ست سنوات مضت على الإطاحة برئيس موريتانيا الأسبق معاوية ولد سيد أحمد الطايع، وثلاثة رؤساء تعاقبوا على حكم البلاد بعد رحيله، وتطورات سياسية كبيرة شهدتها البلاد بعده، ورغم الفرح العارم الذي قوبل به الانقلاب عليه، فقد بدأ موريتانيون يحنون إلى أيامه. وقد تصاعدت نبرة ذلك الحنين إلى ولد الطايع -الذي حكم البلاد لأكثر من عشرين عاما- في الفترات الأخيرة مع اشتداد الأزمات الاقتصادية في البلد وتدهور الوضع المعيشي للسكان.
ومع أن تلك النبرة ظلت قائمة لدى مقربين من الرجل اجتماعيا وسياسيا فإن الجديد هو التعبير عنها علنا، والتباهي بها أحيانا، تحت قبة البرلمان في أكثر من مناسبة، ومن مختلف ألوان الطيف السياسي في البلد.
فالخليل ولد الطيب، أحد نواب الأغلبية الحاكمة الآن، ترحم على عهد ولد الطايع قبل أيام في نقاش اتفاقية للصيد كتبت باللغة الفرنسية، مشيدا بجهوده في التعريب وبأنه ظل يحرص على تعزيز مكانة العربية في جميع مناحي الحياة.
وفوق ذلك، اعتبر الزعيم المعارض بيجل ولد حميد في تصريحات له قبل أيام أن كل اللاحقين بولد الطايع استفادوا من خططه وسياساته وأنه أدى أدوارا كبرى للبلد لا يمكن إنكارها وأن الناس "متعلقون به ومشتاقون لعهده".
بل إن الولاء لولد الطايع اعتبر أحيانا مصدر "فخر واعتزاز"، فالنائب المنسحب حديثا من الأغلبية الحاكمة إلى المعارضة باب ولد سيدي، تباهى قبل يومين في جلسة برلمانية بكونه قضى 10 سنوات وزيرا في عهد ولد الطايع "يتقلب بين القطاعات الوزارية"، وأنه كان أحد المؤسسين للحزب الجمهوري الحاكم في عهده.
بل إن نوبة الشوق لولد الطايع تلك حملت بعضا من أنصاره إلى الخروج في وقت سابق إلى شوارع العاصمة، كما تلمسها أحيانا في أحاديث بعض الناس العاديين.
وكان ولد الطايع قد أطيح به صبيحة الثالث من أغسطس/آب 2005 في انقلاب أبيض نسقه الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز -الذي كان يشغل وقتها منصب قائد الحرس الرئاسي- ومدير الأمن الوطني العقيد اعلي ولد محمد فال الذي تبوأ حينذاك منصب الرئيس، وآخرون.
وشهدت أواخر أيام ولد الطايع انحسارا كبيرا لشعبيته جراء استشراء الفساد والمحسوبية ونتيجة إقصائه معارضيه السياسيين ومنعهم من ممارسة حقوقهم السياسية، إضافة إلى علاقاته المستهجنة شعبيا مع إسرائيل.
ويرى الكاتب الصحفي الحافظ ولد الغابد أن موجة الحنين "المستجدة" لعهد ولد الطايع تعبر من جهة عن حالة من الإحباط وخيبة الأمل من فترة ما بعد الرجل، خصوصا أن الناس كانوا يتوقعون -وربما بشكل مبالغ فيه- أن تتحسن ظروفهم وأن يتوقف الفساد، ومن جهة أخرى "يعبر عن تعلق غريب لبعض الشعوب بجلاديها".