أرسلت إيران رسالة إلى سلطنة عمان تطلب منها التدخل لحل الأزمة في اليمن سلميا في خطوة قد تضع العمانيين في إحراج بالغ عقب رفض مسقط الاشتراك في التحالف العربي الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين في اليمن. ووفقًا للعرب اللندنية، فإن طهران تريد أن تسحب طابع الإجماع عن التحالف العربي لدعم شرعية الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي من خلال دفع أحد الأعضاء المحوريين في مجلس التعاون الخليجي إلى التوسط من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة. لكن الخطوة الإيرانية قد تسبب إحراجا بالغا لسلطنة عمان التي قد تواجه بدورها مخاطر اقتراب الأزمة من حدودها المشتركة مع اليمن.
وذكرت وسائل الإعلام الإيرانية أمس أن طهران طلبت مساعدة سلطنة عمان لوقف ضربات التحالف العربي في اليمن "فورا".
وقالت إن وكيل وزير الخارجية الإيراني حسين عبداللهيان سلم السلطات العمانية الجمعة رسالة من الرئيس حسن روحاني تؤكد على "ضرورة المساعدة في وقف الهجمات على اليمن فورا".
والرسالة الإيرانية تأتي في توقيت يرجح فيه خبراء أن دول التحالف العربي تستعد للتدخل البري في اليمن، وجاءت ترجمة للعلاقات التي حافظت عليها مسقط مع طهران منذ وصول التنافس بين السعودية وإيران على النفوذ في المنطقة إلى ذروته قبل أربعة أعوام.
ولا تبدو السعودية على استعداد لتنبي أي حل سلمي قبل استسلام الحوثيين لشروط الحوار الوطني الذي شاركت فيه جميع القوى السياسية اليمنية في السابق.
وأدانت إيران هذه الغارات التي تتم ضمن عملية "عاصفة الحزم" بينما تتهمها دول عربية بالسعي إلى توسيع نفوذها في الشرق الأوسط عبر دعمها للحوثيين.
ويرى مراقبون أن الرسالة الإيرانية إلى مسقط هي محاولة لإحداث اختراق في الموقف اليمني وطلب صريح بأن تلعب سلطنة عمان دورا أكثر محورية في حل الأزمة بدلا من مجرد الاكتفاء بعدم المشاركة في التحالف.
وهذه ليست المرة الأولى التي تلجأ إيران فيها إلى سلطنة عمان التي كانت طرفا أساسيا في بدء المفاوضات بين إيران والدول الغربية حول ملفها النووي عام 2013.
وقبل التوصل إلى صيغة اتفاق إطاري حول القضية التي تحولت إلى أولوية بالنسبة لأميركا والغرب في منطقة الشرق الأوسط، كانت سلطنة عمان على عكس معظم دول مجلس التعاون الخليجي تميل إلى ضرورة التوصل إلى هذا الاتفاق في أسرع وقت.
وعكست هذه الرغبة العمانية الملحة تصريحات وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي الذي قال الأسبوع الماضي "إن الإخفاق في التوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني سيكون كارثة على المنطقة لكن الاتفاق سيحقق السلام رغم الخلافات السياسية التي لاتزال قائمة".
وأكد بن علوي في مسقط "هناك من يفضلون السلام لهذا تجري المفاوضات بين الدول الست الكبرى وإيران".
وأضاف "على أولئك الذين يفضلون الحرب أن يكونوا مستعدين لتقبل خسائر. خسائر فادحة .. كارثة".
لكن الأزمة في اليمن تختلف عن المحادثات النووية. فبن علوي، الذي كان يستند في تصريحاته إلى إجماع دولي حول ضرورة التوصل إلى اتفاق ولو مؤقت مع إيران يمنعها من الوصول إلى القنبلة النووية، يجد نفسه وسط إجماع مماثل، باستثناء إيران، حول الخيار العسكري ضد الحوثيين في اليمن.
ولا تشعر السعودية بارتياح كاف تجاه الموقف العماني الذي تعتبره غامضا. وفي الوقت نفسه لا تستبعد الرياض الحل التفاوضي لإنهاء الأزمة لكن تريد أن ترى الحوثيين أولا مستعدين للتخلي عن طموحهم في السيطرة الكاملة على مدينة عدن والتراجع إلى حدودهم في صعدة شمالي اليمن. وخسارة أجزاء واسعة من عدن بالنسبة للسعوديين ليست كارثة، لكنها إشارة إلى أن العمليات العسكرية لإجبار الحوثيين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات ستطول.
وتفضل الرياض الانتظار إلى حين تدمير القدرات الدفاعية لقوات الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح حليف الحوثيين أولا. ويبدو أن صالح لم يعد يملك مساحة كبيرة للمناورة أو قدرات عسكرية واسعة تمكنه من الخروج من هذه المعركة منتصرا، لذا لجأ بدوره إلى الدعوة إلى المفاوضات.
وقال مارتن ريردون نائب رئيس مجموعة سوفان للدراسات الأمنية والاستراتيجية "الرياضوطهران تسعيان إلى رسم حدودهما على الرمال. بالنسبة للسعودية فإن ما يحدث على حدودها الجنوبية يعني لها الكثير. لا يستطيع السعوديون أن يسمحوا بانتشار الفوضى التي قد تمنح إيران يدا طولى في اليمن".
وأضاف "الخط الإيراني على الرمال يدور حول سوريا والعراق. فطهران تنظر إلى هاتين الدولتين باعتبارهما معا منطقة عازلة عن المحيط السني المحيط بمناطق نفوذها في الشرق الأوسط. لذلك فالحفاظ على حكومتين مواليتين لها في الدولتين أمر غير قابل للنقاش هناك".