بدأت بريطانيا اليوم (الأحد) مرحلة التكيف مع خارطة سياسية جديدة بعد الفوز المفاجىء لرئيس الوزراء ديفيد كاميرون بغالبية، والذي ترك المعارضة العمالية مشتتة وعزز مواقع الانفصاليين في اسكتلندا. وفي حين أمضى كاميرون عطلة نهاية الأسبوع يحاول تشكيل فريقه الوزاري الجديد، احتفل "الحزب الاسكتلندي القومي" بفوزه المزلزل، مؤكداً أنه لن يهمش في البرلمان الجديد. وعلى رغم توقع استطلاعات الرأي خسارة المحافظين في اقتراع الخميس الماضي، إلى أنهم فازوا ب 331 من مقاعد البرلمان ال 650، وحصل بالتالي كاميرون على ولاية ثانية مع غالبية لحزبه من اليمين الوسط. وتشتتت صفوف المعارضة اثر استقالة زعيمي "حزب العمال" و"الليبراليين الديموقراطيين" بعد هزيمتهما. وقدم زعيم "حزب استقلال المملكة المتحدة" (يوكيب) استقالته بعد حصوله على مقعد واحد في البرلمان. ووقعت صدامات بين عشرات من المحتجين المناهضين للتقشف الغاضبين من فوز كاميرون بولاية ثانية والشرطة، خلال احتجاجات أمس (السبت) أمام مقر رئاسة الوزراء، ما أسفر عن نقل شرطيين إلى المستشفى واعتقال 17 شخصا. وكُتبت شعارات معادية على نصب تذكاري لتكريم النساء خلال الحرب العالمية الثانية، فيما وصفه الفيلق الملكي البريطاني بأنه "عمل أخرق". ويمنح الفوز المحافظين حرية أكبر من تلك التي كانت تتمتع بها حكومة كاميرون السابقة، لكن الغالبية الضعيفة تجعلهم عرضة للتمرد داخل صفوفهم. وقالت صحيفة "تايمز" ان كاميرون سيحتاج إلى "كل مزايا القيادة لتخطي التحديات التي سيواجهها"، مضيفة أن "غالبيته ضئيلة واستخدامها لن يكون بالأمر السهل. عمله الفعلي يبدأ الآن". وكان كاميرون وعد بتنظيم استفتاء حول بقاء بريطانيا في "الاتحاد الاوروبي" بحلول 2017 بسبب ضغوط التيار اليميني للمحافظين وتقدم حزب "يوكيب"، وسارع الجمعة في تأكيد التزامه بهذا الوعد. وهناك قلق في أوساط رجال الأعمال في شأن الاستفتاء على رغم تأكيد كاميرون أنه سيسعى للبقاء في الاتحاد طالما أن بوسعه التفاوض في شان اصلاحات لخفض عدد المهاجرين الذين ينتقلون من أوروبا إلى بريطانيا. وشدد الشركاء الأوروبيون، خلال تهنئة كاميرون على فوزه، على أن النقاشات المستقبلية ستكون صعبة بعد أن قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إن هناك "قواعد في أوروبا يجب احترامها". وقال رئيس "المفوضية الأوروبية" جان كلود يونكر إن "المبادىء الأربعة الرئيسة للاتحاد الأوروبي غير قابلة للتفاوض بما فيها حرية التنقل". وسيواجه كاميرون معركة صعبة لإبقاء اسكتلندا داخل بريطانيا، وأكد في خطاب ألقاه بعد فوزه منح صلاحيات محلية جديدة. وابقى كاميرون الوزراء الأربعة الرئيسين في حكومته في مناصبهم، وعزز صلاحيات وزير المال جورج اوزبورن. وسيصبح مايكل غوف وزيراً للعدل في حين تبقى نيكي مورغان وزيرة التعليم مثلما عُلم السبت، وسينضم إلى الحكومة الجديدة كل من كريس غرايلينغ ومارك هاربر. ولن تكتمل تشكيلة الحكومة قبل غد (الإثنين)، وسيختار كاميرون أسماء لتولي وزارات ثانوية في هذا الأسبوع. وخسر "حزب العمال" (يسار وسط) 26 مقعداً وبات لديه 232 مقعداً في البرلمان، في حين حصل "الليبراليون الديموقراطيون" (وسط) بعد تشكيل تحالف مع المحافظين لخمس سنوات، على ثمانية مقاعد بعد أن خسروا 49 مقعدا. وحقق "الحزب الاسكتلندي القومي" (يسار) في اسكتلندا فوزاً تاريخياً، 56 من المقاعد ال 59 المخصصة لاسكتلندا، بعد سبعة أشهر على هزيمة في استفتاء حول الانفصال عن المملكة المتحدة. وقالت زعيمة "الحزب الاسكتلندي القومي" نيكولا ستورغن أمس: "صوت الناخبون في اسكتلندا الخميس (الماضي) لبرنامج الحزب الذي اعتبر إنهاء التقشف من أولى أولوياته". وطرح فوز الحزب تساؤلات في شأن استفتاء آخر حول الاستقلال، لكن ستورغن ذكرت اليوم ل "بي بي سي" أن "المسالة ليست مطروحة الآن إلا إذا صوتت اسكتلندا للبقاء في الاتحاد الاوروبي، واختار الناخبون البريطانيون الخروج منه". أما "حزب العمال" فسيبحث عن بديل لايد ميليباند الذي استقال من منصبه. وقال الزعيم العمالي السابق توني بلير إن "على الحزب التخلي عن توجهه اليساري. الطريق الى القمة يمر عبر الوسط". وكتب في صحيفة "ذي اوبزرفر" ان "الأسر التي تعمل بكد لا تريدنا أن نمجد عملها، تريد أن تعلم أنه من خلال العمل الشاق يمكنها التقدم وتحقيق انجازات"، مضيفاً أنها "تريدنا أن نكون في حال أفضل، وأن تعلم أننا ندعم ذلك تماما".