قال اللواء طلعت موسى الخبير العسكرى والمستشار باكاديمية ناصر العسكرية، بمناسبة الذكرى الواحد والأربعين للانتصار فى حرب اكتوبر، إن السبعينات من القرن الماضى كان لها قواعد حاكمة للنظام الدولى شديد الاختلاف مع القواعد التى نعيش فى اطارها الآن، مشيرًا إلى ضرورة دراسة السياسة الخارجية المصرية، وتحديدًا اتقاقية السلام التى وقعها الرئيس الشهيد السادات مع العدو الإسرائيلى كأحد أبرز التوجهات السياسية الجديدة على ضوء تلك المتغيرات. وأضاف ل"الفجر"، أن أهم المتغيرات التى شهدتها السبعينات هى الضعف الشديد الذى انتاب الاتحاد السوفيتى القطب الثانى فى النظام الدولى وقتها بناء على مجموعة من العوامل على رأسها التدهور الاقتصادى الشديد الذى كان يعانى منة نتيجة دفع القطب المنافس - الولاياتالمتحدة – إلى ماعرف بالسباق النووى الأمر الذى ادى إلى استنزاف السوفيت اقتصاديا
وتابع موسى: "كما كان للسينما الأمريكية من دور بارز فى افقاد الشيوعية لبريقها الثقافى، ما أدى إلى انحصار الفكر الشيوعى الذى كان سببًا رئيسيًا فى نفوذ الاتحاد السوفيتى فى الوقت الذى حدثت فيه تعديلات جذرية على الفكر الليبرالى الذى كان متهما بدهس الفقراء والمهمشين، وكانت الشيوعية تستثمر العيوب الاقتصادية الليبرالية للترويج لافكارها".
وأشار إلى الدورالكبير الذى لعبته الاصلاحات الجذرية فى الفكر الرأسمالى علاوة على تنامى دور النقابات والاحزاب فى الدفاع عن حقوق العمال والفلاحين والفقراء والذى طرح شكلا جديدا للفكر الليبرالى اكثر انسانية الأمر الذى جعل الفكر الشيوعى والاشتراكى ليس نقيضا للفكر الليبرالى على مستوى الحقوق الاقتصادية فى الوقت الذى عانت فيه المجتمعات اليسارية من نظم استبدادية وكل ذلك ادى فى النهاية إلى نفور انسانى واسع النطاق من الفكر الشيوعى وكان له تداعيات عميقة وجذرية على على النفوذ السوفيتى .
وأكد موسى أن الرئيس السادات وغيره من الاستراتيجيين قرأوا تلك المتغيرات قراءة متأنية وادركوا أن العالم يشهد ارهاصات خطيرة لانهيار الاتحاد السوفيتى أو على الاقل ادركوا أن السوفيت تراجعوا تراجعا حادا لن يمكنهم من مواكبة القطب الأمريكى المنافس مما يجنح بالنظام الدولى من الثنائية إلى الأحادية القطبية ، مضيفا أن مصر وفق امكاناتها العسكرية المحدودة وقت حرب اكتوبر لم تكن قادرة على استكمال المسيرة العسكرية المشرفة التى بدأت فى يوم 6 اكتوبر خاصة وأن السوفيت لم يدعم مصر بالسلاح الذى يخل بالتفوق النوعى الأسرائيلى علينا وبالتالى كان لابد من ايجاد حلول غير عسكرية لاسترداد كامل التراب الوطنى وفق الامكانات العسكرية المتاحة من جانب ووفق الواقع الدولى وقواعدة من جانب آخر.
كما اكد موسى أن ما قاله السادات حول أن 99 % من اوراق اللعبة فى يد الأمريكان والذى يتسبب فى الهجوم الشرس عليه حتى الآن صحيح من الناحية العلمية ولكن المعارضين يتجاهلون الواقع الدولى ، موضحا أن العالم اليوم مختلف بشكل جذرى عن الفترة الزمنية فى السبعينات حيث امتصت روسيا صدمتها واستعادة قدرا كبيرا من مكانتها الدولية وارتبطت بمحاور اقتصادية وسياسية على رأسها مجموعة بريكس مكنت روسيا من لعب ادوار على الساحة الدولية قوضت كثيرا من المختطات الأمريكية وكان ابرزها استخدام الفيتو يما يتعلق بالأزمتين السورية والاوكرانية ، مضيفا كما شهد عالم اليوم ظهور تكتلات اقتصاية وسياسية وصعود اقطاب جدد على رأسهم الصين التى ستتصدر عملتها اقتصاديات العالم فى غضون عشرة أعوام من الآن ليتراجع الدولار وكل ذلك جنح بالنظام الدولى مرة أخرى إلى النمط التعددى الأمر الذى خصم كثيرا من النفوذ الأمريكى الذم يعد قادرا على الهيمنة على العالم كما كان الوضع فى سبعينات القرن الماضى وقت توقيع اتفاقية السلام ووقت انهيار الاتحاد السوفيتى .
واختتم موسى حديثه قائلا : عالم اليوم متعدد الاقطاب والولاياتالمتحدة تشهد افولا وتراجعا وبالتالى علينا مواكبة الظرف التاريخى لأنه يتيح هامش من الحرية اكثر من تلك اللحظة التاريخية التى وقعت فيها اتفاقية السلام كما علينا استثمار المتغيرات الجديدة التى يشهدها الواقع الدولى حاليا من اجل اقامة علاقات خارجية متوازنة مع كل الاطراف سيكون لها كبير الاثر الايجابى على استقلال القرار الوطنى وتحقيق المصالح الحيوية المصرية.