الأعلى للجامعات يعتمد قواعد تنسيق القبول بالكليات الحكومية والمعاهد    البابا تواضروس يتلقى تقريرا عن الخدمة في إيبارشية اليونان    السفينة والرُّبان.. لماذا احترام النقيب واجب على الجميع؟!    خبير أسواق مال: خفض أسعار الفائدة يعزز شهية المستثمرين فى سوق المال    التحفظ على جرار بمقطورة لإلقائه مخلفات هدم بالطريق العام فى الدقهلية (صور)    وزراء خارجية عرب يعلنون تأجيل زيارتهم إلى الضفة الغربية    الأهلي يتواصل مع الخلود السعودي لقيد أليو ديانج في قائمة المونديال    الهلال الأحمر: إنقاذ 34 شخصًا عالقًا في المناطق المتضررة من سيول الإسكندرية (صور)    رفع جلسة محاكمة المتهمين في انفجار خط غاز الواحات لإصدار القرار    الحزن يخيم على والد ضحية سيرك طنطا بعد تأجيل محاكمة أنوسة كوتة (فيديو)    صحة الشرقية تنفذ حملة للتبرع بالدم بمستشفى فاقوس المركزى    استخراج بطارية من مريء رضيع ببنها    ماذا يأكل الحجاج؟ بعثات الحج السياحية تشارك في جلسة «تذوّق الوجبات»    محافظ المنيا: توريد 483 ألف طن قمح منذ بدء موسم 2025    البيان الختامي لاجتماع وزراء خارجية مصر وتونس والجزائر بشأن ليبيا* (آلية دول الجوار الثلاثية) القاهرة 31 مايو 2025    المدير التنفيذي للهلال الأحمر: استنفار كامل في الإسكندرية لمواجهة السيول    «السكوت عن سرقتها خيانة».. بهاء حسني يرد على بيان جمعية المؤلفين والملحنين بعد أزمته مع حسين الجسمي    أوبك + تقرر زيادة الإنتاج بمقدار 411 ألف برميل يوميا في يوليو    صراع البقاء في دوري المحترفين.. 4 فرق يتنافسون على الهروب من المقعد الأخير    250 مليون نحلة طليقة في الهواء بعد انقلاب شاحنة.. ماذا حدث في واشنطن؟    محافظ الدقهلية يتفقد المركز التكنولوجي بمركز أجا ويصدر 7 توجيهات    القاصد وأبو ليمون يستقبلان وزير التعليم العالي خلال زيارته للمنوفية    إنريكي يثق في قدرة سان جيرمان على تحقيق اللقب الأوروبي    الكنيسة تشارك في حملة صكوك الأضاحي بدمياط    القاهرة الإخبارية تكشف آخر تطورات الوضع في غزة    محافظ المنوفية يشهد الجلسة الافتتاحية للمجلس الأعلى للجامعات    نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة يتفقد مستشفى وادي النطرون التخصصي بالبحيرة    ترامب يرفع الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألومنيوم إلى 50%    تسجيل إصابات من الجانبين بعد الهجمات الأخيرة في روسيا وأوكرانيا    الصحة: الكشف على 15 ألف حاج مصري وتحويل 210 حالات للمستشفيات السعودية    سحب 700 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    إسرائيل تمنع وفدًا وزاريًا عربيًا من لقاء عباس    لازاريني: المجاعة في غزة يمكن وقفها إذا توفرت الإرادة السياسية    وزير المالية: الإعلان عن برنامج جديد للمساندة التصديرية خلال الأسبوع المقبل    خمسة في عين الحسود.. حكاية أمينة خليل بمايو بين الجوائز والحب والتألق في كان    غياب "ضحية النمر" عن أولى جلسات محاكمة مدربة الأسود.. والده يكشف التفاصيل    انطلاق التسجيل في الدورة الثانية لمهرجان VS-FILM للأفلام القصيرة جدًا    تكريم شيري عادل في ختام مهرجان القاهرة للسينما الفرانكوفونية    الرئيس السوري أحمد الشرع يجري زيارة رسمية إلى الكويت غدا    صفقات الأهلي الجديدة تظهر في مران الفريق اليوم لأول مرة    عادل عبدالرحمن: الأهلي يحتاج لهذه الصفقات قبل كأس العالم للأندية    محافظ الدقهلية في زيارة مفاجئة لعيادة التأمين الصحي بجديلة    «المشروع X».. العمق أم الإبهار؟    ثروت سويلم: بحب الأهلي ومنظومته.. وبتمنى الأندية تمشي على نفس النهج    إصابة 7 عمال فى حادث تصادم بكفر الشيخ    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على طرق القاهرة والجيزة    طفل المرور بعد 5 سنوات.. يحطم رأس صديقه ب«عصا البيسبول»    وزير العمل يؤكد حرص مصر على تعزيز التعاون مع صربيا في كافة المجالات    نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2025 بالشرقية وخطوات الاستعلام برقم الجلوس (الموعد و الرابط)    دعاء المطر والرعد كما ورد عن النبي (ردده الآن)    "ليس جمهور الأهلي".. إمام عاشور يعلق على لقطة إلقاء الزجاجات على كولر    أفضل دعاء في العشر الأوائل من ذي الحجة.. ردده الآن للزوج والأبناء وللمتوفي ولزيادة الرزق    جراديشار: شاركت في مباراة بيراميدز ولم أكن أعرف أسماء لاعبي الأهلي    موعد أذان فجر السبت 4 من ذي الحجة 2025.. ودعاء في جوف الليل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 31-5-2025 في محافظة قنا    تغييرات مفاجئة تعكر صفو توازنك.. حظ برج الدلو اليوم 31 مايو    الجماع بين الزوجين في العشر الأوائل من ذي الحجة .. هل يجوز؟ الإفتاء تحسم الجدل    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات الأخرى اليوم السبت 31 مايو 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمر طاهر يكتب: صنايعية مصر (4) .. ناعوم شبيب
نشر في الفجر يوم 20 - 07 - 2013


(1)
تقول الأسطورة إن جمال عبد الناصر بعد تولى الرئاسة قرر مساندة المقاومة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسى، فأرسلت له أمريكا 6 ملايين جنيه عربون محبة لقائد مصر الجديدة، لكن البنكنوت كان يحمل رسالة ضمنية واضحة تقول «هذه رشوة مستترة وخليك فى حالك».
تقول الأسطورة إن ناصر قبل المبلغ وقرر أن يستغله فى تقديم درس جديد من دروس الكرامة للمصريين وبالمرة
«يعلّم على الأمريكان».
قال ناصر: هاتوا لى ناعوم شبيب.
(2)
كان ناعوم شبيب وقتها حديث مصر كمهندس ومقاول، فقبل عام1950 لم يكن فى العاصمة المصرية مبان تعلو على اثنى عشر طابقا، ومع ذلك كانت عند نعوم شبيب الجرأة الكافية لإنشاء أول ناطحة سحاب، عمارة سكنية من 22 طابقا.
كانت بناية ناعوم مثار هجوم البعض مثل رجال الدفاع المدنى الذين صرحوا فى الصحف بأنهم لا يمتلكون معدات تسمح لهم بإطفاء أى حريق يشب فى هذه الأدورا العليا، وتبرع بعض المعماريين المشهورين بتحذير سكان هذه العمارة من خطر الزلازل، وصرح مدير عام مرفق المياه بأن المرفق لا يمتلك أجهزة تسمح بوصول الماء إلى هذه الأدوار العليا، كان الهجوم شبه منظم إلا أن ذلك لم يمنع إقبال الناس على السكن فيها.
كان ناعوم مهندسا بارعا بالفعل، يقوم فكره على أن البناء يتجاوز مسألة الجدران إلى مسارات الطاقة فى السكن والشعور بالراحة، وأن المبنى يعبر عن ثقافة شعب، وأن الجمال فى البناء ينعكس على شعور قاطنيه وشعور كل من يمر به.
لخص ناعوم فلسفته كلها يوم وقف أمام طلبة الهندسة قائلا «التشييد هو عمل الإنسان لصالح أخيه الإنسان»، هكذا كان يرى مسألة البناء كمهندس ومقاول.. خدمة البشرية.
كان هناك من ينتظر انهيار ناطحة السحاب، فقرر ناعوم أن يرد عليهم بالبدء فى بناء واحدة جديدة 33 طابقا، ولكن قبل أن يبدأ اتصلوا به «الريس عايزك».
(3)
كانت فكرة ناصر استخدام فلوس الأمريكان فى بناء برج يرد به على صفاقة الرشوة، صفعة على القفا للذكرى.
تقول الأسطورة إن ناعوم شبيب عرض على ناصر تشييد البرج فى أرض الجزيرة، وتقول الأسطورة إنه تم تفسير اختيار الموقع بأنه يقع مقابل السفارة الأمريكية على الجهة الأخرى من النيل، وهكذا كلما أطل السفير من مكتبه يرى البرج فتصله الرسالة.
فى ما بعد، ومع بداية المشروع وضع المصريون لمستهم على الرسالة، فقبل أن يتفقوا على تسميته «برج القاهرة» أطلقوا عليه اسمين، واحدا حماسيا «شوكة عبد الناصر»، والآخر ساخرا «وقف روزفلت»، وهكذا اكتملت الرسالة قبل أن يكتمل البناء.
قبل أن يبدأ البناء سأله ناصر كم سيبلغ ارتفاع البرج، فقال شبيب: أعلى من الهرم الأكبر، ابتسم ناصر وربت على كتف شبيب معجبا بخفة دمه.
كانت خطة ناعوم شبيب أن يكون المبنى بسيطا تماما، خاليا من أية زخارف، ومحاطا بجدار خرسانى خفيفا وأنيقا، ويخلو من أية عناصر غير ضرورية، وكان التحدى صعبا لأكثر من سبب، الأول أن السائد فى أعمال البناء وقتها كان الأعمال اليدوية أكثر من المعدات، والثانى قدرة الأرض الطينية فى الجزيرة على تحمل مبنى من هذا النوع، وتم علاج الأمر بصب القواعد فوق فرشة عبارة عن صخرة خرسانية، تم وضعها على عمق 25 مترا، والثالث قيام العدوان الثلاثى على مصر، فكان أن توقف العمل فى البرج ثلاث سنوات (56-59).
قضى شبيب هذه الفترة مشغولا فى اختراعه المسجل باسمه فى عالم البناء «قبة شبيب»، وإنهاء ناطحة سحابه الجديدة ذات ال33 طابقا الشهيرة ب«عمارة بلمونت».
ثم استيقظ على تليفون من الرئاسة يخبره بأن 500 عامل فى موقع البرج فى انتظار شارة معاودة العمل.
عندما انتهى العمل كان البرج أطول من الهرم الأكبر ب42 مترا.
(4)
أصيب شبيب ببعض الإحباط عندما اعتذر ناصر عن حضور افتتاح البرج وأناب عنه كمال الدين حسين وصلاح نصر، لكن هذا لم يُثن شبيب عن إلقاء كلمته كأن ناصر موجود، أعجبنى من كلمته هذه المقاطع:
«أقدم فيها مبنى تعتز به أنفسنا، فهو عربى فى تصميمه، عربى فى إنشائه، عربى فى كل مرحلة من مراحل تنفيذه».
«وقد راعينا فى تصميمه أحدث الطرق الإنشائية الخاصة بمادة الخرسانة المسلحة، ويحيط بالبرج من أسفله إلى أعلاه شبكة تبدو للناظر إليها أن عيونها تتسع كلما علت إلى السماء».
«ولا يفوتنا أن نسجل كفاح العامل المصرى وصبره ومهارته فى العمل من هذا الارتفاع الشاهق، رغم الظروف الجوية العصيبة التى كان يتعرض لها».
(5)
من أشهر مبانى ناعوم شبيب مبنى جريدة «الأهرام» فى شارع الجلاء، وسينما على بابا، لكن تظل «قبة شبيب» أهم اختراعاته.
«قبة شبيب» اختراع هندسى حل لعالم البناء مشكلات بناء القباب الرقيقة بالخرسانة المسلحة أيا كانت مساحتها، هذا الاختراع العالمى كان يقف خلفه صنايعى مصرى يهودى.
ناعوم شبيب مهندس مصرى يهودى، اخترع أسهل طريقة ممكنة لبناء القباب الإسلامية، وقام بتطبيق اختراعه لأول مرة فى بناء كنيسة سانت تريز ببورسعيد.
(6)
منذ قرأت الكلمة التى ألقاها شبيب فى افتتاح برج القاهرة لا يفارقنى مشهد عمال البناء المعلقين فى الهواء على ارتفاع 187مترا، على خلفية مقولته «التشييد هو عمل الإنسان لصالح أخيه الإنسان».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.