سعر الريال السعودي في البنوك اليوم الثلاثاء 7 مايو    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الثلاثاء 7 مايو 2024    أسعار اللحوم والدواجن اليوم 7 مايو    اليمن.. وقوع انفجارين قرب سفينة تجارية جنوب عدن    هيئة المعابر: توقف حركة المسافرين ودخول المساعدات بشكل كامل لقطاع غزة    «القاهرة الإخبارية» تعرض لقطات لفض شرطة الاحتلال بالقوة المظاهرات في تل أبيب    ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة.. والأرصاد تحذر من ظاهرة جوية اليوم    ياسمين عبدالعزيز: كنت شقية في المدرسة.. وقررت تكون شخصيتي عكس أمي    ياسمين عبدالعزيز: ولادي مش بيحبوا «الدادة دودي» بسبب مشاهد المقالب    7 تصريحات نارية ل ياسمين عبدالعزيز في «صاحبة السعادة».. اعرفها    ياسمين عبد العزيز:" عملت عملية علشان أقدر أحمل من العوضي"    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    صدقي صخر: تعرضت لصدمات في حياتي خلتني أروح لدكتور نفسي    مصطفى شوبير يتلقى عرضا من الدوري السعودي.. الحقيقة كاملة    مصر تستعد لتجميع سيارات هيونداي النترا AD الأسبوع المقبل    ميلكا لوبيسكا دا سيلفا: بعد خسارة الدوري والكأس أصبح لدينا حماس أكبر للتتويج ببطولة إفريقيا    خبير لوائح: أخشي أن يكون لدى محامي فيتوريا أوراق رسمية بعدم أحقيته في الشرط الجزائي    سعر الحديد والأسمنت اليوم في مصر الثلاثاء 7-5-2024 بعد الانخفاض الأخير    رامي صبري يحيي واحدة من أقوى حفلاته في العبور بمناسبة شم النسيم (صور)    وسائل إعلام أمريكية: القبض على جندي أمريكي في روسيا بتهمة السرقة    كاسونجو يتقدم بشكوى ضد الزمالك.. ما حقيقة الأمر؟    العاهل الأردني: الهجوم الإسرائيلي على رفح يهدد بالتسبب في مجزرة جديدة    صدقي صخر يكشف مواصفات فتاة أحلامه: نفسي يبقى عندي عيلة    كريم شحاتة: كثرة النجوم وراء عدم التوفيق في البنك الأهلي    أمين البحوث الإسلامية: أهل الإيمان محصنون ضد أى دعوة    وكيل صحة قنا يجري جولة موسعة للتأكد من توافر الدم وأمصال التسمم    لا تصالح.. أسرة ضحية عصام صاصا: «عاوزين حقنا بالقانون» (فيديو)    صندوق إعانات الطوارئ للعمال تعلن أهم ملفاتها في «الجمهورية الجديدة»    صليت استخارة.. ياسمين عبد العزيز تكشف عن نيتها في الرجوع للعوضي |شاهد    التصالح في البناء.. اليوم بدء استلام أوراق المواطنين    البيضاء تواصل انخفاضها.. أسعار الدواجن والبيض اليوم الثلاثاء 7 مايو في البورصة والأسواق    مصرع سائق «تروسكيل» في تصادم مع «تريلا» ب الصف    النيابة تصرح بدفن 3 جثامين طلاب توفوا غرقا في ترعة بالغربية    مصرع شخص وإصابة 10 آخرين في حادثين منفصلين بإدفو شمال أسوان    عملية جراحية في الوجه ل أسامة جلال اليوم بعد إصابته أمام فيوتشر    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    وفد قطري يتوجه للقاهرة لاستئناف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس اليوم    الدوري الإنجليزي، مانشستر يونايتد يحقق أكبر عدد هزائم في موسم واحد لأول مرة في تاريخه    عاجل - تبادل إطلاق نار بين حماس وإسرائيل قرب بوابة معبر رفح    استبعادات بالجملة وحكم اللقاء.. كل ما تريد معرفته عن مباراة الأهلي والاتحاد السكندري    يوسف الحسيني: إبراهيم العرجاني له دور وطني لا ينسى    سؤالًا برلمانيًا بشأن عدم إنشاء فرع للنيابة الإدارية بمركز دار السلام    إبراهيم عيسى: لو 30 يونيو اتكرر 30 مرة الشعب هيختار نفس القرار    الأوقاف تعلن افتتاح 21 مسجدا الجمعة القادمة    فرح حبايبك وأصحابك: أروع رسائل التهنئة بمناسبة قدوم عيد الأضحى المبارك 2024    مصر للطيران تعلن تخفيض 50% على تذاكر الرحلات الدولية (تفاصيل)    "يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 وأجمل عبارات التهنئة بالعيد    ب800 جنيه بعد الزيادة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من البيت    في 7 خطوات.. حدد عدد المتصلين بالراوتر We وفودافون    رغم إنشاء مدينة السيسي والاحتفالات باتحاد القبائل… تجديد حبس أهالي سيناء المطالبين بحق العودة    هل يحصل الصغار على ثواب العبادة قبل البلوغ؟ دار الإفتاء ترد    بالأسماء، إصابة 16 شخصا في حادث الطريق الصحراوي الغربي بقنا    بعد الفسيخ والرنجة.. 7 مشروبات لتنظيف جسمك من السموم    للحفاظ عليها، نصائح هامة قبل تخزين الملابس الشتوية    كيفية صنع الأرز باللبن.. طريقة سهلة    أستاذ قانون جنائي: ما حدث مع الدكتور حسام موافي مشين    في 6 خطوات.. اعرف كيفية قضاء الصلوات الفائتة    عقوبة التدخل في حياة الآخرين وعدم احترام خصوصيتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإنسان في القرآن
نشر في الفجر يوم 05 - 06 - 2015

- أكثر سورة وردت فيها كلمة (الإنسان) هي سورة الإسراء؛ لأنّها دستور النصر لأمة الإسراء على (إسرائيل)
- تبين سورة الأحزاب تميّز الإنسا ن بحمله للأمانة، كما تُظهر نقاط ضعفه التي منشأها: الظلم والجهل
ورد لفظ (الإنسان) في القرآن (65) مرة في (43) سورة، وأول مرات ورود الإنسان في القرآن بحسب ترتيب المصحف لا بحسب النزول في سورة النساء، وذلك قوله تعالى: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً} [28].
وسورة النساء هي سورة المستضعفين بامتياز؛ فقد وردت فيها كلمة "المستضعفين" (4) مرات ولم ترد في سورة سواها.
ولاحظ الحكمة أن يكون أول ما يصادفك في القرآن من حديث عن الإنسان هو ضعفه، وهذا من رحمة الله به، ليعامله معاملة الضعفاء وليحاسبه محاسبة الضعفاء، ولو شاء ربنا لجعل آدم في قوة إبراهيم،. لكن هكذا أراده، ليعامله وذريته كما يعامل الضعفاء بالرحمة والتربية والرفق واللين.
والملاحظة الثانية: أن أكثر سورة وردت فيها كلمة الإنسان هي سورة الإسراء؛ فقد وردت فيها هذه الكلمة (7) مرات، وتعليل ذلك فيما أرى: أنّ سورة الإسراء هي دستور النصر لأمة الإسراء على (إسرائيل)، والقرآن هو منهج النصر ودستور النصر، ولذلك وردت كلمة القرآن فيها أكثر من غيرها، والإنسان هو عدة هذا النصر وذخيرته، ولذلك ورد ذكره في سورة الإسراء أكثر من غيرها.
وأمر آخر أن الإسراء أكبر كرامة لبني الإنسان من خلال إكرام بني الإنسان والإنسانية محمد r، وبلوغه مرتبة لم يبلغها ملك ولا بشر ولا خلق من الخلق.
أضف إلى مرات الورود التي ذكرنا في القرآن لهذا المخلوق المكرّم (الإنسان) أن الله تعالى جعل سورة في القرآن باسم سورة "الإنسان"، وما ذاك إلا لتميز هذا الإنسان وكرامته ودوره ووظيفته؛ فإن الله تعالى قد أناط بهذا الإنسان منصب الخلافة في الأرض؛ إذ أعلن مولانا في الملأ الأعلى عن ولادته قبل أن يولد وعن وظيفته قبل أن يوجد، فقال: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة:30].
الإنسان ذاك الكائن المتفرد وذلك المجهول:
قديماً قال بعض شعراء الصوفية وغيرهم في هذا الإنسان:
وتزعم أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
فقد أودع الله في هذا الإنسان من الطاقات وأبدع فيه من القدرات والإمكانات ما يفوق الإحصاء والحصر، فيكفي أنّ الله شرّفه بالوظيفة السامية: الخلافة في الأرض التي جعلها الله مهاده، وقال عنه: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص:75]، وذكر القرآن سجود الملائكة له في عدة مرات في عدة سور، وجعل منه الأنبياء وهم أكرم المخلوقات، وسجّل كرامته في كتابه: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ}، وهذا في سورة الإسراء التي تفرّدت بمرات ورود الإنسان فيها.
وجعله بالعلم أسمى المخلوقات وميّزه على الملائكة: {وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ} [البقرة:31].
وأودع فيه "الروح" التي لا يعلم كُنهها إلا الله، ونسبها الله إليه تشريفاً لها؛ إذ قال: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحجر:29].
ثم شرّفه بهذا العقل وجعل قدراته فوق ما يتصور الناس، وجعله جامعاً للعالَمين: الغَيب بنفخة الروح التي من عالَم الغَيب، والشهادة بقبضة الطين التي هي من هذه الأرض؛ فالتقى العالَمان في هذا المخلوق الضئيل الجسم، الجسيم الخطر والشأن!
ومهما قيل في هذا الإنسان فإن الكلام لا يكفيه حقّه الذي جعله الله له من الكرامة والقدر والشرف ورفعة الشأن.
حديث القرآن عن الإنسان:
تراوح حديث القرآن عن الإنسان بين بيان سُنن الله فيه وطبيعته وفطرته ونفسيته وتزكيته، وخلقه، وبين ندائه ب{يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ}، وبين استعداداته، ومنها: استعداده للإيمان والكفر، والهدى والضلال، وبين بيان فضله وتميّزه، وفي المقابل كفره وعناده ولجاجه وحجاجه من مثل قوله تعالى: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً} [الكهف:54]، وبين بيان عداوة الشيطان للإنسان.. والآن لننظر سريعاً في هذه العناوين التي ذكرت:
- السنن الإلهية في الإنسان من حيث طبيعته الفردية والمتفردة، والآيات في هذا كثيرة لعلها تستأثر بأكبر حصة وأوفى وأوفر نصيب، وهذه بعض الآيات: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا} [يونس:12]، وفي [الزمر:49] قريب منه، وفي [هود:9-10] قريب من هذا، و[الإسراء:83] قريب منها، {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم:34]، {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولاً} [الإسراء:11]، {وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُوراً} [الإسراء: 67]، وراجع [الشورى:48]، {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الإنبياء:37]، وراجع فصلت [49-51]، وراجع المعارج والعاديات والفجر.
- أما خلق الإنسان فقد ذُكر في العديد من الآيات، ومنها: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} [الحجر:26]، {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} [النحل:4]، وفي [يس:77] قريب من هذا.
وراجع [المؤمنون:12]، و[السجدة:7]، و[الرحمن:3]، و[الإنسان:2]، و[الانفطار:7]، و[الطارق:5]، وفي [التين:4] إشارة إلى الفطرة: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}، كما في [الروم:30]: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}... إلخ.
- بيان عداوة الشيطان للإنسان:
وهذا موضوع مهم ذكرته عدة آيات.. ليأخذ الإنسان حذره من هذا العدو ويتخذه عدوّاً، وأول سورة أشارت إلى هذا بحسب ترتيب المصحف: سورة [يوسف:5]: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ}، ثم [الإسراء:53]: {إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً}، و[الفرقان:29]: {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً}.
- نداءات للإنسان:
ورد نداء الإنسان في القرآن في سورتين من جزء (عمّ) هما: الانفطار والانشقاق: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}، {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ}، وقد ورد لفظ الناس وهم جماعات بني الإنسان في (241) مرة، أما نداء الناس فقد ورد في سورة البقرة مرتين وفاتحة سورة النساء وأثناءها مرتين سوى الفاتحة، وفي الأعراف مرة ويونس (4)، والحج كذلك ولقمان مرة وفاطر (3)، وآخر نداء في [الحجرات:13]: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}.
وقد ورد وصية الإنسان بوالديه عدة مرات.
ونقف عند آية وردت في خواتيم سورة الأحزاب ونختم بها حديثنا عن الإنسان، وهو بداية لهذا الموضوع لا أكثر: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً}.
ولعل هذه الآية من أكثر الآيات التي تبين تميّز الإنسان ونقاط قوّته ونقاط ضعفه، أما تفوّقه وتفرّده وتميّزه؛ فالتصدي لحمل ما عجزت عن حمله أضخم موجودات الوجود: السماوات والأرض والجبال، وهذا الذي عجزت عنه هو "الأمانة" وهي "العبادة بالإرادة"، أو العبادة بالتخيير لا بالتسيير، أما مؤهلات الإنسان لحمل هذه الأمانة؛ فالعقل والإرادة وحرية الاختيار.
وأما نقاط ضعفه من خلال هذه الآية نفسها؛ فآفتان خطيرتان: الظلم والجهل. والظلم: انحياز الإنسان لنفسه على حساب أخيه، والجهل: عدم معرفة الحدود والحقوق. وهذان مقتلا الإنسان، وإذا دقّقت وجدتهما أخطر مقاتل الإنسان، وقد أشارت إليهما بواكير الوحي في: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق:1] لمعالجة آفة الجهل. وفي قوله: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى . أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى} [العلق:6-7]، وهي في صميم موضوع الظلم الذي يعبّر عنه أحياناً بالطغيان، والطغيان يبدأ من تملّك الإنسان لأسباب القوة واستشعاره بها أو توهّمه من خلالها: الاستغناء!
والعبودية هي علاج هذه الأدواء، أعني: الاستكبار والاستغناء والاستقواء على الآخرين، والعلم علاج الآفة الأخرى.
هذه نظرة خاطفة على موضوع غنيّ غزير يحتاج إلى بحث معمّق مطوّل، وقد كُتب فيه الكثير، لكن موضوعات القرآن مفتوحة دائماً لا تُغلق ولا تنتهي!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.