خريطة جديدة للعلاقات الثلاثية بين مصر وروسياوأمريكا. إنتهت مؤخرا مناورات "جسر الصداقة" المصرية الروسية، التى أجريت فى البحر المتوسط، بين القوات البحرية المصرية ونظيرتها الروسية، و عقب نجاح المناورة تم تداول بعض الأخبار عن رغبة روسيا فى إنشاء قاعدة عسكرية بحرية لها، فى المياة الدافئة المصرية، فى حين قالت أراء أخرى أن الهدف هو رسم خريطة جديدة للعلاقات الثلاثية المصرية الروسية الأمريكية من خلال مثل هذه المناورات. فى البداية قال اللواء أركان حرب دكتور نبيل فؤاد أن الأسطول الروسى موجود بالفعل فى المياة الدافئة بالبحر المتوسط، وله قاعدة بحرية فى "طرطوس" بسوريا، لافتا إلى أن مصر لا ولن تقبل بإقامة أى قواعد عسكرية لأى دولة على أراضيها أو فى مياهها. وأضاف فؤاد أن مصر لديها حساسية ومناعة ضد القواعد العسكرية للدول الأخرى، حيث طالبت موسكو بذلك إبان الحرب الباردة، وقتما كانت علاقاتنا بها فى أقوى حالاتها، ورفضت القاهرة، كما طلبت أمريكا إنشاء قاعدة لها، إبان حكم مبارك، وقتما كانت واشنطن تحتوى تسليح الجيش المصرى بشكل واضح، ولكن رفضنا ذلك أيضا، لافتا إلى أننا عانينا من الإحتلال الأجنبى لفترات طويلة، ولن نسمح بوجود أى جندى أجنبى أو قاعدة عسكرية لأى دولة فى مصر. وأوضح الخبير الإستراتيجى أن المناورات بشكل عام لها أهداف عسكرية ورسائل سياسية إستراتيجية، فى مقدمتها الردع وإظهار القوة للخصوم، وفقا لنظرية "إذا أمتلكت القوة العسكرية فأظهرها"؛ بهدف إستغلال ذلك سياسيا. وأشار إلى أنه بالنسبة لمصر تهدف المناورة إلى تعزيز العلاقات مع روسيا، خاصة فى مجال تبادل خبرات التدريب البحرى، وفتح الأفق للتعاقد على صفقات جديدة، لحصول مصر على توريدات جديدة لسفن حربية روسية ، أو قطع تكميلية، مشددا على أن الجيش المصرى يسعى لأن يتزود بأحدث وأفضل منظومات التسليح، وروسيا لديها قطع بحرية وسفن متطورة جدا تحتاج إليها مصر، خاصة فى ظل حاجتها للتواجد لتأمين إمتداد أمنها القومى، فى مرات بحرية حيوية، فى مقدمتها البحر الأحمر وخليج عدن ومضيق باب المندب، ولتامين قناة السويس نفسها. وعن أهداف روسيا قال الملحق العسكرى الأسبق، أنها تريد أن ترسل رسالة لواشنطن، مفادها أننا لسنا رقم 2 فى المنطقة، وأن أمريكا ليست هى القوى الوحيدة المتواجدة فى منطقة الشرق الأوسط، وأن عصر القطب الأوحد للعالم قد إنتهى، وروسيا عائدة لتكون القوة العظمى الأخرى. ومن جانبه قال اللواء طلعت مسلم الخبير العسكرى والإستراتيجى أن خريطة جديدة تتشكل فى المنطقة والعالم، وفقا لسياسات الرئيس السيسى التى تعتمد على التوازن والإنفتاح فى العلاقات، والتنوع خاصة فى المجالات العسكرية وتسليح الجيش. وأوضح الخبير العسكرى أن مصر وروسيا تعلنان من خلال مثل هذه المناورات أن مصر لم تعد حكرا على أمريكا، وأن علاقات روسيا فى المنطقة ليست قاصرة على سوريا وإيران. وأشار مسلم إلى أنه لم تعد هناك أسرار تتعلق بالقطع الحربية، بل يتم عرضها فى مثل هذه المناورات والعروض العسكرية، حيث تتنافس روسيا مع أمريكا وباقى الدول المصدرة للسلاح، على توريد السلاح للجيوش العربية، وفى مقدمتها مصر. وأكد أن قوة السلاح الروسى وتطوره معروفة للجميع، كما يسعى بوتين لتطويره وتحديثه وإنتاج منظومات متطورة وجديدة، ورصد لذلك إعتمادات مالية ضخمة، ويعرض ما لديه من خلال المناورات، وقبلها العرض العسكرى العالمى الذى أقيم فى مايو الماضى.