قال مايكل آرون، سفير بريطانيا لدى ليبيا، في حوار خاص ل«الشرق الأوسط» من مقره في تونس، إنه «لا يوجد حل عسكري للأزمة الراهنة في ليبيا»، داعيا كل الأطراف الليبية للجلوس إلى مائدة الحوار الوطني الذي ترعاه الأممالمتحدة عبر رئيس بعثتها إلى هناك. وروى السفير البريطاني في الحوار الذي امتد باللغة العربية ل40 دقيقة عبر الهاتف، تفاصيل الموقف البريطاني من اللواء خليفة حفتر، الذي قالت مصادر ليبية: «إن البرلمان الليبي يعتزم تعيينه قريبا في منصب القائد العام للجيش الليبي، بعد ترقيته بشكل استثنائي إلى رتبة فريق أول». وكشف مايكل النقاب عن أن عودته إلى طرابلس مرهونة بتشكيل حكومة وحدة وطنية تضم من أسماهم ب«المعتدلين» الراغبين في الحوار ووقف القتال، كما أشار إلى أن وزارة الداخلية البريطانية أصدرت قرارا رسميا يقضي بمنع الشيخ الصادق الغرياني، مفتي ليبيا، من دخول الأراضي البريطانية مجددة بسبب تحريضه على ممارسة العنف في ليبيا. وفيما يلي أهم ما جاء بالحوار:
* ظهرت في الآونة الأخيرة تساؤلات حول موقف بريطانيا من اللواء حفتر وجماعة الإخوان، هل صحيح أن بريطانيا سعت لاستصدار قرار من مجلس الأمن يدين ما يفعله حفتر في بنغازي؟ أو حاولت وضع اسمه على قائمة العقوبات التابعة لمجلس الأمن؟
- بريطانيا جزء من الدول الغربية التي تشتغل كثيرا على موضوع ليبيا، نحن نشتغل مع حلفائنا الفرنسيين، والأميركيين، وبعض الإسبان، نسميهم (أعضاء مجلس الأمن الثلاثة)، والاتحاد الأوروبي، والدول المعنية: إيطاليا، وإسبانيا، وألمانيا، وكلنا عندنا ليبيا مهمة جدا، ونتكلم كثيرا عن بيانات عن بعض الأحداث المهمة في ليبيا، وكتبنا قرار مجلس الأمن.
نحن بصفتنا بريطانيين نشتغل كثيرا في الأممالمتحدة على موضوع ليبيا، وهناك اتفاق كبير جدا بين كل هذه الحلفاء وبين دول المؤسسات الدولية ال8 وهناك حوار ومناقشة،، لكن الاتفاق بيننا كبير جدا، ولا توجد صحة لوجود اختلافات، وهناك حوار كبير حول قائمة العقوبات ونتكلم عن أشخاص في ليبيا: هل يكونون على قائمة العقوبات أم لا؟ ونحن نعتقد أن أهم شيء الآن هو بداية الحوار، وكلنا نساعد الممثل الخاص بالأممالمتحدة، ونريد أن تكون كل الأطراف، في ليبيا وخارج ليبيا، مثل دول الخليج قطر والإمارات، ومصر وتركيا والجزائر، وكنا نتكلم معهم حتى يساعدونا، ورأينا هذا الأسبوع قتالا، وبعد فترة نرى ضرورة بداية الحوار، وإذا كان هناك أطراف أو أشخاص يرفضون الحوار ويستمرون في الحرب أو القتال، فهؤلاء الأشخاص يكونون على قائمة العقوبات.
* هل تعتقد أن اللواء خليفة حفتر لا يريد الحوار؟
- استمرار القتال في هذا الوقت الذي نريد فيه الحوار أن يكون في الوقت المناسب لوقف إطلاق النار حتى الهجوم الجوي كما رأينا من سرت وغيرها، والهجوم من الجانبين خطر كبير، والحوار وقت الحرب صعب جدا.
* حفتر في نظر غالبية الليبيين بطل وطني لأنه يحارب الإرهابيين..
- لكن، هو ليس ممثلا رسميا، هو جنرال سابق وليس جنديا في الجيش الوطني.
* لكن مجلس النواب المنتخب وحكومة عبد الله الثني اعترفا بشرعية ما يفعله اللواء حفتر..
- مجلس النواب يقول إن رئيس الأركان هو اللواء عبد الرزاق الناظورى، والعميد صقر الجروشي هو رئيس القوات الجوية مثلا، وبالنسبة لنا بصفتنا مجتمعا دوليا يكون أفضل بكثير أن خليفة حفتر بجانب كل هذا، وبالنسبة للجانب الثاني هو يضرب الأماكن المدنية ويعتبرونه إرهابيا كما يقولون ولست أنا من يقول هذا الكلام.
أنا أعتقد أنه من المهم جدا أن يكون هناك حل لمشكلة الإرهاب في شرق ليبيا (في بنغازي ودرنة)، أن يكون هناك حكومة لوحدة وطنية، وأن يشتغل الكل في الدولة من جيش ومعتدلين ضد المتطرفين، وأعتقد أنه غير مناسب أن يشتغلوا ضد الإرهابيين الذين يوجدون خارج الدولة.
* هل ستعترض بريطانيا على تعيين مجلس النواب للواء خليفة حفتر في منصب القائد العام للقوات المسلحة الليبية وتكليفه بإعادة بناء الجيش الليبي؟
- نعتقد أن حل المشكلة هو اختيار حكومة الوحدة الوطنية، تشمل وزير الدفاع ورئيس الأركان وكل الأعضاء من الليبيين أنفسهم بعد الحوار، ونحن نعترف بمجلس النواب وحكومة عبد الله الثني بوصفهم ممثلين للشرعية في ليبيا في حالة عملهم على حل المشكلة مع كل الليبيين الآخرين المعتدلين، وفي الجانب الآخر، رأينا شخصيات في مصراتة، وأيضا شخصيات في طرابلس ومدن أخرى، ومن المهم جدا أننا في الحكومة والمجلس بدأنا نتكلم مع الجانب الثاني، فمن الصعب أن يكون هناك اتفاق وطني من جانب واحد، وأن يكون بين كل المعتدلين، فهذا أقوى في سبيل حكومة الوحدة الوطنية.
- نحن قوة أجنبية ولدينا أصدقاء ليبيون كثيرون من كل الأطراف ونتحدث مع كل الأطراف إلا الإرهابيين مثل «داعش»، وأنا شخصيا قابلت بعض الأشخاص في ليبيا بصفتي سفيرا، ونحن ليس لدينا حلفاء أو أصدقاء رسميون، وأنا قابلت كثيرا من السياسيين في ليبيا، ولكن هذا الكلام الذي قرأته في صحيفتك حول كون أننا نريد الإخوان المسلمين في الحوار، غير صحيح، فنحن نريد أن نرى اتفاقا بين الليبيين ويكون حوارا شاملا، وطبعا باعتراف من الانتخابات الأخيرة في شهر يونيو (حزيران) هذه السنة، وهذه الانتخابات بالنسبة لنا كانت نزيهة تماما ونعترف بالحكومة الوطنية من هذه الانتخابات وهو ما رأيناه جميعا فيها.
* هل تعتبرون إن حكومة عبد الله الثني هي الحكومة الشرعية الوحيدة في ليبيا؟
- نعم، نعترف بها حكومة وحيدة، لكن من الممكن أن تكون هناك حكومة شرعية ومجلس نواب شرعي، لكننا نقف هنا ولا تزال المشكلة موجودة، نحن نريد أن تكون ليبيا بلدا آمنا ومستقرا، ونراها دولة ناجحة واعتراف الحكومة والبرلمان ليس كافيا، نحن نريد الحوار.
* الموقف من المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق) المنتهي الصلاحية..
- المؤتمر الوطني كان يعترف بنتائج الانتخابات، وأعتقد أن الشعب الليبي انتخبه في الصيف الماضي، ولذلك هؤلاء الأشخاص كانوا في المؤتمر، وهناك اختلاف ليبيا، فهناك ليبيون يقولون شيئا وآخرون يقولون شيئا آخر، ونحن بصفتنا مجتمعا دوليا من الصعب أن نتدخل في هذا الشأن، ولذلك المبعوث الخاص بالأممالمتحدة يتكلم مع السيد نوري أبوسهمين وزملائه الذين كانوا في المؤتمر الوطني، حول من يمثلهم كشخصيات في الحوار، بحيث يكون هناك أشخاص آخرون في الحوار، ونحن نريد أن يحل الليبيون هذه المشكلة بالنسبة للشرعية.
* لكن غالبية الشعب الليبي مع مجلس النواب وحكومة الثني وضد المؤتمر الوطني، فلماذا تمسك بريطانيا العصا من المنتصف ولا تنحاز للشرعية بشكل واضح؟
- أنا قلت إننا نعترف بشرعية مجلس النواب والحكومة، لكن بعد قرار المحكمة العليا هناك ليبيون يقولون العكس، وهو ليس رقما قليلا.
* لكن، من يقول ذلك هم الإخوان المسلمون والبرلمان السابق، وهم مغضوب عليهم بالشارع الليبي؟
- ليس فقط أعضاء المؤتمر الوطني السابق، لكن هناك كثيرا من الليبيين، أنا مثلا التقيت نعيم الغرياني وهو ليس من الإخوان ويقول إنه ليس عدوا لمجلس النواب، وكان منتخبا وبعد قرار المحكمة يقول ذلك.
* كيف ترى إمكانية الحل في ليبيا؟ هل مستقبل حل الأزمة في ليبيا يكمن في حل سياسي أم في حل عسكري؟
- حل سياسي فقط، لا يوجد حل عسكري للمشكلة، الحرب تستمر إذا استمر القتال لسنوات مقبلة، وذلك سيكون كارثة لليبيا ودول الجوار ودول البحر الأبيض المتوسط والأوروبية وكل المنطقة، يجب أن يكون هناك حل سياسي في سبيل الجهود المتميزة من المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة.
* وبالنسبة للذين يمارسون العنف والقتل في طرابلس ومن أجبروا السفارة البريطانية وأجبروك أنت شخصيا على الخروج إلى تونس لتمارس عملك..
- أنا طبعا لا أريد أن أكون في تونس وأريد العودة إلى طرابلس، ولكن أعتقد من المهم جدا أن يكون هناك حل للأزمة وتكون هناك حكومة في طرابلس لنشتغل معها. ونحن خرجنا من طرابلس بسبب الوضع الأمني، ونستمر في تونس بسبب عدم اتفاق مع الحكومة، ونحن لا نعترف إطلاقا بحكومة عمر الحاسي، ولم تحدث أي اتصالات بيننا.
* العملية العسكرية التي أطلقها اللواء حفتر تستهدف مكافحة الإرهاب؟
- نريد مكافحة الإرهاب، ونعتقد أن أحسن وسيلة لننتهي من الإرهاب في ليبيا هي عن طريق حكومة الوحدة الوطنية وكل المعتدلين في ليبيا من كل المدن وكل التيارات السياسية.
* هل حكومة الوحدة الوطنية لا تكتمل إلا بدخول «فجر ليبيا» والإخوان المسلمين والبرلمان السابق فيها؟
- لا، الحكومة الوطنية تكون حكومة من المعتدلين من الجانبين، الذين يريدون مستقبل ليبيا في دولة مستقرة وآمنة، وأنا أرى أن الجانب الواحد يقول إن الجانب الآخر إرهابيون، وهؤلاء يقولون إن الجانب الآخر من أتباع القذافي، وهذا غير صحيح، وأرى أن «فجر ليبيا» انتهت، ولكن في مصراتة هناك أشخاص معتدلون، وهم ليسوا من الإخوان المسلمين، وهناك معتدلون من الطرفين، إلا طبعا الإرهابيين الحقيقيين من «أنصار الشريعة» و«داعش».
* متى تعود السفارة البريطانية إلى ليبيا؟
- سوف أعود إلى ليبيا في أسرع وقت ممكن، لكن من الأفضل أن يكون بعد الاتفاق مع حكومة الوحدة الوطنية.
أنا سافرت مرات إلى ليبيا كنت في طبرق ومصراتة وطرابلس بعد خروجنا في أغسطس (آب) الماضي، رجعت إلى ليبيا، لكن بصفتنا سفارة نعتقد أن يكون من الأفضل العودة بعد الاتفاق مع حكومة الوحدة الوطنية، ونعترف أن هناك سفارات في طرابلس هذا الوقت وهو شيء رائع وممتاز جدا، وزميلي السفير الإيطالي الذي كان طوال هذا الوقت في طرابلس، هذا شيء ممتاز، لكن هناك اختلافا بين السفارات التي كانت دائما مستمرة هناك، وننتقي الآن الوقت المناسب للرجوع إلى طرابلس.
* هل صحيح أن مفتي ليبيا لديه جنسية بريطانية أو يتمتع بإقامة دائمة في بريطانيا؟
- بالعكس، هناك قرار من وزارة الداخلية بعدم السماح بالرجوع لبريطانيا بعد تصريحاته على التلفزيون الذي كان ضدنا.
* طالما لديكم هذا الموقف منه لماذا لم تعتقلوه وتسلموه للحكومة في ليبيا؟
- كل هذه القضايا هي أمر داخلي لليبيين.
* لكنه كان موجودا على الأراضي البريطانية ويدعم العنف..
- هو الآن ليس في بريطانيا وغير مسموح له بالدخول في هذه الأثناء.