طوقت شرطة مكافحة الإرهاب الفرنسية بلدة شمالية صغيرة وحلقت فوقها طائرات هليكوبتر بعد أن احتجز رجلان يشتبه بأنهما منفذا الهجوم على صحيفة شارلي إبدو شخصا واحدا على الأقل رهينة في ورشة للطباعة. وأثار الهجوم تساؤلات في فرنسا عن حفظ الأمن ومراقبة المتطرفين والسياسيات اليمينية المتطرفة والدين والرقابة في بلد مازال يسعى لاستيعاب خمسة ملايين مسلم يمثلون أكبر تجمع للمسلمين في الاتحاد الاوروبي. وحاصرت سيارات الشرطة والعربات المدرعة وسيارات الاسعاف بلدة دامارتان جويل اليوم الجمعة فيما حلقت طائرات هليكوبتر فوق المكان. وطلب من السكان ان يبقوا في منازلهم وتم اخلاء المدارس القريبة من ورشة طباعة حيث تحصن المسلحان. وأشارت تقارير إلى حادث آخر لاحتجاز رهائن في متجر للاطعمة اليهودية في باريس. ونقلت وسائل الإعلام الفرنسية عن وكالة الأنباء الفرنسية قولها ان شخصين على الاقل قتلا في تبادل لإطلاق النار هناك لكن الشرطة قالت انها لا يمكنها ان تؤكد ذلك. وقالت وزارة الداخلية إن قوات الأمن التي تحاصر ورشة طباعة في دامارتان جويل تحاول الاتصال بالمسلحين اللذين افلتا من الشرطة في وقت سابق من اليوم الجمعة في عملية مطاردة في سيارة منطلقة بسرعة كبيرة على طريق سريع يؤدي إلى باريس. وقال بيير أونري برانديت المتحدث باسم وزارة الداخلية في تغريدة على حسابه بموقع تويتر "يمكن ان يستغرق هذا الأمر وقتا طويلا." وقال إيف الباريللو وهو عضو برلمان محلي وعضو مجموعة أزمة مكلفة من جانب السلطات لقناة تلفزيون آي تيلي ان المشتبه بهما أعلنا أنهما يريدان الموت "كشهيدين". والمسلحان هاربان منذ أن اقتحما مقر صحيفة شارلي إبدو في باريس وهي صحيفة ساخرة يعرف عنها السخرية من الإسلام والديانات الأخرى ومن الشخصيات السياسية. وندد الزعماء الغربيون بالهجوم ووصفوه بأنه اعتداء على الديمقراطية. واشاد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بالمسلحين ووصفهما بأنهما فرسان الحقيقة. وصرح مصدر كبير بالمخابرات اليمنية لرويترز بأن سعيد كواشي أحد الشقيقين اللذين يشتبه في تنفيذهما الهجوم على صحيفة شارلي إبدو زار اليمن في 2011 ومكث بها عدة أشهر لإجراء دراسات دينية وأنه التقى برجل الدين أنور العولقي. لكن لا توجد معلومات مؤكدة عما إذا كان كواشي قد تلقى تدريبا على يد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب أحد أنشط فروع القاعدة في العالم. ثالث هجوم في باريس في يومين وأظهرت أنباء وقوع مزيد من اطلاق النار في باريس - الثالث في يومين - مدى التهديد الذي تواجهه السلطات الفرنسية والقوة التي يبلغ قوامها نحو 90 ألف فرد التي تم حشدها في عملية البحث. وقال مصدر بالشرطة إن عددا من الأشخاص احتجزوا رهائن في متجر الاطعمة اليهودية في شرق باريس بعد إطلاق نار من رجل يحمل بندقيتين. وقال المصدر إن المهاجم يحمل أوجه شبه بالمسلح الذي يشتبه في انه قتل شرطية في حادث منفصل في جنوبباريس أمس الخميس ويعتقد انه عضو في نفس الجماعة الجهادية التي ينتمي لها المشتبه بهما في حادث صحيفة شارلي إبدو. ونشرت الشرطة صور رجل في الثانية والثلاثين من العمر يدعى أميدي كوليبالي وامرأة عمرها 26 عاما تدعى حياة بومدين وهما مطلوبان فيما يتعلق بحادث باريس. واحتمال وقوع هجمات متعددة من الامور التي تصيب بالقلق أجهزة الأمن الغربية منذ ان ضرب متشددون إسلاميون عددا من الأهداف في مومباي عام 2008 وقتلوا 166 شخصا. وقال يوهان باردو -وهو سباك لا يفصل محله عن ورشة الطباعة المحتجز فيها الرهينة سوى مبنى واحد- إنه تجنب البقاء في المحل عندما سمع طلقات الرصاص لكن والدته توجد بالمبنى المجاور للمطبعة. وأضاف "بالطبع أنا قلق عليها. أرجو أن تهدأ الأمور سريعا وتنتهي على خير." وتابع بقوله "إنهم منتشرون في كل مكان. أغلقوا المناطق بأكملها. طائرات الهليكوبتر تحلق ووجود الشرطة كثيف." أحد المشتبه بهما زار اليمن صرح مصدر كبير بالمخابرات اليمنية لرويترز بأن أحد الأخوين المشتبه بهما زار اليمن في 2011 ومكث بها عدة أشهر لإجراء دراسات دينية. لكن لا توجد معلومات مؤكدة عما إذا كان المشتبه به قد تلقى تدريبا على يد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. وهتف المسلحون "الله أكبر" أثناء تنفيذ الهجوم الذي وصفه الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند وزعماء آخرون بأنه هجوم على مبادئ الديمقراطية. وأثار الهجوم القلق من شن هجمات مماثلة في عواصم أخرى. ويخشى زعماء غربيون منذ وقت طويل من أن يتمكن إسلاميون خاضوا القتال في العراقوسوريا واليمن ودول أخرى من شن هجمات في بلدانهم لدى عودتهم. وتعرضت شبكة النقل في لندن إلى هجوم في 2005 بعد أربع سنوات من هجمات الحادي عشر من سبتمبر أيلول في الولاياتالمتحدة. وشن مسلحون المزيد من الهجمات في الآونة الأخيرة في دول منها الهند وباكستان ونيجيريا وكينيا. والمشتبه بهما الهاربان في أوائل الثلاثينات من العمر وكانا تحت مراقبة الشرطة بالفعل. وسجن أحدهما -ويدعى شريف كواشي- 18 شهر المحاولته السفر إلى العراق قبل عشر سنوات للقتال مع خلية إسلامية. وذكرت مصادر أمريكية وأوروبية مقربة من التحقيق أن سعيد كواشي المشتبه به الثاني زار اليمن عام 2011 ومكث فيه عدة أشهر للتدريب على يد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب أحد أنشط فروع القاعدة في العالم. وأفادت مصادر حكومية أمريكية بأن الأخوين مدرجان في قاعدتي بيانات أمنية أمريكية إحداهما بالغة السرية تحوي معلومات عن 1.2 مليون شخص مشتبه به في قضايا مرتبطة بالإرهاب والأخرى قائمة أصغر بكثير للممنوعين من السفر جوا. ووسط تقارير إعلامية عن حوادث عنف متفرقة تستهدف المسلمين في فرنسا دعا أولوند وحكومته الاشتراكية الفرنسيين إلى عدم اتهام الإسلام بالمسؤولية عن عمليات القتل بمقر شارلي إبدو. تساؤلات بشأن المراقبة وأجرى أولوند محادثات مع زعماء المعارضة ودعا في لفتة نادرة مارين لوبان زعيمة الجبهة الوطنية المناهضة للمهاجرين إلى قصر الإليزيه لإجراء مناقشات اليوم الجمعة. وأعادت صحف أوروبية كثيرة نشر الرسوم الكاريكاتيرية لشارلي إبدو أو تهكمت من القتلة برسوم خاصة بها. وبعد الحكم السابق على الأخ الأصغر بالسجن لسعيه إلى القتال في العراق قبل عشر سنوات ونزاعه مع السلطات في الآونة الأخيرة بشأن مزاعم تورطه في مخططات مسلحة أثيرت تساؤلات بشأن ما كان يمكن للشرطة فعله أكثر من ذلك لمراقبتهما. واعتقل شريف كواشي يوم 25 يناير كانون الثاني 2005 بينما كان يستعد للسفر إلى سوريا في طريقه إلى العراق وقضى فترة 18 شهرا من حكم بسجنه ثلاث سنوات. وقال المحامي فينسنت أوليفيه الذي تولى مهمة الدفاع عن شريف في القضية لصحيفة ليبيراسيون "كان ضمن مجموعة شبان كانوا تائهين بعض الشيء ومشوشين وليسوا متعصبين بالمعنى الحرفي للكلمة." وفي 2010 اتهم شريف بالانتماء إلى جماعة حاولت تهريب اسلامي مسلح من السجن. وكانت السلطات الفرنسية قد سجنت المسلح إسماعيل علي بلقاسم بعد تفجيرات عام 1995 استهدفت محطات للقطار وقطارات الأنفاق في باريس وقتل فيها ثمانية أشخاص وأصيب 120 شخصا. ورفضت الدعوى القضائية ضد شريف كواشي بسبب نقص الأدلة.