«التضامن» تبحث مع مدير مشروع تكافؤ الفرص «EOSD» بالوكالة الألمانية دعم مشروعات الحماية الاجتماعية    هدوء في اليوم ال4 للترشح لانتخابات مجلس النواب 2025 بالمنيا    «التعليم»: حظر استخدام المدارس في الدعاية الانتخابية | مستند    ارتفاع عيار 21 الآن بالمصنعية.. أسعار الذهب اليوم السبت 11-10-2025 بالصاغة    خلال جولته بمحافظة القليوبية.. رئيس الوزراء يتفقد مصنع «تي آند سي» للملابس الجاهزة    المشاط تناقش مع رئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية محفظة التعاون والمشروعات التنموية    فيديو.. انتشار واسع لقوات الأمن الداخلي والشرطة الفلسطينية بمدينة غزة    برلماني: الصلابة السياسية للرئيس السيسي منعت انزلاق المنطقة إلى فوضى جديدة    مطالبة بإلزام الاحتلال تعويض عمال فلسطين.. «العمل العربية»: إعادة إعمار غزّة أولويةٌ ملحّة (تفاصيل)    آخرهم توروب.. 13 مدربا للأهلي في عهد محمود الخطيب    مباراة العراق ضد إندونيسيا في تصفيات كأس العالم.. الموعد والقنوات الناقلة    استقبال رسمي لبعثة منتخب رفع الأثقال بعد تحقيق 6 ميداليات في بطولة العالم    زياد محمد: فرحتي لا توصف بالميدالية الذهبية في بطولة العالم    «حظر جوي وعملاء ل الموساد داخل الملعب».. توترات سياسية تزين مباراة النرويج وإسرائيل    خلال تفقده مدرسة «إيجيبت جولد».. مدبولي: مهتمون بقطاع التعليم الفني ومستعدون لتقديم الدعم للطلاب    الداخلية تكشف حقيقة تداول فيديو تضمن ادعاء شخص كسر باب شقته وسرقتها بالجيزة    إصابة 11 شخصا إثر تصادم بين سيارتين ملاكي وميكروباص بالبحيرة    والدة أطفال دلجا تطالب بالقصاص العادل.. وتؤكد: هناك من ساعد المتهمة    إحالة أوراق عامل ونجله لمفتي الجمهورية لقتلهما شابا في قنا    ضبط تشكيل عصابي يتزعمه زوجين بتهمة سرقة المنازل غير المأهولة بالعاشر من رمضان    الرئيس السيسي يهنئ خالد العناني بفوزه بمنصب مدير عام اليونسكو: إنجاز تاريخي يجسد مكانة مصر الحضارية ودعمها للتعاون الثقافي الدولي    قبل طرحه على نتفليكس.. مهرجان الجونة السينمائي يعرض فيلم فرانكشتاين في دورته الثامنة    اكتشاف قلعة عسكرية جديدة من عصر الدولة الحديثة على طريق حورس الحربي بسيناء    في عيد ميلاده ال 65.. عمرو دياب في صدارة الساحة الغنائية خلال 40 عاما (تقرير)    لاستعادة صحتك الإنجابية.. 8 فيتامينات ضرورية للرجال بعد الأربعين    فرق عمل لمتابعة أداء المستشفيات الحكومية والتعليمية والطوارئ في الشرقية    ضبط 4.5 طن دقيق بلدي قبل بيعه للمخابز السياحية بالشرقية    ضبط 1124 مخالفة مرورية لعدم ارتداء الخوذة    انتخابات النواب: رقمنة كاملة لبيانات المرشحين وبث مباشر لمتابعة تلقى الأوراق    فيتش تتوقع ارتفاع الاستثمارات الأجنبية في مصر ل15.5 مليار خلال السنة المالية الحالية    عاجل- رئيس الوزراء يتفقد عددًا من المشروعات التنموية بمحافظة القليوبية    الدفاع المدنى: 9500 مواطن لا يزالون في عداد المفقودين بقطاع غزة    نجوم الفن يشاركون إيناس الدغيدي فرحتها بعقد قرانها على أحمد عبد المنعم| صور    7 معلومات لا تعرفها عن جون لودج مغنى فرقة ذا مودى بلوز بعد وفاته    تعامل وزارة التضامن مع الكبار والأطفال بلا مأوى.. إنفوجراف    الأزهر للفتوى: حرق قش الأرز حرام لما فيه من إفساد في الأرض وإضرار بالنفس والبيئة    الأونروا: أقل من 40% من المستشفيات في غزة لا تزال تعمل وجميعها معطلة جزئيا    العرفاوي: الدوري المصري قوي.. و"الجزيري" كلمة السر في تجربة غزل المحلة    الرعاية الصحية: تعزيز منظومة الأمان الدوائي ركيزة أساسية للارتقاء بالجودة    مؤسسة مرسال: تقديم 6260 جلسة دعم نفسى ل1403 حالات حتى سبتمبر 2025    بالأسماء.. الفائزين بمقاعد مجلس النقابة العامة بانتخابات التجديد النصفي للأطباء    ترامب يغادر مساء الأحد لزيارة مصر وإسرائيل لحضور توقيع اتفاق شرم الشيخ    وكيل وزارة الزراعة بالقليوبية يتفقد عددا من أماكن تجميع قش الأرز    رئيس جامعة السويس: إدراج الجامعات في تصنيف التايمز العالمي يعكس تطور التعليم    الأرجنتين تحبط فنزويلا.. وميسي يظهر في المدرجات    كيكة البرتقال الهشة الاقتصادية.. طعم خرافي ومكونات بسيطة من بيتك    فرنسا ضد أذربيجان.. مبابي يغادر معسكر الديوك بسبب الإصابة    مصرع 22 شخصا جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية في المكسيك    فيلم هيبتا 2 يفاجئ أبطاله بسبب إيراداته في ثالث أيام عرضه (بالأرقام)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    أسعار البيض اليوم السبت 11 أكتوبر    اسعار الدينار الكويتي اليوم السبت 11اكتوبر 2025 فى بداية التعاملات    الجمعية المصرية للأدباء والفنانين تحتفل بذكرى نصر أكتوبر في حدث استثنائي    تعرف على فضل صلاة الفجر حاضر    30 دقيقة تأخر على خط «القاهرة - الإسكندرية».. السبت 11 أكتوبر 2025    «رغم زمالكاويتي».. الغندور يتغنى بمدرب الأهلي الجديد بعد الإطاحة بالنحاس    فتاوى.. بلوجر إشاعة الفاحشة    فتاوى.. عدة الطلاق أم الوفاة؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أسرار القرآن (395):
نشر في الفجر يوم 28 - 09 - 2011

{‏والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون‏}‏ (‏النور‏:4)‏
هذه الآية القرآنية الكريمة جاءت في أوائل سورة النور‏,‏ وهي سورة مدنية‏,‏ وآياتها أربع وتسعون‏ (94)‏ بعد البسملة‏,‏ وقد سميت بهذا الاسم لورود الإشارة فيها إلي حقيقة أن الله‏-‏ تعالي‏-‏ هو نور السموات والأرض‏,‏ وأنه يهدي لنوره من يشاء‏, وأن من لم يجعل الله له نورا فما له من نور.
ويدور المحور الرئيسي للسورة حول عدد من التشريعات الإلهية الملزمة, والضابطة لسلوك المسلم في حياته الخاصة والعامة, وذلك صونا لكرامة الإنسان, ولطهارة المجتمع.
هذا, وقد سبق لنا استعراض سورة النور وما جاء فيها من التشريعات والآداب, ومن الإشارات الكونية, ونركز هنا علي وجه الإعجاز التشريعي في تحريم قذف المحصنات واعتباره من أكبر الكبائر, وذلك بعد الإعلان الحاسم الذي استهلت به هذه السورة الكريمة, وبعد تحريم الزنا تحريما قاطعا, وتفظيع جرمه, وتقرير حده, وتقطيع الصلة فيما بين الزناة والمجتمع المسلم.
من أوجه الإعجاز التشريعي في النص الكريم
من دلالات قوله تعالي:والذين يرمون المحصنات... أي: الذين يقذفون العفيفات من الحرائر (ثيبات وأبكارا) بتهمة الزنا بدون دليل قاطع. وكل أنثي عفيفة هي محصنة ومحصنة (بالفتح والكسر), وكل امرأة متزوجة فهي محصنة (بالفتح).
والقذف قد يكون بالتصريح أو بالتلميح (أي بالتعريض أو الكناية) وإن كان التعريض عند عدد من الفقهاء لا يعتبر قذفا إلا إذا اعترف القاذف بقصد القذف فيقام عليه الحد. والسبب في ذلك أن التعريض فيه احتمال, والاحتمال شبهة, والحدود تدرأ بالشبهات كما ورد في حديث رسول الله- صلي الله عليه وسلم: ادرأوا الحدود بالشبهات. وكل مسلمة عفيفة تكون محصنة بالإسلام, وبالعفاف الذي يأمر به دينها, وبالعقل, وبالبلوغ, وبحرية الإرادة, وبالتزوج, وفي ذلك يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: من أشرك بالله فليس بمحصن (البخاري, ومسلم).
وفي الآية الكريمة التي نحن بصددها يقول ربنا- تبارك وتعالي-... ثم لم يأتوا بأربعة شهداء..., و(الشهداء) جمع (شاهد), والمقصود بأربعة شهداء هنا هو أربعة من الرجال, لأن شهادة النساء لا تقبل في حد القذف, سترا علي العباد, لتميز النساء بالثرثرة في أغلب الأحوال. ويؤكد ذلك مجيء العدد (أربعة) في الآية الكريمة بصيغة التأنيث لأن الأعداد من الثلاثة إلي العشرة لا تأتي بصفة التأنيث إلا مع المذكر, والعكس صحيح.
ولم تذكر الآية الكريمة في صفة (الشهداء) أكثر من أنهم أربعة رجال. ومن الفقهاء من يري أنه لابد للشاهد أن يكون عدلا, ومنهم من لا يشترط ذلك. كذلك لا فرق عند فقهائنا بين أن يؤدي الشهود الأربعة شهادتهم مجتمعين أو متفرقين.
وفي قوله تعالي:... فاجلدوهم ثمانين جلدة... أي اضربوهم ثمانين ضربة علي جلودهم, بالجلد أو بغيره, وذلك لأن الجلد هو الضرب, وأن( المجالدة) هي المضاربة في الجلود بالجلود أو بغيرها. وشروط (القاذف) هي شروط التكليف من البلوغ, والعقل, والحرية. و(حد القذف) فيه شيء من الانتقام من (القاذف), لتجاوزه حدا من حدود الله, وفيه رد شيء من حقوق العباد وهو إزالة الفضيحة والمعرة التي أوقعها القاذف بالمقذوف بدون دليل قاطع.
من هنا كان في تشريع حد القذف صيانة لحق المقذوف الذي اتهم بأمر باطل, وحفظا لحق الله - تعالي - الذي لا يرتضي من عباده إلا الصدق وقول الحق, ولذلك قال - تعالي - في حق القاذفين:... ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون وأن من معاني الآية الكريمة أن القاذف الكاذب الملفق يحكم عليه بالجلد ثمانين جلدة, وبألا تقبل منه شهادة أبدا, وأن يوصف بالفسوق والعصيان لأوامر الله.. ولكن من رحمة الله بعباده أنه بعد هذه الآية الكريمة عقب بقوله - تعالي - إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم (النور:5).
والفقهاء يفسرون الآيتين الرابعة والخامسة من سورة النور علي وجهين: فمنهم من يري أن الاستثناء الوارد بعد الجمل المتعاطفة بحرف (و) يرجع إلي كل الجمل السابقة عليه, ومنهم من يراه مقصورا علي الجملة الأخيرة فقط. وعلي ذلك فالأولون يحكمون بأن القاذف بغير دليل إذا تاب بعد إقامة الحد عليه قبلت شهادته, ورفع عنه وصف الفسق. والآخرون يرون أن يرفع عنه وصف الفسوق فقط, ولكن لا تقبل شهادته. وحجة هؤلاء هي حديث رسول الله - صلي الله عليه وسلم - الذي يقول فيه المسلمون عدول بعضهم علي بعض إلا محدودا في قذف.
ويتضح وجه الإعجاز التشريعي في هذا الحكم الإلهي في أن الذين ينتهكون حرمات الناس بالباطل, فيرمون العفائف الشريفات الطاهرات أو الشرفاء الأطهار من المسلمين بفاحشة الزنا وهي فاحشة تخدش العرض والشرف وتثلمهما ذ ثمانين جلدة, وإهدار كرامتهم بعدم قبول شهادتهم, واعتبارهم من الفاسقين, إلا إذا تابوا بعد إقامة الحد عليهم, واعترفوا علي أنفسهم بأنهم كذبوا, وقالوا بهتانا فيما قذفوه, حتى يكون في ذلك تبرئة للمقذوف من فم القاذف.
وجريمة القذف دون دليل قاطع إذا تركت دون عقاب رادع فإنها تدمر كرامة الأفراد, وتشيع الفاحشة في المجتمعات فتقوض بنيانها. وذلك لأن هذه الجريمة إذا شاعت فإنها تترك الباب مفتوحا أمام كل من شاء أن يتهم بريئا في عرضه بهذه التهمة النكراء, ثم يمضي بدون عقاب, يلوث الأعراض, ويدمر السمعة, ويجعل كل فرد في المجتمع عرضة لهذا الاتهام الشنيع, مما يثير الشكوك والريبة فيه ويهدده بالإفلاس والانهيار.
ولصيانة المجتمعات المسلمة من أخطار ذلك شدد القرآن الكريم في عقوبة القذف, وجعلها قريبة من عقوبة الزنا, ردعا لكل من يسول له الشيطان, أو تحدثه نفسه الخبيثة في اقتراف تلك الجريمة النكراء, والولوغ في أعراض الناس بالباطل, أو بالظن الكاذب, ولذلك قال - تعالي - في نفس السورة: إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم (النور:23).
والمجتمعات الإنسانية - بصفة عامة - والمسلمة منها - بصفة خاصة - يؤذيها السكوت عن إشاعة التهم الباطلة بين أفرادها, لأن ذلك قد يعين علي الترخص فيما تشيعه تلك التهم من جرائم, والوقوع فيها إذا لم تتوافر العقوبات الرادعة لها. وكل من يتعرض لإحدى هذه التهم الباطلة قد يصيبه من التدمير النفسي ما لا يقدر علاج علي إصلاحه, ومن هنا كان تشديد القرآن الكريم علي عقوبة القذف حماية لكل من الأفراد والمجتمعات المسلمة من الدمار, والله يقول الحق ويهدي إلي سواء السبيل وصلي الله وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.