«حماة الوطن» يدعو الأحزاب لجلسة تشاورية لإعداد قائمة لخوض انتخابات مجلس الشيوخ    جامعة بنها تحتفل بالذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو.. صور    بعد الزيادة الأخيرة.. هل ترتفع أسعار السجائر مرة أخرى هذا العام؟    خطوات الحصول على الكارت الموحد وأماكن استلامه    الاحتلال يستهدف الصحفيين خلال تغطيتهم هدم في محيط مستشفى جنين الحكومي    العراق يحث على تنويع منافذ تصدير النفط مع تصاعد التهديدات في مضيق هرمز    الاتحاد الأوروبي يتجه شرقاً لتسوية التوترات التجارية مع واشنطن بتحالف الآسيان والهادئ    الأمين العام للاتحاد الكويتي لكرة القدم يكشف كواليس طلب استضافة السوبر المصري    تفاصيل التعاقد مع يانيك فيريرا والجهاز المعاون يضم 5 مساعدين أجانب    21 لاعبًا في قائمة الإسماعيلي الأولى استعدادًا للموسم الجديد    شقيقان يعملان بالجزارة يقتلان شخصا بسبب خلاف على "حساب اللحمة" ببنى سويف    أهم الأسئلة المتوقعة فى امتحان الجغرافيا لطلاب الثانوية العامة.. فيديو    صرف 6 ملايين جنيه للصيادين في البحر الأحمر تعويضا عن فترة وقف الصيد    بمشاركة نانسي عجرم وآمال ماهر وبهاء سلطان.. خريطة حفلات مهرجان «ليالي مراسي» بالساحل الشمالي    «استعادة الوعي للشعب المصري».. يسرا تحيي ذكرى ثورة 30 يونيو    رئيس حزب "المصريين الأحرار": 30 يونيو أعظم ثورة في تاريخ مصر الحديث    الصحة والتعليم العالى يشهدان توقيع بروتوكول بين تنمية المهن الطبية وجامعة القاهرة    على إيقاع الطبيعة الساحرة.. هكذا يمارس السائحون الرياضة في جنوب سيناء    مدبولي: التعاون الإنمائي الدولي بات أمرًا ضروريًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030    أول رد..شيكابالا يثير الجدل بعد أنباء اعتزاله    رئيس البنك الأهلي يفجر مفاجأة بشأن ضم مصطفى شلبي    البلجيكى يانيك فيريرا الأقرب لقيادة الزمالك.. ومدرب آخر يعطل التوقيع    تحرك هام من الأهلي لتأمين إمام عاشور.. شوبير يفجر مفاجأة    4.8 مليار متر مكعب سنويا، الري تنفذ مشروعات جديدة لإعادة استخدام المياه    مرصد الأزهر: ثورة 30 يونيو.. إرادة شعب صنعت تاريخ    محافظ أسوان يهنئ الرئيس السيسي بذكرى ثورة 30 يونيو المجيدة    مصرع شاب سقط من القطار في الجيزة    بالصور.. إحباط تهريب عشرات الزواحف والكائنات النادرة بمطار القاهرة    ممنوع نزول البحر لليوم الثاني.. ماذا يحدث على شواطئ الإسكندرية؟    حريق بمحلات تجارية في الدويقة.. و4 سيارات إطفاء لإخماده    نجمة أسترالية تقطع رأس حبيبها وتخفيها وتمزق جسده وتحرقه    مدير تعليم الجيزة يحذر: لا للتبرعات.. والشؤون القانونية بانتظار المخالفين    عون يبلغ ابانيارا بأن الظروف الراهنة في لبنان والمنطقة تفرض بقاء اليونيفيل في الجنوب    إيران تكشف هوية رفيق الظل لقاسم سليماني وتعلن مقتله    تفاصيل المؤتمر الصحفي لمسرحية "الملك لير" بحضور الفخراني (صور)    حقيقة إيقاف تصوير فيلم الشايب ل آسر ياسين    آخر رايات الأندلس وسقوط القمر على مسرحي روض الفرج والسامر ضمن مهرجان فرق الأقاليم    ما حكم الاغتسال بمياه الصرف الصحي بعد معالجتها؟... أمينة الفتوى تجيب    ما هو حق الطريق؟.. أسامة الجندي يجيب    وزيرة التنمية المحلية: سيتم توفير بيانا واضحا بعدد ومساحات الأراضى كل محافظة    محافظ المنيا: إدراج وحدة طب الأسرة بالجزائر ضمن ثاني مراحل "حياة كريمة"    وجه الشكر للأطقم الطبية.. وزير الصحة: 300 مستشفى لاستقبال مصابي غزة للعلاج في مصر    انطلاق القوافل الطبية العلاجية بالجيزة غدا- تفاصيل    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 30 يونيو 2025    الرقابة المالية توافق على تأسيس "صندوق استثمار عقاري ومعادن"    التنظيم والإدارة يعلن عن حاجة «النقل النهري» لتعيين 57 مهندساً    الصحة العالمية: يوجد فى مصر 10 ملايين لاجئ ومهاجر 70% منهم سودانيين    محافظ شمال سيناء: «ثورة 30 يونيو» أثبتت وعي الشعب وحرصه على وطنه    برج العذراء «جميع الكواكب تلعب لصالحك».. توقعات الأبراج في يوليو 2025    نائب وزير الصحة يترأس اجتماعاً بمستشفى العلمين لبحث تقديم خدمات السياحة العلاجية    نقابة المعلمين: وفاة معلمة ببني سويف في حادث سير أثناء توجهها إلى مقر عملها    بوسكيتس: ارتكبنا أخطاء أمام باريس ودفعنا الثمن    الجيش الإسرائيلي يطالب سكان عدة مناطق في قطاع غزة بالإخلاء    جمال ما لم يكتمل.. حين يكون النقص حياة    السيسي: مصر تبذل أقصى جهودها لدعم الأمن والاستقرار في ليبيا    حكم صيام يوم عاشوراء وفضله العظيم وعلاقته بتكفير الكبائر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 38-6-2025 في محافظة قنا    سر تصدر آسر ياسين للتريند.. تفاصيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صفة "كلام الله" في القرآن الكريم
نشر في الفجر يوم 25 - 09 - 2014

وردت صفة "كلام الله" في العديد من الآيات القرآنية، ولكن بأساليب متعددة، فوردت بالتصريح بكون القرآن "كلام الله" في ثلاث آيات، في سورة البقرة (75):{ وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون }، وفي سورة التوبة (6):{ وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه }، والمقصود بكلام الله هنا القرآن، وفي سورة الفتح: (15) في قوله تعالى عن المنافقين: { يريدون أن يبدلوا كلام الله } أي أمر الله في القرآن .

ووردت "صفة الكلام" بنسبة فعل التكلم له سبحانه وذلك في آيتين، الأولى في سورة البقرة (253) في قوله تعالى:{ تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله }، فجعل تكليم الله لبعض أنبياءه تفضيلا لهم. والثانية في سورة النساء (164) في قوله تعالى: { وكلم اللهُ موسى تكليماً }، فصرح في الآية بأن الله كلّم موسى وأكد ذلك بقوله: " تكليماً" تأكيدا على اتصافه سبحانه بهذه الصفة، وأنها على الحقيقة في حقه تعالى.

ووردت هذه الصفة بالتصريح بفعل المناداة منسوبا لله تعالى، وذلك في عشر آيات، في سورة الأعراف: ( 22 ) قوله تعالى:{ وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين }، وفي سورة مريم ( 52 ) قوله تعالى: { وناديناه من جانب الطور الأيمن }، وفي النمل ( 8 - 9 ) قال تعالى: { فلما جاءها نودي أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين * يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم }، وفي القصص (11-12) قوله تعالى: { فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين }، وفي طه (11-12):{ فلما آتاها نودي يا موسى * إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى }، وفي الشعراء (10): { وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين }، وفي القصص (46):{ وما كنت بجانب الطور إذ نادينا }، وفي النازعات (15 - 16): { هل أتاك حديث موسى * إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى }.

ووردت صفة "الكلام" بصيغة نسبة القول إليه سبحانه في آيات كثيرة منها، قوله تعالى في سورة سبأ (23): { حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير }، وفي سورة يس ( 58 ) قوله تعالى: { سلام قولا من رب رحيم }، وغير ذلك من الآيات الكثيرة .

وصفة كلام الله كما يعرّفها العلماء هي نطق الله سبحانه بحرف وصوت يليق بجلال الله وعظمته سبحانه يُسمعه من يشاء من خلقه . وأن هذه الصفة كغيرها من صفات الله سبحانه غير مخلوقة، وهو ما صرّح به القرآن حين فرّق بين الخلق والأمر، فقال تعالى:{ ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين }(الأعراف: 54 ) فلو كان خلقه كأمره لما فرّق بينهما، ولو كان الأمر مخلوقا لزم أن يكون مخلوقاً بأمر آخر، والآخر بآخر، إلى ما لا نهاية له، فيلزم التسلسل وهو باطل .

ورغم وضوح آيات القرآن في إثبات صفة الكلام، إلا كثيرين خالفوا مذهب السلف في إثباتها، ورأوا أنها على خلاف ظاهرها، فنفوا أن يكون الله متكلماً، وأولوا الآيات المصرّحة بذلك بأن المراد منها هو الكلام النفسي، أي المعاني التي يخلقها الله في نفس من أراد كلامه، وأن كلاً من القرآن والتوراة والإنجيل مخلوقة لله، واستدلوا على ذلك بآيات من القرآن يمكن تقسيمها إلى أقسام:

القسم الأول: إدخالهم صفة "الكلام" في عموم الخلق:
وذلك في المواضع التي نصت على أن الله خالق كل شيء، في سورة الأنعام ( 101 ) قوله تعالى: { وخلق كل شيء }، وفي سورة الرعد ( 16 ) قال تعالى: { قل الله خالق كل شيء }، وفي سورة الفرقان (2) قال تعالى: { وخلق كل شيء فقدره تقديراً }، وفي الزمر (62) قوله تعالى:{ الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل }، وفي سورة غافر (62) قوله تعالى:{ ذلكم الله ربكم خالق كل شيء }، قالوا: والقرآن شيء، فهو داخل في عموم هذه الآيات إذاً فهو مخلوق لله تعالى .

ولا شك في خطأ الاستدلال بعموم هذه الآيات على خلق صفة الكلام، إذ القول في صفة الكلام كالقول في سائر الصفات، فإذا كانت صفة الكلام مخلوقة وداخلة تحت عموم هذه الآيات فغيرها من الصفات كذلك كالعلم والقدرة والإرادة وهو ما لا يقوله مسلم، بل إن الأمر أكبر من ذلك فإن الله أطلق على نفسه لفظ شيء، قال تعالى: { قل أي شيء أكبر شهادة قل الله }(الأنعام: 19) فهل تدخل ذات الله في عموم { الله خالق كل شيء }؟!! لا شك إذاً في بطلان هذا الاستدلال .

القسم الثاني: الاستدلال بالآيات التي يصرح فيها الله سبحانه بأنه جعل القرآن عربياً:

وذلك في موضعين في سورة فصلت ( 44 ) في قوله تعالى: { ولو جعلناه قرآنا أعجمياً لقالوا لولا فصلت آياته }، وفي سورة الزخرف ( 3 ) في قوله تعالى:{ إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون }، قالوا: والجعل هنا بمعنى الخلق، أي: أن الله خلق القرآن عربياً، وهو استدلال باطل، ذلك أن "جعل" لا تكون بمعنى خلق إلا عديت بمفعول واحد، أما إذا عديت بمفعولين فلا تكون بمعنى خلق، كقوله تعالى: { ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً }(النحل: 91 ) وكقوله تعالى: { ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم }(البقرة:224) وقال تعالى: { الذين جعلوا القرآن عضين }(الحجر:91) وقال تعالى: { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك }(الإسراء:29) وَقَالَ تَعَالَى: { ولا تجعل مع الله إلها آخر }(الإسراء:39) ونظائره كثيرة فَكَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى { إنا جعلناه قرآنا عربياً } أي تلكمنا به وأنزلناه عربياً كما في قوله تعالى: { وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا }(طه:113) وكما في قوله تعالى:{ وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربياً } وبهذا يتضح أن معنى جعل القرآن عربياً ليس خلقه عربياً، وإنما إنزاله عربياً وتكلم الله به بلغة عربية فصيحة .

القسم الثالث: وصف القرآن بالحدوث: وذلك في مواضع منها في سورة الطلاق (1) في قوله تعالى:{ لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً }، وفي سورة الأنبياء (2) في قوله تعالى:{ ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون }، وفي سورة الشعراء (5) في قوله عز وجل:{ ما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين }، قالوا: والمحدث مخلوق .

والجواب عن هذا أن الآية الأولى لا تعلق لها بخلق القرآن أو بكونه صفة غير مخلوقة، فإن الآية تتحدث عن وجوب بقاء المعتدة في بيت الزوجية رغم وقوع الطلاق الرجعي عليها، لعل الله يحدث بين الزوجين من أسباب الود ما يجعل الزوج يتراجع عن طلاقها, ويرجعها إلى عصمته، فالآية لا تتحدث عن إحداث آيات القرآن، ولكن عن إحداث مسببات ودوافع جديدة في نفس الزوج لاستبقاء زوجته .

أما آية الأنبياء وآية الشعراء فصفة"محدث" فيها ليست صفة للقرآن من حيث هو، ولكنها صفة لإنزال القرآن، أي: أن الإنزال والإتيان محدث، وهذا يتفق مع واقع القرآن الذي نزل منجماً، ولم ينزل دفعة واحدة، فكلما وقعت حادثة ونزل القرآن موضحاً سبيل الحكم فيها، أعرض المشركون عن كلام الله واشتغلوا بما لا فائدة في الاشتغال به من اللعب واللهو . فالإحداث في هاتين الآيتين لا تعلق له بخلق القرآن أو بعدم خلقه، وإنما الآيتان تستعرضان موقف المشركين من نزول القرآن وكيف أنهم يعرضون عنه ويشتغلون باللهو واللعب .

القسم الرابع نسبة قول القرآن لغير الله:

وذلك في سورة الحاقة (40) في قوله تعالى:{ إنه لقول رسول كريم } يعني النبي صلى الله عليه وسلم، وفي سورة التكوير (19- 20) في قوله تعالى:{ إنه لقول رسول كريم * ذي قوة } يعني جبريل عليه السلام، قالوا: ونسبته لغير الله دليل على أنه ليس كلامه .

وهو استدلال غير صحيح، لأنه معارض بالآيات الصريحة التي لا تقبل التأويل في أن القرآن كلام الله، أما هذه الآيات فهي من باب الإضافة، أي نسبة الشيء إلى ما له به نوع تعلق، ومن المعلوم أنه يكفي في صدق الإضافة أدنى سبب، فتقول هذه سيارتي وهذا بيتي وإن لم تملكهما، وكذلك النسبة في هاتين الآيتين، فنسبة القرآن لجبريل – عليه السلام – هو لكونه مبلغه للنبي، ونسبة القرآن للنبي - صلى الله عليه وسلم – هو لكونه مبلغه للناس كافة فهذا سبب إضافة القرآن إليهما - عليهما السلام -.

فهذه أدلة إثبات صفة "الكلام" لله تعالى الواردة في كتاب الله تعالى، وهي أدلة كثيرة أوردنا بعضها، وتعرضنا لما يستدل به من نفى هذه الصفة من آيات الكتاب، وأوضحنا خطأ استدلالهم، والمعنى الصحيح للآيات التي استدلوا بها، بما لا يدع مجالا للشك في أن صفة الكلام ثابتة له سبحانه، فهو يتكلم بما شاء، كيف شاء، متى شاء، وأن هذه الصفة صفة كمال لا يجوز نفيها، وكيف تنفى عنه سبحانه، وقد علّم أنبياءه أن يستدلوا على المشركين ببطلان أصنامهم بأنها لا تتكلم، فهذا الخليل إبراهيم - عليه السلام - يخاطب أصنام قومه على سبيل السخرية بقوله:{ ما لكم لا تنطقون }(الصافات: 92)، وهذا موسى عندما أراد أن يوضح لقومه بطلان عبادتهم للعجل قال لهم: { أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولاً }(طه: 89) فالكلام صفة كمال لله تعالى، وانتفاؤها صفة نقص، والنقص لا يليق بالله سبحانه .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.