الحج فرض من فرائض الإسلام التي فرضها الله سبحانه على المستطيع من الرجال وعلى المستطيعة من النساء، وهو من العبادات الأساسية، ففي السنة الشريفة قول الرسول صلى الله عليه و في بيان حقيقة الإسلام والإيمان: "الإِسْلامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَتُقِيمَ الصَّلاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلا".
مرة واحدة في عمر المسلم، قد يكررها قليلون، لكن الكثير لا يستطيع إلى الحج مرة واحدة، ولذلك يحرص "حُجّاج المرة واحدة" على أن يكون الحج مبرورا والذنب مغفورا، وتكثر أسئلتهم عن الجائز والمُحرم والمكروه والمستحب في أداء مناسك الحج، ولذا ترصد "الفجر" أبرز الفتاوى التي أعلنتها دار الإفتاء، فيما يتعلق بالحج، والردود عليها:
- ما هي شروط وجوب الحج؟
· "الإسلام - البلوغ - العقل - الحرية - ووجود الزاد (كالغذاء، والدواء، ومستلزمات السفر) والراحلة (وسيلة المواصلات ونفقتها)، وهو ما يُسمَّى بشرط الاستطاعة - قوة البدن، بحيث يكون قادرًا على تحمل مشاقِّ السفر - ويشترط خلو الطريق من المهلكات، بحيث يأمن فيه على نفسه وعِرضه وماله - ويشترط إمكان المسير إلى مكة، بحيث يدرك وقت المناسك بها، وخاصة وقوف عرفة، دون أن يحتاج إلى الإسراع في السير فوق العادة".
- ما حكم سفر المرأة للحج إذا سمح لها زوجها بذلك قبل وفاته؟
· أن انتهت الحياة الزوجية بوفاة الزوج أو بطلاقه إياها بائنًا وهي مسافرة، فإن كان بينها وبين مصرها -محل إقامتها- مدة سفر -أي ثلاثة أيام فأكثر- رجعت إلى بيتها لقضاء مدة العدة، وإن كان بينها وبين مقصدها أقل من سفر ثلاثة أيام مضت إلى مقصدها، ولم يجيزوا للمعتدة من وفاة أو طلاق السفر للحج أو غيره إلا في نطاق هذه القاعدة.
لما كان ذلك وكان الظاهر من السؤال أن السيدة المسؤول عنها قد أذن لها زوجها في السفر للحج ثم توفي، وأنها ما تزال في عدة وفاته، وأنها إن قعدت للعدة في منزله فاتها الحج مع أنها قد سددت رسومه ومصروفاته بعد أن أخرجتها القرعة، وأنه لم يسبق لها أداء هذه الفريضة، وكان معلومًا بالعلم العام أن السفر للحج في عصرنا قد اقتضت مصلحة الدولة العامة تقييده بقيود وتحديد عدد المسافرين وبالقرعة، وقد يتعذر على هذه السيدة أداء هذه الفريضة فيما بعد بسبب تلك القيود، وإذا كان هذا حال المسؤول عنها وهو حال اضطرار واعتذار وسنوح فرصة قلما يتيسر الحصول عليها، لا سيما وقد أذنت لها سلطات الدولة بالسفر للحج، كان ذلك بمثابة وفاة الزوج وهي في الحج فعلا، يجري عليه ما قال به ابن قدامة واحتج له بالحجج القوية المقبولة في النص الآنف، وما نقله ابن هبيرة عن الأئمة مالك والشافعي وأحمد من أنه إذا خافت فوات الحج إن جلست لقضاء العدة جاز لها المضي فيه.
ولما كان ذلك كان جائزًا للسيدة المسؤول عنها السفرُ لأداء فريضة الحج وإن كانت في عدة وفاة زوجها؛ لأن الحج آكد باعتباره أحد أركان الإسلام، والمشقة بتفويته تعظم، فوجب تقديمه، لا سيما وقد دخلت في مقدماته في حياة الزوج وبإذنه، وذلك تخريجًا على تلك النصوص من فقه الأئمة مالك والشافعي وأحمد.
- ما هو حكم لبس كمامات الأنف طوال فترة أداء مناسك الحج كوقاية من العدوى؟
· لابس هذه الكمامات إما أن يكون ذكراً أو أنثى، فإن كان ذكراً جاز ذلك، لأن المحرم لا يمنع من ستر وجهه، أما المرأة وحكم لبس الكمامات من العلماء من يراها محظور من محظورات الإحرام، فإن من اضطر إليها إلى لبسها يلبسها ويفدي إما إطعام ستين مسكين لكل مسكين كيلو ونصف من الأرز أو ذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام.
- هل يجوز للمريض استئجار من يحج عنه؟
· إذا كان المسلمُ غيرَ قادرٍ على أداء الحج بنفسه فيجوز له أن يستأجر مَن يحج عنه، كما يجوز للمسلم القادر أن يحجَّ عن أقاربه المتوفَّين أو المرضى العاجزين عن الحج بأنفسهم (ويسميه الفقهاء بالمعضوب) إذا كان قد حج عن نفسه، أو يُوَكِّلَ غيره في الحج عنهم؛ بأجرةٍ كان ذلك أو تبرُّعًا مِن القائم به، ويتحقق العجز بالموت، أو بالحبس، والمنع، والمرض الذي لا يُرجى زواله؛ كالزمانة، والفالج، والعَمَى، والعرج، والهرم الذي لا يقدر صاحبه على الِاستِمساك، وعدم أمن الطريق، إذا استمرت هذه الآفات إلى الموت.
ومَن تحقق فيه العجز عن أداء فريضة الحج بما ذكرْنا فإنه يجب عليه أن يُنِيبَ مَن يَحُجّ عنه عند الجماهير مِن العلماء إذا كان عنده مالٌ يكفي أن يعطيه لِمَن يحج عنه مدة سفره، بشرط أن يكون فائضًا عن ديونه وعن مؤنة مَن يعولهم، أو عن طريقِ متطوعٍ بالحج عنه بلا أجرةٍ إنْ تيسَّر له ذلك، ولا يُشتَرَط حينئذٍ وجود المال عند المعضوب، ويشترط لذلك أن يكون مَن يحج عنه قد حجّ عن نفسه أوَّلًا.
- ماذا يفعل مَن انتقض وضوؤه أثناء الطواف؟
· من أحدث في أثناء طوافه فله أن يتطهر ثم يبني على طوافه ولا يستأنف، وإن كان يستحب الاستئناف خروجًا من الخلاف.
أما من ابتدأ الطواف وهو على طهارة ثم أحدث في أثنائه واستكمل طوافه وهو على غير طهارة وعاد إلى بلده ولم يتمكن من العودة للإعادة فطوافه صحيح؛ تقليدًا للحنفية القائلين بوجوب الطهارة للطواف دون اشتراطها، مع العلم أن الجميع متفقون على عدم جواز الشروع في الطواف على غير طهارة.
وجمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة يرون أن الطهارة من الأحداث ومن الأنجاس شرط لصحة الطواف مطلقًا، سواء كان طواف القدوم أو الزيارة أو الوداع، فإذا ابتدأ الطواف فاقدًا الطهارة فطوافه باطل لا يعتد به.
وذهب الحنفية إلى أن الطهارة ليست شرطًا لصحة الطواف وإن كانت واجبة له، فمن طاف بلا طهارة فطوافه صحيح، لكن تجب إعادته ما دام بمكة وإلا وجب عليه الفداء. ومعنى الإعادة هنا عند الحنفية إعادة الطواف كاملًا، أما إذا أحدث أثناء الطواف فله أن يتم طوافه ويقال فيه ما قيل فيمن طاف ابتداء بلا طهارة، وله أن يتوضأ ويبني على طوافه دون حاجة إلى استئناف طواف جديد.
- ما حكم استعمال المحرم للصابون المعطر؟
· لا مانع من استعمال الصابون المعطر ما دام أنه لا يستعمل للتطيب، بل للنظافة وإزالة الأوساخ؛ لأن العطر الموجود في الصابون ليس من العطر الذي يقصد للتطيب،وكان هذا رأي الشافعية والحنابلة وإن كان الأحوط عدم استعماله؛ خروجا من الخلاف.
- حكم التضحية للحاج هل يكتفي بالذبح هناك أم على أهل بيته الأضحية؟
· إن كنت ستحج متمتعًا أو قارنًا فعليك دم واجب تذبحه هناك في الحرم الشريف (مكة، أو منى، أو مزدلفة، أو كل ما يسمى حرمًا) وهذا من ناحية ما يجب عليك، أما ما يُسَنُّ ولا يجب، فهو أن تُهدِي لفقراء الحرم الشريف ومجاوريه؛ بأن تذبح ما تشاء من النَّعَم هديةً لفقراء الحرم.
كما أنه يُسَنُّ التضحية في حق الحاج وغيره، وهذا عند جمهور الفقهاء، ولكنها غير مرتبطة بالحرم، فيمكنك أن تذبح في الحرم، أو في مصر، أو في أي مكان فيه مجاعات للمسلمين؛ كفلسطين والصومال وغيرهما.