اعلن ناشطون سوريين مقتل 32 شخصا على الأقل جراء إطلاق قوات الأمن النار عليهم ، في أكبر تظاهرة شهدتها دمشق منذ بدء الاحتجاجات المطالبة بتنحي الرئيس بشار الاسد في منتصف مارس/آذار الماضي ، فيما تعلن محافظة أدلب اضرابا عاما غدا الاحد حداد على شهدائها. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن نحو مليون شخص شاركوا في هذه التظاهرات التي دعت إلى تحرير المعتقلين في سجون النظام السوري وتحت شعار "جمعة أسرى الحرية". واوضح المرصد ان القتلى سقطوا في محافظات دمشق وريفها وحمص ودرعا وادلب. وأضاف المرصد ان عدد الجرحى تجاوز 100 جريح اكثر من نصفهم في حي القابون بدمشق، وان عدد المعتقلين في مظاهرات الجمعة بلغ اكثر من 250 معتقلا . وأفادت تقارير بأن 16 من القتلى سقطوا في العاصمة دمشق حيث شارك نحو 20 ألفا في مظاهرات في بعض مناطقها. وكانت عدة مدن سورية قد شهدت مظاهرات حاشدة أمس في ما وصف ب "جمعة أسرى الحرية"، إشارة الى الناشطين الذي تعتقلهم السلطات السورية. ونقلت هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" عن ناشطين حقوقيين قولهم: "ان اربعين جريحا أصيبوا نتيجة الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين في بلدة دوما في ريف دمشق عقب صلاة الجمعة وإن ثلاثة منهم في حالة حرجة". فقد شهد شارع الجلاء في البلدة مظاهرة قدر عدد المشاركين فيها ب 15 ألف شخص ورددوا هتافات تطالب بإطلاق سراح المعتقلين، الذين وصفوهم بالاسرى، وبالحرية واسقاط النظام. وأفاد الناشطون بوقوع قتلى وجرحى في حي القابون بدمشق نتيجة إطلاق النار خلال تظاهرات أمس الجمعة، بينما سقط آخرون في حي ركن الدين في العاصمة. وفي بلدة جوبر قرب دمشق نقلت المصادر الرسمية أن إطلاق نار قد حصل مما أدى إلى جرح اثنين من قوات الأمن. وذكرت وكالة الأنباء السورية "سانا" إن مسلحين أطلقوا النار على قوات الأمن في كل من القابون وركن الدين في دمشق. وفي درعا، قال ناشطون إن شخصين من عائلة واحدة قتلا. أما في ريف حمص فقد خرجت مظاهرات في كل من القصير وتلبيسة والرستن. وانطلقت في مدينة دير الزور شرقي سوريا أكبر التظاهرات بعد صلاة الجمعة وقدرت الأعداد بأكثر من 100 ألف حيث تجمعوا في الساحة الرئيسية وذلك حسب مصادر حقوقية. وقال ناشطون ان ثلاثة أشخاص على الأقل قتلوا في المظاهرات التي انطلقت في محافظة إدلب. وفي مدينة دير الزور شرقي سورية، انطلقت مظاهرة كبيرة بعد صلاة الجمعة وقدر عدد المشاركين فيها بنحو 350 ألف شخص حسب رامي عبدالرحمن من مرصد حقوق الإنسان، الذي قدر عدد المتظاهرين في حماة ودير الزور فقد بنحو مليون شخص. كما خرجت مظاهرات في مدينتي البوكمال والميادين شرقي البلاد قرب الحدود العراقية. وفي حمص وسط سورية، أطلقت قوات الأمن الرصاص بكثافة على المتظاهرين في حي الغوطة بينما تتواصل الاحتجاجات في الشوارع الداخلية للحي. وخرجت مظاهرات حاشدة من جامع النور في الخالدية وجامع خالد بن الوليد وجامع العباس في طريق حماة وفي باب السباع والبياضة والوعر. كما وقع إطلاق نار وقنابل مسيلة للدموع قرب جامع الفردوس في منطقة الإنشاءات. وفي اللاذقية خرج اليوم آلاف المتظاهرين ورفعوا شعارات تطالب بإسقاط النظام.
وفي القامشلي، حيث تقطن غالبية كردية، خرج آلاف المتظاهرين في مسيرات أكدوا فيها على مطالبهم بإسقاط النظام. وكانت تقارير لمنظمات حقوقية قد قالت أمس إن قوات الأمن السورية قتلت يوم الخميس ستة أشخاص على الأقل فى محاولتها وقف الاحتجاجات ضد النظام في عدة مناطق سورية. وتعد مظاهرات أمس من بين أكبر المظاهرات التي شهدتها البلاد منذ بداية الانتفاضة السورية في مارس/ آذار الماضي. وبالرغم من أن الحكومة أطلقت مبادرة "الحوار الوطني" إلا أن الكثير من المحتجين يطالبون بإزاحة الرئيس بشار الأسد من الحكم. ويقدر عدد القتلى منذ اندلاع الانتفاضة في سورية بنحو 1600 من المتظاهرين وقوات الأمن. من جهتها أعلنت لجنة التنسيق المحلية في محافظة إدلب إضرابا عاما في المدينة غدا الأحد، رداً على ما وصفته بحملة الاعتقالات الشرسة التي شنتها قوات الأمن السورية على شباب المدينة وحدادا على أول قتيل يسقط في المدينة. ونقل راديو "سوا" الامريكي عن المنسقية قولها: "ان المدينة ستغلق أبواب جميع محلاتها وستتفرغ للتظاهر من اجل قتلى المدينة والحرية والدعوة إلى سقوط نظام الأسد". قال ناشط حقوقي أن ثلاثة أشخاص قتلوا وأصيب آخرون في مواجهات جرت بحي الثورة في محافظة ادلب، لافتا إلى أن طفلا يبلغ 12 عاما توفي في جوبر إثر تعرضه لطلق ناري بالرأس. من جهة اخرى تستعد المعارضة السورية لعقد مؤتمر الإنقاذ الوطني في كل من دمشقواسطنبول في آن واحد. ونقل راديو "سوا" الامريكي عن اللجنة التحضيرية لمؤتمر الإنقاذ الوطني قولها: "إن الاستعدادات مستمرة لعقد هذا المؤتمر من اجل بحث مستقبل البلاد السياسي" ،وفق بيان نشر على صفحة المؤتمر على موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك". وكانت تقارير قد تحدثت عن إلغاء عقد مؤتمر الإنقاذ الوطني في العاصمة دمشق والاكتفاء بعقده في اسطنبول بعد مقتل نحو 10 متظاهرين في منطقة القابون وسط العاصمة دمشق، بالقرب من الفندق الذي سيستضيف مؤتمر الإنقاذ الوطني. لكن عضو اللجنة التحضيرية الناشط الحقوقي مشعل التمو أكد أن استضافة دمشق للمؤتمر لن تحدد إلا في اللحظات الأخيرة، لأن السلطات تستطيع "إرسال رجال الأمن أو الشبيحة إلى الاجتماع لإيقافه"، مشيرا إلى أن هذا لن يمنع المعارضة "من اتخاذ الخطوة الأولى لتحديد البديل السياسي للسلطة القائمة حالياً". وسيعقد الاجتماع في ظل غياب أبرز القوى الكردية عنه بسبب "تغييبها عن الإعداد لأوراقه السياسية"، بحسب ما وصف القيادي الكردي شلال كدو، بينما أكد التمو أن اللجنة التحضيرية للمؤتمر شاركت القوى الكردية بجميع تفاصيله لكن هذه القوى "تفتقر إلى الرؤية السياسية الواضحة لمستقبل سوريا". من جانبه حذر نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام، من كثرة المؤتمرات التي تعقدها المعارضة، واصفا إياها "بالظاهرة السلبية".
غير أنه أكد ضرورة التركيز على "الجانب الممتلئ من الكأس"، كون هذه المؤتمرات تعكس "حيوية المعارضة السورية التواقة للتغير"، مضيفاً أن الحكم على أي مؤتمر يتم من خلال "معرفة نتائجه وتوصياته". ونقل "راديو "سوا" عن نائب الرئيس السوري السابق قوله :"إن الرئيس السوري بشار الأسد "لا يسمع لنصائح احد"، وهو الأمر "الذي أوصل البلاد إلى أزمتها الحالية". وانتقد خدام اختلاف المعارضة السورية على ما اسماه "التفاصيل" رغم وجود العديد من الشعارات التي تتفق عليها "كإسقاط النظام والمطالبة بدولة مدنية تعددية". وقال إن أي "حسابات قائمة خارج مسألة إسقاط النظام هي حسابات خاطئة"، مضيفاً أن على "على السوريين وضع خلفياتهم السياسية خلف ظهورهم وأن يكون هدفهم الوحيد هو التغيير في سوريا". وكرر خدام الذي يرأس جبهة الخلاص الوطني المعارضة موقفه الداعي إلى تدخل دولي في الأزمة السورية "لأن الشعب السوري يواجه القتل والدماء والتدمير بصدور عارية، وبالتالي مساعدة المجتمع الدولي للشعب السوري مسألة مهمة وأساسية في عملية التغيير والانتقال بالسلطة من نظام ديموقراطي إلى أخر وطني ديموقراطي". وشن خدام هجوماً حاداً على الأمين العام لجامعة الدول العربية المصري نبيل العربي، قائلاً إنه "موظف برتبة سفير ولا يملك أن يعطي غطاء لأي نظام عربي"، منتقداً زيارته إلى دمشق التي قال إنها تؤكد أنه "لم يشاهد جرائم القتل التي تنشر على شاشات التلفزة وحجم الدمار والإذلال الذي أصاب سوريا". في هذه الأثناء، قالت مصادر مطلعة إن السلطات السورية ستحيل إلى القضاء اليوم السبت 28 شخصاً تم اعتقالهم في المظاهرة التي نظمها المثقفون والفنانون السوريون الأربعاء الماضي وسط العاصمة دمشق. وقالت مصادر حقوقية سورية إن نحو 40 شخصاً اعتقلوا خلال هذه التظاهرات بينهم 19 فتاة، ولم يعرف مصير الآخرين.