عرفات والملك حسين يبكون لفراق عبد الناصر.. ومعمر قذافي يصيبه الإغماء من صدمة الموقف 75 ألف عربي في القدس يهتفون "ناصر لن يموت".. وغياب الملك فيصل عن جنازة الزعيم
في مثل هذا اليوم من عام 1970، شيعت جنازة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، حيث قدر عدد الذين حضروا جنازة عبد الناصر بأكثر من خمسة مليون شخص كما أنه بعد الإعلان عن وفاة عبد الناصر، خرجت الملايين فى الشوارع تتصارع بأقوى انفعالاتها، وأعلنت مصر الحداد الرسمي أربعين يوماً وقررت تعطيل المصالح والشركات والمدارس والجهات الحكومية ثلاث أيام، وكان الرئيس المصري الراحل تعرض لنوبة قلبية، بعد اختتام قمة جامعة الدول العربية ، توفى على إثرها.
وكان المشهد مهيب فبعد أن بدأ موكب الجنازة بالتحرك، أخذ المشيعون يهتفون: "لا إله إلا الله، ناصر هو حبيب الله ... كلنا ناصر"، فيما حاولت الشرطة دون جدوى تهدئة الحشود، ونتيجة لذلك، تم إجلاء معظم الشخصيات الأجنبية ، وكان المقصد النهائي للموكب هو مسجد النصر، الذي تم تغيير اسمه فيما بعد ليصبح مسجد عبد الناصر، حيث دفن عبد الناصر.
ويذكر أن العالم لن يرى مرة أخرى خمسة ملايين من الناس يبكون معاً، لفراق إنسان، حيث أن جنازة عبد الناصر شهدت حداد في جميع الدول العربية، وبكى الرجال والنساء، والأطفال، وصرخوا في الشوارع بعد سماع نبأ وفاته، وكان رد الفعل العربي عامة هو الحداد، وتدفق الآلاف من الناس في شوارع المدن الرئيسية في جميع أنحاء الوطن العربي، وقتل أكثر من عشرة أشخاص في بيروت نتيجة للفوضى، وفي القدس، سار ما يقرب من 75.000 عربي خلال البلدة القديمة وهم يهتفون "ناصر لن يموت أبدا".
*رؤساء العرب في تشييع الجنازة
بعد الإعلان عن وفاة عبد الناصر، عمت حالة من الصدمة في مصر والوطن العربي، وحضر جنازة "عبد الناصر" في القاهرة في 1 أكتوبر أكثر من خمسة ملايين شخص، وحضر جميع رؤساء الدول العربية، باستثناء العاهل السعودي الملك فيصل، كما بكى الملك حسين ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات علنا من صدمة الموقف، وأغمي على معمر القذافي من الاضطراب العاطفي مرتين، كما حضر "النميري" وبعض أعضاء مجلس الثورة السوداني، وجاء الرائد "عبد السلام جلود" على رأس وفد من الجمهورية الليبية، وقدم الرئيس الجزائري تعازيه لأسرة عبد الناصر، كما قدم الرئيس السوري العزاء للشعب والحكومة المصرية، كما قدم "كرولس السادس" بيطريق الكرازة المركسية عزائه لأسرة ناصر وللشعب المصري، وتوالت رؤساء الوفود العربية لتقديم التعازي للشعب المصري للمناضل الحقيقي من أحل الحرية والكرامة.
وحضر عدد قليل من الشخصيات غير العربية الكبرى، منها رئيس الوزراء السوفيتي "أليكسي كوسيغين" ورئيس الوزراء الفرنسي "جاك شابان دلماس"، ويعد أليكسي كوسيغين أول من قدم تعازيه، وتوالت بعد ذلك الوفود الغربية للعزاء ولكنها كانت أعدادهم قليلة.
كما قام برثاءه الكثير من الشعراء والمفكرين والشيوخ ومنهم الشيخ محمد متولي الشعراوي، الذي قال: "قد مات جمال وليس بعجيب أن يموت، فالناس كلهم يموتون، لكن العجيب وهو ميت أن يعيش معنا - وقليل من الأحياء يعيشون وخير الموت ألا يغيب المفقود وشر الحياة الموت في مقبرة الوجود، وليس بالأربعين ينتهى الحداد على الثائر المثير.. وقد كان البطل الماثل فلتة زعامة وأمة قيادة وفوق الأسطورة للريادة لأن الأسطورة خيال متوهم وما فوق الأسطورة واقع مجسم، وللزعامات فى دنيا الناس تجليات فليس الزعيم الذى يعمل لك بنفسه طوال عمره إلى نهاية أجله، لكن الزعيم الذى يعلمك أن تعمل بنفسك لنفسك طوال عمرك إلى نهاية أجلك، وعلى مقدار تسلسل الخير فيه يكون خلود عمره"، ومن بين الشعراء الذين قاموا برثاءه أيضا نزار قباني بالقول: (زعيمنا حبيبنا..عندى خطاب عاجل إليك)، وسجلتها كوكب الشرق أم كلثوم بصوتها بالإذاعة إلا أنها ظلت حبيسة الأدراج ولم تذع حتى الآن.
وجمال عبد الناصر حسين "15 جانفي 1918 - 28 سبتمبر 1970"، هو ثاني رؤساء مصر، تولى السلطة من سنة 1956 إلى وفاته سنة 1970. وهو أحد قادة ثورة 23 جويلية 1952 التي أطاحت بالملك فاروق ، آخر أفراد أسرة محمد علي، وشغل منصب نائب رئيس الوزراء في الحكومة الجديدة. كما تعرض لمحاولة اغتيال من قِبَل أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، فأمر بحملة أمنية ضد جماعة الإخوان المسلمين.
ووصل جمال عبد الناصر إلى الحكم عن طريق وضع محمد نجيب (الرئيس حينها) تحت الإقامة الجبرية، وتولى رئاسة الوزراء ثم رئاسة الجمهورية باستفتاء شعبي يوم 24 جوان 1956، وفقا لدستور 16 جانفي 1956.
وأدت سياسات عبد الناصر المحايدة خلال الحرب الباردة إلى توتر العلاقات مع القوى الغربية الذين سحبوا تمويلهم للسد العالي الذي كان عبد الناصر يخطط لبنائه، ورد عبد الناصر على ذلك بتأميم شركة قناة السويس عام 1956.