طالب محمد بديع, المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين, مساء اليوم الخميس, خلال رسالته الأسبوعية، أن تقوم القوى الوطنية والأحزاب السياسية والتجمعات الشبابية والثورية، ب"احترام الإرادة الشعبية والقواعد الديمقراطية، أيًّا كانت نتيجتها،و الالتزام بسلمية الثورة على طريق تحقيق أهدافها، مهما كان الثمن والتبعات، ومهما قابلنا من المصاعب والمشقات، والتمسك بخريطة الطريق لإنشاء المؤسسات الدستورية، والإصرار على نقل السلطة إليها نقلاً سلميًّا في المواعيد المحددة". ودعا الدكتور بديع تلك القوي إلى إحياء روح الثورة التي سادت البلاد، إبَان قيامها في أيامها الأولى، وتقديم المصلحة العامة على المصالح الشخصية والفئوية والحزبية. وقال بديع: "تعيش مصر الآن فترةً قلقةً مليئةً بالترقُّب والانتظار على مفترق طرق، تحتاج إلى إخلاص النيات وتضافر الجهود؛ من أجل انتشالها من قلب المشكلات والأزمات التي تأخذ بخناقها، وإننا نذكر أن مصر تعرَّضت طيلة العقود الماضية لظلم فادح، فلقد صودرت الحريات، وانتُهكت حقوق الإنسان في ظل قانون الطوارئ المستمر عشرات السنين، وزوّرت الانتخابات، واغتُصبت إرادة الأمة". وتابع: "تولَّى مناصب الدولة عصابة لا ضميرَ لها، وتمَّ التدخل في شئون القضاء، وتحكَّم إرهاب مباحث أمن الدولة في كل المرافق والمؤسسات والجامعات، ونُهبت الأموال وهُرِّبت إلى الخارج، وتمَّ توزيع الأراضي على الأذناب والأشياع، وبِيع القطاع العام بأبخس الأسعار لأتباع النظام والحزب الحاكم، فانتشر الفقر والبطالة، وتدهور التعليم والرعاية الصحية، فانتشرت الأمراض العضوية والنفسية في غالبية أبناء الشعب المصري، حتى حصلنا على المركز الأول في العالم في أمراض الكبد، وسعى الشباب إلى الهجرة، ولو كانت في سفن متهالكة تقودهم إلى الهلاك في أعماق البحر". كما دعاهم بديع، إلى "الحرص على نزاهة الانتخابات وعدم السماح بتزويرها، والإصرار على أن يأتي الدستور معبرًا عن الإرادة الشعبية، وملبيًا للآمال والطموحات التي تتطلَّع إليها الجماهير"، موضحاً أن "هذه كلها ضرورات لأساس قيام النظام الصالح الرشيد في كل إدارات الوطن ومؤسساته". واعتبر بديع، "أن الأخطر من هذا كله أن الخلافات الفئوية والأيديولوجية والمصالح الشخصية والصراعات السياسية، أطلَّت برءوسها من جديد، وتكرَّرت مليونيات وسالت دماء وأُزهقت أرواح". وطالب بديع، بضرورة "تطهير القوانين من التشريعات التي تقنِّن الظلم وتحمي الفساد، التي شرعها النظام البائد، وتكرِّس الحريات، وتُحمى بالقوانين والتشريعات، ولتطبق على أرض الواقع؛ حيث أن الشعب المصري دفع في هذه الحرية ثمنًا غاليًا على مدار عشرات السنين، ولذلك لن يسمح لأحد أن يسلبها منه بعد أن ذاق حلاوتها". واستكمل قائلا: "لتحقيق النهضة لا بد أن تطلق الحرية للدعاة والمصلحين، وتفتح لهم أبواب الإعلام؛ لتعليم الناس أمور دينهم بعباداته المربية والمهذبة، وأخلاقه الفاضلة، ومعاملاته الكريمة، وقيمه السامية التي لا مصدر لها إلا رسالات السماء، والتي من شأنها أن توقظ الضمائر وتدفع للتجرد والإخلاص، وتحضر الهمم للعمل والإتقان، فإن بناء الإنسان الصالح من أهم مقومات النهضة، والعنصر المعنوي لا يقل أهمية عن العنصر المادي"، مضيفاً بقوله: "وتأتي بعد ذلك قضية احترام الحريات العامة وحقوق الإنسان التي تحفظ للإنسان كرامته وعزته، وإقامة العدل الذي هو أساس الملك". وتحدث بديع في ختام رسالته، عن ضرورة عدم تجاهل "العلاقات الحسنة المتوازنة مع الدول الكبرى في ظل الاحترام المتبادل، واحترام المواثيق والعهود الدولية، فهذا هو التطبيق الحقيقي لأصول الشريعة وقواعدها والتعاون في مختلف المجالات".