر لها و خاصة أن السحر كما تقول عقده أشخاص غير مسلمين و لم تتذكر من كثرة أعداد ما ذهبت إليهم .. أما ش.أ - ماجستير في القانون تؤكد بشدة علي وجود السحر و تعتقد فيه و تروي قصتها تم طلاقها ثلاثة مرات بعد عقد القران فقط قبل ليلة الزفاف علي أسباب تافه لا تسبب طلاق بعد تكرار ما حدث بعد المرة الأولي ذهبت للدجالين و تقول بالفعل كانوا يفكوا عقدة السحر لها أولا ثم يخبروها بالمكان الموضوع فيه السحر لها ، و تذكر أنها كانت تجده في نفس المكان الذي يوصفوه لها ( علي حد قولها ) و كانت كلما تحل عقدة من عقد السحر يجدد لها مرة أخري..
ح.ز – محامية - قالت أنه كلما كان يأتي أحد لخطبتها يفر هارب بمجرد دخوله المنزل من غير سبب و من أجل هذا تنسب تأخرها في الزواج إلي كونها مصابة بعقدة السحر خاصة نتيجة خلافات والدتها الدائمة مع أقاربها و من أجل ذلك تردد علي الدجالين في جميع المناطق و هي دائمة السؤال علي أماكنهم و تذهب كلما تسمع عن شخصية جديدة لها باع في هذا الطريق . ويقول د. راشد محمد علي- أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس أن هناك حوالي 140 فكرة خرافية يعتنقها المصريون و تؤثر علي قدراتهم و سلوكياتهم فبعضهم يمرون بظروف صعبة لا يجدون منها مخرجاً إلا باللجوء إلي الخرافات التي تجعلهم أكثر رضي ، إضافة إلي أن كل البشر لديهم نزعة حب الاستطلاع و الفضول لمعرفة المستقبل، و تتزايد عند الشخصية المصرية التي تتسم ببعض الخصائص النفسية التي تدقعها للجري وراء المجهول، ومنها معاناتهم من مرض الفصام الشخصي و فيه يشعر المريض به إلا الشر، و هذا المرض لا يقتصر علي فئة معينة دون أخري بل يصاب به من يعتلي أعلي الدرجات العملية كما أن الإسقاطات مرض نفسي متفشي بين بعض المصريين لتجنب مواجهة الواقع و إبعاد مسئولية الفشل عنهم و إرجاعها إلي سوء الحظ أو الحسد و ليس إلي أعمال الفرد و سلوكه و تختص الشخصية المصرية أيضاً بقابليتها للإيحاء و الانقياد فيسهل التأثير عليها في مغيبة الوعي ليس لديها رؤية نقية أو حسابات عقلية و ما يجعل المختصين يصنفون الشعب المصري بأنه يحكم العاطفة عن العقل.. بينما ترجع د.سامية خضر - أستاذ علم الاجتماع جامعة عين شمس أسباب اللجوء للمنجمين إلي ضعف الوازع الديني أولا لأن المؤمن الحق يعلم أن الأمور كلها بيد المولي عز و جل و أن الغيب لا يعلمه إلا سبحانه و تعالي، و من هنا تأتي أهمية قيام الأسرة بدورها الصحيح في عملية التربية الدينية، و مراعاة الأسس التي حث عليها الدين الإسلامي الحنيف في تربية الأبناء إضافة إلي وجود ميراث اجتماعي سلبي يجعل هناك اعتقاد خاطئ بأن المنجم يعرف المستقبل و يساعد الإنسان علي تحقيق أحلامه و طموحاته.. و يؤكد د.هشام بحري - أستاذ الصحة النفسية بجامعة الأزهر علي أن الاعتقاد في هذه - الخرافات – من القضايا القديمة الجديدة حيث أن تاريخ هذه الاعتقادات يرجع إلي عصر الفراعنة فمنذ خليفة الإنسان و هو يعتقد في مثل هذه الأشياء، مضيفا أن أسباب الاعتقاد في مثل ذلك و الأبتعاد عن الطب هو أن العلاجات و الوصفات الشعبية بدأت تزدهر و تظهر علي الساحة في الوقت الذي أختفي فيه العلم و حل محله الطب الشعبي الذي يعتمد علي تفسير الاضطرابات المرضية بمنهج غير علمي، فحينما يبحث المريض عن الشفاء ولا يجد علم أو طبيب يساعده فيكون ليس أمامه طريقاً غير هذا يسكله طالما أن الطبيب فشل في علاجه إضافة إلي أن المعالج الشعبي (المعالج بالقرآن) يتحدث بالناحية الدينية التي تستميل القلوب عموما و يتحدث بلغة القرآن الكريم و إن كان غير صادقاً فيسميل المريض ويجذبه و من ثم يشعر المريض بالتحسن و يلجأ إليه تاركاً الطب و فرق بين المس و الصرع أو المرض العقلي و النفسي و قال هناك فارق بينهما لأن الصرع مرض يحتاج إلي علاج و له أعراضه بعيداً عن المس و بالنسبة لما يقال عما يظهر علي جسم الإنسان أورام و آثار بسبب الجن فهذا إدعاء الظاهرة وجدت مع المرض و أختفت بعد زوال المرض و هو المرض النفسي أو العضوي فالمسألة تحتاج إلي دراسة من قبل المتخصصين في الطب العضوي و النفسي و كون الإنسان الممسوس (المصروع) يتحدث ببعض اللغات و بعض الغيبيات فهذا ليس دليلا علي الإطلاق، مضيفاً أنه عندما يخاطب المريض يخاطب العقل اللاواعي و عندما يعود إلي عقله اللا واعي هو مخزن الوهم سيجد أن لا وهم في هذا المخزن ولن تقود له هذه الحالة مطلقاً فعل هذه الأمور تحتاج إلي العلاج بالعلم و الطب و ليس بالشعوذة و الخرافات.. ويؤكد د.عبد الحكم الصعيدي- الأستاذ بكلية الشريعة جامعة الأزهر أن ظاهرة الاعتقاد في الجان و السحر و الأعمال و المسائل الخرافية كلها ترويج في المجتمعات البدائية أو التي يرق فيها الوازع الديني كالمناطق الريفية التي لا ينتشر فيها العلم و الدين و غالباً تكون مستويات الدخول فيها منخفضة و يشعر الإنسان بطبيعته أنه في حاجة إلي من يدعمه و يساعده فإذا لم يحد هذه الأشياء الملموسة التي يعتمد عليها فإنه يهرب من نفسه إلي تلك الأشياء الوهمية و يقع في براثن الجهل و السعي وراء الدجالين، ويشير إلي أن هناك سحر نافع يستخدمه رجال صالحون يكون لديهم فهم لهذه الموضوعات و يستخدموها للطمأنينة و يجب أن لا نتجاهله.. ومن جانبه يعترض د.محمد عبد الحميد - الأستاذ بجامعة الأزهر و يري أنه ليس هناك دليل صحيح من القرآن الكريم علي أن الشيطان يدخل جسم إنسان و يلبسه فهذا كله خرافة و أوهام كادها لنا عدو الله و كل ما نسمعه لا يتعدي وساوس قاهر من الشيطان أو حتى من الإنسان فالحقائق تبدل بأوهام فيكاد يصدقها الإنسان حتى يصبح عنده إيمان بشيء ليس موجود فيأثر علي سلوكه كليا و ينحرف أنحراف كلياً و كل ذلك لأنه وجد علاقة يعلق عليها سوء أفعاله بالأوهام التي آمن بها و خرفها له الشيوخ الغير صادقين سامحهم الله و يضيف أنه مع كل هذا كل قد تغلب الوهم علي الناس و درج المشعوذين في كل العصور علي التلبس و علي غرس هذه الأوهام في نفوس الناس، استغلوا بها ضعاف العقول والإيمان و وضعوا في نفوسهم أن الجن يلبس جسم الإنسان و أن لهم قدرة علي استخراجه من ذلك الجسم كانت بدعة ..
و يتفق معه الشيخ خالد الجندي و يستمر في تأكيده و تكراره علي أن الجان ليس له قدرة علي البشر مضيفاً أن الاعتقاد في المس و الجان جعل الكثير المصريين يتوهمون أنهم ممسوسون حتى أصبح كثيرا من المصريين ينفقون أموالهم علي الدجل و الشعوذة اعتقادا بأن لديهم القدرة علي حل مشاكلهم، مكرراً أن الجان لا يدخل جسم الإنسان و ليس له أدني تأثير علي الإنسان إلا بالوسوسة التي تحدث عن طريق ما يسمي بالمس و يتم ذلك بالتسلط الخفي موضحاً أن قضية مس الجان للإنسان خلافية و ممن قال بصحتها الشيخ ابن تيمية.