«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العصابة

فى البدء كانت ''الدوحة'' .. وفى النهايات أيضاً (!)، إذ كانت تؤكد ''الوثيقة''، بشكل قاطع، أن قطر ليست إلا ''ماريونيت'' فى يد المخابرات الأمريكية.. لعبة توجهها أصابع ''غير خفية''.. تطلقها كيفما تشاء، للنيل ممن تشاء.. لكن.. لأننا نمتلك ذاكرة الأسماك، فسرعان ما ننسى ما كان فى الظلام يُحاك (!)
لذلك وجب التنويه، والتوضيح، وتنشيط الذاكرة، إذ إن ما حدث منذ سنوات، لم تنته تداعياته - حتى الآن - فى قلب القاهرة (!)
يعود تاريخ الوثيقة إلى 02 أكتوبر من العام 5002م .. وقتها، كان أن جمعت عدة جلسات ''رسمية'' بين مدير قناة ''الجزيرة'' القطرية، ومسئولة الشئون العامة الأمريكية، للتنسيق والتعاون بين الطرفين، لتنفيذ توجيهات وكالة الاستخبارات العسكرية الأمريكية (D.I.A).
وحسب «ويكيليكس»، كان أن تعهّد مدير عام القناة، إذ ذاك ''وضاح خنفر'' - خلال اللقاءات بين الطرفَين - بتعديل الأخبار التى تزعج الحكومة الأمريكية أو حذفها تماماً.
حينها.. كانت حدة الانتقادات الموجهة ل''خنفر'' تتصاعد بين العاملين بالقناة، إذ رأوا أنه بسط هيمنة الإخوان على القناة، وفرض حاجزاً بينه وبين زملائه فى المحطة، ما أدى إلى تعرّض بعضهم لعقوبات وإقصاء مهنى.. فضلاً عن اتهام القناة، بعقد صفقات سرية مع الإدارة الأمريكية، والتغاضى عن جرائمها فى العراق (!)
.. فهل توقفت اللعبة عند هذا الأمر (؟!)

(1)
لم تكن الوثيقة، التى تؤكد أن السياسة الإعلامية لقناة الجزيرة القطرية، ليست إلا صنيعة لأجهزة ''الاستخبارات الأمريكية''، تم استخدامها للضغط على الأنظمة السياسية القائمة، آنئذ.. إلا حلقة واحدة من حلقات سيناريو إعادة تشكيل ''الشرق الأوسط''، وفقاً للرؤية الأمريكية للمنطقة.
لكن، قبل أن نتطرق إلى باقى حلقات السيناريو.. إلى أى مدى كانت الاتهامات الموجهة للقناة، من قبل العاملين بها، حول بسط هيمنة ''الإخوان'' على توجهاتها صحيحة (؟)
تبدو الإجابة، بديهية.. وربما لا تحتاج منا عناء طرح السؤال من حيث الأصل.. لكن من جانبنا سنترك الإجابة علي هذا التساؤل للجماعة نفسها، ثم نردف الأمر بعدد آخر من المعلومات ''الدقيقة''.
ففى أغسطس من العام 2008م، وقبل شهر واحد تقريباً من انعقاد ''مجلس شورى رابطة الإخوان العاملين بالخارج '' - خلال عمرة رمضان من العام نفسه- كان أن التقى «د.محمود عزت''»، نائب مرشد الجماعة - بصفته أميناً عاماً للتنظيم حينئذ - مع هيئة مكتب ''الرابطة'' بالقاهرة، لاستعراض آخر المستجدات على الساحة التنظيمية.
وقتها.. كانت المناقشات، التى شارك بها ممثلون عن الإخوان المصريين بكل من : ''قطر، البحرين، الإمارات، عُمان، واليمن '' - فضلاً عن إفريقيا - تدور حول استمرار إشراف ''إخوان قطر'' على اللجنة الإعلامية للجماعة بالخارج.
وبعد عرض موجز عن تصورات و مجالات العمل المقترحة للجنة الإعلامية بالرابطة، والتوصية بالبدء فى مشروعات يمكن تطبيقها عمليا.. تم النص - خلال محضر اللقاء - على تشكيل فريق عمل من بعض الأقطار تحت إشراف الدوحة، لتنفيذ التوجهات الجديدة للجماعة، على أن يتم البدء بصورة متدرجة، تمهيدا للوصول إلى تأسيس ''وكالة للأنباء''.
لم يقف الأمر - إذاً - عند حدود قناة الجزيرة، إذ هيأت تراكمات التجارب بين الإخوان المصريين، العاملين فى قطر - تحت إشراف مذيع الجزيرة أحمد منصور - ومسئولى القناة، الظروف أمام الجماعة للسعى نحو تأسيس ''وكالة أنباء'' كاملة، تخدم أهدافها التنظيمية، الجديدة.
.. فماذا كانت هذه الأهداف، على وجه التحديد (؟)
(2)
توضح المعلومات ''الدقيقة''، التى فى حيازتنا، أن الجماعة التى اعتبرت ''الدوحة'' المصدر الخليجى الرابع، لتمويل مكتب إرشاد القاهرة، بعد كل من: والإمارات، والكويت.. كانت ترى فى ''قطر'' مجالاً مفتوحاً للعمل بكل الاتجاهات، يمكن التعويل عليه فى المستقبل .. وبالتالى.. كان أن نشطت كوادرها المصرية، العاملة بالدوحة، داخل الأندية الرياضية والمساجد والجمعيات الخيرية.. للاحتكاك بصورة أكبر مع الجالية المصرية هناك.. وهو توجه أخذ طريقه للتنفيذ بشكل ملحوظ، ابتداء من العام 2007م.. وكانت نتيجته وجود 3 من عناصرها بمجلس الجالية.
وشكل هؤلاء الثلاثة، نواة أولى لممارسة الدعوة الفردية بين صفوف الجالية، بما يسمح بزيادة قاعدة الربط العام، إذ قسمت الجماعة مناطق العمل ب''قطر'' إلى 4 مناطق، بكل منطقة 3 شعب، وبكل شعبة 3 أسر، على ألا يتخطى عدد الشعبة العشرين.. تماشيا مع قوانين الدوحة، التى لا تسمح باجتماع أكثر من 20 فردا.
وكان من ثمرة هذا الأمر أن امتلكت الجماعة بقطر، نحو 400 أخ، يمثلون المستويات 3 ، 5 ,4 «منتسب - منتظم - عامل»، و400 آخرين يمثلون المستويات 1 ، 2 «تمهيدى - محب»، حتى منتصف العام 2008م.. ثم ازداد هذا العدد ليصل لنحو 1500 فرد، يمثلون المستويات التنظيمية الخمسة عقب وصول الجماعة للسلطة فى مصر، وقبل الإطاحة بحكمها فى 30 يونيو من العام 2013م.. إذ بلغ حجم ما يضخونه لمكتب إرشاد القاهرة، نحو 75 ألف دولار، سنوياً.
لكن - قطعاً - لم تكن هذه الأموال هى الرافد الوحيد، الذى يتم ضخه من قبل ''الدوحة'' داخل التنظيم ''الموعود بالسلطة'' فى مصر، إذ لم تتوقف الإغداقات ''القطرية'' عن التنظيم الدولى للجماعة، فى أى وقت من الأوقات .. وهى إغداقات، لعب فيها الشيخ ''يوسف القرضاوى'' دوراً رئيسياً، منذ عهد الشيخ خليفة.
ولنا هنا - على سبيل المثال - واقعة حكاها «القرضاوى» بنفسه، إذ قال :
(وجه لى اتحاد الطلبة المسلمين بأمريكا دعوة ، لأشارك فى مؤتمرهم السنوى الذى يعقد فى شهر مايو من كل عام، ووافقت الجامعة فى قطر، على سفرى للمؤتمر.. وقابلت الأمير وذكرته بوعده للوفد الذى زاره، فكتب لهم شيكا بمبلغ نصف مليون دولار لبناء مكتبة مركزهم، وتكون باسم أمير دولة قطر، وكلفنى أن أحمل الشيك معى، وأقدمه إليهم، معونة من الأمير لهم ).
وأردف: (سافرت إلى مقر الاتحاد، وسلمت الإخوة؛ الشيك ، وتسلمه منى الأمين العام لاتحاد الطلبة المسلمين: الأخ الكريم الدكتور محمود رشدان ).
وإن كان يقتات «التنظيم الدولى للجماعة» على الهبات الخليجية، من قبل عدد من أمراء المنطقة، فإن أمانة لندن، تستحوذ على ما يزيد على %15 مما يتم ضخه من أموال ''رابطة الإخوان بالخارج''، بينما يستولى مكتب إرشاد القاهرة، منفرداً، على ما يربو عن نصف هذه الأموال، لنفسه .. إذ تبين ميزانية العام 2005م، أن توزيع الأموال الواردة من الرابطة كان كالآتى:
تتحمل الإمارات 140 ألفاً، والكويت 100 ألف، وقطر 55 ألفاً، واليمن 10 آلاف، وعُمان 35 ألفاً.. والرابطة فى أوروبا 35 ألفاً أخرى.
.. على أن تكون ''المصارف المعتمدة'' كالآتى : 330 ألفاً للمقر الرئيسى (مكتب إرشاد القاهرة)، و 20 ألفاً للتفرغ الداخلى (تدخل فى حساب رواتب القيادات المتفرغة للعمل التنظيمى)، و120 ألفاً يتم توجيهها للعمل العالمى (أمانة لندن)، 50 ألفاً لإفريقيا، و15 ألفاً للجنة التاريخ (لجنة مسئولة عن توثيق تاريخ الجماعة)، و10 آلاف لجهاز التربية، و 20 ألفاً لدعم الأنشطة والمساعدات، و20 ألفاً للأمانة العامة، و50 ألفاً للاستثمار ( تمت تصفية هذا البند خلال عمومية رمضان السابقة ). على أن تتبقى 15 ألفاً للجنة الدعوة والفكر، بزيادة 5 آلاف دولار عن إجمالى اعتمادات الموارد.
وهى - جميعاً - أموال يتم ضخها بعيداً عن المحفظة «الاستثمارية» للتنظيم الدولى، التى يديرها خيرت الشاطر ورجاله، فى كل من: الخليج، وأوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية، إذ كانت تتحرك كل هذه الأموال بسلاسة ويسر، دون أى عائق، لتمهيد الأرض أمام الجماعة للعب الدور المنوط بها فى إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط الجديدة، بمساندة الرجل القابض على السلطة من فوق ضفاف البوسفور (تركيا).
.. فكيف حدث - إذاً - هذا الأمر (؟!)
(3)
مع تقارب ''أردوغان'' والسياسات الأمريكية بالمنطقة، لدرجة جعلته يوصف بعرّاب ''الشرق الأوسط الكبير''.. كان التوجه الإخوانى - فى مجمله - لا يزال ''أربكانياً''، لا ''أردوغانياً''، إذ رأى الإخوان أن ''حزب التنمية'' لا يعمل للأهداف الإسلامية الكاملة، بداية من بناء الفرد المسلم، والحكومة المسلمة.. وانتهاءً بأستاذية العالم''.
وحتى بدايات العام 2007م، كانت رؤية ''التنظيم الدولى'' تتشكك فى نوايا أردوغان - رغم وجود رغبة ملحة فى التقارب - إذ كانت تنصب، بشكلٍ عام، حول أن ما حدث فى تركيا، نموذج يخص الدولة التركية فقط، ولا يصلح للقياس عليه من قبل التنظيم، إذ يجب التأكيد - سياسياً واجتماعياً - على ثوابت ومنهج الجماعة فى التغيير.. إلا أن هذا الأمر تلاشى بشكل كبير فيما بعد.
.. وكان أحد كلمات السر الرئيسية، فى هذا التحول، شابا «أربعينيا» درس الإدارة والعلوم السياسية ب ( جامعة ماريلاند )، لا يزال يشق طريقه بقوة إلى جوار كل من : رئيس الوزراء التركى ''رجب طيب أردوغان''، وذراعه الأيمن '' أحمد داوود أوغلو..
ولم يكن هذا الشاب، سوى ''فيدان هاكان''، ضابط الصف السابق ومستشار أردوغان للشئون الخارجية، الذى تولى مسئولية ''المخابرات التركية'' فى العام 2010م.
آنئذ.. كان أن أغرت المتغيرات الجديدة بالشرق الأوسط ''أردوغان'' - ذا الميول العثمانية -لإعادة إحياء مجد الباب العالى.
وكان التعاطى مع هذه المتغيرات يتطلب خلق أسطول مخابراتى، يتركّز عمله بالأساس، على العمل الخارجى.. ومن هنا تمت إعادة بناء الاستخبارات التركية بقيادة رئيس جديد مقرّب من الحكومة، وتقسيمها - أى المخابرات - إلى جهازين: أحدهما للداخل، والآخر للخارج، على غرار مكتب التحقيقات الفيدرالى، ووكالة الاستخبارات المركزية.. لتعزيز حضور الاستخبارات التركية فى المناطق الساخنة.. وتلبية حاجات دور تركيا ''المتنامى''، بدءا من الشرق الأوسط، ومروراً بروسيا والقوقاز وآسيا وأفريقيا، وانتهاءً بالأمريكتين وأوروبا وإسرائيل.
ولتحقيق هذا الهدف، تم تعيين ''هاكان'' على رأس جهاز الاستخبارات التركية، فى 27 مايو من العام 2010م.
ورغم أن العادة، جرت فى ''أنقرة'' على أن يبقى ''مدراء الاستخبارات'' مجهولى الهوية.. إلا أن الأتراك تداولوا اسم ''فيدان''، كرئيس لجهاز الاستخبارات الخارجية، عقب إحدى الأزمات التى شهدتها، فى وقت متأخر، الاستخبارات التركية.. وتم على إثرها إعلان إعفاء مدير مخابرات إسطنبول من منصبه، إذ كان الأخير مسئولاً عن متابعة عناصر ''الاستخبارات الأجنبية'' بالعاصمة التركية، التى يزيد تعداد سكانها على 15 مليون نسمة..وتعتبر مسرحاً ''مهماً'' لأنشطة أجهزة الاستخبارات العالمية.
حينها.. كان أن استدعى قاضى التحقيق ب'' قضية التنظيم السرى لحزب العمال الكردستانى'' المحظور (بى كى كى) ل ''هاكان فيدان''، للتحقيق معه كمشتبه به فى القضية مع أربع من قيادات الاستخبارات، بعد الاشتباه فى تقديمه الدعم للحزب الكردستانى المحظور، وغض بصره عن معلومات مسبقة عن عمليات مسلحة وهجمات نفذها الحزب ضد رجال الأمن فى تركيا.
إلا أن هذه الأزمة تم تجاوزها سريعا، بعد أن أقرت ''حكومة أردوغان'' - خلال 48 ساعة فقط - قانوناً يعطى الحصانة لرجال المخابرات من الإدلاء بأقوالهم أمام المحاكم الجنائية (!)
وهو ما أدى إلى انتقادات واسعة من قبل المعارضة التركية، التى اعتبرت أن ''أردوغان'' يضع رجال المخابرات فوق القانون، لتنفيذ أجندة خاصة لرئيس الوزراء وحكومته (!)
.. ولم تكن هذه الأجندة الخاصة، سوى المشاركة ''العثمانية'' الفعالة، فى إعادة ترتيب الأوراق داخل الشرق الأوسط، إذ حظى صعود ''هاكان'' لسطح الحياة السياسية فى تركيا بمباركة أمريكية، لم تكن خافية عن العديد من المراقبين للشأن التركى.. ونقلت تقارير صحفية - آنئذ - عن ''جيمس جيفرى'' - الذى عمل كسفير للولايات المتحدة فى كل من تركيا والعراق - قوله:
'' فيدان هو وجه الشرق الأوسط الجديد.. وعلينا أن نعمل معه لأنه يستطيع إنهاء المهام، لكن لا يجب افتراض أنه الصديق الساذج للولايات المتحدة، لأنه ليس كذلك''.
ومن هنا.. بدأ الظهور العلنى ل''هاكان فيدان''، وأصبح اسمه متداولا بالصحافة التركية، خلافا لرجال الاستخبارات السابقين، الذين، غالبا، ما كانت أسماؤهم مجهولة.. إلا أن تعيين أردوغان ل ''ذراعه القوى'' كرئيسٍ لجهاز الاستخبارات، مخالفا الأعراف التى تقتضى تعيين رجل من داخل الجهاز، لهذا المنصب الحساس.. كان بمثابة صدمة قاسية، للعديد من رجال الاستخبارات الأتراك.
ولم يكن تعيين، مستشار أردوغان السابق للشئون الخارجية، هو الانقلاب الوحيد الذى شهده جهاز الاستخبارات التركى، إذ كانت الدلالة الأكبر لهذا الانقلاب، أنه تم تعيين «هاكان» - رغم أنه كان ضابط صف سابقا - بصفته مسئولا مدنيا، لا عسكريا.
ومن خلال خلفيته الأكاديمية والعسكرية استطاع فيدان إدخال تعديلات كبيرة فى تكوين ''الاستخبارات التركية''.. وأقنع أردوغان بتجميع جميع أجهزة المخابرات فى ''الخارجية والأمن والجيش «تحت راية» جهاز المخابرات العامة.. وهو ما أزعج - إلى حدٍ بعيد - العديد من الأوساط الأمنية والعسكرية فى اسطنبول.
(4)
عمل ''فيدان'' منذ أن كان مستشاراً لأردوغان، وحتى توليه مسئولية الاستخبارات التركية فى العام 2010م، على إعادة توجيه نشاط السياسة الخارجية التركية، بما يتلاءم ومشاريع أردوغان الإقليمية، بمباركة رجال السياسة والاستخبارات الأمريكيين، إذ كانوا يرون - إجمالاً - أن مساعى ''فيدان هاكان'' لا تهدف إلى تقويض دور الولايات المتحدة، إنما إلى خدمة مصالح تلك المشاريع الإقليمية.
ومع تصاعد أحداث، ما اصطلح على تسميته ب ''ثورات الربيع العربى''، كانت توجهات ''فيدان'' تتماس إلى حد بعيد والتوجهات الأمريكية بالمنطقة، إذ رأى ''فيدان'' - على سبيل المثال - أن التسليح المباشر والنوعى للمعارضة السورية هو الحل الوحيد، لحسم الصراع الدائر فى سوريا..وشرع فيدان - بالفعل - فى أغسطس من العام 2011م، فى توجيه جهوده لتعزيز قدرات ''المتمردين'' على نظام بشار الأسد، بالمنطقة الشمالية ''تسليحياً ومالياً''، عبر الحدود التركية (!)
إذ ذاك.. كان الرجل قد شرع فى توسيع سيطرة الاستخبارات التركية، على ''الاستخبارات العسكرية''، التى كانت مهيمنة على السياسة التركية لعقود.. وترجح تقارير صحفية ''تركية ودولية'' أن الجهود الاستخباراتية، التى بذلها ''فيدان'' كانت وراء الإفراج عن الرهائن اللبنانيين التسعة بعد احتجازهم 17 شهرا لدى معارضين سوريين مسلحين.
ورغم هذا التقارب الاستخباراتى بين كل من: ''واشنطن واسطنبول''، إلا أن عددا من رجال C.I.A حسبما بينت صحيفة ''وول ستريت جورنال'' عقب لقاء رئيس الاستخبارات التركى وكل من : مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ''جون برينان''، ومدير المخابرات الوطنية ''جيمس كلابر'' فى سبتمبر من العام 2013 م- كانوا يرون أن ''فيدان'' لا ينظر للعالم، بشكل كامل، من خلال نفس العدسات.
ولم يكن يقصد رجال C.I.Aسوى دخول رجل أردوغان ''القوى''، منذ أن كان مستشاراً لرئيس الوزراء التركى - بشكل منفرد - على خط العديد من الملفات الإقليمية، ومنها ''القضية الفلسطينية''، لترسيخ الوجود التركى ب''الشرق الأوسط''، عبر طريق الحرير القديم.
وهو تدخل لم يسلم من التوترات بين كل من: تركيا، و«تل أبيب» - الحليف الرئيسى لواشنطن بالمنطقة - إذ دفع هذا التدخل حكومة أردوغان، بين العامين 2007 و 2008 ، لعقد تحالف رباعى، مع كل من: (النظام الإيرانى، والنظام السورى - قبل توتر العلاقات الثنائية بين تركيا وبشار الأسد - والتنظيم الدولى للإخوان)، لخلق مزيد من التواجد التركى داخل منطقة الشرق الأوسط، عبر القضية الفلسطينية.
لكن لم يكن هذا التدخل مرفوضاً أمريكياً فى حينه، إذ إن تزايد النفوذ التركى بالشرق الأوسط، سيخلق مجالاً جديداً للتقارب بين رجل واشنطن بالمنطقة وتنظيم الإخوان الدولى.. وبالتالى.. كان أن أضاءت الولايات المتحدة الأمريكية، الضوء الأخضر أمام قناة الجزيرة القطرية، لدعم هذا التقارب، عبر تقارير إخبارية تخدم هذا الغرض.
وقتها.. كان أن مهد تنظيم الإخوان الدولى - الذى يتخذ القضية الفلسطينية كنقطة ارتكاز سياسية - الطريق أمام الرجل بشكل كبير، خاصة بعد أن بدا أن هناك تغيراً «منهجياً» اعتمده التنظيم، للتعامل مع المجتمع الدولى، وفقاً للسياسات الأردوغانية.
وفى حين لعبت العديد من قيادات «مكتب الإرشاد العالمى» دوراً محورياً فى التقارب مع مستشارى أردوغان - خاصة أوغلو وهاكان - كان أن قدمت «الجماعة الأم» فى مصر فروض الولاء والطاعة، بإرسالها وفداً - قاده حينئذ «عصام العريان» - لتهنئة أردوغان، بمناسبة فوز حزب «العدالة والتنمية» فى الانتخابات التشريعية للمرة الثانية.
ولم تجد الجماعة عناءً يذكر، فى تبرير هذا التحول - ردا على الاتهامات التى رددها بعض أفراد (الصف) للنموذج التركى، بأنه خرج عن الخطوط الإسلامية العريضة بعد قبوله مبدأ علمانية الدولة - بأنهم يجب أن يتعاملوا مع المتغيرات السياسية.. لا الدينية فقط.. داخل مجتمعاتهم المختلفة عبر (فقه المضطر)، أو الإكراه على قاعدة ما، حتى تأتى لحظة التمكين (!)
وتبع هذا التقارب، تنسيق ملحوظ بين التحالف الرباعى، خلال ما عرف بأزمة «أسطول الحرية» التركى، الذى كان متّجها إلى غزّة، بدعوى كسر الحصار الإسرائيلى المفروض على القطاع.. إذ كان هذا الأسطول فكرة خالصة أبدعها «فيدان هاكان».
وفيما صنع الهجوم «الإسرائيلى» على أسطول المساعدات التركى تعاطفاً شعبياً مع تركيا الأردوغانية، داخل المنطقة العربية.. كان أن ساهم «التنظيم الدولى» فى رسم صورة أسطورية جديدة ل«الخليفة» القادم من بين ضفاف البوسفور، عبر تحريكه عددا من المظاهرات استهدفت السفارات المصرية بالخارج، للانتقاص من الدور المصرى مقابل إعلاء الدور التركى (!)
(5)
بعد أن بدا أمام التنظيم الدولى أن التقارب (الإخوانى - التركى) يمكن أن يؤتى أُكله، بشكل أكبر، إذا اتحد المسار.. كان أن أسفر اجتماع قيادات التنظيم الدولى باسطنبول فى 8 يناير من العام 2009م، عن محضر اجتماع خاص تضمن فى أحد جوانبه عدداً من التوصيات الخاصة بالأوضاع الفلسطينية، كان من بينها :
أولاً: بمناسبة الدعم الكبير للإخوة فى حماس، الذى قدمته إيران.. فقد تم الاقتراح بتوجيه شكر للقيادة الإيرانية باسم جماعة الإخوان المسلمين عن طريق خطاب باسم فضيلة المرشد العام، يحمله وفد من الجماعة يشارك فى احتفال إيران بمناسبة قيام الثورة، الذى سيعقد فى أوائل فبراير 2009م.
ثانياً: بالنسبة للدور التركى وتميزه.. فقد تمت التوصية بإيصال رسالة شكر للسيد طيب أردوغان على دوره المتميز عن طريق مستشاره السيد «أحمد أوغلو» ينقلها له الأخ «راشد الغنوشى»، وبعبارة مختصرة: «فضيلة الأستاذ المرشد محمد مهدى عاكف يقول لك جزاكم الله خيراً''.
وفى وقت تال.. كان أن رد أردوغان التحية بأفضل منها، إذ استثمر «رئيس الوزراء التركى» علاقاته الجيدة (سياسياً واستخباراتياً) مع الولايات المتحدة - والتى كان آخر ثمارها إعادة إصلاح العلاقات التركية الإسرائيلية - للتبشير بقدوم الإخوان إلى سدة الحكم فى مصر.
وتدريجياً.. كان أن انعكست «الصبغة الأردوغانية» على تصورات قيادات التنظيم الدولى فى الحكم، إذ كانت حكومة ''العدالة والتنمية'' قد ربطت ''تركيا'' بمراكز ثقل الاقتصاد الغربى، وخضع نحو 65 مليار دولار من حجم تعاملات البورصة لمستثمرين غربيين.. كما أن 70٪ من ودائع البنوك التركية هى ودائع غربية بالأساس، تدفع عليها البنوك التركية فوائد هى الأكبر من نوعها فى أوربا، إذ تصل إلى (15 ٪).. رغم أن هذا أدى إلى ارتفاع حجم ديون البلاد إلى 383 مليارا فى العام 2011 (!)
كما قبل أردوغان مشروع «الشرق الأوسط الكبير» بكل تفاصيله.. وتحرك فى المنطقة لدعم المشروع، بحيث صار أحد أهم الوسطاء لترويج السياسة الأمريكية بالمنطقة.. بل تبرعت حكومة «العدالة والتنمية» بعرض توصيل مياه نهرى : ''دجلة والفرات'' إلى إسرائيل (!)
وهى، جميعاً، تصورات لم تعد مرفوضة بشكل كامل من قبل قيادات التنظيم.. وبالتالى.. كان أن اصطف ثلاثى الشرق الأوسط الجديد ( تركيا - قطر - تنظيم الإخوان الدولى)، إعلامياً وحركياً خلف المشروع (!).. وعقب سلسلة من اللقاءات «الإسطنبولية» للتنظيم الدولى.. كان أن أوصت «لجنة الدراسات والبحوث» التابعة لجهاز التخطيط بالتنظيم، بضرورة البدء فى دراسة شكل «الدولة النموذج»، تمهيداً لتمكين التنظيم بالأقطار المختلفة .
.. وكان من بين ما أوصت به اللجنة :
* دراسة مستقبل العمل الإغاثى فى إفريقيا وآسيا وأوروبا، وارتباطه بالعمل الدعوى.. وما يواجهه من تحديات.
* دراسة الشكل الحالى للتنظيم الدولى ومدى تحقق أهدافه.. وهل هناك تعديلات تفرضها المتغيرات من حيث: ( الشكل - العضوية - التمثيل - اتخاذ القرار إلزامية القرار)، بما يحقق أهدافه بشكل أفضل.
* الاتفاق مع الجماعة الإسلامية ب(تركيا): (طبيعة الاتفاق - إيجابيات وسلبيات تطبيقه فى الماضى - المتغيرات على الساحة التركية الآن - إيجابية استمرار أو وقف أو إيجاد شكل آخر للاتفاق).
* مستقبل العمل الإسلامى فى الخليج وأثر تغير التركيبة السكانية عليه، وكذلك المتغيرات المتسارعة بالمنطقة.
* إيجاد رؤية موحدة للجماعة حول وسائل التغيير «المرتقبة» والمتاحة، وفقا للمتغيرات الموجودة.
إلى هنا.. كان أن انتهى ما خططت له عصابة «الشرق الأوسط الكبير».. لكن .. ما لم ينته بعد، هو إرهاب عرائس الماريونيت الأمريكية.. ستبدأ قناة «العمالة القطرية» بعد قرار حظر الجماعة، فى الصياح.. وستستمر المخابرات التركية، فى دعم ميليشياتها بالسلاح.. وكما أن معركتنا مع ''أهل الجهالة'' لم تمر فى العام 2013م بارتياح.. نقطع - يقيناً - أن مصر فى العام 2014م، ستنعم بفَجرٍ، ضوؤه فى الأفق قد لاح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.