خبير اقتصادي : على الحكومة أن تكون عاقلة ورشيدة في تعاملها مع رفع الأسعار خبير سياسي : الدولة تتحامل على الفقراء ولم تقترب من الأغنياء
تُجبر الأوضاع الاقتصادية الحالية التي تمر بها الدولة منذ أكثر من أربعة سنوات المسئولين لعدم المساس بالفقراء ومحدودي الدخل، وهو الأمر الذي كان يؤكد عليه الرئيس السيسي دائماً ومن قبل انتخابه رئيساً للجمهورية.
وقد ترددت أنباء عن اتخاذ الحكومة قراراً بإلغاء الدعم نهائياً بشكل تدريجي على الوقود والكهرباء والمياة، دون المساس بالفقراء.
وبعد أنباء كثيرة وحالة من التخبط حول إلغاء الدعم أو عدمه اتخذت الحكومة قراراً في يوليو الماضي وبعد شهراً واحداً من تولي "السيسي" الرئاسة برفع الدعم بشكل جزئي عن السولار والغاز والكهرباء والمياه.
أما عن السلع التموينية وبعد تطبيق منظومة "التموين والخبز" الجديدة، تداول المواطنون أنباء حول رفع الدعم عن السلع التموينية وارتفاع أسعارها، لكن وزير التموين أكد أن ذلك لن يحدث.
ومؤخراً أعلنت وزارة الكهرباء عن قرارها بإرتفاع أسعار الكهرباء، طبقاً لقرارها العام الماضي بتطبيق برنامج إعادة هيكلة أسعار الكهرباء على مدار 5 سنوات، مُبررة ذلك بأن أسعار الكهرباء ظلت ثابتة طوال عشرة سنوات ماضية مما نتج عنه فجوة بين سعر التكلفة وسعر البيع، الأمر الذي أدى إلى عجز بالسيولة.
وقد نفذت الوزارة المرحلة الأولى في يوليو الماضي لتعلن عن تنفيذ المرحلة الجديدة قبل يوليو القادم، لترتفع بذلك أسعار الكهرباء للمنازل والمصانع، بالتزامن مع ارتفاع أسعار باقي مشتقات الطاقة، الأمر الذي يؤثر بالطبع على أسعار باقي السلع.
وحول هذه السياسات الاقتصادية أكد خبراء ل"الفجر" أنها جائت على حساب الفقراء وليس الأغنياء، مناشدين الحكومة بأن تغير من سياساتها حتى لا تواجه ثورة جديدة من المواطنين.
سياسات تؤدي لانفجار
من جهته ناشد الدكتور عبدالمطلب عبدالحميد- عميد مركز الاقتصاد بأكاديمية السادات، الحكومة أن تكون عاقلة ورشيدة فيما يتعلق بالتعامل مع رفع الأسعار، لافتاً إلى عدم وجود آليات واضحة و اقتصاد متعافي تستطيع الدولة من خلالهم تعويض الخاسرون بسبب سياساتها، مضيفاً: "قرارات الحكومة يجب أن تراعي ظروف أي مرحلة ولابد من دراسة القرارات تحت مسمى ما خاب من استشار" .
وأضاف عبدالحميد، في تصريح خاص ل"الفجر"، أن السياسات الاقتصادية للحكومة تمس الفقراء بشكل كبير، متسائلاً: "إلى متى هؤلاء الذين يكونون تحت وطأة ارتفاع الأسعار بدون آليات تعويضية مناسبة؟"، متوقعاً أن استمرار هذه السياسات سوف يؤدي في أي وقت من الاوقات لحدوث انفجار تحت مسمى "احنا مش عارفين نعيش" بحسب قوله.
وشدد على ضرورة عدم المساس بالدعم المباشر كالسلع الغذائية بأي حال من الأحوال في المرحلة الحالية لحين وجود حسابات اقتصادية أخرى مثل ارتفاع مستوى الدخول أو ارتفاع معدل النمو، قائلاً: "لا يجب المساس بدعم السلع التموينية والخبز، ولابد من الاكتفاء بالترشيد الحادث بينهم فيما يتعلق بمنظومة وزير التموين الحالي".
وقال عبد الحميد، إن الدولة تتبع سياسة إلغاء الدعم بأسلوب حاد، في حين أنه لابد أن يكون بشكل تدريجي على أن ينتهي خلال خمسة سنوات فقط، مطالباً بأن يكون ذلك بطريقة مرنة، قائلاً: "الدولة تأخذ قرارات قاسية، فخفضت الدعم بنسبة 30% في حين أن أسعار البترول العالمية انخفضت بشكل كبير، فلابد أن تعكس لنا انخفاض الأسعار وليس العكس أو تقوم بتثبيتها".
الانحياز للأغنياء على حساب الفقراء.
ورأى باسم كامل- عضو الهيئة العليا للحزب "المصري الديمقراطي الاجتماعي"، أن انحيازات الحكومة منذ اليوم الأول من توليها المسئولية متحاملة على ما وصفهم بالغلابة والفقراء والطبقة الأكثر احتياجاً، لافتاً إلى أنها جائت على عكس ما صرح به الرئيس السيسي والمسئولين بأنهم ينحازون إلى محدودي الدخل والشباب، بينما السياسات التي تتبع ضدهم.
وأرجع كامل في تصريح خاص ل"الفجر"، صمت المواطنين على هذه السياسات إلى سوء الوضع الاقتصادي وشعبية الرئيس السيسي، بالإضافة إلى ما تواجهه الدولة من إرهاب، متسائلاً: "بس الناس ها تستحمل لفين ولأي درجة؟"، مشيراً إلى أن المصريين لم يروا بشكل واضح انحيازات الدولة للغلابة على حساب الأغنياء، بينما الأسعار تزيد وتمسهم.
وقال إن رفع أسعار المياه والغاز والكهرباء والبنزين والسولار بطبيعة الحال أدى إلى رفع أسعار باقي السلع، وتسبب في أزمة لدى المواطنين، مشيراً إلى أن الإيجابية الوحيدة للحكومة هي منظومة التموين قائلاً: "الناس مبسوطة منها إنما في النهاية المواطن نهاية الشهر كان بيعيش ب 10 قروش أصبح يعيش ب 12، والمحصلة أن المصاريف زادت ومرتبه ما زال بنفس المعدل".
وتابع كامل: "الناس اللي بتقبض ملايين سياسات الحكومة لم تقترب منها، فحينما تم رفع الحد الاقصى للأجور، طبق على الموظفين العاديين فقط، لم نرى هجمة قوية وواضحة على الفساد وإلى الآن منظومة الفساد مستمرة".
وأكد أن المواطن سيتحمل ويصمت فقط حينما يرى الدولة تأخذ من الأغنياء وليس الفقراء، وغلق ما أسماه بحنفيات الفساد وإهدار المال العام، بالإضافة إلى تطبيق سياسة واضحة فيها انحيازات للبسطاء وتنمية حقيقية غير قائمة على الاعانات، موضحاً أنه في النهاية الفساد ما زال مستمراً والاغنياء لم يمسوا واهدار المال العام ما زال موجوداً وفي النهاية الفاتورة يدفعها المواطن العادي البسيط، مؤكداً أن هناك وقت سيأتي ليرفض هذه السياسات، متمنياً أن يستوعب المسئولين الدرس جيداً وأن ينحازوا إلى الفقراء.