مشاعر الحزن والقلق أصبحت القاسم المشترك عند كل المصريين على حد سواء، إلا أنها تزداد حدة وقسوة عند أولئك الذين لهم أبناء أو إخوة أو آباء لا يزالون متواجدين على أرض الدولة الليبية الشقيقة، لاسيما بعد ذبح 21 من أبناء الوطن على يد التنظيم الإرهابي الدولي المسمي داعش. تقول روحية إبراهيم، ربة منزل، بمركز أبوتشت، شمال قنا، "ابني احمد قاعد لوحده وسط المجرمين والقتلة ومفيش غير ربنا معاه" وتنهمر دموعها وهي تصرخ قائلة " كلمولي حد يا ولدي علشان يطمني، أنا قلبي مقبوض عليه". وأضافت، قد ذهب أحمد إلى الأراضي الليبية في رحلة بحث عن لقمة العيش الكريمة بعد ان تقطعت به السبل منذ عام تقريبا في احدي المدن الليبية، الا ان خطاباته الأخيرة لأهله كانت تحمل خوفا من واقع المشهد اللبيبي الذي يراه يزداد سوءا يوما بعد يوم قبل ان تنقطع اخباره قبل بضعة أيام. ويروي إكرامي أحمد، أحد العائدين من ليبيا منذ فترة، قصته للهرب من الفقر، واللجوء الى ليبيا قائلا، "فكرت في الهروب الى الأراضي الليبية بعد الحصول على شهادة الدبلوم، لابدأ بذلك مسيرتي العملية في الحياة، ولجمع بعض الأموال حتى استطيع الانفاق على نفسي واسرتي، ومن ثم التفكير في الزواج، فقمت بجمع واقتراض ثمن التأشيرة، واستطعت الدخول الى أرض ليبيا لابدأ في تحقيق الحلم في "جمع الاموال". وتابع أحمد، أول ما شاهدته هناك، هو سوء المعاملة، الذين يعتبروننا "عبيد"، فالكثير منا كان يعمل في ظل الاهانة والتعذيب من الليبيين، من أجل الحصول على لقمة عيش، يستطيع التقوت منها، هربا من الفقر أو الموت جوعًا، وما زاد الامر الان، هو ظهور تلك الجماعات الارهابية، والتي تسمى داعش، والتي تحتجز العديد من المصريين، وقامت بقتل العديد منهم بالأمس، وسط تخوف المصريين هناك. ويري أيمن الوكيل باحث في شئون الصعيد، أحد أقارب العاملين بليبيا ومحتجزين من قبل داعش، أن حادثة مقتل 21 مصريا من أبناء مصر الشرفاء على يد مجموعة إرهابية لا تمت للإنسانية بصلة، وهو أمر يؤرخ لمرحلة جديدة من غياب الإنسانية والرحمة ويحتاج إلى بذل مزيد من الجهد الدولي للوقوف في وجه الإرهاب الأسود الذي لا يعرف دين او وطن . ويضيف الوكيل أن موقف القيادة السياسية المصرية هو خطوة في الاتجاه الصحيح لكنها تحتاج إلى خطوات وخطوات ، يجب ان يتزامن معها موقف دولي موحد وداعم لها ، تشارك فيه الأنظمة العربية بكل ما أوتيت من قوة حتى يتم ردع أولئك الحمقى الذين سولت لهم انفسهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون. ولا يختلف الأمر كثيرا عند أغلب المصريين الذين يتواجدون بالأراضي الليبية والذين يتعرضون لأسوء أنواع المعاملة من بعض المواطنين الليبيين المغرر بهم الأمر الذي دفع عدد من المصريين بدولة ليبيا إلى المكوث في منازلهم طلبا للأمان وحتى يجدوا فرصة لمغادرة تلك الدولة التي غاب عنها الأمن والأمان بغياب الدولة ممثلة في أجهزتها الأمنية .