انطلاقة نارية.. «المشروع X» يقترب من 9 ملايين جنيه في يومين    سعر الدولار أمام الجنيه في بداية تعاملات اليوم 23 مايو    وزيرة التخطيط: الابتكار وريادة الأعمال ركيزتان أساسيتان لتجاوز «فخ الدخل المتوسط» (تفاصيل)    الصحة العالمية: النظام الصحي على وشك الانهيار في غزة مع تصاعد الأعمال العدائية    الحوثيون يعلنون استهداف مطار بن جوريون بصاروخ باليستي    وزير الأوقاف يعزي المستشار عدلي منصور في وفاة شقيقه    صلاح يتوج بجائزة أفضل لاعب في البريميرليج من «بي بي سي»    شاب ينهي حياته بأقراص سامة بسبب خلافات أسرية    الأرصاد تحذر من حالة الطقس: موجة حارة تضرب البلاد.. وذروتها في هذا الموعد (فيديو)    تصحيح فورى ودقيق لامتحانات النقل.. و"التعليم" تشدد على الالتزام بالنماذج    غلق كلي لطريق الواحات بسبب أعمال كوبري زويل.. وتحويلات مرورية لمدة يومين    البيان الختامى للاجتماع الوزاري الافريقي-الأوروبي يشير لاعتماد الاتحاد الافريقي ترشيح خالد العناني لليونسكو    الصحة تعقد اجتماعا تحضيريا لتنفيذ خطة التأمين الطبي لساحل المتوسط خلال الصيف    محافظ أسيوط يشهد تسليم 840 آلة جراحية معاد تأهيلها    وزير الخارجية والهجرة يتوجه إلى باريس لبحث القضية الفلسطينية    كوريا الشمالية تباشر التحقيق في حادث وقع خلال تشدين سفينة حربية    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 23 مايو في سوق العبور للجملة    «يد الأهلي» يواجه الزمالك اليوم في نهائي كأس الكؤوس الإفريقية.. اعرف موعد المباراة    فينيسيوس مودعا مودريتش: كُرتك فن.. وقصتك بألف كتاب    الهلال يفاوض أوسيمين    النحاس يدرس استبعاد إمام عاشور من ودية الأهلى اليوم بسبب الوعكة الصحية    وزير الاستثمار يلتقي رئيس "أبوظبي للطيران" لاستعراض مجالات التعاون    توريد 180 ألف طن قمح لصوامع وشون قنا    وزير التعليم العالى يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين جامعتى إيست لندن إيست كابيتال    محافظ سوهاج يفتتح أعمال تطوير ميدان سيتى ويوجه بمراجعة أعمدة الإنارة.. صور    قبل ترويجها للسوق السوداء.. ضبط 38 طن من الدقيق الأبيض والبلدي    ضبط 379 قضية مخدرات وتنفيذ 88 ألف حكم قضائى فى 24 ساعة    انطلاق قافلة دعوية إلى مساجد الشيخ زويد ورفح بشمال سيناء    بروتوكول تعاون بين "الإسكان" و"الثقافة" لتحويل المدن الجديدة إلى متاحف مفتوحة    بسمة وهبة ل مها الصغير: أفتكري أيامك الحلوة مع السقا عشان ولادك    رمضان يدفع الملايين.. تسوية قضائية بين الفنان وMBC    وزير الثقافة يشهد حفل فرقة أوبرا الإسكندرية ويشيد بالأداء الفنى    يدخل دخول رحمة.. عضو ب«الأزهر للفتوى»: يُستحب للإنسان البدء بالبسملة في كل أمر    الإفتاء توضح سنن يوم الجمعة .. أبرزها الإغتسال    وزير الري: تحديات المياه في مصر وأفريقيا تتطلب مزيدًا من التعاون وبناء القدرات    «الشيوخ» يناقش تعديلات قانونه ل«تقسيم الدوائر» غدا    وزير الصحة يشارك في مائدة مستديرة حول البيانات والتمويل المستدام لتسريع التغطية الصحية الشاملة    الرعاية الصحية: التعاون مع منظمة الهجرة الدولية في تقديم الخدمات للاجئين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 23-5-2025 في محافظة قنا    زلزال بقوة 6.3 درجة يهز جزيرة سومطرة الإندونيسية    مجدي البدوي: علاوة دورية وربط بالأجر التأميني| خاص    حقيقة انفصال مطرب المهرجانات مسلم ويارا تامر بعد 24 ساعة زواج    دينا فؤاد تبكي على الهواء.. ما السبب؟ (فيديو)    انتقادات لاذعة لنتنياهو واحتجاجات بعد إعلانه تعيين رئيس جديد للشاباك    قائمة أسعار تذاكر القطارات في عيد الأضحى 2025.. من القاهرة إلى الصعيد    يرغب في الرحيل.. الزمالك يبحث تدعيم دفاعه بسبب نجم الفريق (خاص)    مدفوعة الأجر.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    نموذج امتحان مادة الmath للصف الثالث الإعدادي الترم الثاني بالقاهرة    موعد نهائي كأس أفريقيا لليد بين الأهلي والزمالك    رسميًا بعد قرار المركزي.. ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 23 مايو 2025    الفنان محمد رمضان يسدد 26 مليون جنيه لصالح شبكة قنوات فضائية    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    ما حكم ترك طواف الوداع للحائض؟ شوقي علام يجيب    بدون الأهلي «بطل آسيا».. تحديد رباعي السوبر السعودي 2025    خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025    4 أبراج «بيسيبوا بصمة».. مُلهمون لا يمكن نسيانهم وإذا ظهروا في حياتك تصبح أفضل    جانتس: نتنياهو تجاوز خطًا أحمر بتجاهله توجيهات المستشارة القضائية في تعيين رئيس الشاباك    «بربع كيلو فقط».. حضري «سينابون اللحمة» بطريقة الفنادق (المكونات والخطوات)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مواقف ليست من الغيبة
نشر في الفجر يوم 17 - 04 - 2015

الغيبة من أشد آفات النفس الخبيثة، فهي تسبب العداوة والبغضاء والتقاطع والتدابر بين الناس، وتشغل المرء بعيوب الخلق وتُنسيه الانشغال بعيوبه، كما أنها اعتراض ضمني على قدر الله تعالى في خلقه.
وقد فشت آفة الغيبة في الناس فلا يكاد يخلو منها بر ولا فاجر ولا عالم ولا جاهل إلا من رحم الله تعالى، بل قد تمكن الشيطان في التدخل في هذه الجهة وأجلب بخليه ورجله من هذه الوجوه.
ولا يخفى على كل عاقل ما في كثرة مخالطة الناس من تفشي الغيبة، خاصة وأن وقعها على النفس سار، لاسيما إذا كان المغتاب مكروها أو عدواً، فإن سلم المخالط من القول بالغيبة لم يسلم من المشاركة فيها، وإن سلم من المشاركة فيها، لم يسلم من السكوت عليها وضرورة إنكارها لمن كان في مجلس غيبة، وإلا فيفارق ذلك المجلس إن لم يستطع الإنكار، وإن لم يقدر على مفارقة المجلس اشتغل بذكر أو غيره.
لقد تساهل الناس في الغيبة لأنها بطبيعتها سهلة لينة لا تكلف مشقة سوى تحريك اللسان في الفم لاسيما إذا كان المستغاب عدواً لمن في المجلس أو لبعضهم لأنهم يتشفون بذكر معايبه ويتلذذون بما يسمعون عنه من سوء ويذكر به من نقص، كما يتلذذ الظمآن بالماء البارد ليطفي به حرارة جوفه ويبل به صداه.
لكنها في الحقيقة انتقام عاجز وسلاح في يد جبان لأن المغتاب دائماً ينهزم عندما يعلم بحضور المستغاب أو أحد محبيه وربما أبدل هجاءه بمدح وذمه بثناء.
وحد الغيبة بينه صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتدرون ما الغيبة؟" قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "ذكرك أخاك بما يكره" قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: "إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته".
لكن ليس هذا على إطلاقه، بل ذكر العلماء من الأمور التي ليست بغيبة ست حالات، جمعها محمد بن عُوجان في أبيات شهيرة:
القدح ليس بغيبة في ستة ... متظلمٍ ومعرف ومحذر
ومجاهر فسقا ومستفت ومن ... طلب الإعانة في إزالة منكر
- (الأول): التظلُّم، فيجوز للمظلوم أن يتظلَّم إلى السلطان والقاضي، وغيرهما ممَّن له ولاية، أو قدرة على إنصافه من ظالمه فيقول: "ظلمني فلان بكذا".
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْكُو جَارَهُ، فَقَالَ له: «اذْهَبْ فَاصْبِرْ» فَأَتَاهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَقَالَ: «اذْهَبْ فَاطْرَحْ مَتَاعَكَ فِي الطَّرِيقِ» فَطَرَحَ مَتَاعَهُ فِي الطَّرِيقِ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ فَيُخْبِرُهُمْ خَبَرَهُ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَلْعَنُونَهُ: فَعَلَ اللَّهُ بِهِ، وَفَعَلَ، وَفَعَلَ، فَجَاءَ إِلَيْهِ جَارُهُ فَقَالَ لَهُ: ارْجِعْ لَا تَرَى مِنِّي شَيْئًا تَكْرَهُهُ [أبو داود].
-(الثاني): التعريف، فإذا كان الإنسان معروفاً بلقب، كالأعمش (سليمان بن مهران أبو محمد) والأعرج (عبد الرحمن بن هرمز، وهو من أشهر الرواة عن أبي هريرة)، والأصم، والأعمى، والأعور (مسلم بن كيسان) والأحول (عاصم بن سليمان) .. وغيرهم، جاز تعريفهم بذلك، ويحرم إطلاقه على جهة التنقيص، ولو أمكن تعريفه بغير ذلك كان أولى.
بل وجد في المحدثين من نسب إلى أمه وهو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي المشهور ب (إسماعيل بن عُليه)، وكان يقول من نسبني إلى أمي فقد اغتابني، ولكن علماء الحديث ذكروه بأمه لشرفه، لأن إسماعيل بن إبراهيم في الرواة كثير.
وكان ابن معين رحمه الله أحد الحراس الأشداء الأقوياء لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولَكَمْ أضرَّ بالكذابين والمغفلين وتوجعوا منه كثيراً! ومع ذلك كان لا يفتأ أن يقذف بالسهام إليهم، ولا يعبأ بنكيرهم ولا بكلامهم. .. قيل له يوماً: ألا تخشى أن يكون هؤلاء الذين تكلمت فيهم خصماءك عند الله يوم القيامة؟ فقال لهم: لأن يكون هؤلاء خصمائي أحبَّ إلي من أن يكون الرسول –صلى الله عليه وسلم- خصمي، يقول لي: «لِمَ لَمْ تَذُبَّ الكذِبَ عن سنتي؟»
وهذا بعكس حديث عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قُلْتُ للنبيّ صلى الله عليه وسلم: حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كذَا وكَذَا. [قَالَ بعضُ الرواةِ: تَعْنِي قَصيرَةً]، فقالَ: "لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ البَحْرِ لَمَزَجَتْهُ !" لأن الكلام هنا في معرض التنقيص.
-(الثالث): تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم، وذلك من وجوه: منها جرح المجروحين من الرواة والشهود، وذلك جائز بإجماع المسلمين، بل واجب للحاجة، ولذلك صح عن شعبة بن الحجاج أنه كان يأتي عمران بن حُدَيرٍ ويقول له: «تعال نغتاب في الله ساعة» أي نذكر مساوئ أصحاب الحديث، كقول علماء الجرح والتعديل عن الرواة: هذا مدلس، وهذا مختلط، وهذا وضاع أو كذاب.
ومنها المشاورة في مصاهرة إنسان، أو مشاركته، أو إيداعه، أو معاملته، أو غير ذلك، أو مجاورته ويجب على المشاوَر ألاَّ يخفي حاله، بل يذكر المساوئ التي فيه بنية النصيحة، ومنها إذا رأى متفقهاً يتردّد إلى مبتدع، أو فاسق يأخذ عنه العلم، وخاف أن يتضرر المتفقه بذلك، فعليه نصيحته ببيان حاله، بشرط أن يقصد النصيحة، وهذا ممّا يُغلط فيه، وقد يحمل المتكلم بذلك الحسد، ويُلبس الشيطان عليه ذلك، ويُخيل إليه أنه نصيحة فليفطن لذلك، ومنها أن يكون له ولاية، لا يقوم بها على وجهها: إما بأن لا يكون صالحاً لها، وإما بأن يكون فاسقاً، ونحو ذلك، فيجب ذكر ذلك، لمن له عليه ولاية عامة ليزيلها، ويولي من يصلح، أو يعلم ذلك منه ليعامله بمقتضى حاله، ولا يغتر به، وأن يسعى إلى أن يحثه على الاستقامة أو يستبدل به.
- (الرابع): أن يكون مجاهراً بفسقه أو بدعته كالمجاهر بشرب الخمر، وجباية الأموال ظلماً، وتولي الأمور الباطلة، فيجوز ذكره بما يُجاهر به، ويحرم ذكره بغيره من العيوب، إلا أن يكون لجوازه سبب آخر مما ذكرناه.
- (الخامس): الاستفتاء، فيقول للمفتي: ظلمني أبي، أو أخي، أو زوجي، أو فلان بكذا، فهل له ذلك؟ وما طريقي في الخلاص منه، وتحصيل حقي، ودفع الظُّلم؟ ونحو ذلك، فهذا جائز للحاجة، ولكن الأحوط والأفضل أن يقول: ما تقول في رجل أو شخص، أو زوج، كان من أمره كذا؟ فإنه يحصل به الغرض من غير تعيين، ومع ذلك فالتعيين جائز، كما في حديث هند أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي، إِلاَّ مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ فَقَالَ:"خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ".
لكن هناك فرق بين القضاء والاستفتاء، فالقضاء ملزم عكس الفتوى فهي غير ملزمة، والقاضي لابد أن يسمع من الطرفين، عكس المستفتي فإنه يفتي بناء على حكاية الواحد وظاهر الكلام.
فعن زينب بنت أبي سلمة، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض فأقضي له بنحو مما أسمع منه، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذ منه شيئا فإنما أقطع له قطعة من النار".
- (السادس): الاستعانة على تغيير المنكر، وردّ العاصي إلى الصواب، فيقول لِمَن يرجو قدرته على إزالة المنكر: فلان يعمل كذا، فازجره عنه، ونحو ذلك، ويكون مقصوده التوصل إلى إزالة المنكر، فإن لم يقصد ذلك كان حراما.
هذا وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.