■ الجماعة رفضت عرض وساطة سعودياً يضمن لهم الدخول فى البرلمان القادم
فى الحرب الدائرة الآن بين الدولة المصرية وتنظيم الإخوان، هناك أربع قصص سرية، لم تكن فى القاهرة وحدها، بل امتدت إلى الرياض العاصمة السعودية التى سعى وسطاء قريبون من السلطة فيها لمحاولة الصلح بين تنظيم الإخوان والنظام فى مصر ومحاولة وقف العنف.
وكانت العاصمة التركية أنقرة التى تقدم دعماً للإخوان، تجاوز مرحلة احتضان قيادات التنظيم الهارب وفتح عدة قنوات وأبواق إعلامية إخوانية تنطلق منها ضد مصر، ووصولاً للموقف المعلن من جانب الرئيس التركى رجب طيب أردوغان تجاه مصر، لكن تجاوز الأمر هذه المرحلة فى محاولة تركيا إلى محاولة اللعب فى داخل مصر بعناصر استخباراتية تابعة لها، بعد أن أخذ شكل العلاقة بين أنقرةوالقاهرة حالة من العداء غير الخفى، وهو ما تكشف عنه القصة التالية:
فى مطلع شهر نوفمبر الماضى حطت طائرة تابعة للخطوط اللبنانية مطار القاهرة الدول، كان على متن هذه الطائرة ثلاثة أشخاص يحملون الجنسية التركية، ومدون فى جوازات سفرهم صفة رجال أعمال وعاملين فى مجال التصدير والاستيراد، بمجرد قدوم الرجال الأتراك الثلاثة إلى صالة الوصول، تم توقيفهم بهدوء من قبل الجهات الأمنية فى المطار.
عملية توقيف الثلاثة الأتراك لم تكن عشوائية.. بل كانت معدة مسبقاً من قبل الأجهزة الأمنية المصرية من خلال تتبعهم منذ خروجهم من تركيا ومروراً بإحدى العواصم الأوروبية قبل توجههم إلى لبنان، ثم إلى القاهرة، وذلك لوجود شكوك لدى الأجهزة الأمنية فى مصر أنهم تابعون للمخابرات التركية، وكان قدومهم إلى القاهرة بتعليمات مباشرة من رئيس جهاز المخابرات التركى هاكان فيدان، وهو الذراع اليمنى لأردوغان، وهو عضو فى حزب العدالة والتنمية.
مصادرنا لم تحدد لنا، طبيعة المهمة المكلف بها الثلاثة ضباط الأتراك فى مصر، هل تتعلق بجمع معلومات على الأرض، أو زرع عملاء على الأرض أو تنفيذ عمليات عنف داخل مصر، عبر توصيل تكليفات لعناصر تابعة لتنظيم الإخوان أو المجموعات الموالية له فى إطار الحرب غير المعلنة من الجانب التركى تجاه مصر؟
ولكن يأتى التطور النسبى فى وجود عمل تخابرى من قبل تركيا، تجاه مصر، مع الاستراتيجية التركية الجديدة التى يقودها أردوغان ومعه رئيس جهاز المخابرات هاكان فيدان والذى تسلم مهمته فى عام 2010، وحدث تغيير فى عمل المخابرات التركية التى كانت تركز عملها على مدار عقود ماضية على مقاومة التحركات الخارجية ضدها، عبر تتبع الجماعات المناوئة لتركيا مثل حزب العمال الكردستانى، والجماعات الأرمينية الساعية إلى تحريك قضية اضطهاد الأرمن.
ولذلك جاء التمدد التركى الاستخباراتى موجهاً إلى الدول العربية الشرقية، لصعوبة أن تقوم تركيا بتنفيذ أى عمليات استخباراتية ضد الدول الغربية المتاخمة لها غرباً الحليفة من خلال العضوية المشتركة فى حلف الناتو، والذى عمل فيه رئيس المخابرات التركية «فيدان»، قبل أن يعود لتركيا ويتم تصعيده إلى رئاسة المخابرات بتكليف مباشر من أردوغان حتى يعينه على تحجيم أى دور للجيش التركى يعيق سيطرته على الدولة، ولذا كان «فيدان» مصاحباً لأردوغان فى كل تحركاته لدرجة أنه كان يحضر معه القاءات الخاصة مع رؤساء الدول، مثل الرئيس الأمريكى أوباما.
لذلك تعد عملية القبض على ثلاثة من رجاله فى القاهرة، بمثابة ضربة موجعة له، وربما يفسر ذلك استمرار الهجوم اليومى الذى يشنه أردوغان على الحكومة المصرية، خاصة أن الثلاثة الأتراك الموقوفين، تم استجوابهم فى أحد المقرات التابعة لإحدى الجهات السيادية لعدة أيام، خلالها لم تتحرك على مدار أيام من عملية القبض على رجالها الثلاثة، ولذا اكتفت القاهرة بتوصيل رسالة أمنية وسياسية إلى أنقرة، ليتم ترحيلهم مرة أخرى لتركيا، حتى لا يتم تصعيد المواجهة.!
فجأة توقفت مبادرات الصلح من قبل العناصر القريبة من جماعة الإخوان، بعد سيل من المبادرات ورسائل التهدئة من قبل المحسوبين على التنظيم، وكان سر هذه المبادرات أنه كان تسير بالتوازى مع محاولات قامت بها عدة شخصيات سياسية سعودية من أجل إنجاز صلح، يتيح الإفراج عن عدد من قيادات الجماعة، خاصة غير المتورطة فى قضايا جنائية، مع الوعد بتصفية القضايا الأخرى المتهم فيها قيادات التنظيم، مقابل أن يوقف التنظيم المظاهرات وعمليات العنف.
ولكن الإخوان طلبوا أيضا ضمانة لعودتهم مرة أخرى للحياة السياسية من خلال الترخيص لعمل الجماعة وعودة حزبها الحرية والعدالة مرة أخرى، مما يتيح لها خوض الانتخابات البرلمانية مرة أخرى، وهو ما قوبل برفض من قبل النظام ، وذلك خشية أن يحدث ذلك حالة غضب شعبى من عودة الجماعة مرة أخرى.
وتقدم الطرف السعودى والذى لم يحمل صفة رسمية، رغم قربه من دوائر العائلة الملكية، بمحاولة حل وسط، أن يعود الإخوان للعمل كما كانوا فى السابق طوال فترة حكم مبارك وتظل الجماعة محظورة وعدم عودة الحزب، ويمكنهم التحرك فى النقابات المهنية والمجتمع المدنى، مع إمكانية أن يقدم عدد من أعضائهم المعتدلين لعضوية البرلمان.
ولكن هذا الاقتراح لم يحظ بتأييد من قيادات الجماعة داخل السجون، وذلك لخشيتهم من غضب أنصارهم، كما أن النظام لم يوافق عليه، باعتبار أن أى صلح سوف يقوض تحالف 30 يونيو، وهو ما دفع الطرف السعودى أن يوقف مفاوضاتهم التى قام بها عبر وسطاء من عدد من المحامين عن هيئة الدفاع عن الجماعة، وهو ما دفع الإخوان للتصعيد مرة أخرى فى الشارع.
النجاح له ألف صاحب، أما الفشل فيتنصل منه الجميع، تجسد المثل بعد فشل مظاهرات 28 نوفمبر الماضى والتى دعت إليها الجبهة السلفية مدعومة من تنظيم الإخوان تحت اسم «جمعة الهوية» أو رفع المصاحف.
وعقب الفشل الذريع فى هذا اليوم تحولت الاتهامات بين الإخوان والجبهة السلفية ليس داخل مصر فقط بل بالخارج، الإخوان من جانبهم روجوا أن هناك «عميلاً» داخل الجبهة السلفية ورطهم فى الدعوة للجمعة الفاشلة والتى خيبت آمالهم، وفضحت قدرتهم على الحشد.
وبدأ أعوان الإخوان يرددون أن الجبهة السلفية كانت تنسق مع الجهات الأمنية فى عملية نفخ يوم 28 نوفمبر، وأن الجبهة مخترقة أمنياً.
وردت الجبهة السلفية على اتهامات الإخوان لها بالعمالة فى خروجها عما يسمى ب»تحالف دعم الشرعية»، والذى خرجت كل التنظيمات منه ولم يبق فيه سوى الإخوان ، كما أن حسام كمال القيادى فى الجبهة السلفية والذى يعيش فى تركيا، رد على اتهامات الإخوان بالعمالة بالمثل، واعتبر أن الجماعة هى «العميلة»، لأنها تخلت عن الدعوة ولم تحشد لها، مما تسبب فى الفضيحة..!
أصابت الرئيس المعزول محمد مرسى، حالة من القلق الشديد، عقب ترديد هيئة الدفاع عن قصة التسريبات التى تدعى أنها تخص قادة القوات المسلحة حول مكان احتجازه، ومطالبتهم لهيئة المحكمة أن تضم للقضية لتعزيز موقف الدفاع عنه. وظل مرسى فى حالة هلع ودعا أحد هيئة الدفاع عنه، ليعرف منه ما فى التسريبات، وعندما أخبره المحامى بفحواها تغيرت ملامح مرسى تماماً وبدات عليه الراحة، وكان مرسى يخشى أن تكون التسجيلات يكون هو طرفها، ويخشى أن تخرج للنور، ولذلك طلب مرسى من رئيس المحكمة التى يمثل أمامها فى قضية التخابر،عقد جلسة سرية من هيئة المحكمة يحضر فيها الرئيس السيسى، ووزير الدفاع وعدد من القيادات السابقة، وذلك لدواعى الأمن القومى ، كما ردد مرسى للمحكمة. هاكان فيدان رئيسا لجهاز المخابرات التركى.. أول هذه الأهداف أن فيدان يعد من الشخصيات المقربة لأردوغان كما أنه عضو فى حزب العدالة والتنمية وهو ما يعنى إحكام سيطرة الحزب على جهاز المخابرات وإبعاد سيطرة الجيش عليه.